ارشيف من : 2005-2008
جريمة بيئية في إقليم الخروب يرتكبها التقدمي والمستقبل شاهد زور
في إقليم الخروب هي بقايا لا يمكن إعادة تدويرها، وتحتوي على مواد تتضمن معادن ثقيلة ضمن نسب غير مسموح بها بأضعاف مضاعفة، كما تحتوي على ميكروبات وأوبئة، كما أن نسبة التربة فيها لا تتجاوز الـ50% وان البلاستيك والنيلون والكاوتشوك موجودة فيها بنسب كبيرة جداً. وحذر التقرير الصادر عن مختبرات الجامعة الاميركية في بيروت لمصلحة اتحاد بلدات إقليم الخروب من أن المواد المعنية تملك قابلية أن تتحول بطبيعتها الى مواد كيماوية سامة.
حتى هنا فإن اتحاد بلديات اقليم الخروب يرى في نقل نفايات مكب النورماندي الى سبلين مخالفة بيئية من الدرجة الأولى، وتهدد السلامة العامة وحياة المواطنين ليس فقط في بلدات سبلين وبرجا، انما في منطقة إقليم الخروب.
ولأن عملية نقل النفايات تتم ليلاً ونهاراً في اسطول من الشاحنات مقابل مبالغ مالية تشجيعية، تحت طبقة من الرمال أو الاتربة، وتُفرغ في مقلع شركة سبلين العقارية في الوادي الفاصل بين بلدتي سبلين وبرجا، فإن بلدية برجا التي تقف في الوسط بين الموالاة والمعارضة ـ إذا ما أردنا تصنيفها سياسياً كون رئيسها سلام سعد ينتمي الى الجماعة الاسلامية ـ فقد أخذت على عاتقها الدفاع عن البيئة وحماية الأمن الصحي لسكان البلدة والبلدات المجاورة.
المفاجأة كانت تسييس النفايات، لماذا؟
لأن النفايات تُنقل من الاملاك البحرية التي استولت عليها شركة سوليدير الى مكب سبلين الذي يملكه النائب وليد جنبلاط بحسب شهادات السكان المحليين، وبدليل إنتماء حراس المكب المسلحين الى الحزب التقدمي الاشتراكي.
ولأن بلدية سبلين التي تدافع عن النفايات محسوبة على الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي يستثمر رئيسه وليد جنبلاط الأرض.
لهذا أحرجت نتائج التحاليل المخبرية تيار المستقبل الذي نجح في آخر انتخابات بلدية في خرق لائحة الجماعة الاسلامية في برجا بعضو وحيد، كما أحرجت التيار نفسه في إقليم الخروب المحسوب في السياسة على مجموعة 14 شباط، وعلى رأسها الحزب التقدمي الاشتراكي.
في الاجتماعات التي عقدت في بلدية برجا بمشاركة بلديات المنطقة لمناقشة مكب النفايات المستحدث في سبلين، كان ممثلو الحزب التقدمي الاشتراكي يدافعون عن المكب بالشراسة نفسها التي استخدمها حراس النفايات عندما منعوا رئيس بلدية برجا سلام سعد ورئيس هيئة البيئة في الاقليم حسيب الخطيب من معاينة المكان.
وحتى هذا الاعتداء رفض الحزب التقدمي الاشتراكي استنكاره.
حاولت هيئة الطوارئ البيئية في إقليم الخروب وقف تدفق النفايات الى سبلين بالسياسة حتى لا يتم تسييس الملف، فأجرت اتصالات مع جميع نواب المنطقة، وكان اللافت الغياب المتعمد لنواب التقدمي عن السمع، ودفاع نواب المستقبل عن الردميات لا النفايات، والتوضيح بأن القصة كلها ستؤدي الى تجميل الكسارة بعد ترتيب الارض وزراعتها بشجر الخروب.
ولأن روائح النفايات تجاوزت حدود المكب، ولأن شرطة البلدية ضبطت الشاحنات متلبسة بتهريب النفايات، ولأن الشاحنات بدأت تُفرغ حمولتها على طول الساحل من خلدة حتى صيدا في أكبر عملية تهريب للنفايات، قرر إتحاد إقليم الخروب التظاهر، لكشف الجريمة البيئية التي تضرب الساحل وإقليم الخروب.
شارك في تظاهرة يوم الجمعة في 23 شباط 2007 ممثلون عن كل القوى السياسية باستثناء الحزب التقدمي الاشتراكي الذي أوفد بعض محازبيه لافتعال المشاكل، ولهذا السبب حدث عراك تدخلت لفضه القوى الامنية، وأبدى أنصار المستقبل الذين شاركوا بخجل في الاحتجاج غضبهم من العراك "لأن المعارضة شمتت بالسلطة".
في اليوم التالي للاعتصام عُقد اجتماع في بلدية برجا كلفت فيه بلدات الاقليم شرطة البلديات إيقاف جميع الشاحنات المتجهة الى مكب سبلين، وإرسال عينات منه الى مختبرات الجامعة الاميركية وانتظار نتائج التحاليل قبل تصعيد التحرك البلدي لحماية الامن البيئي في إقليم الخروب.
جاءت نتائج التحاليل المخبرية مخيفة، حتى إنها أخافت الحزب التقدمي الاشتراكي نفسه بعدما ارتفعت الاصوات المحتجة من بين صفوف أنصاره، في وقت وجد تيار المستقبل صعوبة في الانحياز الى التقدمي على حساب مصالح أبناء المنطقة، لذلك قررت "المختارة" وقف استيراد النفايات، علماً انها التزمت الصمت منذ البداية، بالرغم من المحاولات لدق هواتفها وأبوابها.
قضية النفايات لم تنته في بلدية سبلين التي دافعت من قبل عن الكسارة ومقلع الصخور المنقولة لردم المدرج البحري للمطار. لذلك كان لا بد من الرجوع الى بيروت.
وبما أن مكب النورماندي ضالع في القضية، فإن رائحة الصفقة المنبعثة من سلطة الشركات الحاكمة في سوليدير وملحقاتها انتشرت على طول الاملاك البحرية من الكرنتينا الى رأس بيروت.
بحسب المعلومات المتداولة فإن القابضين على شركة سوليدير قرروا الاسراع في تنفيذ القسم البحري من مخططات الشركة خشية حصول متغيرات سياسية في لبنان يمكن أن تعيد النظر بملف الاملاك البحرية، ولهذا السبب اتخذت سوليدير قراراً بتفريغ نفايات مكب النورماندي والمباشرة ببناء الجزيرة المقترحة وهي الواجهة البحرية لوسط بيروت.
ولكن السؤال الى أين سيتم نقل النفايات؟
الجواب عند النائب وليد جنبلاط: مقلع سبلين.
والثمن هو حياة المواطنين الابرياء من سكان الاقليم، أما الارباح فسيتم تحويلها من حساب سوليدير الى حساب وليد جنبلاط.
قاسم متيرك
الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1205 ـ 9 آذار/مارس 2007