ارشيف من : 2005-2008
خرج نعش القائد من خلف ذاك الستار محمولاً على أكف ثلة من المجاهدين مجللاً براية المقاومة:مجمع سيد الشهداء(ع) بيت العزاء تحت راية "هيهات منا الذلة"
كتبت ميساء شديد
لم يكن مجمع سيد الشهداء (ع) في الرويس قد خلع رداء عاشوراء بعد، إذاً فالمكان جاهز، الرايات السوداء في أرجاء القاعة، "هيهات منا الذلة" على الجدران تصدح في المكان، والمكان لا يحتاج إلا لبعض اللمسات الإضافية لاستقبال من انتهج درب الحسين (ع) ولحق بقافلة الشهداء قائداً مجاهداً أخرجته شهادته إلى الضوء فبهر العيون برغم أن ما قيل عنه وما تناقلته وسائل الإعلام لا يكاد يشكل نقطة في بحر جهاد الحاج عماد مغنية.
مكان خصص لنعش الشهيد لف بعلم حزب الله، لافتة عملاقة كتب عليها "القائد الكبير الشهيد الحاج عماد مغنية (الحاج رضوان)"، باقات ورد وزعت على المنصة الرئيسية، ولافتات عزاء للحجة المهدي (عج) والإمام الخامنئي والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر باستشهاد القائد مغنية.
لم يكن في المكان من صورة للشهيد بعد، لكنها سرعان ما حضرت في العيون الدامعة لشخصيات عرفناها ولآخرين هم آل الشهيد، وشباب في حزب الله كانوا كلما التفتوا إلى بعضهم بكوا وخنقتهم العبرات، كان كافياً لهذه العيون أن ترسم لنا مكانة هذا القائد، لكنها لم تخبرنا عنه أكثر، فكما في حياته رافقت السرية والاحتياطات الامنية الى حد كبير اليوم الاول لتقبل التعازي والتبريكات باستشهاد القائد الحاج عماد مغنية في مجمع سيد الشهداء(ع).
حزب الله حضر بقادته ونوابه ومسؤوليه إلى جانب آل الشهيد لتقبل التعازي، أما الوفود التي حضرت معزية فتنوعت بين السياسية والحزبية والاعلامية والفصائل الفلسطينية، النائب السابق ناصر قنديل كان أول الحاضرين وهو اعتبر "أن المقاومة تكبر بدماء شهدائها، وقادتها ليسوا من الصنف الذي يقدم جنوده ويجلس في الصفوف الأمامية، فقد كان قادة المقاومة شهداءها الأوائل"، مضيفاً "نحن ننظر إلى شهادة هذا القائد الكبير الذي نعرف ويعرف المجاهدون بصماته في كثير من الإنجازات والمواجهات وفي ساحات الوغى منذ الاجتياح الصهيوني عام 1982 على أنها الوسام الذي يتوق إلى نيله".
وأكد قنديل "أن المعركة سجال، وأن الإسرائيليين والأميركيين ومن معهم ومن خلفهم ووراءهم لم يربحوا جولة، بل ربحوا بالغدر، أما في ساحات المواجهة فكانوا يفرون"، مضيفاً "ان دماء الشهيد مغنية ستعطي زخماً إضافياً لإخوته المجاهدين في معركة قادمة سيكون النصر فيها لا محالة للمقاومة كما كان من قبل". كلمات قالها ناصر قنديل قبل تقديمه واجب العزاء، أما كلماته لدى مغادرته المجمع فدموع لم يكن بالإمكان إخفاؤها.
شخصيات كثيرة حضرت معزية من بينها الرئيس سليم الحص الذي أكد "على عظمة شهادة الحاج عماد مغنية من أجل أرضه وأمته"، ووفد من حركة أمل برئاسة رئيس مكتبها السياسي جميل حايك الذي رأى في استهداف الحاج عماد "استهدافاً لمشروع الممانعة في المنطقة"، مؤكداً أن "دماء الشهيد كفيلة بأن ترد كيد العدو إلى نحره، وسيكون في المقاومة رجال كبار أشداء إخوة للشهيد القائد".
بدوره تقدم عضو تجمع العلماء المسلمين الشيخ زهير جعيد بالتعازي والتبريكات من حزب الله وقائد المقاومة واصفاً اللحظة "بالمبهجة لأن الحاج عماد كان ينشد الشهادة ونالها، والأليمة لأننا نفتقد أخاً عزيزاً وقائداً في هذه المرحلة الصعبة"، متوجهاً الى "إخواننا في الوطن أن يتقوا الله وأن يعلموا أن العدو الصهيوني يريد الفتنة في لبنان". داعياً "الى الوحدة بين اللبنانيين في وجه عدو واحد هو العدو الإسرائيلي".
"ضربة قاسية لكنها لن تؤثر في المسار العام للمقاومة وجهادها" هكذا وصف رئيس حزب التضامن اللبناني إميل رحمة اغتيال الحاج عماد مغنية، أما نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي فرأى أن "الاغتيال يؤكد مجدداً أن القضية المركزية هي الصراع العربي الإسرائيلي، وهذا يؤكد أن "اسرائيل" التي تعيش أزمة هزيمة تموز لا يزال في داخلها احتقانات تريد أن تنفس عنها ومن خلالها عبر اللجوء الى الاغتيال كوسيلة تسدد من خلالها فواتير للشعب الإسرائيلي".
وأكد الفرزلي "أن القاصي والداني يعلم أنه كلما هوى علم من أعلام المقاومة قام علم آخر، وهذا لن يزيد المقاومة الا اصراراً وتمسكاً بالخط الذي اختطته لنفسها وهو قهر الموت عبر الموت من أجل حياة جديدة وشريفة".
تواصلت على مدى ساعات اليوم الأول من العزاء في مجمع سيد الشهداء (ع) حركة الوفود المختلفة لا سيما الشعبية وفي جانب من القاعة الكبيرة سمع الحاضرون أصواتاً باكية ترثي الشهيد، وراء ستار أسود كانت هذه الأصوات، خرقت الستار والجدران والقلوب، وما هي إلا لحظات حتى علا التكبير وسط صيحة أحد الحاضرين "القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة"، خرج نعش القائد من خلف ذاك الستار محمولاً على أكف ثلة من المجاهدين مجللاً براية المقاومة ووضع في المكان المخصص له وسط مزيج من مشاعر الحزن والفخر والاعتزاز والإجلال والإكبار.
من مجمع سيد الشهداء (ع) إلى مجمع القائم (عج) المكان المخصص للنساء، هناك كانت الوفود أقل والبكاء والنحيب أكثر، كيف لا وقد حضرت زوجة الشهيد وابنته واخواته ووالدته وقريباته، كن يرثينه تارة ويبكينه أخرى، "هو الحزن على فقدان الشهيد الغالي والغضب على الغدر والخسة"، كما تؤكد إحدى قريبات الشهيد، مشيرة الى "أن عماد مغنية ضرب "اسرائيل" من اساسها وهز كيانها وكما أدى استشهاد السيد عباس الموسوي إلى ثورة، فإن استشهاد الحاج عماد سيحدث ثورة".
من بين الذين حضروا لتقديم واجب العزاء والتبريكات باستشهاد القائد الشهيد عماد مغنية كاتب وصحافي، سألناه كيف تقرأ هذا الاستشهاد، أجابنا غداً سأكتب... وفي اليوم التالي كتب طلال سلمان في زاويته "على الطريق": "... لا تفسير للأسطورة التي اسمها عماد مغنية إلا بالإيمان: الإيمان بقضيته، قضية وطنه وشعبه وحقه في الحرية وفي الغد الأفضل".
ــــــــــ
وفود سياسية وعلمائية وشعبية للعزاء بالقائد الكبير
شاركت في اليوم الأول من تقديم التعازي والتبريكات باستشهاد القائد الشهيد عماد مغنية في مجمع سيد الشهداء (ع) حشود كثيرة ووفود وشخصيات رسمية سياسية وحزبية ودينية ودبلوماسية ووفود شعبية كبيرة، ومن بين المعزين الرئيس سليم الحص، المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري النائب الحاج علي حسن خليل ووفد حركة أمل بقيادة رئيس المكتب السياسي جميل حايك، الوزيران المستقيلان فوزي صلوخ ويعقوب الصراف، السفير الايراني في بيروت محمد رضا شيباني، النائب السابق ناصر قنديل، رئيس حزب التضامن اميل رحمة، النائب السابق تمام سلام، وفد من الحزب الشيوعي برئاسة أمينه العام خالد حدادة، وفد قيادي من الحزب السوري القومي الاجتماعي برئاسة الوزير السابق علي قانصوه، وفد حزب الطاشناق، وفد تجمع العلماء المسلمين، ممثل السلطة الفلسطينية في لبنان عباس زكي، ممثل حركة المقاومة الإسلامية ـ حماس في لبنان أسامة حمدان، ممثل حركة الجهاد الإسلامي أبو عماد الرفاعي، السفير المصري أحمد البديوي، رئيس بلدية صيدا عبد الرحمن البزري، وفد هيئة أبناء العرقوب، إضافة إلى وفود وشخصيات أخرى.
الانتقاد/ العدد 1254 ـ 15 شباط/فبراير 2008