ارشيف من : 2005-2008

صفير فتح معركة قانون الانتخاب ليضع تركيبة لبنان على المحك: الدائرة الفردية لتمثيل مسيحي خالص أم تغطية لفيدرالية جعجع؟

صفير فتح معركة قانون الانتخاب ليضع تركيبة لبنان على المحك: الدائرة الفردية لتمثيل مسيحي خالص أم تغطية لفيدرالية جعجع؟

المعركة السياسية تخاض اليوم في لبنان على ساحة قانون الانتخاب.. هذا جزء من خلاصة قراءة عامة لتوالي الملفات الشائكة التي يفتحها فريق السلطة أمام طريق حل الأزمة الداخلية. والبارز هذه المرّة أن الذي أطلق إشارة بدء المعركة، هو الذي كان حتى أمد قصير يصنّف نفسه في خانة عرّاب السلم الأهلي، فإذا به اليوم يشرّع الأبواب أمام تناحر داخلي محموم بين أطراف الصراع "الديمقراطي"، كيف لا وهو قد مسّ صميم التركيبة اللبنانية التي حافظت على تماسكها الفريد منذ أيام الجمهورية الأولى حتى الجمهورية الثانية ما بعد اتفاق الطائف، وحوّل مادة التوافق الباقية إلى مادة تجاذب خطير من شأنه أن يكرّس عودة عهد الطائفية المقيتة، واستدراج "المتاريس" المذهبية التي عانى منها اللبنانيون زهاء عقدين من الزمن.
انقلاب البطريرك عقّد الأزمة
إذاً.. أعلن البطريرك الماروني نصر الله صفير "انقلابه" على قانون العام 1960 الانتخابي، وهو بذلك تنكّر لمبدأ طالما تمسك به ودافع عنه، واتجه إلى تبني الدائرة الانتخابية الصغرى، ولا مانع لديه في اعتماد الدائرة الفردية لو أمكن، لتأمين التمثيل الحقيقي وفق رؤيته. ومن الواضح أن هذه الرؤية تنطلق من زاوية ضيقة جداً وتحاكي معياراً محدداً يأخذ بعين الاعتبار الانتماء المذهبي، في الوقت الذي من المفترض بقانون الانتخاب أن يتوافق مع معيار الانتماء الوطني.
في النتائج الأولى لموقف بكركي أنه ساهم في تعقيد الأزمة أكثر، وانتقلت مماحكات فريق السلطة من المسرح العام إلى المسرح الخاص، وانتقل النقاش من دراسة سبل التلاقي على حكومة وطنية وانتخاب رئيس جمهورية إلى معركة قانون الانتخاب "العادل"، وهذا الأمر يؤكد نظرة المعارضة إلى ضرورة التوصل إلى سلة متكاملة للحل من جهة، ولكنه يترك من جهة ثانية شكوكاً كبيرة حول مدى استعداد قوى السلطة للتوصل إلى تسوية الأزمة، فضلاً عن توقيت إطلاق هذا الموقف ومسارعة الموالاة إلى التمسك به لإثارة المزيد من الغبار على أعتاب القمة العربية المزمع عقدها في دمشق، وتعثّر التوافق على انتخاب رئيس الجمهورية.
طلاق انتخابي
لا شك أن تقويم الموضوع له شقان، الأول تقني والآخر سياسي. ويبدو أن البطريرك صفير، ومن ورائه "قوات سمير جعجع" بكونها الجهة التي ابتكرت طرح الدائرة الصغرى، يرى أن قانون العام 1960 لن يأتي بعدد كاف من النواب المنتخبين بأصوات مسيحية خالصة، والحل برأيه يكون بأن تلجأ كل طائفة إلى انتخاب من يمثّلها. وفي المقابل يؤكد مسيحيو المعارضة تمسّكهم بقانون "الستّين" لأنه يضمن تمثيلاً أصدق للمسيحيين من قانون العام 2000، بحيث يسمح بانتخاب 36 نائباً مسيحياً بأصوات المسيحيين أنفسهم من أصل 64 نائباً، ولا مفر من أن النواب الـ28 الباقين سيدخلون الندوة البرلمانية بالتوافق مع المسلمين، ونشير هنا إلى أن اعتماد نظام النسبية، الذي يرفضه صفير، يرفع عدد المنتخبين مسيحياً إلى خمسين نائباً.
أما في الشق السياسي فإن صفير اندفع إلى طرح القضاء المصغّر على الرغم من أنه يناقض صيغة العيش المشترك ويضرب روح ونص اتفاق الطائف، ويأتي بعكس تيار إجماع الغالبية اللبنانية، كما أنه لا يؤمّن العدالة في ظل التوزع الديمغرافي الراهن في لبنان. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن الشريك الآخر في الوطن الواحد أعلن بكل وضوح تفضيله قانون انتخاب على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة مع اعتماد النسبية، ولكنه تنازل عن هذه القناعة خدمة للتوافق، وفي الخلاصة بات موقف بكركي يعني بشكل من الأشكال إعلان "طلاق" مع هذا "الشريك الآخر"، ودعوة إلى اعتماد مبدأ الانعزالية في اختيار التمثيل الشعبي.
طرح انتخابي أم فيدرالية مقنّعة؟
ويصبح بديهياً القول إن شريحة كبيرة من المسيحيين لا توافق صفير في هذا التوجه، ما يضع قناعته بطرحه الجديد في خانة الرؤية الحزبية، وبالتحديد "القوات اللبنانية" التي انبرى منظّروها إلى سوق التبريرات والتفسيرات الخارجة عن المنطق الوطني، وهذا بدوره يقود إلى تساؤل استنتاجي مشروع، وهو هل رفض قانون 1960 مردّه إلى الخشية من فقدان ميزة "الأكثرية" النيابية، أم إن الموقف البطريركي يلتقي ويتلاءم مع الطرح الفيدرالي ليتبنى قانوناً انتخابياً من هذا النوع؟ وهل دخل صفير لعبة التعطيل، أم أنه انزلق إلى خيار "إن لم يكن لي فلن يكون لغيري.. وعليّ وعلى أعدائي"؟!

محمد الحسيني

تقسيمات قانون الانتخاب عام 1960
محافظة بيروت: 19 مقعداً
ـ دائرة أولى: الأشرفية، الرميل، المدور، الصيفي، المرفأ وميناء الحصن.
ـ دائرة ثانية: الباشورة، زقاق البلاط ودار المريسة.
ـ دائرة ثالثة: رأس بيروت، المزرعة والمصيطبة.

محافظة جبل لبنان: 35 مقعداً
ـ دائرة أولى: جبيل (3 مقاعد).
ـ دائرة ثانية: كسروان (5 مقاعد).
ـ دائرة ثالثة: المتن. (8 مقاعد)
ـ دائرة رابعة: بعبدا (6 مقاعد).
ـ دائرة خامسة: عاليه (5 مقاعد).
ـ دائرة سادسة: الشوف (8 مقاعد).

محافظتا الجنوب والنبطية: 23 مقعداً
ـ دائرة أولى: صيدا (مقعدان).
ـ دائرة ثانية: الزهراني (3 مقاعد).
ـ دائرة ثالثة: جزين (3 مقاعد).
ـ دائرة رابعة: صور (4 مقاعد).
ـ دائرة خامسة: مرجعيون وحاصبيا (5 مقاعد).
ـ دائرة سادسة:النبطية(3 مقاعد).
ـ دائرة سابعة: بنت جبيل (3 مقاعد).

محافظة الشمال: 28 مقعداً
ـ دائرة أولى: المنية ـ الضنية (3 مقاعد).
ـ دائرة ثانية: الكورة (3 مقاعد).
ـ دائرة ثالثة: البترون (مقعدان).
ـ دائرة رابعة: زغرتا (3 مقاعد).
ـ دائرة خامسة: بشري (مقعدان).
ـ دائرة سادسة: طرابلس (8 مقاعد).
ـ دائرة سابعة: عكار (7 مقاعد).

محافظة البقاع: 23 مقعداً
ـ دائرة أولى: بعلبك الهرمل (10 مقاعد).
ـ دائرة ثانية: زحلة (7 مقاعد).
ـ دائرة ثالثة: البقاع الغربي وراشيا (6 مقاعد).

الانتقاد/ العدد 1258 ـ 14 آذار/ مارس 2008

2008-03-14