ارشيف من : 2005-2008
الاتصالات العربية تجمّد الأزمة وقد تؤجل الحل إلى نيسان
كتب غاصب المختار
أضيف موضوع تمثيل لبنان في القمة العربية المقررة في دمشق نهاية الشهر الحالي، الى جدول المسائل المعلقة في الوضع اللبناني، ربطا بمساعي العرب لحل ازمته السياسية المستعصية لأكثر من سبب وسبب محلي وخارجي، علما ان القيادة السورية حسمت الموضوع لجهة توجيه دعوة رسمية الى «الجمهورية اللبنانية»، لكنها تنتظر جلسة مجلس النواب المقررة غدا الثلاثاء من حيث المبدأ والمخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية، فإذا جرت الجلسة وتم انتخاب رئيس توجه الدعوة اليه حسب الاصول البروتوكولية والسياسية وبواسطة مندوب سوري رفيع المستوى... والاّ فثمة توجه آخر يقوم على تسليم الدعوة الى الامانة العامة للجامعة العربية لتقوم هي بتسليمها الى الحكومة اللبنانية لتقرر الاخيرة مستوى التمثيل وحجمه وهل ستشارك اصلا.
وترد مصادر دبلوماسية وسياسية هذا التوجه السوري الى جملة اسباب شكلية وبروتوكولية اولا وأخيرا، وتقول ان العرف في توجيه الدعوات الى القمم العربية قضى بأن توجه الدعوة الى رئيس الدولة، وبما انه هناك «حالة استثنائية» في لبنان لتعذر انتخاب رئيس، فإن البلد المضيف يسلم الدعوة الى الامانة العامة للجامعة العربية لتسلمها بدورها الى الحكومة او السلطة الرسمية القائمة في البلد المدعو، ومثل هذه الحالة الاستثنائية قائمة ليس في لبنان فقط، بل في فلسطين والصومال وان يكن لظروف مختلفة امنية او سياسية تتعلق بوضع البلد المدعو، حيث يتعذر توجه مندوب سوري الى هذين البلدين لتوجيه الدعوات، وسيصار الى تسليمهما الى الامانة العامة للجامعة لتنقلهما بدورها الى الجانبين الفلسطيني والصومالي.
وتؤكد المصادر المتابعة لموضوع القمة ان لا مشكلة لدى القيادة السورية في توجيه دعوة الى الحكومة اللبنانية القائمة برئاسة فؤاد السنيورة، وهو ان قرر حضور القمة فسيُستقبل استقبالا رسميا لائقا بوصفه ممثل دولة عربية في القمة، وكذلك سيكون حال أي موفد او وفد لبناني يتقرر حضوره القمة ممثلا للبنان.
ولكن المصادر توضح ان كيفية تسليم لبنان الدعوة متروكة للأمين العام عمرو موسى، ليحدد الصيغة التي يراها مناسبة في حال تعذر انتخاب رئيس للجمهورية، وتتردد معلومات تفيد انه هو من قد يحمل الدعوة الى الحكومة اللبنانية خلال زيارته المرتقبة الى بيروت في حال تعذر انتخاب رئيس للجمهورية.
وتشير المصادر الى ان سوريا حسمت كل الامور المتعلقة بالقمة لجهة رفض تأجيلها او نقلها الى مكان آخر، وحددت الشخصيات غير العربية التي ستدعوها، وهي تتجاوز الاربعين شخصية وقد تبلغ الخمسين، وتقول المصادر ان سوريا وإن كانت تنظر بحذر وتحسب وترقب الى التهديدات الاميركية والاسرائيلية والتسريبات الغربية عن احتمالات الحرب وتوجيه ضربة عسكرية لمواقع سورية، الا انها تعتبر كل هذه التهديدات والعراضات ليست اكثر من تهويل وضغط ومحاولة ابتزاز لن تفلح.
وتؤكد المصادر ارتياح سوريا الى وضعها العربي والاقليمي، وحتى الدولي، خلافا لما يُشاع، خاصة ان ابواب الاتصالات واللقاءات مع القيادات العربية لم تنقطع، ولا سيما مع مصر، التي تلعب دورا محوريا في تقريب وجهات النظر بين دمشق و الرياض، وثمة مؤشرات على امكانية تحقيق خرق ما في جدار العلاقات السورية ـ السعودية.
وذكرت المصادر انها لمست معلومات عن ان الاجتماع بين وزيري خارجية سوريا وليد المعلم والسعودية الامير سعود الفيصل في القاهرة على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب، كان «مقبولا وكان الجو طريا وليس متشنجا».
يبقى الاساس كيف ستنعكس هذه الحركة العربية على سير الاوضاع في لبنان، والى أي مدى يمكن ان تصل مصر في مساعيها، من دون مسعى اميركي جديد لتخريب ما يمكن تأسيسه للبناء عليه في مجال تصحيح العلاقات العربية ـ العربية قبيل انعقاد القمة، لا سيما بعد زيارة وزيرة الخارجية الاميركية رايس الى القاهرة، واللقاءات التي عقدتها هي ومساعدها ديفيد ولش مع عدد من الوزراء العرب، وما تردد عن اجتماع جمع ولش مع وفد نواب قوى الموالاة الذي زار القاهرة لتسليم الجامعة العربية مذكرة الموالاة حول الاوضاع اللبنانية، وهي المعلومات التي نفاها بشدة عضو الوفد النائب سمير الجسر، موضحا لـ«السفير» ان مهمة الوفد «كانت محددة بتسليم المذكرة، ولقاء الامين العام عمرو موسى ووزير خارجية مصر احمد ابو الغيط وهذا ما حصل لا اكثر».
ويبدو حسب تقاطع معلومات مصادر نيابية متعددة متابعة، ان حركة الاتصالات العربية اسهمت في تبريد الجو الداخلي نسبيا، ترقبا لما يمكن ان تسفر عنه من نتائج ايجابية او سلبية، ما يدفع الى تجميد الوضع وبقائه على ما هو عليه بين اللا حل واللا تفجير، والى توقع تأجيل الرئيس نبيه بري لجلسة مجلس النواب المقررة غدا الثلاثاء لانتخاب رئيس للجمهورية الى نيسان المقبل، أي الى ما بعد انتهاء القمة العربية.
المصدر: صحيفة السفير اللبنانية
التاريخ: 10/3/2008