ارشيف من : 2005-2008

القاضي فهد لـ"الانتقاد": الادعاء سيكون جاهزاً بمجرّد الانتهاء من التحقيق بأحداث الشياح

القاضي فهد لـ"الانتقاد": الادعاء سيكون جاهزاً بمجرّد الانتهاء من التحقيق بأحداث الشياح

حمل التقرير القضائي الإجرائي بالأحداث الدامية التي شهدتها منطقة مار مخايل ـ الشياح في ذلك "الأحد الأسود" من تاريخ لبنان في عهد حكومة فؤاد السنيورة غير الميثاقية، كشفاً أوّلياً بما قامت به اللجنة العسكرية القضائية من عمل مضن لمدّة ستّة أيّام، من دون أن يقدّم للرأي العام معلومات كافية عمّا حدث، مكتفياً بإعطاء صورة مختصرة عن آلية عمله، وهو من الحالات النادرة جدّاً في لبنان.
 وفي غضون ذلك، تواصلت التحقيقات الأوّلية بوتيرة سريعة بإشراف مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية الدائمة القاضي جان فهد الذي توّج خطوته الأولى على طريق الادعاء، بتوقيف الضبّاط الثلاثة العقيد سمير الحاج من فوج التدخّل الأوّل المتمركز في منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت، والمقدّم مارون أبو هلون من فوج التدخّل الخامس، والرائد حيدر أحمد من الفوج الخامس أيضاً، إلى جانب أربعة عشر عسكرياً وستّة مدنيين.
ويتوقّع أن ترتفع محصّلة التوقيفات هذه، مع توسّع التحقيق وسماع المزيد من العسكريين الذين شاركوا في قمع المحتجين بأسلوب القتل العمدي، والبحث عن أشخاص متوارين يتردّد لدى القائمين بالتحقيق، أنّ لهم يداً طولى في تأجيج ما حصل، باعتبار أنّه مهندس بطريقة لا تخفى على كلّ لبيب، للإيقاع بين الجيش وشعب المقاومة، وهذا ما أجمعت عليه كلّ الأحاديث السياسية الحريصة على وحدة الجيش ووحدة لبنان.
وقد جاء التقرير القضائي الأوّلي وغير النهائي، عشية مرور أسبوع على استشهاد سبعة مواطنين برصاص الغدر المتفجّر، ليطمئن ذويهم بالدرجة الأولى، ومن ثمّ اللبنانيين، على أنّ التحقيق جدّي، وليقطع الطريق على محترفي إشعال الفتن المتنقّلة من القوى المنضوية في فريق 14 شباط/ فبراير، الذين رأوا في هذه المجزرة دفعاً لهم ليظهروا إعلامياً ويدسّوا عبوات إضافية في حركة المجتمع بهدف شلّه والعمل على تقويض السلم الأهلي.
وإذا كان القضاء العسكري قد تحفّظ على نشر أسماء العسكريين بانتظار استكمال المعطيات والمعلومات، إلا أنّه أمكن من خلال جولة على منطقتي الشيّاح وعين الرمّانة، معرفة الأشخاص المدنيين الذين ظلّوا قيد التوقيف ولم يتركوا أسوة بمن عاد إلى منزله ومدرسته ووظيفته وعمله، وهم: رياض أحمد علي، وبلال البرجي (حصلت مشادة بينه وبين عناصر الجيش)، وسعد خالد زغلول (قيل إنّه حرّض على أعمال الشغب)، وحسن بدران، وبلال فحص، وريشار يوسف أنطونيوس الذي وجد معه سلاح حربي غير مرخّص.
وترك القاضي فهد 26 شخصاً مدنياً بسندات إقامة بينهم خمسة قاصرين، وهذا لا يعني أنّ الادّعاء المنتظر قريباً، لن يشملهم، بل بالعكس تماماً، ولكن يبقى البتّ بمصيرهم لقاضي التحقيق العسكري الذي إن رأى عدم وجود أيّة علاقة لهم بالحادثة، وهو كذلك، وإلاّ لما تركوا، فيمنع المحاكمة عنهم في قراره الاتهامي. مع التذكير بأنّ معظم هؤلاء حضروا إلى مسرح الجريمة لإشباع فضوليتهم، والاطلاع على الحدث في مكانه مباشرة.
القاضي فهد
وقال القاضي فهد لـ"الانتقاد" إنّ التحقيق مستمرّ إلى حين جلاء كلّ الأمور، ووضعها بتصرف الرأي العام، ومن ثمّ يبنى عليها المقتضى القانوني المناسب من حيث الادعاء والتحقيق والمحاكمة.
وأكّد فهد أنّ الادعاء سيكون جاهزاً بمجرّد الانتهاء من التحقيق، رافضاً الخوض فيه قبل الانتهاء منه.
وعلم من مصادر متابعة لسير التحقيق أنّ العمل جار لإيجاد أجوبة شافية لعدد من الأسئلة قد تنير التحقيق، ومنها من هو الشخص الذي استخدم الرشّاش الحربي من نوع "كلاشينكوف"، وأطلق منه عيارات نارية أصابت أحمد حمزة لتخلط أوراق الاحتجاج، ولماذا فرّ فور مشاهدته الشهيد يسقط، وأودع بندقيته ناطور المبنى الذي تسلّق سطحه واختبأ فيه فترة من الوقت، ولما انتهت مهمّته توارى عن الأنظار؟ وهل هو تابع لإحدى ميليشيات قوى 14 شباط/ فبراير المشهورة بالقتل والذبح والتدمير؟ وهل قام هذا الشخص بالقتل من تلقاء نفسه، أم أنّ هناك من حرّضه وشجّعه ودفعه إلى التمهيد لوقوع المجزرة الرهيبة بحقّ أبرياء خرجوا للتعبير عن التمييز والغبن والإهمال الذي تمارسه حكومة السنيورة ضدّهم وضدّ مناطقهم عقاباً لهم على وقوفهم إلى جانب المقاومة والمعارضة؟
وبشأن مضمون الادعاء، فإنّه قد يشمل الجرائم التالية: القتل، والتسبّب بالوفاة، ومخالفة التعليمات العسكرية، والتحريض على القتل، وإثارة البلبلة والنعرات الطائفية والمذهبية، وحيازة أسلحة غير مرخّصة، والقيام بأعمال شغب.
المجلس العدلي
يرى حقوقيون أنّه كان يفترض أن تحال هذه المجزرة على المجلس العدلي أسوة بجرائم أخرى وقعت في السابق وكانت أقلّ وقعاً على أمن الدولة الداخلي وبعدد القتلى الذين سقطوا فيها، وذلك لكي يتسنّى لذوي الشهداء تقديم ادعاءات شخصية ضدّ قتلة أبنائهم، في ظلّ عدم إمكانية رفع هذه الدعاوى أمام المحكمة العسكرية التي لا يسمح نظامها باستقبال الدعاوى الشخصية!.
وبات على الأهالي انتظار نتيجة المحاكمة أمام المحكمة العسكرية لتقديم دعاوى تخوّلهم نيل تعويضات مالية هي حقّ قانوني لهم.
ومن البديهي القول، إنّ الستارة لا تسدل على هذه المجزرة، بمجرّد انتهاء التحقيق فيها، بل هناك متابعة حثيثة لكلّ تفاصيل المحاكمة أمام المحكمة العسكرية الدائمة حتّى ينال الفاعلون والمشاركون والمساهمون والمحرّضون والمتدخّلون القصاص اللازم، وبما يطفئ حرارة الثأر لدى ذوي الشهداء الذين وعدوا بملاحقة القاتل "ولو كان رأسه في السماء" كما جاهروا خلال مراسم التشييع.
علي الموسوي
الانتقاد/ العدد 1253 ـ 8 شباط/ فبراير 2008

2008-02-08