ارشيف من : 2005-2008

الحاج رضوان فارس آخر ترجّل وحساب طويل فُتح

الحاج رضوان فارس آخر ترجّل وحساب طويل فُتح

يعود عبق الشهادة ليلفح وجوه القوم هنا في الجنوب، يعود وهم لم ينسوا بعد أريجه المفعم بانتصارات تموز الالهية، ولكنه ايضا الموت، الحق الثقيل، الذي لا مفر منه يكسو الوجوه حزنا، ينعى لهم ذلك "الحاج"، الحاج الذي بدأوا يتعرفون الى طيفه تواً، يتسمرون امام الشاشات يسمعون كلمة من هنا واخرى من هناك، ويبحثون عنه بين فضاءات التأمل التي حلت عليهم سريعا، دموع تسبق الكلمات "عظّم الله اجوركم" الجملة المتعارف عليها في نعي الامام الحسين (ع).
المساجد تكللها رايات السواد التي علقت، الخبر صحيح.
من هو؟ اين؟ كيف؟ تساؤلات من دون جواب، الا خيالات وذكرى. تحكي عنها افعاله، تبدأ المعرفة الان، أذَاكَ الذي بلل رجليه بماء الناقورة ويممهما بتراب شبعا؟ أهو الذي حفظت وديان الحجير والسلوقي وقع خطوته؟ ام انه الشاب الذي صادقته صخور صافي ومغاوره؟ ام انه كل ذالك وأكثر؟
هنا على هذه التخوم مع ارض احبها ونذر عمره لها اراد الحاج رضوان ان يكتمل عقد شهادته في العائلة التي قدمت أمامه اخويه جهاد وفؤاد، ولكن منصبه والقيادة أبيا عليه ذلك، فطبع بصماته في كل ناحية من الجنوب منذ 82 وحتى اخر نقطة من دم عمره، ضرب في كل مكان وصلت اليه يداه مع اخوانه في المقاومة، الذين لم يعرفه منهم إلا قلة، وان لم تغب عنهم تكتيكاته التي اثمرت نصر ايار 2000 والوعد الصادق في 2006، و"العاب الاتاري" التي اوقع الاسرائيلي بها في تلك الحرب.
في حياته كما في شهادته "غموض لم يفارقه"، فقدسية الشهادة لم تسقط عنه بعد "قدسية الغموض والتكتم التي يحيط بها حزب الله قادته، فكيف اذا كان هذا القائد، القائد الكبير الحاج رضوان". عماد مغنية، الشاب الجنوبي بولادته والاشقر بسحنته، طبعته شموس الايام بلونها الاسمر، احالته البندقية والقضية قائدا واي قائد، سيرته لملمات من حكايا واخبار يرويها البعض تواترا، معظمهم سمعوا بها وقلة قليلة عرفوه او حتى رأوه وهم لم يصدقوا بعد ان ذلك النعش المخضب بالاصفر يضم بين جنباته "الرجل الخفي" و"الثعلب" و"الساحر" و"الاسطورة" و"اول المطلوبين اسرائيليا واميركيا".
ترجل "الحاج رضوان" عن صهوة نضاله وما سقطت القضية، في عزم الاحبة هنا بأس مقاوم ووعود صادقة تتبعها اخرى، بالشهادة او النصر تلك هي الخاتمة او البداية.
"حاج عماد" بكت اليوم بنت جبيل ومعها كل تلال ووديان الجنوب، وقبل ذلك وبعده تبكيك "تلة مسعود" التي صمدت فيها مع ثلة قليلة من رفاق السلاح عام 78، تبكيك اليوم كل العيون بكل "الحرقة" وتنتظر غدا، وصبحا اخر، صبحا لن يكون كسابقه، صبحا تصدق فيه الوعود مجددا ويكون "حساب طويل".
علي الصغير
الانتقاد/ العدد 1254 ـ 15 شباط/فبراير 2008

2008-02-15