ارشيف من : 2005-2008

نقطة حبر: إنها الغفلة يا صديقي..

نقطة حبر: إنها الغفلة يا صديقي..

الغفلة.. وما أدراك ما الغفلة! انها خبزنا اليومي، هي ماء شرابنا، هي نظرتنا إلى كل ما في هذا الوجود. هي الغفلة غبار تراكم على الفطرة السليمة والقلب حتى غاب في دهاليز الأنا، والأنا والإنية هي عرش مقابل العرش، هي عرش الذات قبالة العرش الأعظم، وهي المعبودة حقيقة بأهوائها وتقلباتها.. أما عبادة البارئ الخالق المصور فليس أكثر من لقلقة لسان نزكي بها أنفسنا رياء الناس، لكي يمتدحونا ويرضوا عنّا.. "الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم، يحوطونه ما درّت معايشهم، فإذا مُحصوا بالبلاء قلّ الديانون".
لا يشتمّ واحدنا رائحة نقد ولو كان موضوعياً لذاته "المقدسة" حتى يروح يهاجم المنتهك لحرماته "الشريفة" بشراسة الذئاب إذ تشتمّ رائحة الدماء.. انها الغفلة لا غير من يفتك بنا ويتركنا لقمة سائغة لأهواء النفس وشياطين الإنس والجن الذين يبهروننا بحركاتهم البهلوانية التي يصفها الإمام الخميني (قده) بالوهم الذي لا يستولد إلا الوهم.
الغفلة دارنا، الغفلة داؤنا، الغفلة عن أننا في حضرة الحق تعالى وتحت نظره وبقوته وتحت سرادقات عرشه، لا يرف لنا جفن إلا بإذنه ولا يتحرك لنا ساكن إلا بأمره وبموافقته وتحت مشيئته.. إنها الغفلة التي توهمنا بأن للغير أو للسوى على حد تعبير محمد بن عبد الجبار النفري حول وقوة من دون الله. إنها الغفلة التي ركلها الإمام الخميني المقدس بقدمه، وركل معها كل زيف الدنيا وخداعها، وسافر على أجنحة الشوق من عالم الكثرة إلى عالم الوحدة.
اللهم احشرنا معه ونجنا من الغفلة.
حسن نعيم
الانتقاد/ العدد 1258 ـ 14 آذار/ مارس 2008

2008-03-14