ارشيف من : 2005-2008

مغنية يرعب "إسرائيل" في حياته وبعد استشهاده

مغنية يرعب "إسرائيل" في حياته وبعد استشهاده

لا يمكن لأحد ان يتجاوز حقيقة ان استهداف الحاج عماد مغنية، كان أمراً مطلوباً في كل زمان ومكان من قبل اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية والاستكبارية لاسباب قد لا تكون خافية على الكثيرين، ومن ضمنها تاريخه الجهادي الطويل ودوره الاساسي في مقاومة الاحتلال ومواجهة عدوان تموز العام 2006. اضافة الى أنه استطاع تضليل الكثير من أجهزة الاستخبارات منذ أكثر من عقدين، التي لم تستطع النيل منه طوال الفترة السابقة.
ولكن ذلك لا يعني ان قرار تنفيذ عملية الاغتيال انطلق حصرا، في هذا التوقيت بالذات من الاعتبارات المذكورة. اذ لا يمكن ان يكون لقرار بهذا الحجم ان يصدر وينفذ بعيدا عما يخطط للبنان والمنطقة. وخاصة انه أتى بعد فشل عدوان تموز في تحقيق أهدافه الرئيسية المتمثلة بتغيير الواقع السياسي في لبنان ومنه. عبر القضاء أو اضعاف حزب الله. 
إن فشل المحاولات المتكررة، بدءا من احتلال العراق ومرورا باخراج الجيش السوري من لبنان... في تحقيق الاهداف الاستراتيجية الاميركية على مستوى المنطقة، وبما فيها لبنان. اضافة الى تداعيات فشل العدوان الاسرائيلي عام 2006، الذي حاول اعادة ترتيب الوضع الداخلي في لبنان والمنطقة وانعكاس كل ذلك على صورة "اسرائيل" ودورها الاقليمي، فضلا عن تسارع مسارات تراكم بناء القوة في كل من لبنان وسوريا وغزة بمستوى بات يشكل خطرا على الأمن القومي الإسرائيلي... كل ذلك فرض طرح أسئلة حول مآلات الوضع في لبنان والمنطقة والمحددة بثلاثة خيارات: إبقاء الوضع الراهن على ما هو عليه (لكن حركة الواقع السياسي تؤكد عدم واقعية هذا الاحتمال)، التوصل إلى تسوية سياسية (تراجع إمكانية التوصل إلى ذلك وخاصة في ظل تعثر المسيرة السياسية في لبنان)، ليبقى في النهاية خيار المواجهة بكافة انواعها ومستوياتها.
امام هذ الواقع يبدو ان كلاً من "اسرائيل" والولايات المتحدة قد تبنتا خيار الدفع باتجاه تغيير الواقع عبر المواجهة بما تحتويه من أساليب ومستويات متعددة. وفي هذا السياق من الجدير الاشارة الى عدة تطورات اساسية منذ ما بعد انتهاء عدوان تموز: تسريع عملية استنهاض الجيش الإسرائيلي ورفع مستوى جهوزيته.. الغارة الجوية على سوريا.... اشتداد الأزمة السياسية الداخلية في لبنان... إصرار أميركي على عدم السماح لحزب الله وبقية المعارضة بالمشاركة الفاعلة في الحكم... تسارع تنامي قوة حزب الله بعد انتهاء الحرب... واخيرا اغتيال الحاج عماد مغنية.
حول هذه القضية ينبغي تسجيل العديد من الملاحظات والتقديرات:
- ان اغتيال الحاج مغنية في الزمان والمكان والاسلوب شكل خروجا على قواعد الصراع المعتمدة بين "اسرائيل" وحزب الله. ويحاول ان يفرض على حزب الله التسليم باستهداف قادته وكوادره او الخضوع للإملاءات السياسية المعروفة الاهداف.
- الى جانب ذلك نحن امام حقيقة مفادها أن "اسرائيل" أرادت من خلال عملية الاغتيال أن تتخلص من هذا القائد الذي أذاقها الويل والمرارة طوال سنين طويلة واستنزف طاقاتها في مطاردته.
- لا يمكن استبعاد جانب من خلفيات عملية الاغتيال المرتبطة بالانتقام للهزيمة التي تلقاها الجيش الاسرائيلي خلال عدوان تموز عام 2006. كما يبدو جليا ان هذه الضربة التي وجهتها الاجهزة الاستخباراتية الاسرائيلية لها تأثيرها الكبير على معنويات الجمهور الاسرائيلي الذي تحدث تقرير فينوغراد عن حالة انكسار تسيطر عليه. وعلى مساعي الجيش بمحاولة استعادة الثقة بنفسه وثقة الاخرين به بعد حالة التردد والخوف الذي برز بشكل كبير لدى جنوده خلال المواجهات في لبنان. ووفق تقرير فينوغراد: كان جنود الجيش في اغلب المواجهات المباشرة مع رجال حزب الله في موقع الضعيف.
- ايضا ارادت "اسرائيل" ان تسجل انجازا نوعيا في مقابل الضربات والمفاجآت التي صدمها بها حزب الله خلال عدوان تموز بل وحتى بعده. اذ لم تقتصر الهزائم الاسرائيلية على الحرب فقط، بل تكررت عندما تحدثت هي بنفسها عن ان القدرات الصاروخية لحزب الله قد تضاعفت بعد الحرب واصبحت اكثر تطورا وفتكا مما كانت عليه قبل الحرب.
- ولعل من الابعاد الاساسية جدا في هذه الضربة هو الجانب المرتبط بمحاولة "اسرائيل" ترميم قدرة الردع، التي تصدعت نتيجة فشل العدوان على لبنان وتحديدا بسبب ضرب العمق الإسرائيلي. ولا شك ان "اسرائيل" املت بأن تساهم هذه العملية في إعادة الاعتبار الى ذاتها بنظر جمهورها وبنظر شعوب المنطقة والعالم. ونذكر في هذا السياق ان "إسرائيل" جهدت خلال الحرب للتمكن من استهداف احد قادة حزب الله السياسيين والعسكريين، وخاصة سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله والحاج عماد مغنية. وخلفية ذلك تعود الى انها كانت تعتبر بأنه في حال استطاعت تحقيق ذلك لوفرت لها مخرجا "مشرِّفا" لايقاف الحرب من موقع "صورة المنتصر" على الاقل. ولذلك اشار احد المعلقين الإسرائيليين الى انه "لو نجحت اسرائيل خلال الحرب  باغتيال الحاج عماد مغنية لتغيرت صورة الحرب بنظر الجمهور الاسرائيلي والعربي على حد سواء".
لكن كل هذه الأهداف التي تم تناولها بدأت بالتهاوي بشكل مبكر وعندما اعتلى الأمين العام لحزب الله المنصة ليعلن انه "ان أرادت "إسرائيل" هذا النوع من الحرب المفتوحة فليسمع العالم كله، فلتكن هذه الحرب المفتوحة". وهكذا وجدت "إسرائيل" نفسها من جديد في مواجهة حزب الله الذي تعهد بالرد، ولتدخل في مرحلة استنزاف نفسي وسياسي متواصلين. وضمن هذا الاطار اعلنت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية حالة التأهب القصوى. وأصدر جيش الاحتلال بياناً استثنائياً باسم رئيس هيئة الأركان العامة، غابي أشكنازي، تضمّن أمراً برفع مستوى الاستعدادات في الجو والبر والبحر. وتقرر في القيادة الشمالية منع خروج الوحدات القتالية العاملة على الحدود مع لبنان... كما اتخذ جهاز الشاباك اجراءات حماية شملت كافة المؤسسات الاساسية داخل "إسرائيل"، وشملت كل السفارات في انحاء العالم. وبدلا من ان تشعر "إسرائيل" بالامان بعد اغتيال الحاج مغنية ازداد شعورها بالخوف والقلق.
واللافت ان كل ذلك قد بدأ بالتوالي وحزب الله لم يرد حتى الآن.
اما كيف سيكون الرد واين ومتى... كل هذه أسئلة لن يتم معرفة اجوبتها الا بعد تنفيذ حزب الله رده الاتي حتما.
جهاد حيدر

اغتيال مغنية لعب بنار خطيرة جداً
هآرتس/ جدعون ليفي/18/2/2008

هذا الأمر كان أشبه بأرجوحة هوجاء: في البداية ثارت الحماسة الغريزية الكبيرة، ومن ثم جاء الهبوط في صبيحة اليوم التالي. خلال ساعات قليلة، تأرجحت إسرائيل بين احتفالها بتصفية عماد مغنية وبين الخوف الذي ساد في اليوم الذي يلي. "الإنجاز الاستخباري الهائل" كما "التنفيذ النموذجي للعملية"... تبدلا في رمشة عين في ظل "حملة تحذيرات" تبث الرعب في صفوف هيئة مكافحة الإرهاب: لا تسافروا ولا تظهروا هويتكم الحقيقية ولا تتجمهروا، توخَّوا الحذر، حالة تأهب قصوى في الشمال وفي كل السفارات الإسرائيلية في الخارج وفي التجمعات اليهودية في أرجاء العالم. إن كانت هذه هي المخاطر التي تتربص بنا، فيجب أن نسأل: من أجل ماذا كنا بحاجة إلى هذه التصفية؟
من قتل عماد مغنية لعب بالنار مرة أخرى، وهي نار خطيرة بدرجة لا توصف. لقد ألحق الأذى بأمن إسرائيل، وإن كانت هي التي تقف وراء الحادث، فيجب أن نتساءل إن كانت هناك ذرة من التبصر والحكمة في هذه العملية، وإن لم تكن هي، فمن الأفضل أن تسارع أجهزتنا التجسسية المجيدة إلى البرهنة على ذلك قبل المصيبة المقبلة. هل أصبح وضع مواطني إسرائيل الأمني أفضل من السابق؟ وهل وُجِّهَت ضربة فعلية للإرهاب من خلال ذلك؟ التاريخ يدل على أن ألف تصفية كهذه لا يمكنها أن تفعل ذلك. سلسلة تصفيات القادة على يد إسرائيل، كلها "عمليات" أثارت نشوة بالانتصار، إلا أنها سرعان ما تبددت، ولم تجلب علينا إلا عمليات انتقامية قاسية ومؤلمة في إسرائيل والعالم اليهودي، وظهور وتنامي عدد لا يقاس من البدائل التي لا تقل قدرة عن أسلافها، وتفوقها مهارة أحياناً.
نحن لم نجرِ حسابات حقيقية مع المسؤولين عن هذه التصفيات، ولم نملك إلا أن نشعر بالانفعال والحماسة من هذه العمليات وطريقة «تنفيذها» الحاذقة. يا إلهي كم نحب التباهي في حكايات البطولة الطفولية هذه.

لمـاذا يفرحــون؟
هآرتس/ تسفي بارئيل /18/2/2008
هل العالم أكثر أماناً من دون عماد مغنية؟ الجواب العفوي الغريزي هو "نعم". وحتى بعد استراحة خفيفة وتفكير معمق وأخذ ورد، يبقى الرد "نعم". إلا أن حساب المنفعة والتكلفة يزعزع هذا الاعتقاد.
هناك إجماع على مسألة واحدة. تصفية عماد مغنية لا تضع حداً للإرهاب أو الحرب عليه. لماذا السرور والاغتباط إذاً؟ هذا السرور يعود لربط الإرهاب بشخصيات مركزية، ووضعها كمحور مركزي لظاهرة الإرهاب وتجاهل الأسباب التي تحث على هذه الظاهرة وتقف من ورائها.

ضباط كبار في الجيش: رد حزب الله آت وسيكون قاسياً ومؤلماً
اعتبر ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي أن رد حزب الله "لا شك فيه، وانه سيأتي وسيكون قاسيا ومؤلما"، لكنهم اعترفوا في الوقت نفسه أن "الجيش لا يستطيع التكهن من أين سيأتي انتقام حزب الله". واوضح معلق الشؤون العسكرية في صحيفة هآرتس (19/2/2008)، عاموس هرئيل، ان اسرائيل "تخشى من أن يكون حزب الله يحضّر لها مفاجأة أخرى" بعد مفاجآت سابقة واجهتها اسرائيل في "الارجنتين، وإرسال الطائرة بدون طيار إلى الشمال عام 2005 وضرب البارجة العسكرية "حانيت" خلال الحرب على لبنان. وفسرت الصحيفة الحيرة الاسرائيلية بأنها لا تعود فقط الى التغطية المعلوماتية الاستخباراتية الاسرائيلية الجزئية عن حزب الله، وانما ايضا لوجود عدة احتمالات للرد بيد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وبأنها جميعها "سيئة بما فيه الكفاية" بالنسبة لاسرائيل. وجزم هرئيل بقيام حزب الله بالرد، واستند في ذلك إلى معطى وحيد وهو ان "نصر الله" هو من التزم بذلك.


الانتقاد/ العدد 1255 ـ 22 شباط/ فبراير 2008

2008-02-22