ارشيف من : 2005-2008
مهمة موسى الجديدة: فريق السلطة ملتزم الإملاء الأميركي بالتعطيل
وسط الخطاب التعطيلي لفريق الرابع عشر من شباط ورعاته الإقليميين والدوليين تسأل الأوساط المتابعة هل لا تزال هناك إمكانية لنجاح المبادرة العربية قبل الموعد الجديد للجلسة الرئاسية التي حددها رئيس مجلس النواب نبيه بري يوم الثلاثاء المقبل في السادس والعشرين من الشهر الجاري؟ وهل هناك امكانية لتحقيق التسوية قبل موعد القمة العربية المقررة نهاية الشهر القادم في دمشق؟
منذ يوم الأربعاء الماضي يواصل هشام يوسف مدير مكتب الأمين العام للجامعة العربية عمر موسى تجواله بين قيادات فريق السلطة والمعارضة تمهيداً للمهمة الجديدة لموسى التي تبدأ اليوم في بيروت وتستمر أياماً عدة، وبعد غد الأحد من المتوقع أن ينعقد اللقاء الرباعي الجديد في مجلس النواب بحضور موسى وممثل المعارضة رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون وممثل فريق السلطة النائب سعد الحريري يرافقه رئيس حزب الكتائب أمين الجميل في محاولة جديدة لتذليل العقبات والوصول إلى اتفاق سياسي ينهي الأزمة.
فهل يحمل موسى معه شيئاً جديداً وهل يمكن أن يتحقق اختراق وسط أجواء محتقنة على أكثر من صعيد؟ المصادر المتابعة توقفت عند كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل يومين والذي قال فيه ان هناك شيئاً ما يجري العمل على انجازه تمهيداً لطرحه في اللقاء الرباعي، وإذا جرى الاتفاق عليه خلال اللقاء الرباعي يجري انتخاب الرئيس في جلسة الثلاثاء، وإذا كان الرئيس بري لم يفصح عن هذا الشيء الذي يجري العمل على انجازه فإنه أكد أنه يندرج ضمن المبادرة العربية، وفي هذا السياق تؤكد مصادر المعارضة أنها لا تزال متمسكة بمطلبها بالثلث الضامن ولكنها لا تمانع الشروع في بحث مبدأ المثالثة الوزارية وصولاً إلى الاتفاق على سلة متكاملة تشمل الرئاسة والحكومة وقانون الانتخاب، وبدون ذلك عبثاً يحاولون، وهو أمر كان قد أكده ممثل المعارضة العماد عون في اللقاء الرباعي السابق.
المصادر المتابعة تستبعد تحقيق اختراق في مهمة موسى الجديدة لأسباب عدة منها:
أولاً: إن الإدارة الأميركية انتقلت من الرفض الضمني للمبادرة العربية إلى الرفض العلني، وهو ما عبّر عنه مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد في تصريحه مؤخراً في باريس حيث طالب بالانتخاب الفوري لرئيس الجمهورية من دون الاتفاق على باقي النقاط التي اعتبر أنها تشكل تنازلاً مرفوضاً للمعارضة وسوريا.
وقد انعكس هذا الموقف التزاماً كاملاً به من قبل فريق السلطة، حيث تراجع هذا الفريق عن السلة المتكاملة، وبات يتحدث عن انتخاب الرئيس، وظهر هذا الكلام على لسان النائب سعد الحريري الذي اعتبر المثالثة "مطلباً سورياً" مرفوضاً بعد أن كان طرح أسئلة افتراضية خلال اللقاء الرباعي السابق عما إذا كانت موافقة فريقه على المثالثة يمكن أن تدفع بالمعارضة إلى السير بانتخاب الرئيس، كذلك صدر موقف مشابه عن أمين الجميل قال فيه ان الأولوية الآن هي لانتخاب الرئيس. وبالتالي بات واضحاً أن فريق السلطة ليس مستعداً للسير بالحلول، وإنما التزم الاملاءات الاميركية بالعرقلة.
ثانياً: ان الخطاب الفتنوي والتصعيدي لفريق الرابع عشر من شباط الذي انطلق قبل وخلال وبعد الاحتفال بذكرى اغتيال الرئيس الحريري يؤسس لحدوث فتنة داخلية تهدف إلى جر المعارضة عموماً والمقاومة خصوصاً لفتنة داخلية في سياق ملاقاة الفصل الجديد من المشروع الاميركي الصهيوني الذي تمثّل تطوره الأخير بجريمة اغتيال القائد في المقاومة الاسلامية الشهيد الحاج عماد مغنية، وذلك لتحقيق أهداف عدة بينها السعي إلى إرباك المقاومة واشغالها عن الرد الذي توعدت به ضد الكيان الصهيوني انتقاماً لجريمة الاغتيال.
ثالثاً: تلاقى التصعيد السلطوي مع خطوتين أقدمت عليهما كل من السعودية وفرنسا تجاه الوضع في لبنان حيث دعت السعودية رعاياها إلى عدم المجيء إلى لبنان، وأغلقت فرنسا مركزين ثقافيين فرنسيين في كل من صيدا وطرابلس. وهنا تتساءل الأوساط عن مغزى وهدف هاتين الخطوتين. فهل هذا الإجراء المزدوج الذي سبقه اجراء اميركي مشابه يخفي معطيات وتحضيرات لشيء كبير يحضر للساحة اللبنانية؟ أم أنه يأتي في سياق الضغط على سوريا قبل نحو شهر على موعد القمة العربية والتي تستخدم من قبل السعودية والغرب لممارسة الضغط على دمشق لجهة العمل على إفشالها، وهنا تتوقف المصادر عند جولات وزير الخارجية السعودي التي شملت عدداً من الدول الغربية وواشنطن حيث عقد لقاءً مغلقاً مع الرئيس الأميركي جورج بوش. وتشير المعطيات إلى أن هناك مسعى سعودياً لتدويل الأزمة في لبنان والدفع باتجاه صدور قرار جديد عن مجلس الأمن، لكن هذا المسعى لم يلق تشجيعاً أوروبياً كبيراً حتى الآن وتحديداً من فرنسا.
المصادر المتابعة تلفت إلى أن كل هذه المعطيات لا تشير إلى وجود امكانية لتحقيق اختراق في مهمة موسى الجديدة إلا إذا كان الهدف منها ترميم الوضع والمحافظة على حال المراوحة الحالية بانتظار تطورات محلية واقليمية جديدة. إلا أن انسداد آفاق الحل لا يلغي الحديث عن اتصالات تدور في الكواليس المحلية والممتدة اقليمياً ودولياً عن مخارج اضافية غير المبادرة العربية، ومنها امكانية اعادة تعويم الدور الفرنسي تجاه لبنان. وتشير المعلومات إلى أن مرشحين رئاسيين عادت اسماؤهم لتطفو على السطح مجدداً مؤخراً مثل الوزير السابق فارس بويز وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة والوزير السابق ميشال ادة، ويجري الحديث عن رئاسة انتقالية لمدة سنتين لتأمين إجراء الانتخابات النيابية.
في جميع الأحوال فإن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى يبدأ مهمة جديدة في بيروت تستمر أياماً عدة لمحاولة تحقيق اختراق في جدار الأزمة الذي بات سميكاً جداً بفعل التعطيل المستمر الناتج عن الارتهان الكامل لفريق السلطة للحلول التزاماً بإملاءات أسياده الاميركيين الذين يريدون تحقيق المشروع الصهيوني عبر إعادة الحرب الأهلية إلى لبنان.
هلال السلمان
الانتقاد/ العدد 1255 ـ 22 شباط/ فبراير 2008