ارشيف من : 2005-2008
الالغام : دور كبير للجمعيات الأهلية لإرشاد المواطنين والخطر الأكبر عدم تحديد البقع المشبوهة
وتضطلع هذه الجمعيات بدور كبير على مستوى توعية وإرشاد المواطنين، وتنبيههم الى المخاطر التي تحدق بهم من جراء العبث بالألغام، إضافة الى تعريفهم الى أشكالها وأنواعها من خلال برامج مختلفة إعلامية وتثقيفية تنظّم بالتنسيق مع الحملة الوطنية للتوعية من مخاطر الألغام.
عضو الحملة الوطنية للتوعية من مخاطر الألغام والقنابل العنقودية (الجمعية الخيرية لمساعدة الجرحى) عماد خشمان أكد "ضرورة إعطاء هذه المشكلة اهتماما اكبر من قبل كل المعنيين في الدولة اللبنانية والأمم المتحدة للحفاظ على صمود شعبنا في أرضه"، لافتاً الى أن "العدو ما زال جاثما على أرضنا من خلال احتلاله لمزارع شبعا أو بالألغام والقنابل العنقودية التي رماها في أرضنا انتقاما منه لصمود أهلنا في الجنوب".
وقال خشمان: "منذ اليوم الأول لوقف العدوان الصهيوني الأخير على لبنان وبعد عودة أهلنا الى قراهم قمنا بمجموعة من الأنشطة, وأهمها تقسيم الفرق المتطوعة في المؤسسات المدنية التي شاركت بتنظيم بعض اللقاءات مع الناس ورؤساء وأعضاء البلديات والمخاتير في شتى المناطق, وخصوصا مع المزارعين والفلاحين والرعاة، حيث نقوم بتعريفهم الى أنواع المتفجرات والقنابل وأشكالها وكيفية الوقاية منها, وأيضاً التركيز على مبدأ الإبلاغ الفوري عن مشاهدة أي جسم غريب إلى أقرب مركز عسكري أو الاتصال المباشر بالحملة الوطنية للتوعية".
المخاطر
وتتنوع المخاطر التي تواجه المواطنين جراء هذه الألغام، ويأتي في مقدمها عدم تحديد البقع المشبوهة التي تحوي هذه الألغام لتحذير المواطنين من الاقتراب منها قبل تنظيفها، ويعتبر خشمان "أن الناس ما زالت تشكو من عدم تحديد البقع الموجودة عليها القنابل العنقودية، والتي يفترض وضع إشارات عليها لكي ينتبه المواطن إلى المساحات المنتشرة فيها الألغام والقنابل"، لافتاً الى أن "المواطن يغامر بحياته أثناء قيامه بجني المحاصيل الزراعية لكي يؤمن مصدر رزقه ومعيشته".
وتعتبر المشكلة الأخطر التي قد تنجم عن هذه الألغام هي بعد هطول الأمطار، لأن القنابل تطمر تحت التراب وتصبح ألغاما جراء السيول ، وهذا يشكل تهديدا للناس، ويؤدي الى ازدياد نسبة الإصابات من المواطنين".
واعتبر خشمان أن "التصدي للمخاطر التي تواجه أهلنا جراء القنابل العنقودية والذخائر غير المنفجرة، يكون من خلال تزخيم نشاطات الحملة بالتعاون مع بعض المؤسسات الدولية، وكذلك وسائل الإعلام المحلية، والإعلانات الدعائية وتوزيع المنشورات والبوسترات على جميع الجمعيات الأهلية, وكذلك تعليق اللافتات ونصب اللوحات المصورة والإرشادية على الطرقات الرئيسية في مختلف المناطق".
وقال: "قمنا بحملات توعية في المدارس من خلال إلقاء المحاضرات حول كيفية الانتباه إلى أنواع محددة من العبوات, وقد أظهرنا لهم العديد من الصور والأشكال المتنوعة لهذه القنابل والمتفجرات والتحذير منها".
جهود كبيرة
وثمن الحاج خشمان "كل الجهود المخلصة التي تجاوبت مع الحملة لخدمة أهلنا وخصوصا الجهات الفاعلة, وتجاوبا كليا من قبل الناس, ويعترف بأن هذا جزء يسير مما نقوم به تجاه المواطنين الذين صمدوا طوال فترة العدوان الصهيوني على أرضنا".
ودعا الحاج خشمان "كل المعنيين بهذا الشأن إلى تقديم الدعم المتواصل للمكتب الوطني لنزع الألغام من اجل حماية أهلنا, وذلك من جراء تكثيف جهود العمل وتفعيل كل الطاقات للتخلص من آثار هذا العدوان، وتحرير أهلنا وأرضنا من هذا الاحتلال الخطير".
وينوه بدور "المكتب الوطني لنزع الألغام, وجمعية المساعدات الشعبية النرويجية, ومنظمة اليونيسيف, ومنظمة الهانديكاب انترنسيونال الأوروبية, ودولة الإمارات العربية المتحدة".
ولفت الى أن هناك "بعض المشاكل التي تواجه المؤسسات الدولية وأهمها ضعف الإمكانيات المتطورة لديها, وقلة الفرق الهندسية".
وأكد أن التقديرات الأولية لتنظيف البقع من المتفجرات قد تأخذ سنوات، وليس كما يقال سنة أو سنتين، لان هناك قنابل عنقودية مدفونة من مخلفات الاجتياح الصهيوني الأول للبنان عام 78, وهذا يتطلب جهودا مكثفة من قبل كل المعنيين رسمياً ودولياً.
ويعتبر خشمان أن واجب المواطنين الالتزام بالإرشادات المعممة عليهم، ويطالب جميع المعنيين بتقديم كل المساعدات المادية والطبية للضحايا والمصابين.
الجمعيات المشاركة في الحملة ونطاق عملها:
الجمعيّة الخيريّة لمساعدة جرحى ومعاقي الحرب في لبنان مــؤسّــسة الجرحـــى:
عدشيت القصيرـ القنطرةـ دبين ـ طلوسة ـ علمان ـ الطيري ـ بيت ياحون ـ حانين ـ كونين ـ الشهابية ـ الرمادية ـ جويّا ـ كفردونين ـ مزرعة مشرف ـ طيرفلسيه ـ الحلوسية ـ الزرارية ـ أرزي ـ الخرايب ـ حومين الفوقا.
كشـّافة الرسالة الإسلاميّة:
شقرا ـ عين إبل ـ تبنين ـ عيتا الجبل ـ حاريص ـ كفرا ـ ياطر ـ تولين ـ حولا ـ الطيبة ـ الخيام ـ رب ثلاثين ـ كفركلا ـ المنصوري ـ السماعية ـ رشكنانيه ـ ديرقانون راس العين ـ برج الشمالي ـ طورا ـ العباسية ـ البازورية ـ جبال البطم ـ محرونة ـ صديقين ـ معركة ـ القليلة ـ قانا ـ البياضة ـ ارزون ـ دير عامص ـ الريحان ـ عرمتى ـ حبوش ـ الدوير ـ أنصار.
الهيئة الصحيّة الإسلاميّة:
برعشيت ـ بنت جبيل ـ عيناتا ـ يارون ـ خربة سلم ـ صفد البطيخ ـ عيترون ـ قبريخا ـ بليدا ـ مجدل سلم ـ ميس الجبل ـ مركبا ـ الصوانة ـ عديسة ـ صريفا ـ معروب ـ باريش ـ دير قانون النهر ـ الحوش ـ عيتيت ـ باتوليه ـ حناويه ـ زبقين ـ الشعيتية ـ وادي جيلو ـ عين بعال ـ بافليه ـ سلعا ـ الكنيسة ـ سجد ـ اللويزة ـ مليخ ـ الشرقية ـ النبطية الفوقا ـ النبطية التحتا.
جمعيّة رعاية المعاق الخيرية ـ النبطية:
عربصاليم ـ كفررمان ـ ميفدون ـ عدشيت ـ زوطرالشرقية ـ زوطر الغربية ـ كفر تبنيت ـ يحمر الشقيف ـ عين بوسوار ـ قعقعية الجسر ـ جباع ـ دير الزهراني ـ جبشيت ـ القصيبة.
الجمعيّة اللبنانيّة لرعاية المعاقين:
فرون ـ الغندورية ـ رشاف ـ بيت ليف ـ السلطانية ـ صربين ـ دير ميماس ـ برج الملوك ـ كوثرية السياد ـ ارنون ـ النميرية ـ جرجوع ـ علما الشعب ـ الحنية ـ طير دبا ـ شيحين ـ بيوت السياد ـ الحميري ـ يانوح ـ مروحين ـ الناقورة ـ يارين ـ شمع
جمعيّة الرؤيا للتنمية والتأهيل:
إبل السقي ـ جديدة مرجعيون ـ القليعة ـ مرجعيون ـ كفرحمام ـ السلطان يعقوب ـ كوكبا ـ المجيدية ـ الماري ـ شبعا ـ الهبارية ـ حلتا ـ كفرشوبا ـ قليا ـ برغز ـ ضهر الأحمر ـ عيتا الفخار ـ زلايا ـ مشغرة ـ سحمر ـ يحمر ـ ميدون.
ـــــــــــــــــــــ
الجيش اللبناني
يؤدي الجيش اللبناني من خلال المكتب الوطني لنزع الألغام الى جانب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) دورا إنسانيا مهما إن لجهة كشف وتحديد مساحات البقع الخطيرة التي تحوي الألغام والقنابل العنقودية غير المنفجرة، أو لجهة الدور الكبير في تفكيك وإزالة وتفجير القنابل العنقودية والألغام.
وتعتبر هذه المهمة من أهم الأدوار في هذه القضية، لكونها ترتبط مباشرة بحياة المواطنين من خلال تحديد البقع المشبوهة، وبأرزاقهم وحياتهم اليومية من خلال إزالة الألغام.
وفي موازاة هذا الدور يقوم المكتب الوطني وبالتنسيق مع الجمعيات الأهلية بتوعية المواطنين في الجنوب والبقاع الغربي وحاصبيا وراشيا عبر فرقه الهندسية التابع للجيش اللبناني وجهازه الإعلامي في كل المناطق، ويقوم المكتب أيضا بتقديم المساعدات الإنسانية والطبية للضحايا والمصابين.
هنا عرض لدور الجيش اللبناني وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) في ملف نزع الألغام من خلال لقاءين مع رئيس المكتب الوطني لنزع الألغام العقيد محمد فهمي والمدير التقني في مؤسسة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي(UNDP) آلان بوستن:
الجيش اللبناني
أنشئ المكتب الوطني لنزع الألغام بقرار الحكومة اللبنانية في العام 1998، وتم ربطه بقيادة الجيش ـ أركان الجيش للعمليات, ويتألف هذا المكتب من عدة أقسام كل منها له دوره المرتبط بالملف, وهذه الأقسام هي: التأليل, الإدارة اللوجستية, الإعلام, مساعدة الضحايا, قسم العمليات, وقد جهز المكتب بالوسائل الضرورية اللازمة لتحقيق المهام الموكولة إليه, ويتضمن برنامجا موسعا لعمليات نزع الألغام والتخلص من الذخائر غير المنفجرة والقنابل العنقودية.
يؤكد رئيس المكتب الوطني لنزع الألغام في لبنان العقيد محمد فهمي أنه ووفقا للقانون الدولي فإن "استخدام مثل هذه الأسلحة ضد المدنيين محظور دوليا"، ويعزو السبب في ذلك إلى "امتداد خطورتها على المدنيين لعشرات السنين".
ويلفت العقيد فهمي الى أنه "فور وقف العدوان الإسرائيلي في 14 آب/ أغسطس، وتنفيذا لقرار قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان باشرت فرق الهندسة بفتح الطرق والمعابر المؤدية إلى القرى المتضررة مع ما يتطلبه ذلك من معالجة للذخائر المنفجرة والقنابل العنقودية المنتشرة على الطرقات وفي محيط المنازل".
بعد انتهاء الحرب اللبنانية
ويعتبر أن "هذا الملف برز كمرحلة أولى بعد انتهاء الحرب في لبنان عام 1990 بحيث أظهرت عمليات الاستطلاع الأولية وجود عدد كبير من البقع المشبوهة الخطرة والمنتشرة على مساحات واسعة، في كل المناطق اللبنانية".
ويلفت الى أنه "تبين وجود عدد كبير وغير محدد من الذخائر غير المنفجرة ومنتشرة ضمن المناطق الآهلة والأراضي الزراعية, في ظل عدم وجود وعي كافٍ عند المواطنين لجهة خطر الألغام وتأثيراتها السلبية عليهم".
ويقول: "الجيش اللبناني أطلق حملة واسعة لمعالجة المشكلة حيث قامت فرق فوج الهندسة بعمليات نزع الألغام ومعالجة الذخائر غير المنفجرة في كل المناطق اللبنانية، وواكب ذلك حملة توعية واسعة لتحرير المواطنين من مخاطر الألغام والذخائر غير المنفجرة، بوضع السياج والإشارات التحذيرية حول جميع البقع الخطرة والمعروفة".
بعد التحرير
المرحلة الثانية كانت في العام 2000 بعد تحرير الجنوب والبقاع الغربي من العدو الإسرائيلي، ويعتبر العقيد فهمي أن "المشكلة تفاقمت بازدياد عدد الضحايا، ما استلزم مضاعفة الجهود لمعالجتها, بحيث قام المكتب الوطني لنزع الألغام بوضع خطة استراتيجية تمتد حتى عام 2011, وتهدف إلى تنظيف كل حقول الألغام المحددة، ومعالجة الذخائر غير المنفجرة والقنابل العنقودية التي خلفها العدو الإسرائيلي، خاصة في قرى وبلدات الجنوب المحرر، وقام المكتب بتنفيذ عدد من المشاريع لنزع الألغام بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية الدولية".
ويشير إلى انه "تم إنشاء مركز تنسيق فرعي في مدينة صور بالشراكة مع الأمم المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك للإشراف على مشروع التضامن الإماراتي الذي مولته دولة الإمارات العربية المتحدة، وامتد من عام 2002 حتى عام 2004, وتم من خلاله تنفيذ عدد من عمليات نزع الألغام في المناطق المحررة من الجنوب".
ويؤكد أنه "حتى نهاية شهر حزيران من العام الماضي كان حجم الألغام والذخائر غير المنفجرة والقنابل العنقودية على النحو الآتي:
نحو 440 ألف لغم مضاد للأشخاص, ومضاد للآليات في محافظتي الجنوب والنبطية, وعدد غير محدد من الذخائر غير المنفجرة والقنابل العنقودية، وهذه الكميات تؤثر بشكل مباشر على حياة نحو 500 ألف شخص موزعين على نحو 150 مجتمعا محليا".
بعد عدوان الصيف
"بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان تضاعفت المشكلة حيث استعمل العدو مختلف أنواع الأسلحة والذخائر, لا سيما القنابل العنقودية المحظورة", هذه هي المرحلة الثالثة التي يمر بها البرنامج والتي تشكل القنابل العنقودية والذخائر غير المنفجرة عنوانها الأبرز.
ويوضح العقيد فهمي أن "العدو الإسرائيلي استخدم أنواعا متعددة من قنابل الطيران التي يصل وزنها إلى 1000 كلغ، ومختلف أنواع القذائف الصاروخية والمدفعية والدبابات التي لم ينفجر عدد كبير منها, وهذا يشكل خطرا كبيرا على حياة المدنيين".
يضيف: "وجدنا بعض هذه الذخائر غير المنفجرة داخل المنازل والمدارس والمباني السكنية، وقد عملت فرق فوج الهندسة في الجيش اللبناني على معالجة عدد كبير منها حتى الآن".
ويلفت إلى أن "العدو الإسرائيلي استخدم نوعا من الذخائر الممنوعة دوليا بشكل كبير بحيث يقدر عدد القنابل المنتشرة في عدد كبير من القرى والبلدات في الجنوب بمئات الآلاف, وقد تستغرق عملية معالجة وإزالة القنابل العنقودية وكل الألغام ـ ما عدا الخط الأزرق ـ حتى نهاية العام الجاري.
يذكر العقيد فهمي أننا طالبنا الأمم المتحدة عدة مرات بتسليمنا خرائط الألغام بالمناطق الموجودة فيها الألغام ولكن لحد الآن ما من إجابة.
أنواع القذائف
أما القنابل العنقودية التي استخدمها العدو الإسرائيلي في عدوانه الأخير فيعددها العقيد فهمي كالتالي: M42 وM46 التي تطلق بواسطة المدفعية من نوع483a1 M وكل قذيفة تحمل 88 قنبلة عنقودية من هذين النوعين، وممكن أن تلوث مساحة تصل إلى حوالى 22000 متر مربع, وكذلك أطلق العدو قذائف صاروخية من نوع M26 تحمل كل واحدة 644 قنبلة عنقودية من نوع M77, وقنابل عنقودية M85 إسرائيلية الصنع والمعروفة ب Bantam)).
ويوضح: "أن بعض هذه الأنواع مزدوجة الاستعمال، أي مضادة للأشخاص وللآليات، حيث أن حشوتها المجوفة تؤدي إلى اختراق تدريع يصل إلى 8 سنتم، وجسمها المعدني يؤدي إلى تشظي وإصابة أي جسم أو شخص على مسافة تصل إلى 25 مترا, لا سيما منها النوع الشبيه للقنبلة العنقودية KBI اليوغسلافية الصنع والمغلفة من الخارج بمواد بلاستيكية تحتوي على عدد كبير من الكريات الحديدية التي تنطلق كشظايا عند انفجار القنبلة".
ويقول "كل هذه الأنواع من القنابل العنقودية تصل نسبة فشل انفجارها بعد إطلاقها إلى رقم مرتفع حوالى 15% وهذه النسبة تشكل خطرا كبيرا على المدنيين حيث أن لمسها أو تحريكها يمكن أن يؤدي إلى انفجارها.. ومن ثم القتل أو الإصابة الخطرة كحد أدنى"، مشيراً الى أن "العدو الإسرائيلي استخدم هذه الأنواع من القنابل العنقودية المضادة للأشخاص والتي سبق أن استخدمها سابقا خلال عدوانه في العام 1978 وعدوانه في العام 1982، وهذا النوع يسمى ال BLU63 التي ترمى بواسطة الطائرات عبر مستوعبات من نوع CBU-58 يحمل كل منها 650 قنبلة عنقودية يبقى قسم كبير منها بعد إطلاقها غير منفجر، وتشكل فخا مميتا يصطاد المدنيين في منازلهم وقراهم".
ووجه فهمي تحذيراً إلى أهلنا في الجنوب والبقاع الغربي وحاصبيا وراشيا من الخطر الذي يحيط بهم، وذلك بالتبليغ فورا الى أي مركز للجيش اللبناني عن أية ذخيرة غير منفجرة أو قنبلة عنقودية أو جسم غريب يلاحظ وجوده في قراهم ومنازلهم, وعدم الاقتراب من هذه الأجسام أو لمسها أو تحريكها من مكانها، ويجب التبليغ عنها فورا الى اقرب مركز للجيش اللبناني أو الاتصال بالمكتب الوطني لنزع الألغام على الرقم 05/956143 ليصار إلى معالجتها بالطرق اللازمة".
وأخيرا أشار العقيد فهمي الى أن عدد الضحايا المدنيين من جراء انفجارات الألغام والقنابل العنقودية حتى اليوم أكثر من 216 إصابة منها 30 شهيدا، وباقي الإصابات توزعت بين جروح متوسطة وخطرة (راجع الجدول).
ـــــــــــــــــــــــــ
الأمم المتحدة
يلعب "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" (UNDP) دورا إنسانيا بارزا من خلال قيامه بمساعدة الحكومة اللبنانية على نزع الألغام وإزالة القنابل العنقودية غير المنفجرة, وبتعميم برامج توعية بالاشتراك مع الجيش اللبناني والجمعيات الأهلية على الأراضي اللبنانية.
يقول المدير التقني والمستشار في مكتب التنسيق التابع للمكتب الوطني لنزع الألغام آلان بوستن: "قمنا بإنجاز كبير مع الجيش اللبناني بنزع 90 ألف قنبلة عنقودية من القرى الجنوبية, مشيدا بجهود وتعاون الدول الداعمة لهذا العمل الإنساني.
بوستن الذي يأمل "ان ينتهي العمل من تنظيف البقع الموجودة فيها القنابل العنقودية في نهاية هذا العام", يشير إلى "أننا قمنا بتنظيف جميع الحقول من الألغام تقريبا، والرقم المحدد لغاية الآن هو 350000 لغم ارضي على طول الحدود وداخل بعض المناطق الجنوبية, وأضاف أن "الوقت الزمني يفرض علينا مدة طويلة لإزالة جميع القنابل العنقودية حتى العام 2011", مضيفا أننا "حققنا رقما عاليا جدا في نزع الألغام والقنابل العنقودية بالنسبة للدول التي كانت تحوي سابقا مثل هذه الأسلحة، وكل ذلك بفضل البرنامج الذي وضع في لبنان بالتعاون مع المكتب الوطني لنزع الألغام في قيادة الجيش اللبناني, وبالإضافة إلى المساعدة التي يقدمها الناس في الجنوب والدعم المباشر من بعض الدول التي تمول الفريق لدينا وبالطليعة دولة الإمارات العربية المتحدة, ومن ثم الاتحاد الأوروبي وكندا".
ويؤكد بوستن أن "هناك أكثر من مليون قنبلة عنقودية متناثرة على ارض لبنان، وهذا العدد ممكن أن يزيد أو يقل حسب المعطيات الواردة إلينا من الجهات المختصة بخصوص الأماكن الموجودة فيها هذه القنابل العنقودية", لافتاً الى أن "أولوية العمل لدينا بالنسبة لنزع الالغام هي للمنطقة الجنوبية, وأما بالنسبة إلى الأعمال المتعلقة بإزالة الألغام في سائر المناطق الأخرى فقد توقفت".
ويشدد بوستن على أنه "لا توجد عوائق كبيرة تواجهنا, ولكن توجد أمور تقنية بسيطة من جهة تتعلق بالدورات التدريبية للفريق المختص, ومن جهة أخرى عامل الوقت لإزالة هذه القنابل العنقودية".
ويعتقد بوستن ان "بعض خرائط الألغام قد سلمت قبل الحرب الأخيرة على لبنان, ولكن بعد الحرب لم نحصل على شيء, لافتاً الى "ان "إسرائيل" وبرغم الضغوط عليها من قبل الأمم المتحدة وحتى بعد الاتصالات التي جرت بين الأمم المتحدة وبينها، لم تسلمنا أية معلومة عن المناطق التي رمت فيها تلك الحاويات لحد الآن".
ويعتبر أن "هناك بلدانا قليلة جدا تمنع استخدام مثل هذا السلاح, النرويج مثلا, ويتابع ان استعمال أي سلاح محرم دوليا أو غيره يجب أن يلحظ فيه مدى تأثيره على الناس, ولا من أي قوانين تجيز استعمال هذا السلاح على الناس، وهذا يعد انتهاكا لقرارات الأمم المتحدة".
وأشار بوستن الى أن "هناك منظمات إنسانية دولية مثل منظمة حقوق الإنسان الدولية ومنظمة "هيومن رايتس ووتش" التي قامت مؤخرا بدراسة ميدانية حول الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في الحرب الأخيرة على لبنان، وكانت "إسرائيل" قد استخدمت الأسلحة المحرمة دوليا ومنها القنابل العنقودية التي رميت على المناطق الآهلة بالمدنيين".
وختم آلان بوستن قائلا ان "أضراراً عديدة لحقت بالمواطنين من جراء وجود القنابل المميتة على أراضيهم", مشيرا الى أن "استعمال هكذا قنابل يحد من التنمية الزراعية والصناعية بنسبة 26% من الأراضي الجنوبية, وفي نفس الوقت تصبح هذه الأراضي غير صالحة للاستخدام, وبذلك يعني تعطيل الحياة المعيشية على المواطنين في أراضيهم, وبالإضافة إلى ذلك أن جزءا كبيرا من الصناعة الزراعية يتوقف، وتتضرر بفعل عدم قدرة الناس على الاستمرار في العمل الزراعي والصناعي".
ــــــــــــــــــــ
القنابل العنقودية
القنابل العنقودية أسلحة مثيرة للجدل, وتتكون من عبوة تنكسر لينطلق منها عدد كبير من القنابل الصغيرة في الهواء يتم توظيفها للهجوم على أهداف مختلفة مثل العربات المدرعة أو الأشخاص أو لإضرام الحرائق, وبإمكان القنابل الصغيرة تغطية منطقة كبيرة ولكنها تفتقر للتوجيه الدقيق, ويتم قذفها من على ارتفاعات متوسطة أو عالية بما يزيد من احتمالات حيادها عن الهدف, وأما معدل فشلها فيعتبر كبيرا حيث يبلغ نحو 5%، بمعنى أن كثيرا منها لا ينفجر ولكن يستقر في الأرض كألغام قد تنفجر ولو بعد مضي سنوات.
السلاح:
القنبلة العنقودية المتعددة التأثيرات من نوع CBU-87/B هي النوع القياسي المستخدم من قبل الولايات المتحدة الأميركية في عمليات القصف بإلقاء القنابل من الجو, وتزن القنبلة 950 باونداً أي 430 كيلوغراماً، وتحمل قنابل عنقودية صغيرة من نوع LU-97/B 202 ويمكن لأنواع عديدة من الطائرات المقاتلة إلقاؤها, ولتحسين مستوى دقتها تقوم القوات الجوية الأميركية بشراء أدوات لتصحيح اتجاهها عند إلقائها في الريح، وتثبت هذه الأداة في الذيل وتحتوي على أجهزة توجيه تمكنها عند رميها من ارتفاع أربعين ألف قدم من تعديل وجهتها إلى منطقة الهدف من مسافة تبعد حوالى تسعة أميال.
التشغيل:
ما أن تقع القذيفة حتى تأخذ بالدوران بسبب زعانف الذيل, ويمكن أن يتفاوت معدل الدوران بين ست مراحل قد تصل إلى 2500 دورة في الدقيقة, وقد ضبطت العلبة كي تنفتح عند أحد الارتفاعات العشرة التي تبدأ من 300 قدم وتصل إلى 3000 قدم, ويحدد مستوى الارتفاع ومعدل الدوران المنطقة التي تنتشر فيها القنابل الصغيرة عندما تنفتح القنبلة.
الانتشار:
القنابل الصغيرة وعددها 202 هي اسطوانات صفراء اللون، تقارب في حجمها علب المشروبات ـ طولها 8 بوصات وعرضها 2.5 بوصة 20 سنتيمترا طول، و6 سنتيمترات عرض، وأثناء سقوط القنبلة، تقوم أجزاء الذيل الذي توجد فيه أجزاء قابلة للانتفاخ بالمحافظة على توازنها كي تهبط ومقدمتها إلى أسفل.
القنابل الصغيرة:
تحتوي القنابل الصغيرة من نوع BLU-97/B على ما يلي:
شحنة متفجرات ذات شكل خاص يساعد على خرق المدرعات.
عبوة معدة بحيث تتفتت إلى نحو 300 شظية بعد الانفجار.
حلقة من الزركون الحارق لإشعال النيران.
المنطقة المتأثرة:
يعتمد حجم المنطقة التي تغطيها القنابل الصغيرة على معدل دوران وارتفاع القنبلة عند انفجارها. وتغطي عادة مساحة عرضها نحو 650 قدما وطولها 1300 قدم (200 متر و400 متر)، أي ما يعادل نحو ثمانية ملاعب لكرة القدم.
الانفجار:
تحدث القنابل الصغيرة عند انفجارها أضرارا وإصابات في مساحة واسعة، وبإمكان شحنة المتفجرات اختراق مدرعة يبلغ سمكها نحو 17 سنتيمترا, ويصل طول نصف قطر المساحة التي يغطيها الانفجار إلى 76 مترا, وتحتوي أحد أنواع القنابل العنقودية على قنابل صغيرة تنجذب نحو الحرارة حيث تنطلق تلقائيا نحو العربات والمركبات العسكرية, وتستخدم أنواع أخرى من القنابل العنقودية لنشر الألغام الأرضية.
إقرار العدو: رمينا أكثر من 1.2 مليون قنبلة عنقودية
"إن هذا الأمر جنوني ووحشي".. هذا ما اعترف به أحد ضباط العدو الإسرائيلي الذين شاركوا في العدوان على لبنان الصيف الماضي. وأضاف: "نفذنا التعليمات التي أمرتنا بها القيادة العسكرية بتوجيه صليات عديدة من القذائف المحملة بالقنابل العنقودية على الأراضي اللبنانية, ومن دون أهداف محددة للأماكن.. بل كانت عشوائية".
المصادر الدولية والمحلية أكدت أن الكيان الصهيوني ألقى ملايين القنابل العنقودية التي توزعت على الأحياء السكنية والأراضي الزراعية في أكثر من 170 قرية آهلة بالسكان في الجنوب اللبناني والبقاع الغربي.
وفي حين كانت الأمم المتحدة في مرحلة الإعداد لقرار وقف إطلاق النار أثناء الحرب على لبنان، فإن قيادة العدو وبدعم أميركي سافر لم تأبه لذلك، فعمدت بهمجية غير مسبوقة الى إطلاق "حاويات" كبيرة تحوي آلاف القنابل العنقودية.
مصادر صهيونية كشفت مؤخراً أن قائد الوحدة الصاروخية في الجيش الصهيوني الذي كان قد شارك في الحرب الأخيرة على لبنان، اعتراف الى صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية بأن "وحدة الصواريخ أطلقت 1800 قذيفة عنقودية تحتوي على 1.2 مليون قنبلة على المناطق الجنوبية اللبنانية".. وأضاف الضابط الصهيوني: "لقد غطينا مدنا بكاملها بالقنابل العنقودية", معتبرا أن "هذا الأمر جنوني ووحشي". وأشار الى أن قواته كانت قد "أغرقت ساحات المواجهة بالذخائر غير المنفجرة, وهو ما أدى الى تلوث أرض الجنوب بهذا العدد الكبير من الذخائر غير المنفجرة".
وقال: "لا توجد أي إمكانية لإصابة هدف محدد، والضباط يعرفون ذلك جيداً". ونقلت صحيفة "هآرتس" (12/9/2006) عن قائد وحدة إطلاق صواريخ mlrs العنقودية، أن عدد القذائف التي أطلقت هو أكثر من 1.2 مليون قنبلة.
ـــــــــــــــــــ
د. عدنان السيد حسين: أسلحة تندرج تحت عناوين الإرهاب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية
أين تقع القنابل العنقودية في مواد القانون الدولي؟ وكيف يتعاطى المجتمع الدولي مع استخدامها؟
أستاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية الدكتور عدنان السيد حسين يؤكد أن الألغام المزروعة في جنوب لبنان تستهدف المدنيين، وأصابت عدداً من اللبنانيين، لذلك تنطبق عليها قواعد دولية آمرة لجهة منعها، وتحميل "إسرائيل" مسؤولية انتهاك القانون الدولي الإنساني الذي يحرم إيذاء المدنيين أثناء الحروب، وبالتالي لا بد من مطالبة مجلس الأمن بملاحقة "إسرائيل".
وأشار الدكتور السيد حسين الى أن "ظاهرة القنابل العنقودية تنافي كل قواعد الحرب البرية والبحرية والجوية، وتعتبر اعتداءً مباشراً على المدنيين في لبنان"، لافتاً الى أنها "كانت محملةً حقداً على المقاومة ولبنان جراء الهزيمة التي لحقت بأهداف "إسرائيل" في حرب الصيف الماضي".
أضاف: "مهما كانت الدوافع الإسرائيلية تبقى هذه القنابل العنقودية تشكل العدوان الدائم على لبنان وكل اللبنانيين سيادةً وأرضاً وشعباً, من هنا نقترح إعداد ملف أمام منظمة العفو الدولية أو أمام مجلس الأمن الدولي يتناول هذه القضية وأضرارها".
وشدد على أن "المسؤولية هنا تقع على الحكومة اللبنانية التي قصرت الى اليوم في عدم ملاحقة "إسرائيل" في المحافل الدولية"، معتبراً أنه "لا بد من أن تتحرك الحكومة اللبنانية في هذا المضمار بصرف النظر عن مصداقية شرعيتها القانونية والدستورية، لأن التقصير في متابعة هذين الملفين يخلّص "إسرائيل" من المسؤولية الجزائية".
ويعتبر السيد حسين أن "هذه المسؤولية لا تسقط بالتقاذف لأن مثل هذا النوع من الجرائم التي تطال الجنس البشري، تندرج تحت عناوين كبرى مثل الإرهاب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الابادة الجماعية".
وعن خرائط حقول الالغام التي لم تسلّمها "اسرائيل" حتى الآن للبنان أكد أن "عدم تسليم خرائط الألغام المزروعة في الجنوب اللبناني من قبل "إسرائيل" يناقض القرار الدولي 1701 الصادر عن مجلس الأمن، وبالتالي خرائط الألغام حتى ولو لم يصدر قرار عن مجلس الأمن كان يجب تسليمها الى السلطات اللبنانية أو على الأقل الى قيادة "اليونيفيل" العاملة في جنوب لبنان، هذا لم يحصل وهو يرتب على "إسرائيل" مسؤولية إضافية".
وحذر الدكتور حسين من أن "تكون خرائط الألغام هذه فيما لو سلّم البعض منها قاصرة، بمعنى أن يخفى بعضها الآخر، وهنا تقع جريمة إضافية", مؤكداً أنه "لا بد من متابعة كل هذه التفاصيل، وإذا أضفنا هذا الخرق الى الخروق السابقة واللاحقة ندرك كم أن "إسرائيل" ضربت عرض الحائط بالقرار الدولي 1701، وبالتالي بات الدفاع عن السيادة اللبنانية أمراً لازماً ومطلوباً من الجميع".
ملف من إعداد : محمد طالب