ارشيف من : 2005-2008
مدرسة «مركاز هراف» المعقل الأول للتطرف الصهيوني
كتب حلمي موسى
ثمة دلالة رمزية بالغة الوضوح لاستهداف المدرسة الدينية المسماة «مركاز هراف» في القدس المحتلة. فهذه هي المدرسة الدينية الأولى التي ربطت بين الديانة اليهودية والصهيونية حين كانت المدارس الدينية الأرثوذكسية المعروفة تعادي الصهيونية.
وقد أسس هذه المدرسة الحاخام الذي يعتبر الأب الروحي للحركة الصهيونية الدينية المعاصرة وهو أبراهام اسحق هكوهين كوك في العام .1924 وينظر إلى هذه المدرسة بوصفها أم «المدارس الدينية الصهيونية» لأن معظم مؤسسي المدارس الصهيونية الدينية الأخرى تعلموا فيها.
وكان الحاخام أبراهام كوك قد عمل حاخاما أكبر لفلسطين في عهد الانتداب البريطاني. وقد بدأ في التأسيس لهذه المدرسة منذ العام 1921 بجمع النواة الأولى من الطلاب الذين سيتحولون لاحقا إلى مدرسة «مركاز هراف» والتي اعتبرت مدرسة عالمية للصهيونية الدينية.
ويعتبر المتخصصون بالشأن اليهودي أن الحاخام كوك رغم لجوئه لتعليم المناهج المعروفة في المدارس الدينية التقليدية الأخرى إلا أنه انتهج أسلوبا جديدا وصفه البعض بـ«الثوري»، إذ شرع بتعليم قضايا الإيمان وقضايا التاريخ التوراتي. وكان بين أبرز المدرسين فيها ابن الحاخام كوك الذي قام لاحقا بدور بارز في تكوين حركة الاستيطان الديني بعد العام 1967 الحاخام تسفي يهودا كوك.
وبعد وفاة كوك الأب تولى كوك الابن رئاسة المدرسة بعدما أدارها لفترة قصيرة حاخام آخر يدعى يعقوب موشيه. وفي عهد كوك الابن تعزز نفوذ هذه المدرسة في الأوساط الدينية خـاصة أنها استندت إلى ما كان يعرف بتيار «همزراحي» في الحركة الصهيونية.
ومثل تيار «همزراحي» القسم الأساسي من الحركة الصهيونية الدينية التي عبرت عن نفسها قبل إعلان الدولة اليهودية بحزبي «همزراحي» و«هبوعيل همزراحي». واندمج هذان الحزبان لاحقا في ما بات يعرف لفترة طويلة باسم حزب «المتدينين الوطنيين» والذي كان شريكا تقريبا في جميع الحكومات العمالية.
وفي عهد كوك الابن غدت هذه المدرسة الدينية رائدة العلوم الدينية في إسرائيل خصوصا بعد أن اندمجت فيها قبيل حرب العام 1967 مدارس دينية أخرى. وتعززت قيمة هذه المدرسة في السياسة لاحقا بنشوء حركة «غوش إيمونيم» الاستيطانية.
وقد خرجت المدرسة الدينية هذه وترأسها أبرز رموز التطرف الديني والاستيطاني في إسرائيل، مثل الحاخام أبراهام شابيرا. وعززت هذه المدرسة الإيمان بفكرة أرض إسرائيل الكاملة ووجوب تحويل إسرائيل إلى دولة دينية. ونجح متخرجو هذه المدرسة في إقامة الكثير من المدارس الأشد تطرفا في عنصريتها في المستوطنات كالحاخام حاييم دروكمان ودوف ليئور وزلمان ميلاميد.
غير أن بين أبرز ما أسهمت فيه هذه المدرسة هو غرسها للروح القومية في صفوف الشباب المتدين وصولا إلى تنظيم العلاقة بين طلاب الدين والخدمة في الجيش. وهكذا نشأت ما سمي لاحقا بـ«يشيفوت هسدير» وهي مدارس دينية تؤهل الشباب المتدين للخدمة في الجيش الإسرائيلي.
وليس هناك في إسرائيل من يشك بالأثر الكبير للحاخام كوك الابن وتلاميذه في تغيير الواقع الاستيطاني في الضفة الغربية خصوصا بعد صعود الليكود في العام 1977 للحكم في إسرائيل. ولكن العلاقات بين جماعة كوك وتلاميذ الحركة الاستيطانية اليسارية في حزب العمل لم تكن مقطوعة يشهد على ذلك تأسيس كريات أربع في الخليل والبدء بمستوطنة في سبسطية.
تضم المدرسة حاليا مئات الطلاب المتدينين بأعمار تتراوح بين 18 و30 عاماً.
المصدر: صحيفة السفير اللبنانية
التاريخ: 7/3/2008