ارشيف من : 2005-2008

لماذا تجهض الموالاة الحلول؟

لماذا تجهض الموالاة الحلول؟

كتب ليلى نقولا الرحباني

لم يكن مستغرباً فشل مهمة موسى بعد أن سوّق الاميركيون فشل المبادرة العربية قبل أن يأتي
موسى الى لبنان في جولته الاخيرة. ولا بد لأي مراقب موضوعي مطلع على تفاصيل الحياة السياسية اليومية في لبنان، من أن يدرك مسبقاً ان الموالاة في لبنان كانت ستخذل موسى تنفيذاً لأوامر أسيادهم وأولياء نعمتهم في واشنطن. أما الذي يدفع الموالين بتحريض من الاميركيين الى افشال المبادرات تلو الاخرى، وعدم القبول بأن تمتلك المعارضة ثلثاً ضامناً يحفظ للبنانيين امكانية التوافق في القضايا المصيرية الكبرى، فهي:
ـ نزع سلاح المقاومة: منذ الانسحاب الاسرائيلي عام 2000 وهدف الاميركيين والاسرائيليين نزع سلاح حزب الله واعلان الجنوب منطقة منزوعة السلاح. حاول الموالون تنفيذ هذه الاجندة بعدما وعدوا الاميركيين بأنهم سيقومون بذلك في حال ساعدهم الاميركي في التسلط على مقاليد الحكم، ولكنهم فشلوا في تنفيذ الوعود. ثم فشلوا ومعهم اسرائيل في الحرب، وما زال الفشل يلاحقهم حتى الآن، لذلك يرون أن احتكارهم للسلطة وللقرارات في مجلس الوزراء سيسمح لهم بالموافقة على بنود تنص على "تطبيق القرارات الدولية دون قيد أو شرط"، وبذلك تتحول المقاومة الى طرف خارج على الشرعية الدولية و"يمكن ضربه واجتثاثه".
ـ قانون الانتخاب: يعلم الموالون أنه في أي انتخابات نيابية مقبلة ـ ومهما كان نوع التقسيمات الادارية فيها ـ لن يحصلوا فيها على الغالبية مطلقاً، بل سيتحولون الى أقلية تعكس النبض الحقيقي للشعب اللبناني، لذلك فهم يريدون إمرار مشاريع كالتوطين وغيره قبل أن يتخلوا عن مقاليد السلطة.
ـ موقع لبنان وخياراته الاستراتيجية: من المفيد التذكير بأن الموالاة وأقطابها قد سارت الى النهاية وتخطت جميع الخطوط الحمراء في الترحيب بحرب العدو على لبنان واغتياله لقادة المقاومة، ولا ننسى ان أحد اقطابها اعلن وبكل وضوح ان اسرائيل لم تعد عدواً ما يستتبع التطبيع معها. وقد تبين ان هذا الموقف بعيد كل البعد عن نبض الشارع اللبناني بكل مكوّناته وطوائفه، وهذا ما أثبته استطلاع حديث للرأي أجري مؤخراً. لذا فالموالاة تريد ان تمتلك الاداة القمعية والسلطة الكاملة على الجيش والقوى الامنية الاخرى لتجبر المواطنين على القبول بقرارات وخيارات استراتيجية تتعارض وقناعاتهم.
ـ المحكمة الدولية التي أثبتت التصاريح المتوالية من بعض الموالين أنها ستكون وسيلة للاقتصاص من الشعب ومقاومته، ولن تكون بأي حال من الاحوال هدفاً لاحقاق الحق وتطبيق العدالة ومحاكمة مرتكبي الاغتيالات الحقيقيين.
ـ المسألة الاقتصادية وقضايا الفساد والدين المتراكم والمتصاعد منذ عام 1992، وقد أثبتت الايام ان هذه السياسة كانت عملية منهجية مقصودة ومحددة الاهداف، ترمي الى تجويع الشعب وافقاره تمهيداً لتركيعه وقبوله بخيارات أحلاها "تهديد اسس لبنان وضرب كيانه" من خلال إمرار مشاريع التوطين التي تريح اسرائيل وتقوض تركيبة لبنان الاقتصادية والديمغرافية.
- عودة المهجرين: من الطبيعي ان عودة المهجرين بكرامتهم الى بيوتهم وقراهم سوف تؤدي الى نزع السيف المصلت على رقابهم من قبل النائب وليد جنبلاط، والذي يرفعه في وجوههم عند كل محطة انتخابية اما بالترهيب أو الترغيب، من أجل الحصول على أصواتهم الانتخابية لمصلحته أو منعهم من أداء واجبهم الانتخابي في حال كانوا معارضين له.
- الجيش اللبناني وعقيدته وتركيبته: مما لا شك فيه أن الجيش اللبناني بالرغم من جميع الافخاخ التي نصبت له استطاع أن يحافظ على وحدته، وعلى ثقة اللبنانيين به كمؤسسة وطنية جامعة، تشكل البقية الباقية من مؤسسات تدل على وحدة الوطن أرضاً وشعباً ومؤسسات. ولكن كما حاول الموالون مراراً طرح تغيير عقيدة الجيش لانها ـ بحسب زعمهم ـ لم تعد تتلاءم مع المرحلة الراهنة، أي انهم يريدون تحويله الى أداة بيدهم يأمرونه بنزع سلاح المقاومة، فينفذ.. وهكذا يكونون قد قضوا على الاثنين معاً: قضوا على الجيش لعدم استطاعته القيام بما عجز عنه "أقوى جيش في منطقة الشرق الاوسط"، وما عجزت عنه حرب عالمية شنت على لبنان في تموز 2006. وفي نفس الوقت، يقضون على الشرعية الشعبية والوطنية للمقاومة بتصويرها وكأنها "منظمة ارهابية" تعتدي على الدولة وتقوضها بتقويض ذراعها الامنية، وبالتالي تصويرها وكأنها انحرفت عن مهمتها الاساسية، وهي الدفاع عن لبنان في وجه الاعتداءات الاسرائيلية.
يخطئ من يعتقد أن هذه الفئة الحاكمة المتسلطة سوف تقبل بالتخلي عن استئثارها بالحكم بكل سهولة، فها هي استطلاعات الرأي الاخيرة أثبتت أن قسماً كبيراً من جمهور الموالاة يؤيد طروحات المعارضة، وان 61% من اللبنانيين يؤيدون حق حزب الله بالدفاع عن النفس والرد على اسرائيل في اغتيال الشهيد مغنية، بل أن ما يثلج الصدور أكثر هو ما ظهر من ان 85% من اللبنانيين تؤيد العمل على اسقاط اسرائيل. هل هناك أبلغ من هذه الرسائل الوطنية للموالين؟
الانتقاد/ العدد1256 ـ 29 شباط/ فبراير 2008

2008-02-29