ارشيف من : 2005-2008

لا حلول قريبة و"دبلوماسية البوارج" لمنع تداعي فريق السلطة

لا حلول قريبة و"دبلوماسية البوارج" لمنع تداعي فريق السلطة

ليست المرحلة مرحلة حلول للأزمة في لبنان، بل هي مرحلة "دبلوماسية البوارج" وممارسة الضغوط على المعارضة للرضوخ للمشروع الأميركي في لبنان، وفي السياق نفسه تأتي دائرة الضغوط  على سوريا انطلاقاً من ملف القمة العربية التي ستعقد في دمشق نهاية شهر آذار الجاري لإكمال الحصار على سوريا اميركياً بأدوات عربية.
هذا ما تراه مصادر متابعة لاتجاه الأحداث في  المنطقة انطلاقاً من العديد من المعطيات حيث تأتي في هذا السياق العديد من التحركات الاميركية ومعها تحركات "عرب المحور الأميركي" التي تسعى لتصب في هذا الهدف، ومنها:
أولاً: إرسال البوارج الاميركية إلى قبالة الساحل اللبناني واعلان وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس من القاهرة أن الهدف من ارسال هذه البوارج هو حماية مصالح الولايات المتحدة ومصالح حلفائها في لبنان. وهذا ما يؤكد فشل اعتماد واشنطن على القدرات الذاتية لفريق السلطة، فبات من الضروري الحضور المباشر "لشدشدة براغي" فريق السلطة التي انحلت على مختلف المستويات في المرحلة الأخيرة، في وقت كانت المعارضة متماسكة وتحظى باحتضان شعبي يمثل أكثرية الشعب اللبناني لخياراتها السياسية ونظرتها للحلول، ما دفع واشنطن إلى الخشية على مشروعها في لبنان، فأرسلت بوارجها للحفاظ عليها.
ثانياً: قرارات العديد من دول "المحور العربي الأميركي" بإجلاء رعاياها من لبنان أو تحذيرهم من المجيء اليه هي في سياق هذه الضغوط التي تأتي في صلب اللعبة الاميركية الجديدة، وتأتي السعودية في طليعة الممارسين لهذا الابتزاز، وخصوصاً أنها تشكل العمود الفقري الداعم لخيارات فريق السلطة، وبدا لافتاً في هذا السياق استقبال الرياض على فترات ليست متباعدة مؤخراً رموزاً من فريق السلطة المعروفين كرأس حربة التعطيل وفي مقدمهم رئيس الحزب الاشتراكي النائب وليد جنبلاط وبالأمس القريب رئيس حزب الكتائب أمين الجميل الذي استقبله الملك السعودي عبد الله بحفاوة، هذا فضلاً عن رعايتها للنائب سعد الحريري الذي يحمل أصلاً الجنسية السعودية إلى جانب جنسيته اللبنانية، وتياره يشكل ترجمة للنفوذ السعودي في لبنان.
ثالثاً: زيارة منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا إلى بيروت لم تخرج عن سياق إعطاء جرعات دعم لفريق السلطة حيث بدا من خلال تصريحاته بعد لقاءاته مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة اللاشرعية فؤاد السنيورة أن الهدف من زيارته هو اعطاء الدعم السياسي لفريق السلطة والحكومة اللاشرعية والدعوة لانتخاب رئيس جمهورية قبل القمة العربية من دون انجاز حل متكامل، وهو كان نسّق هذه المواقف قبل مجيئه إلى بيروت مع وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس في فلسطين المحتلة.
رابعاً: مواصلة فريق السلطة بإيعاز اميركي تفشيل كل مبادرات الحلول المطروحة وخصوصاً ايصال المبادرة العربية التي قادها الأمين العام  للجامعة العربية إلى دائرة المراوحة، وهو ما فنّده رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقابلته التلفزيونية الأخيرة، وآخر بوادر الحلول التي أجهضها فريق السلطة في مهدها هو الأفكار الجديدة للحل التي بادر عمرو موسى إلى طرحها على رئيس مجلس النواب نبيه بري عبر اتصال هاتفي، والتي تستند إلى إجراء انتخابات رئاسية، ثم تشكيل حكومة انتقالية على غرار حكومة نجيب ميقاتي عام الفين وخمسة، تكون مهمتها الأساسية إجراء انتخابات نيابية مبكرة على أساس قانون العام ستين، وقد بادر فريق السلطة إلى إجهاض هذه الأفكار في مهدها حيث رفض قانون العام ستين، وأيده في ذلك بشكل مستغرب البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير، وهو الذي بقي ينادي بضرورة اعتماد هذا القانون على مدى قرابة العشرين عاماً، الأمر جعل رئيس مجلس النواب نبيه بري يعود إلى دائرة التشاؤم بعد أن كان أبدى تفاؤله بإمكانية حصول حلول قريبة قبل القمة العربية في دمشق بعد الأفكار الجديدة التي طرحها عليه عمرو موسى.
أما على الصعيد الاقليمي فكانت دائرة الضغوط تشتد على سوريا انطلاقاً من ملف القمة العربية التي ستنعقد نهاية الشهر الجاري في دمشق، والمفارقة التي يتوقف عندها المراقبون هي كون الضغوط الاميركية وضغوط الأنظمة العربية الدائرة في فلك المحور الاميركي تتركز على دعوة سوريا إلى التدخل من جديد في الملف اللبناني تحت لافتة لومها لعدم المساعدة في تحقيق الحل، والمطلوب في هذا السياق ان تبادر سوريا إلى ممارسة الضغوط على المعارضة للسير في الحل الذي يكرس غلبة فريق السلطة، وهو ما ترى دمشق أنها ليست معنية وليست في وارد القيام به، وهي تواجه الابتزاز المتعلق بالتلويح بمستوى الحضور لبعض الأنظمة في القمة العربية بالتأكيد أن القمة "ستنعقد بمن حضر"، وهي ستكون "قمة فلسطين" حيث يتعرض الشعب الفلسطيني في غزة لمجزرة مروعة وسط صمت عربي مطبق، ومن يَغِب عن هذه القمة هو الذي سيكون خاسراً، ويبدو أن السعودية استدركت الأمر من خلال اعلانها أنها ستحضر القمة من حيث المبدأ على أن يبقى مستوى التمثيل مرتبطاً بتطورات الأزمة في لبنان.
هلال السلمان
الانتقاد/ العدد1257 ـ 7 آذار/مارس 2008

2008-03-07