ارشيف من : 2005-2008
الاسرائيلي البشع الاسرائيلي الغبي
الاخرى لم تسجل سوى الفشل.
في اول اختبار جدي لها بعد صدور تقرير فينوغراد، حكومة "العبقري" أولمرت رسبت مجدداً. لم تتعلم شيئاً من دروس حرب لبنان. الدرس الاهم الذي استخلصته لجنة التحقيق من هذه الحرب تحديد الاهداف والقدرة على تحقيقها.
حكومة الثنائي أولمرت – باراك اخذت علماً بهذا الدرس لكنها عملت عكسه. "هآرتس" تقول إن احداً في اسرائيل لم يعرف ما اذا كان هدف "الشتاء الساخن" منع سقوط صواريخ "القسام" على عسقلان او سديروت، او فقط معاقبة من اطلقها، وما اذا كانت العملية موجهة لتهدئة غضب الاسرائيليين او لفرض واقع عسكري جديد على الارض.
عصف "الشتاء الساخن" بغزة، ولكن ما الذي تحقق؟ الصواريخ، لم يتوقف تساقطها، فلماذا يهدأ الرأي العام في "اسرائيل"؟ والواقع العسكري الميداني لم يتغيّر، ومن قال إن ما يرسم في الغرف المغلقة في تل ابيب قابل للتحقيق في القطاع؟
في حروبه السابقة كوّن الاسرائيلي انطباعاً انه بشع وقاتل لا يرحم. وفي السنوات الاخيرة لا تزال هذه "الموهبة" هي هي لكنه اضاف اليها "موهبة" اخرى لم يكن معروفاً بها من قبل هي "الغباء السياسي". فبعد اسبوع من القصف والتدمير والقتل تعود "اسرائيل" أدراجها من دون ان تحقق اي نتيجة سياسية، فيما "حماس" تعلن "الانتصار العظيم" وتطلق الاحتفالات في الشوارع.
فالحركة لم تخرج فقط من حرب الايام الاخيرة بتثبيت حكمها للقطاع، بل ظهرت ايضاً مظهر المبادر الذي يملي حرب الاستنزاف الجارية حالياً في غزة. والاهم من ذلك انها احتكرت لنفسها حق النقض ازاء اي عملية سياسية محتملة. فلا مفاوضات مع "اسرائيل" من دونها، ولا تفاهمات من وراء ظهرها، ولا مبادرات على حسابها. وفي المقابل، فإن خصمها السياسي في الداخل محمود عباس خرج من هذه الحرب كأضعف الضعفاء، فلا هو قادر على مواصلة التسوية السياسية في ظل ما يجري في غزة، ولا على فصل الضفة عن القطاع، ولا امل له في اعادة اي جزء من سلطاته الى الجزء الجنوبي من فلسطين بعد الذي حصل. ومن يعلق في "اسرائيل" أملاً في ان يتمكن عباس في هذه الظروف من السير الى حلول وسط في المواقف الفلسطينية الاساس، فإنه يحلم.
و"حماس" ليست وحدها، كما ان عباس ليس وحده ايضاً في لعبة المحاور الاقليمية. ونجاح الحركة الاسلامية في فلسطين هو ايضاً نجاح لحليفتيها ايران وسوريا. كما ان تراجع "أبو مازن" هو تراجع لاصدقائه "المعتدلين" العرب الذين يراهنون ضمناً على استعادة السلطة مكانتها في الضفة وغزة املاً في اضعاف النفوذ الايراني – السوري المتمدد الى هاتين المنطقتين كما في لبنان والعراق.
ولعل ما حدث في غزة هو افضل هدية الى دمشق لاعطاء دفع للقمة العربية التي تستضيفها وسحب الذرائع من الذين ينوون مقاطعتها بسبب الموقف السوري من الازمة اللبنانية. فعلى رغم الانسحاب الاسرائيلي من غزة، فإن تداعيات ما حصل لا يمكن شطبه بجرة قلم وارجاع القضية الفلسطينية الى خلف الازمة اللبنانية، وتالياً فإن مقاطعة القمة ستكون بمثابة مقاطعة لفلسطين.
4 آذار/ مارس 2008