ارشيف من : 2005-2008
أنا حسام الغزاوي(2)
كتب نصري الصائغ
I شهادة ميلادي وفاتي
أنا حسام الغزاوي، أعود إليكم، نقيضاً للموت. أحمل في روحي شهادة وفاتي، ولا أموت، يقتلونني مراراً، وأرفض الإقامة في النهايات، يسفكون طفولتي، على المعابر أو في اغفاءة عتمة وأنهض من ركامي، أعيد ترتيب أعضائي، وأمسح بعيني دمائي وشفتي، أبلسم جراحي، وأعبر إلى الولادة واختار أن تضعني أمي، هنا في غزة فلسطين مرة بعد مرات، فأنا موعود بالقدس دائماً، وسأصلها في معراج الدم والجرح.
II لا تشفقوا عليّ
فقط قليل من الايمان يكفيني، آمنوا بي فقط.
لست بحاجة إلى أكفان أبداً .. فأنا الميت الذي حياً يرزق.
لست بحاجة إلى بلاد أخرى، ففلسطين وطن مزدوج، واحد تحت التراب يحرسه الشهداء وآخر فوق الأرض يحرثه الشهداء أيضاً.
لست بحاجة إلى رغيف، الجوع مأوانا، وأصابعنا نعضّها ولا نتسوّل دمعكم فلا تبكوا علينا. ربما، يكون من المستحسن أن تذرفوا دموعكم في أحضان نسائكم..
فقط قليل من العروبة تكفيني، لغتي دمي، وكل لغة أخرى ليست لغتي.
III عرب ليسوا عرباً
أنا حسام الغزاوي، بودّي أن أخبركم ما يلي:
استغنيت عن المجتمع الدولي. هنا، الإنسان ذئب لأخيه الانسان..
لم تعد تهمني القرارات الدولية، أبِحبر كُتبت، أم بدم غزة، لن نجلس على قارعة عربية، لن ننتظر هذا الغياب، كلّ عربي لا فلسطين فيه ليس عربياً.
لن نلتفت إلى "ماركة" حقوق الانسان، فهذه سلعة المفترسين وأخلاق الوحوش وصلوات المارقين.
لن تغضبنا نعوت الإرهاب، فمن لم يكتشف إرهاب "اسرائيل" لا نعوّل على ضميره خُرسُهُ أفضل من نطقه.
من ينظر اليّ نظرة عتب سأفقأ عينيه.
من يخجل بي سأفقأ عورته..
من يرثيني ويرثى بحالي، سأرتجل خاتمته.
أنا حسام الغزاوي، ابن المحرقة الاسرائيلية، ديني غضبي وفمي غضبي أخلاقي غضبي..
فاحمل غضبك واتبعني، فنحن أطهر من في الدنيا.
IV قبل أن يموتوا.. ماتوا
أنا حسام الغزاوي
لست حزيناً عليك يا أمي، ستجدين دمعاً في صدرك وتكتمينه.
لو كشفت لهم عن دمع لستِ أمي..
لست حزيناً عليك يا أبي، أنا بانتظار عودتك بعد استشهادك.
ما زلنا على التخوم نقتل بسواعدنا العارية، وقمصاننا المهلهلة، ولا تظن أننا نخاف، ألم تقل لي إننا أحياء عند وطنٍ يرزقون.
لست حزيناً على غزة، الشهيدة الأكثر حياة من قارة عربية..
قررت وفاتها قبل أن تموت.
إنما أنا حسام الغزاوي، حزين جداً على بلاد، أتسلّق أقلامها وأقطف من تاريخها أمثولات، أنا حزين لأنني أرى في غير المقام.
اسرائيل تذبح أطفالاً في كل العواصم العربية..
ألم تقتل شعوباً في قانا وصيدا وصور وبيروت و..؟
ألم تقتل بالواسطة شعوباً في بغداد والبصرة والفلوجة و..؟
أتحسّر كيف بلاد لا تعرف أنها على لائحة الإعدام، إن بدرت منها نسمةحياة، من هواء نظيف أو التفاته لغة بعبارات حرة أو نهضت في أرضها سنبلة رغيف كرامة؟
لستُ حزيناً عليّ لستُ قلقاً عليّ،
أنا خائف على 260 مليون عربي، ماتوا قبل أن يموتوا..
يا للعار..
V علينا اجتمعوا
عندما يجلس الزعماء العرب في قمة..
عندما يجلس زعماء الدول الثماني في قمة..
عندما يجلس مجلس الأمن الدولي في جلسة..
عندما يجلسون ويفركون لغتهم كأصابعهم.
يتراءى لي أن كل هذه الجلسات، تشبه جلسات الكنيست أو جلسات الحكومة المصغرة في اسرائيل.
VI أرض لسماء
أنا حسام الغزاوي
أعدكم أني لن أموت
أرض القيامة هذه
أرض دمانا هذه
أرض متصلة بالسماء هذه ولا تقوى عليها أصوات الجحيم.
الانتقاد/ العدد1257 ـ 7 آذار/مارس 2008