ارشيف من : 2005-2008

عبرة

عبرة

السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى مزيد من التدهور والتأزم.‏

عام آخر يمضي في كتاب الزمن نقلّب معه صفحات الأزمة ونجول في أنحائها فنرصد تراكماتها خلال عام كامل.‏

ثمة أمثولة واضحة في كل ما يجري، أمثولة لها بعدان داخلي وخارجي، البعد الداخلي يمثله فريق 14 شباط بارتباطاته مع المحور المعادي للبنان والمنطقة، ومنطق التاريخ والجغرافيا والسياسة والاجتماع، حيث آثر فريق من اللبنانيين الانقلاب بشكل كامل على الثوابت، والدخول في سياسة المحاور والأحلاف، ومع من؟ مع العدو وحلفائه، وعلى رأسهم الإدارة الأميركية.‏

هذا البعد الداخلي، والانسياق خلف سياسات الأحلاف، له بعده الخارجي المتمثل في السياسة والإدارة الأميركية القائمة على المزيد من التدخل المباشر في شؤوننا كدول وشعوب في هذه المنطقة. بدءاً من احتلال أفغانستان والعراق وممارسة الضغوط وحملات الترهيب ضد سوريا وإيران، وصولاً إلى اعطاء أمر العمليات اليومي لفريق 14 شباط في لبنان، على لسان الرئيس الأميركي جورج بوش وأركان إدارته وموفديه المتجولين على مدار الوقت في المنطقة. ونتيجة لذلك فإن الحل مؤخر ومتعثر في لبنان.‏

وما يؤخر الحل ليس الاختلاف على انتخاب رئيس الجمهورية، ولا غياب الاتفاق على تركيبة الحكومة المقبلة وبيانها الوزاري واعطاء الثلث الضامن للمعارضة، ما يؤخر الحل في لبنان هو عقلية المزرعة والاستئثار، هذه الذهنية المتأصلة لدى طبقة من الزعماء اللبنانيين الذين لا يريدون مشاركة أبناء وطنهم في صياغة مستقبل البلد. لقد دأب هؤلاء على ممارسة سياسات واتخاذ مواقف واجراءات تمعن في تمزيق وإضعاف هذا البلد المنهك أصلاً.‏

هل تذكرون الإدارة المدنية وسلطاتها ومرافئها ومرافقها، هل تذكرون سياسة الخوّات ومصادرة الأحواض و"حالات حتماً"، وهناك أيضاً من لا يرى البلد إلا صفقات وسمسرات وحسابات وأرقاماً مالية في البنوك.‏

ثمة عقلية ترفض المشاركة وتؤمن بالاختزال والاستئثار وأحديّة القرار، أليس هذا ما تفعله الولايات المتحدة في سياساتها ومشاريعها وحروبها عبر العالم؟ أليس هذا ما يفعله فريق 14 شباط الذي صدّق أن لديه "ثورة أرز" تستطيع أن تغير معالم البلد، حتى جاءت المسيرات المليونية لتعيد أرباب "الثورة" المذكورة إلى أحجامهم الحقيقية!‏

المسرحية هزلت وهزلت جداً، واقتربت من نهاياتها المحتومة، كان أول غيث النهاية تدخل بوش مباشرة لضخ الأمصال في أوردة دعاة الثورة المتداعية، وحثهم على انتخاب رئيس بالنصف زائد واحد، وقد يترجم الرئيس الأميركي ذلك بمزيد من ضخ المعنويات عبر زيارته المشؤومة المقبلة إلى المنطقة، ولكن هيهات أن يكون لبوش وزمرته ما يتمنون.‏

نهايات المخططات الأميركية متشابهة مهما طالت مدتها، ولمن لم يعتبر مما يجري في العراق وأفغانستان، عبرة قادمة، ومن لبنان هذه المرة أيضاً وأيضاً!‏

إبراهيم الموسوي‏

الانتقاد/ العدد 1248 ـ 4 كانون الثاني/ يناير 2008‏

2008-01-04