ارشيف من : 2005-2008

القبض على أحد «مفاتيح» التحقيق في قضية الحريري

القبض على أحد «مفاتيح» التحقيق في قضية الحريري

الأسبوع الماضي على فيكتور بوت أحد أهمّ مهرّبي السلاح والمخدرات في العالم، وكان يتّخذ من إمارة الشارقة مقرّاً لإدارة أعماله، ويرجّح معرفته بعملية نقل الفان والمتفجرات إلى لبنان‏

12 تشرين الأول 2004 سُرق «فان ميتسوبيشي» من محافظة ساغاميهارا اليابانية. 14 شباط 2005 انفجرت عبوة كبيرة كانت في الفان في بيروت. أدى الانفجار إلى استشهاد الرئيس رفيق الحريري و22 آخرين كانوا في المكان. أين كانت الميتسوبيشي خلال فترة أربعة أشهر ويومين سبقت الجريمة، وكيف وإلى أين وبواسطة مَن نقلت من اليابان إلى بيروت عبر الإمارات؟‏

عرضت «الأخبار» في بحث استقصائي نشرته في 29 أيلول 2006 فرضية علاقة مجموعة تعمل في الجريمة المنظّمة وتهريب السلاح بنقل «الميتسوبيشي» إلى لبنان. قائد المجموعة شخص يُدعى فيكتور بوت، روسي الجنسية، كان موجوداً يومها في العاصمة الروسية موسكو، بينما المركز الرئيسي لعملياته كان في الإمارات العربية المتحدة، وتحديداً في إمارة الشارقة (بحسب تقرير صادر عن الشرطة الدولية ــ الإنتربول) حيث قال مسؤول أمني لبناني رفيع لـ«الأخبار» إن الميتسوبيشي المسروقة حطّت بعد شحنها من اليابان، وأكّدت لجنة التحقيق الدولية في تقاريرها ذلك.‏

في 8 شباط 2007 كتب الزميل جان عزيز نقلاً عن «أوساط» إماراتية في دبي أن «المسألة الوحيدة التي كانت موضع بحث جدي في هذا السياق (التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الحريري)، هي تلك المتعلقة بإحدى المافيات الأوروبية، وخصوصاً بأحد زعمائها من مالكي شبكة طائرات مشبوهة، وذلك في إطار التدقيق في طريقة انتقال سيارة الـ«ميتسوبيشي» الآثمة، من اليابان إلى لبنان، عبر إحدى دول الخليج». وأضاف عزيز أن «الأوساط نفسها تؤكد بذلك أن نظرية دخول مافيا دولية ما، على خط اغتيال الحريري، على الأقل لجهة نقل السيارة الجانية، هي إحدى الحلبات التي يحاول التحقيق سبرها».‏

قبضت عناصر من وكالة مكافحة المخدرات الأميركية (DEA) والشرطة التايلاندية يوم الخميس الفائت (6 آذار 2008) على فيكتور بوت في أحد فنادق مدينة بانكوك الفخمة. عملية القبض تمّت بعد مفاوضات جرت بين عميلين من الوكالة الأميركية عرّفا بوت عن أنفسهما بأنهما يعملان لمصلحة القوات الثورية الكولومبية المسلّحة (FARC) وأنهما يبتغيان شراء صواريخ مضادّة للطائرات وعتاد حربي. وعد بوت بتأمين 100 صاروخ روسي من طراز سام 7، إضافة إلى أعتدة حربية أخرى، وعند تحديد موعد الاتفاق النهائي قبض العميلان الأميركيان عليه واقتاداه إلى مركز الشرطة في بانكوك.‏

لم ترد معلومات عن نية لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الحريري التحقيق مع بوت بشأن احتمال معرفته أو حتى علاقته بتهريب الميتسوبيشي والمتفجرات التي جهّزت بها إلى لبنان، ونفى مسؤول في الأمم المتحدة في اتصال مع «الأخبار» أي تحرّك تقوم به اللجنة بهذا السياق. أما السلطات القضائية الأميركية، فتسعى إلى إحضاره إلى الولايات المتحدة، لكن محامي بوت التايلاندي لاك نيتيواتانافيشان قال أمس في حديث أدلى به إلى صحيفة الغارديان البريطانية، إنه لا مجال لتسليم بوت للأميركيين وإن السلطات التايلاندية «ستطلق سراحه قريباً مقابل كفالة مالية». وأضاف أنه ينتظر وصول بعض المستندات من موسكو تثبت براءة موكله. من جهة أخرى سمحت محكمة بانكوك الجنائية بسجن بوت 12 يوماً قابلة للتمديد حتى 84 يوماً على ذمّة التحقيق.‏

الميتسوبيشي في تقارير لجنة التحقيق‏

بحسب تقرير اللجنة الأول (برئاسة ميليس) دخلت الميتسوبيشي إلى لبنان من سوريا في 21 كانون الثاني 2004 الساعة 13:20 من طريق الخط العسكري في البقاع، وكان يقودها ضابط في الجيش السوري برتبة عقيد (98). وقال الشاهد والمدعى عليه محمد زهير الصديق إن مهمة قيادة السيارة كُلّف بها عراقي قيل له إن العملية تستهدف رئيس الحكومة العراقية الأسبق إياد علاوي (108). ونسبت اللجنة إلى الصدّيق أنه شاهد الفان وأحمد أبو عدس في مخيم الزبداني في سوريا (110). وقال التقرير إنه لا يمكن أن تكون الميتسوبيشي (التي سرقت في مدينة ساغاميهارا اليابانية في 12 تشرين الأول 2004 بحسب الفقرتين 131و160) قد دخلت إلى لبنان من دون معرفة السلطات اللبنانية (123)، بينما ذكر التقرير الثاني للجنة أن قوى الأمن الداخلي أكّدت عدم وجود ملف وأوراق برقم هيكل ورقم محرّك الميتسوبيشي بحوزتها (41). وأضاف التقرير الثاني في الفقرة التالية أن الفان، بحسب تحقيقات الشرطة اليابانية، شُحن من اليابان إلى الإمارات العربية المتحدة بعد سرقته. وفي تقريرها الثالث، شكّكت اللجنة في احتمال وجود الميتسوبيشي في الزبداني قبل وصولها إلى لبنان (29). وأكدت اللجنة أنها حصلت على معلومات عن الفان المسروق من السلطات اليابانية والإماراتية (100) لم تذكرها في النصّ. ورأى التقرير الرابع أن التحقيق في مصدر وتحركات الميتسوبيشي أولوية لعمل اللجنة بالتعاون مع مكتب مدعي عام التمييز (45).‏

وجاء في التقرير السادس أن اللجنة حصلت على معلومات تحدد تفاصيل تجهيز الشاحنة وتحدد طريق سيرها بما أنها أحضرت إلى منطقة السان جورج قبل الهجوم (الفقرة 41). أما التقرير السابع فقد ذكر في الفقرة 20 أن اللجنة استطاعت أن تطابق بين بعض أجزاء آلية وجدت في ساحة الجريمة وأجزاء شاحنة «ميتسوبيشي». وقد تمّ ذلك استناداً إلى وثائق ومعلومات تلقّتها اللجنة من اليابان. كما ذكر أنه لا تزال التحقيقات جارية في مسألة كيفية وصول شاحنة الميتسوبيشي وكيفية التحضير لتزويدها بالمتفجرات. وتوسّع اللجنة آخر المعلومات التي تتعلّق بالشاحنة، وتحقق في تاريخها حتى في المرحلة التي سبقت وصولها إلى لبنان (الفقرة 31). وجاء في الفقرة 24 من التقرير الثامن أن اللجنة حققت تقدماً بمسار التحقيق المتعلق بالميتسوبيشي. ووفقاً لتحقيقات اللجنة والسلطات اللبنانية، خرجت الشاحنة من مصنع للميتسوبيشي في اليابان في شباط 2002، وأُبلِغ عن سرقتها في مدينة كاناغاوا في تشرين الأول 2004. شحنت الشاحنة بعد ذلك إلى الإمارات العربية المتحدة، ونقلت إلى صالة عرض في لبنان، قريبة من طرابلس في كانون الأول 2004، حيث بيعت. وحصلت اللجنة على معلومات متعلقة ببيع الشاحنة لأفراد قد يكونون متورطين في التحضير النهائي للشاحنة تمهيداً للهجوم على رفيق الحريري. وتجري متابعة خط التحقيق هذا كأولوية.‏

وفي التقرير التاسع والأخير لرئيس لجنة التحقيق الدولية السابق، جاء في الفقرة 22 أن اللجنة لا تزال تركّز على عملية تحضير الشاحنة وتجهيزها قبل الاغتيال.‏

بوت في عيون الإنتربول‏

ذكر تقرير للإنتربول حصلت «الأخبار» على نسخة منه أن بوت ينقل السلاح والذخائر والمعدات بواسطة طائراته إلى مقاتلي «الاتحاد الوطني لاستقلال أنغولا»، وأن له علاقة بتجارة الألماس غير المشروعة مع هؤلاء المقاتلين. وذكر تقرير مكتب رقابة الأصول الأجنبية (Office of Foreign Assets Control ـ OFAC) التابع لوزارة الخزانة الأميركية في 26 نيسان 2005 أن بوت حقق أرباحاً بملايين الدولارات من خلال تزويده حركة طالبان بالأسلحة أثناء سيطرتها على أفغانستان. وأضاف التقرير أن لدى بوت القدرة على «تهريب الدبابات والطائرات المروحية والصواريخ إلى أي مكان في العالم».‏

بوت، روسي الجنسية من مواليد طاجيكستان 1967، يملك عدداً كبيراً من شركات النقل الجوي وأسطولاً من طائرات النقل هو «الأكبر في العالم» (بحسب صحيفة النيو ريبابليك تاريخ 12 كانون الثاني 2006). شركات بوت مسجلة في أكثر من دولة، تتركز في أفريقيا والإمارات العربية المتحدة. كل أعماله كانت تُدار من مكان سكنه ومراكز شركاته في إمارة الشارقة.‏

المصدر: صحيفة الاخبار اللبنانية، 11/3/2008‏

2008-03-11