ارشيف من : 2005-2008
فينوغراد: الحل السياسي مرتبط بـ"مساهمة العملية العسكرية في كسر التوازن الداخلي في لبنان"
قد لا يكون متاحا عرض تقرير فينوغراد بكل مواده وبنوده، على هذه الصفحات، ولكن ذلك لا يمنع من عرض بعضا منه كلما سنحت الفرصة لذلك خاصة وانه يحتوي على الكثير من المعطيات التي تؤكد حقائق كانت معروفة وتوضح بعضا مما كان يعتريه نوع من الغموض او الشكوك، من قبل بعض الناس، بالاضافة الى تضمنه معلومات لم يكن بالمتيسر الحصول عليها من مصادر اخرى. وفي هذا السياق نورد بعضا مما ورد في الفصل السابع عشر الذي يتناول "الاستنتاجات المؤسساتية" الذي أفرد له التقرير مساحة واسعة، خاصة وان يرد في هذا الفصل يؤكد ان الفشل الاسرائيلي لم يكن فشل شخص او زعيم.. وانما فشل لكيان ومؤسسات وبالتالي هو فشل بنيوي بكل ما للكلمة من معنى.
الفصل السابع عشر : استنتاجات مؤسساتية
فقرة 9: ... نعتقد أيضا أن محاولة تقديم الحرب على أنها "نصر" هي محاولة غير مناسبة لأن تقليل كهذا للفشل والعيوب هو اجرام بحق الحقيقة ولا يسمح بفهم عميق للواقع ولا بالتقدير الصحيح.
فقرة 10: فصل الاستنتاجات يشمل انتقادا لسلطات الدولة وللجيش. هذا الكلام خطير ويمكن ان يفرح الاعداء، ويحزن الاصدقاء ويثير الخوف. كل هذه النتائج سيئة. ولكن مع ذلك لن نحول (دون هذه الانتقادات...) عبر تقليل خطورة الفشل والعيوب التي انكشفت.
فقرة 12: ... إن عدم الحسم الذي استمر منذ بداية الحرب، وحتى في منتصفها، ... شكل فشلا خطيرا. ويرتبط ذلك بحقيقة أنه طوال الحرب، ولا سيما في بدايتها، لم يتم التفكير بمسار الخروج منها.
فقرة 13: هذا الفشل صبغ الحرب كلها وأثَّر سلبا بشكل بارز، سواء على نتائجها، أو على شعور الجمهور تجاهها: العملية العسكرية لم تحقق أهدافها المعلنة والجيش لم ينفذ بالمستوى المتوجب، طوال فترة متواصلة، إحدى مهامه الأساسية – وهي حماية مواطني الدولة من استهدافها على يد عدو خارجي.
فقرة 14: في قسم كبير من العمليات العسكرية، لا سيما في استخدام القوات البرية، ظهرت عيوب خطيرة انضمت بدورها الى الفشل.
فقرة 15: صحيح أن الانجاز السياسي للحرب- القرار 1701- كان ذا مغزى، لكن فحصه لم يُظهر أنه تحقق بواسطة سلوك ارتكز الى تحليل مناسب للطرق الفعالة الآيلة للوصول الى الأهداف السياسية، ولم نجد علاقة سببية ضرورية، مباشرة، بارزة وناجعة بين العملية العسكرية وبين (هذا) الانجاز السياسي.
فقرة 16: العملية العسكرية البرية في الايام الاخيرة للقتال لم تُستنفذ ولم تحقق اهدافها. وساهم في هذه النتيجة العيوب التي وجدناها طوال الحرب في صناعة القرارات في المستوى السياسي والعسكري والعلاقة بينهما وفي تفعيل القوات العسكرية...
فقرة 19: احدى الخصائص التي ميزت حرب لبنان الثانية كان غياب الانشغال منذ البداية بمسار الخروج من الحرب، وكذلك عدم الحسم بين الخيارين الرئيسيين، الأول: استعداد فوري لخطوة برية واسعة وتنفيذها بهدف السيطرة على اراض، وتقليص إطلاق الصواريخ على الداخل الإسرائيلي، والوصول الى انجازات عسكرية تتيح وقفا للنار بشروط جيدة. في مقابل الخيار الثاني: الاستعداد لوقف سريع للقتال بقدر الامكان، وبشكل خاص بعد انجازات الأيام الأولى.
فقرة 21: كيف حدث انه لم يتم اختيار الخيار المطلوب؟ نحن نحدد أن الامتناع الواضح عن الحسم المدروس جيدا بين البدائل في هذا الموضوع الحيوي، وحتى قبل ذلك – الامتناع عن تقديم الموضوع بشكل واضح، او تحليله بعمق في عمل اركاني منظم ومن ضمن رؤية استراتيجية وعدم اتخاذ موقف حاسم سواء داخل الجيش او في المستوى السياسي - كان فشلا خطيرا.
فقرة 22: إن استمرار حال المراوحة، من دون حسم واضح، بينما كان شمال البلاد يرزح تحت اطلاق مكثف ومتواصل للصواريخ، كانت إحدى الخصائص والمزايا الأساسية والخطيرة جدا لحرب لبنان. حتى وإن أمكن فهمها- إلا أنها عكست فشلا أساسيا وخطيرا في إدارة الحرب. وهي ساهمت مباشرة في خسارة وقت حيوي وثمين، في عدم بلورة رد سريع وفعال على إطلاق الصواريخ تجاه الجبهة الداخلية، وفي عدم اتخاذ خطوات لتقليص فترة الحرب، ولاستمرار إسرائيل في إدارة حرب محدودة، من دون أن تكون مستعدة لخطوة برية قبل نهاية الاسبوع الأول من آب. ففي هذا الموعد لم تكن الظروف مناسبة لاستنفاد انجاز عسكري، الذي كان من شأنه أن يُفضي الى تحسين الانجاز السياسي الفوري ( شرط وقف النار)، وتعزيز قوة الردع وصورة قوة إسرائيل في المنطقة والعالم، ولدى حلفائها وأعدائها على حد سواء.
فقرة 23: ...من غير الممكن أن نتوقع على نحو التأكد ما ستكون نتائج الاستعداد الإسرائيلي لمسار بري واسع في بداية الحرب، والخروج إلى عملية برية كهذه. وبرؤية تشاؤمية من المحتمل أن الحرب كانت ستجر خسائر كبيرة، وان انجازاتها العسكرية والسياسية لا تبررها. ومن المحتمل أن هذه النتائج كانت ستمس بقدرة الردع الإسرائيلي ولا تعززها. ورأينا هو أن عدم اليقين تجاه نتائج الحسم بين البدائل المطروحة كان سبب أساسي لتردد صناع القرارات في المستويين العسكري والسياسي على حد سواء. لكن كل حسم في الحرب وطرق إدارتها مليء بعدم اليقين. لذلك من المهم أن نؤكد أن حقيقة كون القرار قاسي لا يبرر الامتناع عن النقاش والحسم (بين البدائل).
فقرة 31: الفشل المزدوج- الامتناع عن إجراء نقاش والحسم تجاه مخطط العملية، والامتناع عن حسم سريع إزاء الاستعداد لعملية برية واسعة كخيار مستقبلي- كان تجاه الحرب كلها. وهذا الفشل هو نتيجة عمليات، وخاصة الاخفاقات، في المستوى السياسي، والمستوى العسكري، وفي العلاقة بينهما.
فقرة 32: إن المسؤولية العليا عن القرارات وعن الامتناعات هذه ملقاة على المستوى السياسي... المستوى السياسي لا يمكنه أن يعفي نفسه من المسؤولية فقط لأن الاقتراحات والتوصيات لم تُعرض أمامه.
فقرة 33: على الرغم من ذلك، المسؤولية الأولية عن الفشل المزدوج تقع على كاهل الجيش الإسرائيلي وعلى المحافل المهنية... وحقيقة ان الجيش امتنع عن مبادرات كهذه طوال الحرب يعتبر بنظرنا فشل مؤسساتي، سواء في قيادة الجيش او في العلاقة بينها وبين المستوى السياسي الرفيع.
فقرة 37: إن الفشل المتمثل في غياب المداولات العسكرية والسياسية المشتركة، حول طريقتي العمل وضرورة الحسم بينهما، كان مرتبطا أيضا بطرق المداولات واتخاذ القرارات التي وجدناها في المستوى السياسي، في المستوى العسكري، وفي العلاقة بينهما.
فقرة 39: نحن نحدد بأن الصورة التي ظهرت أمام أعيننا تجاه أداء الجيش الإسرائيلي في الحرب كانت قاسية ومثيرة للقلق.
فقرة 40: الجيش بعمومه، لا سيما القيادات العليا والقوات البرية، فشل في تقديم جواب عسكري كاف على التحدي الذي واجهه في إدارة الحرب في لبنان، ولم يوفر للمستوى السياسي اساسا عسكريا ملائما للعملية السياسية.
فقرة 62: في عمليات الجيش التي فحصناها وجدنا حجم مقلق من سحق لقيم الجيش الاساسية، مثل التمسك بالمهمة والسعي للنصر، بالاضافة الى عيوب بارزة في الانضباط العسكري....
وفيما يخص الأهداف السياسية والانجازات العسكرية
فقرة 70: في 12 تموز نشأت الصلة المعلنة بين العمليات العسكرية وبين تنفيذ القرار 1559. بعد أيام، تحول تنفيذ القرار 1559 الى أحد الشروط الرئيسية لوقف النار من قبل إسرائيل...
فقرة 71: كان لاختيار، تنفيذ القرار 1559، كهدف سياسي، مزايا من ناحية منح الشرعية للعملية التي تقوم بها إسرائيل في البلاد والعالم.
فقرة 72: الادراك ان ماهية الحل السياسي العملي كانت مرتبطة الى حد كبير في الدمج بين مصالح جهات عالمية وتوازن القوى الداخلية اللبنانية وفي مساهمة العملية العسكرية في هذا التوازن. وكان ينبغي ان يحضر (هذا الادراك) في التخطيط للمسار العسكري وماهيته وتوقيته ونقاط انطلاقه بما يتلاءم مع الرغبة بتحقيق أهدافها السياسية وبما يتلاءم مع الوتيرة المعتادة لمسارات سياسية من هذا النوع.
فقرة 73: في الواقع، وعي هذه النقاط ظهر خلال المشاورات المختلفة في المستويات السياسية والأمنية، وأثَّر على التوصيات وحتى على القرارات في مواضيع موضعية. .. لم نعثر على رؤية استراتيجية سياسية-أمنية شاملة، والتي كان يُفترض بها أن تشكل بنية تحتية وخط موجه لقرارات تفصيلية. ونحن نحدد بأن هذا الأمر قيد قدرة إسرائيل على العمل بصورة فعالة ومنسقة لتحقيق أهدافها السياسية، وأن ثمة فشل في هذا الأمر.
عضو لجنة فينوغراد: بدء اسرائيل بالحرب حقيقة والاخرون لم يفرضوا علينا حربا
قال عضو لجنة فينوغراد البروفيسور يحزقئيل درور في مقابلة مع صحيفة معاريف ان كون اسرائيل بدأت بالحرب فهذه حقيقة وهم لم يفرضوا علينا حربا... ولم يكن من الضروري ان يؤدي خطف جنود الى اعلان حرب... والمشكلة انهم دخلوا حربا مخطط لها دون ان يكون الجيش مستعدا ودون ان يقوموا بالدراسة المطلوبة ولم يجبرهم احد... .
وحول امكانية اتخاذ قرارات تنطوي على احتمال الفشل اعتبر درور انه دائما هناك مراهنة غامضة. ولكن يمكنك القول بأنّ الخطأ كان بأنّهم وثقوا بأنّ الجيش سينتصر... لقد توقّعوا أن ينتصر الجيش، ومسموح لهم توقّع ذلك.
واوضح انه كان هناك في بعض الحالات استخفاف بحزب الله وهذا واضح للعيان في قضية البارجة حانيت (التي استهدفها حزب الله في الايام الاولى للحرب). ولفت الى ان عدد اصابات حزب الله غير واضح وحقيقة ان عدم وقوع اسرى لحزب الله (يقصد بأعداد كبيرة) يؤشر الى انه كان يقاتل بشكل جيد ولم يخضع ولم ينكسر.
البروفسور يحزقئيل درور/معاريف/08/02/2008.
بعد حرب لبنان تعرف السوريون على نقطة ضعفنا: الداخل الاسرائيلي
نستعد، نفسيا، لمواجهة اليوم الذي سيمتلك فيه الايرانيون أسلحة نووية. نستعد، عمليا، لمعاودة الحرب مع حزب الله في لبنان. ونحن ندير، في الواقع، صراعاً ضد حماس في غزة، وفي يهودا والسامرة (الضفة). لكننا بطريقة ما أو بأخرى، لا نتعامل بالجدية المناسبة لاحتمال أن تفتح سوريا حربا ضدنا... في أعقاب حرب لبنان، تعرّف السوريون على نقطة ضعفنا، وهي الداخل. فالداخل سريع التأثر أكثر من الجبهة، القتلى فيه هم ليسوا "فقط" جنود، إنما أيضاً مدنيين، من كل الأجيال. والحرب في الجبهة لن تسبب الرعب داخل الجيش، لكن هجوما صاروخيا ثقيلا قد يعيق بشكل خطير الحياة من المطلة حتى بئر السبع. كي لا نتكلم عن ديمونا.
معاريف/ يوسف (تومي) لبيد/6/2/2008
إعداد: علي حيدر