ارشيف من : 2005-2008
«لقـاء خـاص»
والاجتماعي للمواطنين، وكل المواقف السياسية والأخلاقية المبدئية والصلبة، كما شهدنا في «اللقاء الخاص» الذي اجراه الزميل جان عزيز مع السيد حسن نصر الله والنائب العماد ميشال عون.
حتى في حديثهما عن الانقلابات السياسية التي قامت بوجه الرجلين، فقد كانا في منتهى الشفافية والأصالة والرصانة، وكانت فكرة قيام الدولة العادلة والشفافة هي الحاضرة على لسان الرجلين كما في وجدانهما، بقدر ما كنت حاضرة اللهفة الوطنية تحت عنواني تكريس الوحدة الوطنية المجتمعية وحماية لبنان من أطماع الاحتلال الإسرائيلي.
استمعنا الى خطاب عقلاني سياسي، يلامس ليس عواطف جمهور التيار الوطني الحر وحزب الله فحسب، بل يدخل عقله ببساطة وعفوية وصدق، وإمعان العقل هنا أهم وأكثر من ضرورة، ليعرف هذا الجمهور الى اين يتجه وكيف يسير وكيف يتعامل مع وقائع السياسة اللبنانية التفصيلية والاستراتيجية.
استمعنا الى خطاب وطني جامع واستقلالي حقيقي، يُغني الوحدة الوطنية الداخلية بوجه محاولات التفتيت والتجزئة وإقامة المتاريس وخطوط التماس النفسية والمعابر الوهمية بين اهل الوطن الواحد، ويضمن وحدة المجتمع بكل تلاوينه وشرائحه في مواجهة أي عدوان إسرائيلي جديد محتمل.
استمعنا من العماد والسيد الى خطاب يمكن ان يشكل قاعدة حوار جديدة بين كل القوى السياسية المختلفة، إذا كان القصد فعلاً بناء الدولة وتكريس وحدة ارضها وشعبها.
طيلة ثلاث ساعات وأربعين دقيقة، لم يخرج العماد والسيد عن آداب الحديث واللياقة واللباقة في إيصال الفكرة التي يريدان، حتى لو كانت موجهة الى الخصم، المحتد والمنفعل الان، والذي زاده هذا اللقاء الخاص انفعالاً حسبما نعتقد، لدرجة ان احد النواب السابقين لم يجد ما يؤاخذ عليه السيد نصر الله مثلا سوى قوله إنه سمع من القيادة السورية ان ليس لديها موقوفون سياسيون لبنانيون، وأن المطلوب بحث موضوع الموجودين في سوريا بين الدولتين.
لم يتوقف هذا النائب السابق مثلاً عند المغزى الوطني العام للقاء ومضامينه الكبرى والعميقة، حول مفهوم بناء الدولة والشراكة الوطنية في القرار والمصير، وحماية البلد ورفض التدخل الأجنبي، وحماية السلم الأهلي والوحدة الوطنية، وطمأنة الآخر، وخلق الاستقرار النفسي عند المواطن وإعادة بناء الثقة المفقودة، وكل هذه مضامين انسانية واسعة لخط سياسي بدأ يحفر في نفوس الناس ويترسخ وفقاً لرغبة اللبناني الحقيقية في ان يعيش مع اخيه اللبناني.
كان بإمكان الزميل جان عزيز ان يُلهب اللقاء بأسئلة وتوجهات استفزازية يجيب عليها الضيفان الكبيران بطريقة استفزازية للطرف الآخر، على نحو ما يحب بعض الجمهور المجروح والمستفًز، لكن الحوار توجه مباشرة بعمق وتفصيل الى جوهر المشكلات الوطنية القائمة، لا نحو التحريض والتعبئة، وأجاب على أسئلة جمهور الموالاة كما روى نهم جمهور المعارضة.
أكد «اللقاء الخاص» على فكرتين جوهريتين: بناء الدولة عبر استعادة الثقة والشراكة الوطنية الحقيقية، وبناء منظومة دفاعية وطنية تحمي لبنان من التهديدات والأطماع الإسرائيلية. وتحت هاتين الفكرتين، يمكن مناقشة كل امر آخر بيسر وبعيداً عن أعين وأسماع وحبائل السفراء و«القناصل» الجدد الذين يريدون إعادة لبنان الى وصايات عهد «الرجل المريض» في الشرق، وآخرهم السفيرة الاميركية السيدة ميشال سيسون حمّالة الاوامر،التي حاولت منذ اليوم الاول لوصولها دخول الابواب اللبنانية من منبر السرايا الحكومية، فخرجت فورا من قلوب اللبنانيين ومن عقولهم باستعدائها الشريحة الأكبر منهم.
المصدر: صحيفة السفير اللبنانية/ 8 شباط/فبراير 2008