ارشيف من : 2005-2008
الحاج عماد مغنية في قافلة الشهداء القادة بعد ربع قرن من الجهاد والمقاومة
انضم الحاج عماد مغنية إلى قافلة الشهداء من قادة المقاومة الاسلامية، وهو لم يكن قدراً بقدر ما كان خياراً ارتضاه الحاج رضوان لنفسه في مسيرة الجهاد ونهج المقاومة الذي خطه لنفسه سلوكاً وثقافة وطريقة حياة. وليس "أبو مصطفى" الأخير في قافلة النور من قادة المقاومة ومجاهديها، فقد التحق بمن سبقه على متن سفينة النجاة الحسينية، التي امتدت من كربلاء إلى جبل عامل، وارتقى فارس المقاومة إلى سمو الخلود في الدنيا والآخرة ليكون ثالث شهيد في أسرة الحاج فايز مغنية بعد أخويه جهاد وفؤاد، اللذين مضيا على الدرب نفسه، بعد أن أمضى ربع قرن من المقاومة وترك بصماته المميّزة في هذه المسيرة أسلوباً وعلماً ومنهج عطاء.
الشهيد الشيخ راغب حرب
استشهد الحاج رضوان في أجواء أسبوع المقاومة الاسلامية قبل ثلاثة أيام من الاحتفال بذكرى استشهاد شيخ شهداء المقاومة الاسلامية راغب حرب الذي اغتاله الاحتلال الصهيوني غدراً في 16 شباط من العام 1984، بعد أن يئس العدو من النجاح في مواجهته وثنيه عن تعبئة الناس، وشحذ همم أهل الجنوب للقيام بوجه المحتل، فكان شعاره الذي ما زال يدوّي حتى اليوم في كل محطة ومناسبة ومفترق مصيري من عمر المقاومة والوطن "الموقف سلاح والمصافحة اعتراف"، فكان أن تحوّل دم الشيخ راغب إلى زيت السراج الذي أشعل منارات الجهاد في كل القرى، وراح ينمو لأنه سقط في يد الله.
الشهيد السيد عباس الموسوي
في اليوم نفسه من العام 1992 خاض سيد شهداء المقاومة الاسلامية عباس الموسوي ملحمة الشهادة في مواجهة العدو نفسه، فاستشهد مع زوجته أم ياسر وطفله حسين بعد أن استهدفت مروحيات العدو بعدد من الصواريخ الحارقة سيارته قرب بلدة تفاحتا، وكان السيد عباس انتهى للتو من إلقاء كلمته الأخيرة في احتفال بالذكرى السنوية الثامنة لاستشهاد الشيخ راغب في جبشيت، وأطلق فيها وصيته الأساس: "حفظ المقاومة الاسلامية". وهو أبى أن يرتحل من الدنيا إلا بعد أن زار ضريح الشيخ راغب ووعده بقرب اللقاء، ولم يكن للعدو ما أراده من استهداف رأس قيادة حزب الله والمقاومة الاسلامية، حيث أعطت هذه الشهادة المسار الجهادي زخماً أكبر تمثل في انتصارات متلاحقة نفذها مجاهدو المقاومة الاسلامية ضد الاحتلال وعملائه.
الشهيدان ياسين وحرب
انتقلت المقاومة الاسلامية إلى مرحلة متقدمة من الصراع مع الاحتلال، فكان المجاهدون يستهدفون رؤوس العمالة وقيادات جيش الاحتلال، ويستهدفون المستوطنات الإسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة، ضمن معادلة "توازن الرعب" التي اعتمدتها المقاومة خلال عدوان الأيام السبعة في تموز من العام 1993، وكان العدو يتربّص بقيادات المقاومة حتى نجح في آذار من العام 1995 في اغتيال القائد الحاج رضا ياسين (أبو علي) ومن ثم بعد مضي عدة أشهر القائد الحاج سعيد حرب بتفجير عبوة ناسفة بسيارته، وكان رد المجاهدين أن أمطروا المستوطنات بوابل من صواريخ الكاتيوشا لتأكيد إرادة المقاومة وجهوزيتها للرد.
الشهيد أبو حسن سلامة
استمرت المواجهة العسكرية وحرب العقول بين المقاومة الاسلامية والعدو الإسرائيلي، وكان الاحتلال يجهد لتحقيق خطوة ميدانية في محاولة لرفع معنويات جنوده المنهارة، خصوصاً بعد تكريس المقاومة معادلة "توازن الرعب" خلال عدوان "عناقيد الغضب" في نيسان من العام 1996، والخروج بانتصار مدوّ آخر ترك تأثيراته السلبية البالغة على المستويات السياسية والعسكرية في مجتمع العدو، وفي آب من العام 1998 تمكنت يد الغدر من اغتيال القائد في المقاومة الإسلامية الحاج علي حسن ديب (أبو حسن سلامة) بتفجير عبوة ناسفة خلال مروره بسيارته على طريق عبرا ـ الهلالية شرقي مدينة صيدا.
الشهيدان صالح وعوالي
واصلت المقاومة الاسلامية انتصاراتها من دون أن يتمكن العدو من التأثير على مسيرتها الجهادية، وانتقلت من إنجاز إلى إنجاز مستهدفة رؤوس قيادات الاحتلال، وتمكن المقاومون من قتل قائد وحدة الارتباط في جيش الاحتلال الجنرال إيرز غيرشتاين وقائد اللواء الغربي في ميليشيا العملاء عقل هاشم، فضلاً عن العديد من مسؤولي الاستخبارات الإسرائيليين واللحديين، ما أدى إلى تفكك ميليشيا العميل انطوان لحد، وتصاعد المطالبات من داخل مجتمع العدو بالكف عن دفع الثمن الباهظ لاحتلال جنوب لبنان، إلى أن دحر المقاومون الاحتلال عن معظم الأراضي اللبنانية في 25 أيار من العام 2000.
كثفت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية نشاطها عبر تجنيد شبكات العملاء في المناطق اللبنانية المختلفة، وفي مقدمة الأهداف رصد قيادات وكوادر المقاومة والعمل على اغتيالهم، فكان أن اغتال العدو القائد الحاج علي حسين صالح بتفجير عبوة مفخخة كانت مزروعة في سيارته بتاريخ 2/8/2003 أمام منزله في محلة الكفاءات، واستخدم الصهاينة في هذه العملية العدوانية وسائل وآلات تكنولوجية متطورة، ما مكّنهم من تنفيذ عملية اغتيال أخرى استهدفت القائد الحاج غالب محمد عوالي صباح يوم الاثنين بتاريخ 19/7/2004 بتفجير عبوة مفخخة كانت مزروعة في سيارته، وتم تفجيرها عن بعد فور ركوبه السيارة من أمام منزله في محلة معوض بالضاحية الجنوبية.
حقائق وتحقيقات بانتظار النتائج
لم تتوقف يد الغدر الإسرائيلية عن استهداف كوادر المقاومة، وتمكن العدو من اغتيال القياديين في حركة الجهاد الاسلامي الأخوين محمود ونضال مجذوب في 26/5/2005 في صيدا، وبتاريخ 7/6/2006 تمكنت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني من توقيف المدعو "محمود رافع"، وتبين من التحقيقات أنه يرأس شبكة تعمل لمصلحة جهاز "الموساد" في الاستخبارات الإسرائيلية، وهي المسؤولة عن اغتيال المجاهدين علي حسين صالح وغالب عوالي والأخوين المجذوب، وزرع عبوة ناسفة في الناعمة لاغتيال أحد المسؤولين في الجبهة الشعبية - القيادة العامة عام 2002، وزرع عبوات ناسفة قرب مثلث الزهراني عام 2004، واغتيال نجل الأمين العام للقيادة العامة الشهيد جهاد أحمد جبريل، الذي اغتيل في بيروت عام 2002. وكشفت التحقيقات عن ضبط معدات متطورة جداً في حوزة الشبكة، وخضع أفرادها لدورات تدريبية داخل كيان العدو وخارجه. كما تبين وجود تحركات نشطة لضباط أمنيين إسرائيليين في بعض المناطق اللبنانية البعيدة نسبياً عن وجود حزب الله، وتحركات أجراها كومندوس بحري إسرائيلي على شاطئ مدينة جبيل.
ولا يزال هناك الكثير من الحقائق والمعلومات عن تغلغل عملاء العدو في العديد من المناطق والأجهزة، وبرز ذلك في نشاط هؤلاء خلال عدوان تموز من العام 2006، وتبقى هذه الحقائق والتحقيقات بانتظار البت بنتائجها وكشف ارتباطات أعضاء هذه الشبكات داخل لبنان وخارجه، إلا أن كل هذه الجهود التخريبية لن تنفع في ثني المقاومة الاسلامية بقيادتها ومجاهديها أو إضعاف زخمها في مسار المواجهة.
محمد الحسيني
الانتقاد/ العدد 1254 ـ 15 شباط/فبراير 2008