مبنى "كزما" الكائن في حارة حريك بالقرب من مبنى قناة المنار سابقاً كان هدفاً للصواريخ والغارات خلال "الحرب الإسرائيلية الثانية" على لبنان كما الكثير من مباني ومساكن الضاحية الجنوبية..
تقلب اليوم في "ألبوم" صيف 2006 فتطالعك صور المباني المهدمة والمدمرة والمشوهة، ولدى البحث عن صورة جديدة لمبنى كزما لا تجد أثراً لأي مبنى مهدم بل على عكس ذلك، بين الدمار صورة زاهية لمبنى جديد ذي مواصفات حديثة تراعي قانون السلامة العامة، تحمل توقيع "وعد لإعادة إعمار الضاحية الجنوبية".
مبنى "كزما" أو العقار رقم 445 هو المولود الأول لـ"وعد" بعد تسعة أشهر من بدء عملية الإعمار التي لا تزال ترافقها حتى اليوم صعوبات كثيرة عنوانها الرئيسي "إهمال الحكومة وتأخرها في دفع التعويضات للمتضررين".
"وعد" تحدت هذه الصعوبات، أزالت الردم، دعمت المباني، وضعت المخططات والتصاميم، تواصلت مع السكان، استعانت باختصاصيين اجتماعيين لحل المشاكل العالقة بين السكان، وها هي اليوم تنجز المبنى الأول والعمل مستمر ووفق المعايير نفسها من أجل استكمال المباني الأخرى وتسليمها لأصحابها.
بعض سكان هذا المبنى انتقلوا إليه قبل أسبوعين من الموعد الذي حددته "وعد" للاحتفال، عودة وصفها د.عباس مزنر وهو أحد سكان المبنى بـ"الولادة الجديدة" التي تؤكد على الإرادة والصمود في وجه العدو الإسرائيلي، هذه الإرادة النابعة ليس فقط من الناس بل أيضاً من القائد الذي وعدهم بالنصر أولاً ووفى، ووعدهم بإعادة الإعمار ووفى.
منذ عودته، يقف د. عباس كل يوم على شرفة منزله، يرصد المكان، في المشهد صور كثيرة من ماضي ما قبل الحرب، التلامذة ينتظرون باصات المدرسة، الموظفون يتجهون الى مراكز عملهم، المحال التجارية مفتوحة وتستقبل الزبائن، وفي المشهد "وعد" بكل تفاصيلها، الجرافات والعمال والشاحنات.
في دلالات الصورة أمل كبير وتحدّ أكبر، وأي حديث عن حرب إسرائيلية محتملة على لبنان لا مكان له وسط ورش الإعمار التي تمتد على مدار الساعة، والهدف عودة كل السكان إلى منازلهم بشكل لائق من دون منة من أحد.
يقول د. مزنر في وصفه للمبنى "إنه جميل ولائق وأكثر مما نستحق، كما أن الأساسات والبنية التحتية مراعية للأصول ومقاومة للزلازل"، مضيفاً "فضلهم علينا كبير ولا سيما أن الدولة لم تعطنا قرشاً واحداً، وأنا من الذين لم يحصلوا بعد على الدفعة الأولى من التعويضات".
من المواصفات الخارجية لمبنى "كازما" "ستورات ألمنيوم بروفيل ودرابزين ألمنيوم مع زجاج"، أما داخل المبنى "فصنعت الأبواب الرئيسية للشقق من خشب "الموغونو"، وبلاط مداخل وصالونات الشقق من الرخام، أما بلاط المطابخ فمن السيراميك والمجلى من الغرانيت".
وفيما يتعلق بالأقسام المشتركة فيمكن تعداد ما يلي "درج غرانيت، أسقف مستعارة مع إنارة خاصة للمدخل، مصعد يراعي السلامة العامة ذو باب مزدوج، مولد كهربائي، تابلوه كهربائي لتحويل الطاقة، جهاز إنذار لغرفة الكهرباء، وإنارة طوارئ للدرج"، كما جرى عزل سطح المبنى بـ"حصائر إسفلتية".
بالأمس تم تدشين أول مبنى من المباني التي أعادت "وعد" إعمارها. وبحسب المسؤولين في المشروع فإنه من المتوقع أن تنتهي عمليات البناء في النصف الثاني من 2009 على أن يبدأ التسليم اعتباراً من الفصل الثالث من العام الجاري.
وفيما تستمر عملية البناء يستمر إهمال الدولة ومسلسل الفضائح الحكومية المتعلقة بتعويضات حرب تموز والإعمار، والتي يبدو أنها لن تنتهي، فعلى سبيل المثال تولت الحكومة عملية رفع الردم على مستوى الأرض من دون رفعه من تحت الأرض الأمر الذي رتب على إدارة "وعد" القيام بإزالة الردم ومن ثم إجراء عمليات تدعيم واسعة للمباني المجاورة لتلك المهدمة، فبلغ عدد المباني التي دعمت 150 مبنى استغرقت فترة تدعيمها ما يقارب الثلاثة أشهر ونصف الشهر، أما تكلفتها فبلغت ستة ملايين دولار، ناهيك عن أن الهيئة العليا للإغاثة لم تدفع حتى اليوم سوى 50% من الدفعة الأولى، أي 25% من قيمة التعويضات الإجمالية، كما أنها لم تبدأ بعد بدفع التعويضات الخاصة بالأقسام المشتركة والتي تقدر بخمسين مليون ليرة لكل مبنى.
وسط هذه الظروف تعمل "وعد"، ووسط هذه الظروف سلمت شقق مبنى "كزما" لمالكيها، ورغماً عن كل هذه الظروف ستعود الضاحية الجنوبية "أجمل مما كانت".
ميساء شديد
الانتقاد/ العدد 1258 ـ 14 آذار/ مارس 2008