ارشيف من : 2005-2008
"أوقفوا الحرب" تحضّر لتظاهرتها الكبرى: ثماني مدن بريطانية تسمع "كلمة حزب الله"
لندن ـ "الانتقاد"
على وقع المجازر الإسرائيلية التي ترتكب في قطاع غزة حاصدة المئات من الضحايا الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ، كانت صرخة تطلق من وراء البحار أن "أوقفوا الحرب"، الحرب في غزة وفي كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة، الحرب في العراق، في أفغانستان، في لبنان وفي كل بقعة واقعة تحت الاحتلال الأجنبي أياً كانت هوية المحتل.
في بريطانيا كان الموعد على مدى أسبوع تقريباً مع نشاطات وندوات متنقلة بدعوة من "ائتلاف أوقفوا الحرب" البريطاني المناصر لحركات المقاومة في العالم، تمهيداً للتظاهرة الكبرى التي ينظمها في الخامس عشر من آذار/ مارس الجاري في الذكرى السنوية الخامسة للحرب على العراق، وقد حل كل من رئيس اتحاد نقابات النفط في العراق حسن جمعة ورئيس تحرير جريدة "الانتقاد" ابراهيم الموسوي، ضيفين رئيسيين على ثمان من أهم المدن البريطانية بدءاً بالعاصمة لندن ومن ثم بريستول وبرمينغهام ومانشستر وكامبردج ونورج وكارديف وصولاً الى ليفربول شمال البلاد.
ندوات حضرت فيها غزة وما تتعرض له من عدوان إسرائيلي وحصار يتعارض مع كل قوانين وأعراف المجتمع الدولي، إلى جانب العراق والاحتلال الأميركي المستمر لهذا البلد.
أما لبنان فقد فرض حضوره بقوة ليس فقط من خلال استحضار الموسوي للحرب الإسرائيلية في صيف 2006 ونتائجها، وما يحكى عن حرب محتملة في ظل الحشد الإسرائيلي والأميركي في المنطقة، بل أيضاً من خلال الحملة التي تعرض لها الموسوي نفسه كونه ممثلاً لحزب الله، من قبل اللوبي الصهيوني وأنصاره والتابعين له عبر نشر مقالات وتوزيع منشورات ضد زيارته ومحاولة منعه من الكلام، كل ذلك تحت الذرائع والعناوين المعتادة: "معاداة السامية" و"الانتماء الى منظمة إرهابية" وغيرها من الافتراءات التي يتسلح بها مناصرو الصهيونية في العالم لتشويه صورة المقاومة.
حملة برغم أنها كانت مدعومة من بعض النواب المحليين وكان يتولاها رئيس حزب المحافظين ديفيد كاميرون والبارونة بولين نوفل جونز المعروفة بعملها في إطار جهاز الاستخبارات، إلا "أنها خدمت جولة الموسوي وكانت بمثابة الدعاية لها" على حد تعبيره، إذ حل ضيفاً على العديد من وسائل الإعلام البريطانية ما مكّنه من توضيح وجهة نظر حزب الله والمقاومة في العديد من المواضيع لا سيما الموقف من اليهود، وهو موقف متمايز عن الموقف من الصهيونية العالمية، إضافة إلى تسليط الضوء على المجازر الإسرائيلية التي ارتكبها العدو على مدى سنوات احتلاله للأراضي العربية.
وبحسب ما يؤكد الموسوي فإن "هذه الحملة كانت على أشدها في كامبردج حيث تزامن وصوله الى المدينة مع توزيع منشورات تصف حزب الله بـ"المنظمة الإرهابية والمعادية للسامية"، ومحاولة اتحاد الطلاب اليهود المسيطر على اتحاد طلاب كامبردج منعه من المشاركة وإلقاء كلمته". إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل فكانت كلمة الموسوي بمثابة التفنيد لكل الاتهامات والافتراءات والأكاذيب التي تضمنتها المنشورات إلى حد دفع عدداً من المناصرين للوبي الصهيوني إلى دعوة الناس الى عدم الاستماع الى ما يقوله الموسوي واصفين إياه بـ"آلة الدعاية التي دربها حزب الله لغسل عقول الحاضرين"، وقد رد عليهم الموسوي بالقول "قضيتكم غير محقة لدرجة يستحيل الدفاع عنها بينما قضيتي عادلة ومن السهولة بمكان الدفاع عنها من قبل أي كان".
أما في ليفربول فقادت الحملة على زيارة الموسوي نائبة عن المدينة موالية للصهيونية، وإذ قُدِّم الموسوي على أنه "يمثل حزب الله الإرهابي" ردّ على هذا الاتهام الباطل، موضحاً أن هذا الحزب الذي يوصف بـ"الإرهابي" هو حزب يهتم بالفقراء والمزارعين ويمتلك شبكة من الخدمات الاجتماعية والتربوية والرعائية الكبرى في ظل قصور الدولة، وهو الحزب الذي لديه أكبر كتلة برلمانية، وهو كان موجوداً في الحكومة قبل ان يستقيل، وهو حاضر بقوة في شتى أنواع العمل البلدي والإنمائي، وخلص الموسوي الى التساؤل "إذا كان هذا هو الإرهاب، فما هو التطرف؟".
وبعيداً عن هذه الحملة المنظمة ضد الموسوي بصفته رئيس تحرير "الانتقاد" (الجريدة التابعة لحزب الله)، ورئيس تحرير سابق في قناة "المنار"، فإن التفاعل الكبير من قبل الحضور ترجم كماً ونوعاً وسلوكاً، فلناحية العدد بلغ عدد الحاضرين في الندوة التي أقيمت في العاصمة لندن الـ800 شخص، بينما بلغ الحد الأدنى للحضور في كل من المدن الأخرى المئتين، اما نسبة الإنكليز من بين هؤلاء فلامست 99% مع أقليات عربية وإسلامية، ومن المشاهد التي أمكن رصدها كما يقول الموسوي "إعراب البعض عن رغبته في تقديم التبرعات للمقاومة، وطرد آخرين لأحد الأشخاص الذي حضر واضعاً علم حزب الله وفي وسطه شعار النازية"، أما عبارات هؤلاء فكانت تنم عن الاستحسان والشكر لإتاحة الفرصة للرأي العام الغربي للاطلاع على حقيقة ما يحصل فعلاً في منطقة الشرق الأوسط عبر أشخاص يعيشون واقع هذه المنطقة بتفاصيله الدقيقة وليس من خلال بعض الصحافة الغربية التي تدعي الموضوعية فيما هي تضلل الرأي العام.
هي ليست المرة الأولى التي يزور فيها ابراهيم الموسوي بريطانيا ولندن، وهو الذي حصل على دكتوراه من إحدى جامعاتها، كما هي ليست المرة الأولى التي يحاضر فيها ممثلاً لحزب الله والمقاومة في لبنان، وإذا كان واقع العالم كله ما قبل حرب تموز مختلفاً عما بعدها، فإن نظرة الرأي العام الإنكليزي هي الأخرى طالتها نتائج الحرب الإسرائيلية وانتصار المقاومة على أعتى جيش في الشرق الأوسط، وبحسب ما يؤكد الموسوي "فإن حرب تموز أحدثت نقطة تحول عميقة وشديدة لدى المجتمعات الأوروبية، وهي من أسقطت توني بلير، وبات ينظر الى حزب الله على أنه حركة مقاومة فاعلة وقادرة على تحقيق النصر"، مشيراً إلى "ان هذا ما يفسر هذه الهجمة الشعواء ضد أي شخص يتحدث باسم الحزب، نظراً للخشية من وعي الناس لحركة المقاومة وإمكانياتها بما تمثله من امل للشعوب المضطهدة، ليس فقط على المستوى العربي والإسلامي، إنما في كل أنحاء العالم، وهي شعوب تعيش حالة من الاشمئزاز من النظام الإمبريالي العالمي الذي يحاول فرض إرادته وهيمنته".
على مدى ستة أيام توجه حزب الله بشخص رئيس تحرير "الانتقاد" ابراهيم الموسوي الى الرأي العام البريطاني، أما الرسالة فهي التالية "دعوة إلى المشاركة الفاعلة والكثيفة في تظاهرة الخامس عشر من الجاري لما لها من أبعاد ليس فقط معنوية، إنما سياسية وتوعوية"، والتأكيد على أن "حركة البريطانيين في الشارع خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان شكلت وجهاً من أوجه المقاومة، المقاومة التي لا تحارب الإسرائيليين لأنهم يهود، بل لأنهم محتلون، فخلفية الصراع ليست دينية بل سياسية".
بطاقة تعريف:
تأسس "ائتلاف أوقفوا الحرب" البريطاني في الحادي والعشرين من أيلول/ سبتمبر عام 2001 وفي برنامجه جملة من الأهداف تلخص بوقف الحرب التي تشنها الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها تحت ما يسمى "محاربة الإرهاب" لأنها لا تؤدي سوى لسقوط المزيد من الضحايا الأبرياء والتسبب بمعاناة الكثيرين، وخلق الكثير من الازمات السياسية والاقتصادية، إضافة الى تأجيج العنصرية والتعدي على الحريات الشخصية والمدنية.
ويضم هذا الائتلاف العديد من المنظمات والمؤسسات التي تملك الأهداف نفسها، إضافة الى العديد من الأفراد والشخصيات المناهضة للحرب، وهو مدعوم من العديد من الاتحادات العمالية والنقابية في بريطانيا.
وفي إطار العمل لتحقيق أهدافه ينظم الائتلاف العديد من النشاطات والندوات، وقد دعا الى تظاهرة حاشدة في العاصمة لندن في الخامس عشر من الجاري في الذكرى السنوية الخامسة لغزو واحتلال العراق، وتشمل التظاهرة العديد من المطالب والعناوين، أولها، خروج القوات البريطانية من العراق وأفغانستان، رفض الحرب على إيران، وفك الحصار عن قطاع غزة.
الانتقاد/ العدد1257 ـ 7 آذار/مارس 2008