ارشيف من : 2005-2008
جهاد البناء تواصل مشروع الترميم وتجميل الأبنية:الضاحية تزهو مجدداً.. لتعود أحلى
ألوان تقترب من اللون الترابي الى القرميدي.. الصورة الجميلة تعود لتطبع هذه المنطقة التي كانت
عرضة لوابل من الصواريخ والغارات العدوانية في الحرب الأميركية ـ الإسرائيلية المدمرة التي استهدفت لبنان في تموز وآب من العام الماضي.
برغم كل الدمار الذي أصابها, تنهض الضاحية بقوة وعزيمة المقاومة، لتبعث الروح الى أهلها وسكانها، فترتدي ثوبا مرصعاً بالألوان الزاهية. عادت الضاحية بأهلها الذين لم يتركوها لحظة, عادت الى ضجيجها الذي لا يستكين وحراكها الدائم.. الى أهلها الطيبين.
"الانتقاد" جالت في أحياء الضاحية الجنوبية التي كانت عرضة للاعتداءات الإسرائيلية في عدوان تموز من العام الماضي، واستطلعت أعمال ترميم الأبنية التي تتولاها مؤسسة "جهاد البناء"، كما التقت مدير عام المؤسسة للوقوف عند رأيه في المراحل التي قطعتها المؤسسة في مشروع ترميم ما تضرر خلال العدوان الصهيوني:
انه الربيع في الضاحية الجنوبية لبيروت بدأ قبل أوانه، ليعيد نبض الى شرايينها الحياة التي لم تتوقف برغم كل ما فعله العدوان الصهيوني في أبنيتها.
من المشرفية وحي معوض الذي استعاد نشاطه التجاري بدأنا جولتنا، حسّان نعيم (صاحب محل خلوي) أشار الى ان "المبنى كان متضرراً كله ولا "برغي على بعضه"، ولكن بفضل مساعدة مؤسسة "جهاد البناء"، رُمم على وجه السرعة كل المبنى واستلمناه بدون أي ملاحظات، ولا يمكن لأحد أن يوجه لهم الا الشكر والدعاء". وفي الجهة المقابلة للمبنى العمل ما زال جاريا، والطلاء بدأ يأخذ مساحته على الجدران.
الى منطقة بئر العبد التي كان لها الحصة الأوفر من الاعتداءات، المشهد يبدو اليوم مختلفاً عما كان عليه قبل أشهر. ذو الفقار رمال يبدأ كلامه بالشكر الكبير لحزب الله ومؤسساته، وتبدو على ملامح وجهه الارتياح لما قامت به مؤسسة "جهاد البناء" ويقول: لولاهم لكنا ما زلنا ننتظر وعود السنيورة وحكومته المبعثرة لإعادة ترميم منازلنا ومحلاتنا! نشكرهم على السرعة في العمل وإعادة ترميم البناية بشكل أجمل.. وماذا نريد أحسن من هذا؟
السوق التجارية في بئر العبد تعج بالناس وزحمة السير، حسان صبح (صاحب فرن) يقول إن العمل عاد بجد الى الفرن. أما الشقة فإن شاء الله سنعود إليها عما قريب بجهود إخواننا في مؤسسة "جهاد البناء" وهمتهم العالية، فإن وعدهم صادق بكل شيء.
جسر بئر العبد المهدم جراء العدوان الصهيوني ما زال منكشفا على المارّة من تحته، صورة كبيرة لسيد المقاومة السيد حسن نصر الله ذُيلت بعبارة "سنعمرها أفضل مما كانت" ترتفع على مبنى انتهى ترميمه وتعبر عن العزم والإصرار على الانتصار في معركة الاعمار كما في مواجهة العدو. أم حسن بيضون تقول إن المبنى الذي تسكن في إحدى شققه، لم يكن يُرى جراء الدمار والردم، وكانت الشقة غير صالحة للسكن إطلاقا، ولكن بفضل "جهاد البناء" عاد المبنى أفضل مما كان وعدنا الى منزلنا في أقل من شهر. هذه هي مؤسسة "جهاد البناء" المتهمة بالإرهاب! انظروا الى هذا المبنى كيف أصبح بعد الدمار الذي حل به جراء المؤامرة الأميركية والإسرائيلية علينا.. أليس جديدا؟ من هو الإرهابي.. الذي دمر أم الذي عمر؟!
في حارة حريك وعلى طول شارع الاستشهادي أحمد قصير ترى ورشة عمل كبيرة.. أصحاب المؤسسات يؤكدون باستمراريتهم نوعاً جديداً من الصمود، والكلمة واحدة: "نعمر يداً بيد ونعمل من أجل الضاحية وكل لبنان". حسن فياض صاحب محل للألبسة الرياضية قال: لم نرَ معاملة بحياتنا كلها منذ الحرب اللبنانية مثلما تعاملت معنا مؤسسة "جهاد البناء" لإعادة ترميم منازلنا ومؤسساتنا.. الجيران أيضاً تطوعوا لتنظيف كل المنطقة هنا من الركام ولمحو آثار العدوان الوسخ على ضاحيتنا العزيزة.. ومع مؤسسة "جهاد البناء" وكل الجهود انتهت خلال شهر. ونقول لهم: هذه هي الديمقراطية وليس الإرهاب الذي يمارسونه ضد الناس بالقصف والدمار. أما محمود حشا (من بيروت وسكان حارة حريك) فقال: "لولا الجهود المضنية لمؤسسة "جهاد البناء" لما كنا عدنا الى منازلنا بهذه الفترة القصيرة بعد العدوان، وللأسف فإن وعود حكومة السنيورة الفارغة لم تبصر النور بعد، ولا نعلم الى متى ستبقى".
"جهاد البناء"
مؤسسة "جهاد البناء" التي تعيش اليوم على وقع القرار الاميركي بتصنيفها ضمن لائحة "المؤسسات الارهابية المحظورة"، لا تجد في الأمر أكثر من اتجاه عدائي لدى الادارة الأميركية تجاه قدرة هذه المؤسسة على إزالة آثار العدوان والنهوض بالمنطقة التي أرادها العدو مدمرة الى الأبد.. يقول مدير عام مؤسسة "جهاد البناء" المهندس قاسم عليق: "إن مشروع الاعمار انطلق منذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بدء ورشة الاعمار بعد وقف العدوان الصهيوني على لبنان. ولكي نثبت للناس ثقتنا بهم وثقتهم بنا وبأرضنا وقرانا وتفويت الفرصة على العدو، كان موضوع الترميم احد الموضوعات الرئيسية التي أخذتها المؤسسة على عاتقها".
ويشير الى انه منذ العام 1988 عندما حصلت المؤسسة على رخصة من وزارة الداخلية اللبنانية، كانت في كل مرحلة اعتداء تقوم بحملة لإعادة الاعمار في جميع المناطق اللبنانية التي يصيبها العدوان الإسرائيلي، وهناك محطات رئيسية ثلاث:
المحطة الأولى الأساسية هي فترة ما بعد اغتيال الأمين العام السابق لحزب الله السيد عباس الموسوي.. وبعد "الهجوم الإسرائيلي على بلدتي كفرا وياطر" في الجنوب, وعدوان 93 وعدوان 96, كانت المؤسسة دائما تنجح في إعادة الاعمار وإعادة الناس الى قراهم.
وقال: "في عدوان تموز 2006 اختلف الامر، فالأضرار شملت مناطق واسعة.. وعلى ضوء ذلك وضعت المؤسسة خطة للترميم بعد وقف إطلاق النار مباشرة، والسياسة التي اعتمدتها مغايرة عن السابق, فقامت بإحصاء جميع المباني والمؤسسات المتضررة بواسطة مهندسين جالوا من بيت الى بيت ومن محل الى محل في الضاحية الجنوبية والمناطق، وفتحت باب التطوع لمن يريد من المهندسين والجامعيين لتغطية كل المساحات المتضررة تحت عنوان "مشاركة الناس" , ودُفعت التعويضات للناس مباشرة لترميم منازلهم على صعيد كل لبنان".
ويؤكد عليق ان "المشروع قد انتهى في أغلب المناطق بنسبة 95%، وأبرزها في منطقة الجنوب شمال نهر الليطاني، ودُفعت للناس مساعدة ليقوموا بالترميم بأنفسهم. وبرغم بعض الاعتراضات القليلة جدا فقد استطعنا تسوية الامور بسرعة".
ويضيف: "أما المستوى الثاني الخاص بالضاحية الجنوبية فقامت الفرق الفنية والهندسية بدراسة الأبنية وتأهيل المباني، وكل مبنى جُهز له ملف خاص ووُضعت الملاحظات عليه من اختصاصات إنشائية عالية وفحوص تبين صلاحيته للترميم أو للهدم, وسُلمت هذه الملفات الى مؤسسة "خطيب وعلمي" التابعة لمجلس الإنماء والاعمار لتعطي رأيها الفني".
المحطة الثالثة هي الأقسام المشتركة التي تولتها المؤسسة بشكل مباشر، فجرى تلزيمها لمتعهد فني بناءً على الكشوف التي أعدتها اللجان الهندسية والفنية في المؤسسة وأهمها: المنظر الخارجي, والمصعد والواجهات الأمامية للمباني والمؤسسات. وهنا جرى التشديد على الألوان الخارجية بما يتناسب مع الألوان المجاورة لها, ولكن بعض المباني يُرمم بشكل دقيق من أجل سلامة الناس.. ولا ننس أن فصل الشتاء أحد العوائق التي تؤدي الى بطء العمل، مع العلم بأننا مستمرون ولا يوجد شيء يعترضنا.
"أما القرار الأميركي بحق المؤسسة فإنه هدف الى إيجاد شرخ بين الناس وحزب الله"، كما يعتبر عليق مؤكداً: "لن نكترث لهذا القرار لأنه سياسي بحت، ولن يثنينا عن وظيفتنا الأساسية وهي خدمة أهلنا, وليس لهذا القرار أي تأثير على مجريات عملنا. والأهم من ذلك كله عندنا هو عودة الناس الى قراهم ومنازلهم بشكل لائق، ان من خلال مشروع الإيواء أو من خلال مشروع الاعمار والترميم، وهذا ما حصل".
الضاحية أفضل مما كانت، أحلى وأجمل، كما كل المناطق التي استهدفها العدوان الصهيوني، انه عهد المقاومة بسواعد المجاهدين.. نقاوم ونبني وننتصر.
محمد طالب
الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1205 ـ 9 آذار/مارس 2007