ارشيف من : 2005-2008
فريق السلطة يماطل.. وأمنيّته الحرب الإقليمية
خلط رئيس مجلس النواب نبيه بري بعض الأوراق بتحديده الموعد الجديد لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في الخامس والعشرين من شهر آذار/ مارس الحالي، لأن معظم الأوساط كانت تتوقع ارجاء الجلسة إلى بدايات شهر نيسان المقبل، أي إلى ما بعد القمة العربية المقررة نهاية الشهر في دمشق.
وبقيت دعوة لبنان للحضور موضع أخذ ورد، قبل أن تحسمها زيارة موفد سوري إلى بيروت وتسليمه الدعوة إلى وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ، الأمر الذي أثار بدوره مجموعة من ردود الفعل التي لم تحسم النقاش حول مستوى وكيفية المشاركة اللبنانية.
وإن كانت المصادر لا تزال تستبعد حصول تطورات ايجابية قبل الموعد الجديد للجلسة الرئاسية وتستبعد أي حل قبل القمة العربية إلا أن الواضح أن العديد من المعطيات الجديدة طرأت على المشهد السياسي الاقليمي مؤخراً كان في مقدمتها الدخول المباشر للجمهورية الاسلامية الإيرانية على خط المصالحة "العربية ـ العربية"، وتحديداً المصالحة السورية السعودية، وذلك بناءً لطلب مباشر من الرياض، وهو ما أدى إلى حصول الاجتماع الطارئ بين وزير خارجية الجمهورية الإسلامية منوشهر متكي ووزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في القاهرة على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب، ثم اللقاء الرباعي في دمشق بين متكي ونظيره السوري وليد المعلم ووزيري خارجية قطر وعمان حمد بن جاسم آل ثاني ويوسف بن علوي، والذي جرت خلاله بلورة العديد من الأفكار بشأن موضوع المصالحة ومقاربة الحل في لبنان، وقد استكمل الجهد الإيراني على هامش قمة منظمة المؤتمر الإسلامي التي بدأت قبل يومين وتنتهي اليوم في دكار حيث عمل الجانب الإيراني على عقد لقاء بين الجانبين السوري والسعودي جرى خلاله فتح نقاش صريح عن مجالات الخلاف بين الجانبين وسبل حلها وتحديداً محاولة ايجاد نقاط مشتركة لتحسين العلاقة الثنائية وايجاد حلول مقاربة للحل في لبنان، ولفت المراقبين التصريح الايجابي الذي صدر عن ولي العهد السعودي سلطان بن عبد العزيز من الدوحة حيث شدد على العلاقات التاريخية بين السعودية وسوريا وضرورة تحسينها، على أن طهران التي تجاوبت مع الطلب السعودي بالتدخل والمساهمة في الجهود المبذولة لإيجاد حل كانت واضحة بشأن اطار الوساطة التي شرعت بها، ويتضمن هذا الإطار العديد من المنطلقات والمبادئ منها:
ـ أولاً: حرص طهران على تعزيز المصالحة العربية ـ العربية لما فيه مصلحة قضايا وشعوب المنطقة وبما يؤدي إلى تعطيل المشروع الاميركي الصهيوني "التفتيتي" في المنطقة.
ثانياً: العمل على إنجاح القمة العربية في دمشق، التي تنعقد في مرحلة حساسة، وأن طهران تقف إلى جانب سوريا في مواجهة الضغوط الأميركية الصهيونية، ولن تسمح بإحكام الحصار حولها من خلال موضوع القمة التي يجب أن تشكل مناسبة للتضامن وتحقيق مصالح العرب وحقوقهم، خصوصاً تجاه القضية الفلسطينية.
ثالثاً: فيما يتعلق بملف الأزمة في لبنان تؤكد طهران على دعم ما يتوافق عليه اللبنانيون، والتسوية المطلوب الوصول اليها يجب أن تقوم على أساس قاعدة لا غالب ولا مغلوب.
فريق السلطة والقمة
وفيما بقيت مساعي الوساطة الايرانية بين سوريا والسعودية في دائرة الضبابية بشأن نتائجها بقي فريق السلطة في لبنان في حالة ضياع بشأن قرار المشاركة وعدم المشاركة في القمة العربية، لأنه لم يتلق التعليمة بعد بشأن الحضور أو المقاطعة أو التمثيل بوفد على مستوى منخفض، فبرز في هذا السياق موقف رئيس الحزب الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي دعا إلى المقاطعة الكاملة "كي لا نعطي شرعية للنظام السوري" مع أن هذا النظام لا يحتاج إلى شرعية من سلطة وحكومة غير شرعية. هذا فيما تراوح موقف تيار المستقبل بين مرجح لحضور رئيس الحكومة اللاشرعية فؤاد السنيورة في حال جاءته التعليمة السعودية أو يتمثل بوفد برئاسة وزير مسيحي إذا قررت الرياض المشاركة في القمة بمستوى تمثيل متدنّ، وتبقى الأمور غير واضحة بهذا الشأن حتى تنضج نتائج الوساطة الايرانية للمصالحة بين الرياض ودمشق.
سجال قانون الانتخاب
على خط آخر كان السجال الداخلي يتصاعد حول قانون الانتخاب بعدما تنصل فريق السلطة من تبني قانون العام ستين مدعوماً من البطرك الماروني نصر الله بطرس صفير.
وترى المصادر أنه برغم تنصل فريق السلطة من هذا القانون فإنه يصعب عليه التوافق على قانون بديل نظراً لتناقض المصالح بين أفرقائه، فالبعض يناسبه تصغير الدوائر والبعض الآخر يناسبه العكس، وهو ما سيؤدي إلى مزيد من المماطلة حول القانون الذي سيتبناه فريق السلطة، وترى بعض الأوساط أن فريق السلطة يريد الابقاء على قانون العام 2000 المعروف بـ"قانون غازي كنعان"، بالمقابل فإن فريق المعارضة دعا فريق السلطة إلى حسم أمره وتحديد موقفه من الصيغة التي تناسبه لقانون الانتخاب كي يحدد هو موقفه من هذه الصيغة، وفي هذا السياق فإن فريق المعارضة بصدد تفعيل عملية التنسيق فيما بين أفرقائه من خلال إطار تنظيمي سيعلن عنه الأسبوع المقبل كما كشف الرئيس عمر كرامي قبل أيام.
وهناك تخوف من مواصلة فريق السلطة "تسويف" ملف قانون الانتخاب وصولاً إلى تطيير الانتخابات المقررة العام المقبل لأنه بات على قناعة بأنه سوف يتحول إلى أقلية نيابية في حال جرت الانتخابات، وعليه يعمل على المماطلة لتطيير الانتخابات كي يبقي على أكثريته "المسروقة".
التهويل بالحرب
هذا وبدا من خلال المتابعات أن فريق الموالاة لا يزال يعوّل على حرب أميركية في المنطقة وتحديداً ضد ايران، كذلك يعوّل على حرب صهيونية ضد سوريا والمقاومة في لبنان لكي يبقي على استئثاره بالسلطة، لكن مقاربة المعارضة لهذا الملف ترى أن ادارة الرئيس الأميركي جورج بوش الآيلة إلى الرحيل والغارقة في وحول العراق وأفغانستان ليست قادرة على شن حرب على إيران، وما تسعى اليه هو المحافظة على ما تبقى من مشروعها المتداعي. وقد لفت الرئيس الأميركي جورج بوش أمس الأول إلى أن انجازاته في العراق ضئيلة، وأن الوضع هناك صعب جداً بالنسبة لقواته المحتلة، كذلك فإن الكيان الصهيوني لا يزال يعيش تداعيات هزيمته في حرب تموز أمام المقاومة، وجاء فشله الجديد في غزة ليذكره بمرارة الهزيمة ويجعله يفكر آلاف المرات قبل الإقدام على عدوان جديد على لبنان، خصوصاً في ظل الجهوزية الكاملة للمقاومة للتصدي لأي عدوان يشنه العدو على لبنان.
هلال السلمان
الانتقاد/ العدد 1258 ـ 14 آذار/ مارس 2008