ارشيف من : 2005-2008
عطاء الدم
كتب إبراهيم الموسوي
"دم الشهيد إذا سقط، فإنه بيد الله يسقط، وعندما يسقط بيد الله فإنه ينمو"..
شيخ شهداء المقاومة الإسلامية الشيخ راغب حرب
اغتال العدو الإسرائيلي القائد العسكري الأبرز في المقاومة الإسلامية الحاج عماد مغنية خارج الساحة التقليدية للصراع، متجاوزاً بذلك الخطوط الحمر، ومفترضاً أن هذا الاغتيال سوف يؤدي إلى إضعاف المقاومة والنيل من إرادتها وعزيمتها. كأن كل دروس الأمس لم تكفه! وكأن كل الاغتيالات الماضية التي لم تؤدِّ إلا إلى شحذ عزيمة المقاومة ورفع همة مجاهديها، لم تكن دروساً بليغة يتعظ منها العدو!
نحن أمام جريمة شارك فيها الكثير من أجهزة المخابرات التي جنّدت كل طاقاتها منذ سنين طويلة للوصول إلى الشهيد القائد، ونحن أمام خسارة جسيمة، لكن الثابت أيضاً أن العدو كان بحاجة إلى إنجاز ما يدرأ به سوأته وهزيمته المنكرة في أعقاب عدوان تموز، وفضيحته المدوية التي اعترف بأجزاء منها تقرير فينوغراد.
لقد كانت بليغة جداً كلمات أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصر الله حين أجرى "جردة حساب" واضحة بالاغتيالات الإسرائيلية وآثارها في المقاومة وجهادها وانتصارها.
فمع استشهاد الشيخ راغب حرب (شباط 1984)، انطلقت المقاومة بزخم كبير لتطرد الاحتلال من بيروت والجبل وصيدا، وتجبره على التموضع في الشريط الحدودي المحتل. ومع استشهاد السيد عباس الموسوي (شباط 1992)، تصاعدت عمليات المقاومة كماً ونوعاً، لتثمر نصراً مؤزراً في العام 2000. ومع استشهاد القائد عماد مغنية (شباط 2008)، فإن على الإسرائيليين أن يتوقعوا أن كيانهم بأكمله آيل إلى السقوط المحتم.
لقد فتح العدو أبواب جهنّم عليه، وعليه أن يعلم أن تلامذة القائد الشهيد الحاج رضوان سيحرصون على إذاقته الطعم المر للهزيمة الكاملة، وهم يعِدون الأمة، كل الأمة العربية والإسلامية، بالنصر الكامل.
لا يضعف عطاء الدم الأمة، ولا يوهن سقوط الشهداء إرادتها، بل هم يرسّخون شجرة جهادها لتنبت مواسم عديدة للعز والنصر والحرية. هي شجرة طيبة تؤتي أُكلها في كل حين بإذن ربها. لم تسقط راية المقاومة ولن تسقط ما دام فيها أمثال الحاج رضوان ورفاق مسيرته وإخوة دربه، ولن تتراجع مسيرة الظفر التي اختطها المجاهدون بدمائهم المباركة،
ولن تدخل الهزيمة قاموس أمة تفتح بيوتها كاملة للجهاد والنصر والشهادة. فوالد الشهيد القائد عماد مغنية قد أعطى فلذات أكباده الثلاث: فؤاد وجهاد وعماد، فداءً لمسيرة الجهاد والمقاومة.
بيت الجهاد صار بيت الشهادة، ولم يعد هناك ما يقدمه.. أما جهاد عماد فهو صدقة السر التي كانت كمثل حبة أنبتت سبع سنابل، في كل سنبلة مئة حبة، والله يضاعف لمن يشاء. لقد ضاعف الله بركة الجهاد للحاج عماد، فأتت على يديه انجازات كثيرة للنصر، وكانت له الحسنى الأولى. ثم نظر الله بعينه الرحيمة إلى هذا العبد الصالح الذي يطفح وجهه بشراً وخيراً، فاختاره للحسنى الآخرة والكبرى، وهي الشهادة، فبورك مجاهداً وشاهداً وشهيداً.
هو بيت الجهاد إذن، وبيت الشهادة، ومن كان قتله شهادة، ومن كان القتل له عادة، لا بد من أن تكون لديه للنصر أقوى إرادة.
الانتقاد/ العدد 1254 ـ 15 شباط/فبراير 2008