ارشيف من : 2005-2008
اعترافات لجنة فينوغراد: للهزيمة آثار بعيدة المدى على مكانة إسرائيل
"إسرائيل بادرت الى الحرب.. فشلت ولم تنتصر حتى بالنقاط.. استمرار ضرب الجبهة الداخلية كان له آثاره على التخطيط للحرب او تقدير نتائجها.. تعيين لجنة فينوغراد كان بسبب الشعور بالانكسار والخيبة من نتائج الحرب.. الفشل والعيوب الخطيرة شمل كل المجالات: مسار اتخاذ القرارات.. التفكير الاستراتيجي.. الدفاع عن الجبهة الداخلية.. عدم وجود حل عسكري يعني ان إسرائيل لن تستطيع البقاء ولن تستطيع الاستمرار بسلام وهدوء.. عدم ايراد معلومات تمس بأمن إسرائيل ولا بعلاقاتها الخارجية.
ما تقدم يشكل نموذجا عما حمله تقرير فينوغراد، وهي من أبرز العناوين للفقرات التي اخترناها من التقرير الذي تناول اسباب الهزيمة التي مُني بها جيش العدو في مواجهة رجال حزب الله.
الفصل الاول: المقدمة
فقرة (9): الحرب المتواصلة التي بادرت اليها إسرائيل انتهت بدون ان تنتصر من الناحية العسكرية. وفقط في مرحلة لاحقة نقلت إسرائيل الحرب الى اراضي العدو (في اشارة الى العملية البرية الواسعة التي شنت في اليومين الاخيرين). اطلاق الصواريخ على الجبهة الداخلية استمر طوال الحرب وحتى اللحظة الاخيرة فعليا، وتوقف فقط بسبب وقف النار.. نسيج الحياة في المنطقة "شمال إسرائيل" الذي كان تحت تهديد الصواريخ، تشوش بشكل جدي، وعدد كبير من السكان هجروا منازلهم.. منظمة شبه عسكرية تضم آلاف المقاتلين نجحت في الصمود اسابيع طويلة امام الجيش الاقوى في الشرق الاوسط، الذي يتمتع بتفوق جوي مطلق ومزايا كبيرة من حيث الحجم والتكنولوجيا. وكان لذلك آثار بعيدة المدى بنظرنا، مثلما هو ايضا بنظر أعدائنا وجيراننا وأصدقائنا في المنطقة والعالم.
فقرة (21): في المراحل الاولى من الحرب كان هناك توافق بين قادة المستوى السياسي وقيادة الجيش تجاه الامتناع عن عملية برية. ونتيجة لذلك لم تُجند قوات الاحتياط التي كانت مطلوبة لمسار كهذا.
فقرة (22): خلال الحرب وبشكل اساسي بعدها، اتضح ان الجيش وبالتأكيد القوات البرية، لم تكن مستعدة من نواحٍ كثيرة للحرب التي نشبت.
فقرة (26): جزء من العيوب التي وُجدت في الجيش خلال الحرب الاخيرة كانت قائمة بشكل او بآخر في كل حروب إسرائيل. لكن برغم كونها خطيرة وحيوية للقيام بإصلاحها، يبدو ان مساهمتها (للعيوب) في نتائج حرب لبنان الثانية لم تكن حاسمة، ولا في تفسير عدم نجاح الحرب. والى جانبها انكشفت حالات فشل وعيوب خطيرة اكثر تعقيدا مرتبطة بطرائق ادارة وثقافة الجيش، وأيضا نابعة من العلاقة بين الجيش والمجتمع الإسرائيلي الذي منه أتى، والذي من المفترض ان يدافع عن مصالحه.
فقرة (27): الجبهة الداخلية كانت مشاركة في الحرب رغما عنها. والواقع ان شمال الجليل عرف في الماضي اطلاق صواريخ الكاتيوشا، ولكن هذه الحرب كانت الاولى التي تتعرض فيها الجبهة الداخلية الشمالية (من خط الخضيرة وشمالا) لهجوم بالصواريخ البعيدة والقصيرة المدى، لم تشهد مثله حتى ذلك الحين طوال الـ34 يوما، الى حين وقف النار. وكان لهذه الحقائق دلالة كبيرة سواء تجاه تقدير تخطيط الحرب او تجاه تقدير نتائجها او في ما يتعلق بالحاجة المستعجلة لدراسة نقدية وإجراء الاصلاحات.
فقرة (32): عُينت اللجنة بسبب شعور قوي لدى الجمهور بالانكسار والخيبة من نتائج الحرب وأسلوب ادارتها، وأيضا بسبب رغبة الحكومة والمؤسسة الامنية والجيش في استخلاص العبر.
فقرة (34): من الجدير تأكيد أن امتناعنا عن تحميل المسؤولية الشخصية لا يعني ان مسؤولية كهذه غير قائمة.
فقرة (40): كما فعلنا في التقرير الاولي، في التقرير النهائي فحصنا الفترة الممتدة بين 18 تموز و14 آب 2006، واكتشفنا مرارا نتائج مقلقة:
* وجدنا فشلا وعيوبا خطيرة في مسارات اتخاذ القرارات وفي العمل الأركاني للمستوى السياسي والمستوى العسكري وفي العلاقة بينهما.
* وجدنا فشلا وعيوبا جدية في نوعية الاستعدادات والجهوزية والادارة وتنفيذ قرارات القيادة العليا في الجيش، وبشكل اساسي في القوات البرية.
* وجدنا فشلا وعيوبا خطيرة في الاستناد على التفكير والتخطيط الاستراتيجي، سواء في المستوى السياسي او المستوى العسكري.
* وجدنا فشلا وعيوبا خطيرة تتعلق بالدفاع عن الجبهة الداخلية وبمواجهة استهدافها.
فقرة (41): نؤكد أنه عندما نلقي المسؤولية على مؤسسة او وحدة كاملة لهذا المستوى او ذاك، فليس بنيتنا الاشارة فقط، او بشكل اساسي، الى الذين يترأسونها. المستوى السياسي بنظرنا رئيس الحكومة، وزير الدفاع ووزيرة الخارجية، وأيضا وزراء آخرون في مجالات مسؤوليتهم، وأيضا منتدى الوزراء السبعة، ولجنة الوزراء لشؤون الامن القومي (المجلس الوزاري المصغر)، تمام الحكومة والكنيست ولجانه. ويشمل المستوى العسكري بنظرنا، القادة بدءاً من رئيس الاركان وهيئة الاركان العامة، الى مستوى قادة الالوية وحتى قادة الكتائب. اضافة الى ذلك يلقى ايضا جزء من المسؤولية في مواضع الفشل والعيوب التي وجدناها على من كانوا مسؤولين عن الجهوزية والاستعدادات في سنوات ما قبل الحرب.
(اقتباس) فقرة (45): نحن نعلم ان مقولات كهذه ستُفرح اعداء وستحزن اصدقاء، ومن الممكن ان تثير خوفا ويأسا. وبرغم ذلك لن نقلل من قيمة حالات الفشل والعيوب التي كانت، خاصة ان الكلام الصحيح والواضح حول العيوب يسمح بإجراء التغييرات العميقة المطلوبة.
فقرة (49): كما فعلنا في التقرير الاولي، ايضا هذا التقرير أعد بصيغتين: صيغة سرية (مصنَّفة) وصيغة علنية. ولا يشمل الاخير امورا كثيرة. المفصلة في التقرير السري والتي من الممنوع نشرها، لأنها قد تؤدي الى الاضرار بأمن الدولة او بعلاقاتها الخارجية.
فقرة (63): إن صحة مقولة "لا يوجد حل عسكري" تعني ان إسرائيل لن تستطيع البقاء في هذه المنطقة، ولن تستطيع الاستمرار فيها بسلام او هدوء من دون أن تعتقد هي نفسها، فضلا عن محيطها، بأن الجيش يمكن ان ينتصر، وأنه يوجد لدى إسرائيل قيادة سياسية وعسكرية وقدرات عسكرية ومناعة اجتماعية تسمح لها بالردع، وأنها لدى الحاجة قادرة على إلحاق الهزيمة بجيرانها الذين يريدون تصفيتها، ومنعهم ـ حتى بالقوة ـ من النجاح في تحقيق رغبتهم.
الفصل الثالث: حول موضوع الخلاصات والتوصيات الشخصية
فقرة (12): لم نحدد ولا نحدد ان قرار الخروج للحرب في أعقاب عملية الخطف كان مبررا، غير انه حددنا أن قرار الخروج للحرب او الخروج للعملية التي كان من الممكن في سيناريوهات معقولة ومتوقعة ان تتدهور الى حرب، كان قرارا مصيريا. وفي ضوء حقيقة ان هناك من قرر الخروج للحرب وتحمل شخصيا مسؤولية معنى قرار كهذا والطريقة التي اتخذ بها، نعتقد انه من الملائم ان نؤكد: اننا لم نأتِ لإيجاد وضع يفضل فيه قادة سياسيون وعسكريون في إسرائيل الامتناع عن رد عسكري شديد، بسبب الخشية من الفشل او من لجنة تحقيق. وأيضا التردد والخشية الزائدة يمكن ان تكون اخطر بكثير على دولة إسرائيل في الواقع الذي تعيش فيه.
الفصل الخامس: رؤية عامة حول أداء الجيش
فقرة (4): جزء من الظواهر التي شخصناها لم تكن جديدة. فهي رافقت الجيش منذ بداياته ووُثقت بشكل موسع في تقرير "اغرانات" وفي تقارير انتقادية مختلفة. اما الظواهر الحديثة مثل البروز الكبير للإعلام اللصيق وحساسية مرتفعة جدا للخسائر وسط المقاتلين، أحيانا على حساب التمسك بتنفيذ مهمات مهمة مرتبطة في جزء منها بتغييرات جرت في المجتمع الإسرائيلي والغربي كله.
فقرة (10): بما يتلاءم مع ذلك جزء بارز من المادة المتعلقة بعملية الجيش مفصلة فقط في الصيغة السرية للتقرير، لأن نشر تفاصيل كهذه يزود العدو بمعلومات ذات قيمة كبيرة. هكذا تصرفنا، برغم ان امورا كثيرة عن الحرب نُشرت في وسائل الاعلام وفي كتب، وأيضا في التقرير العلني للجنة الخارجية والامن. (وعلى ضوء ذلك) كان من الممكن الادعاء بأنه ليس هناك معنى للحرص على امن المعلومات المتعلقة بهذا التقرير. لا نقبل هذا الادعاء، يوجد فرق مهم بين تقرير مثل تقريرنا مرتكز على مجموع المادة التي وضعت بحوزتنا، وبين منشورات موثَّقة في الصحافة والكتب. ونذكر ايضا ان لجنة الخارجية والامن حرصت على ضم معلومات حساسة في الصيغة السرية. ومع ذلك حاولنا التوازن بين الحاجة للحرص على امن المعلومات، والرغبة في ان نطرح امام الجمهور بنية تحتية جيدة وواسعة قدر الامكان، لفهم وتقدير أحداث حرب لبنان الثانية.
فقرة (13): كوَّنّا انطباعا انه الى جانب تعبيرات التجدد والتمسك المتجدد بالمهمات بعد الحرب، يوجد حاليا في الجيش شعور بالازمة، سواء في داخله او علاقاته مع المجتمع الإسرائيلي. استعادة الجيش والشعور بحيويته الى مكانها الملائم في المجتمع الإسرائيلي هي مصلحة قومية ذات اهمية حاسمة وجودية فعلا بالنسبة لإسرائيل.
فقرة (17): الصورة التي ارتسمت أمامنا في ما يتعلق بأداء الجيش وبشكل خاص القوات البرية، كانت قاسية وبائسة. ليس فقط الجيش لم يحقق النصر على حزب الله برغم تفوقه الكمي والنوعي البارز، وإنما ايضا تواصل اطلاق الصواريخ تجاه إسرائيل حتى اليوم الأخير من الحرب.. وبعض القوات لم تلتزم بالمهمات التي ألقيت عليها. هذه الحالة ساهمت جدا في (بلورة) الشعور بتفويت (الفرصة) والخيبة التي أحس بها جزء بارز من الجمهور الإسرائيلي.
فقرة (33): نحن نُحدِّد أن القوات البرية وتاليا الجيش كله، لم تنفذ وفقا لكل المعايير والتوقعات الواقعية، المهام التي أوكلت اليها في حرب لبنان الثانية. برغم الانجازات المهمة في عدد من المجالات. والأهم من بينها كان العملية الجوية الأولى في حرب تصفية منظومة الصواريخ أرض ـ أرض المتوسطة والثقيلة لدى حزب الله، فإنه وفي غالبية الحالات والمجالات أظهر الجيش في عمليات القوات البرية، ضعفا في مواجهة حزب الله.
فقرة (34): أهم خصائص الأداء العسكري:
* أكثر القيم الأساسية لدى الجيش الإسرائيلي فُرمت خلال الحرب. نشير هنا فقط الى القيم الأكثر أهمية التي كانت العملية بموجبها مشوبة بالخلل في حالات كثيرة: التمسك بالهدف، التصميم في تنفيذ المهمة، الانصياع العملاني الصارم، قيادة حربية ومثيرة للقادة في المعركة، الامتناع عن تحمل مسؤولية شخصية والاستعداد للطاعة.
* بقدر كبير من الألم والحذر نضيف ونشير الى أن الجيش الإسرائيلي تصرف في الحرب كمن خشي من وقوع الإصابات في صفوف جنوده، وأن هذه الخشية كانت عنصرا مركزيا في سيرورات التخطيط والاعتبارات العملانية. ومع كل الحساسية التي يتعين التطرق من خلالها الى حياة الجنود، والحاجة الى أخذ هذا العامل من ضمن الاعتبارات الموجهة، إلا أنه من الصعب القبول بالتأثير الاستثنائي الذي لعبه هذا الاعتبار عند قرارات القادة الكبار (وعند متخذي القرارات في المستوى السياسي).
* وثمة قضية مركزية كانت مرتبطة بأداء الجيش الإسرائيلي في مهمة الدفاع عن الجبهة الداخلية المدنية. ونشير إلى أن أحد العناصر الأساسية في التصور الأمني لدولة إسرائيل هو أداء الجيش في حماية المدنيين، وقدرتهم على أن يديروا حياتهم بشكل طبيعي. أحد تأثيرات هذا التصور هو مبدأ نقل القتال بسرعة الى أرض العدو، بهدف تقليص المس بالجبهة الداخلية الى الحد الأدنى الممكن. هذا المبدأ كان يجب أن يسري على حرب لبنان الثانية، حتى لو كان ثمة حاجة الى ملاءمة تأثيراته مع طبيعة الجبهة، وحتى لو كان يستحيل الوقف التام للمس بالجبهة الداخلية أيضا عن طريق عملية برية واسعة.
* التصور العملاني الذي قاده رئيس الأركان ـ هجوم مكثف بالنار بواسطة سلاح الجو ـ اتضح أنه غير مناسب بشكل كافٍ مع الظروف، العدو والحلبة. فالجيش الإسرائيلي وقادته احتاجوا الى كثير من الوقت لاستيعاب هذه الحقيقة ولمحاولة ايجاد تصور عملاني بديل يتناسب مع الضغوط. وعندما نشأ هذا التصور وبُلور لم يعد ذا شأن.
فقرة (35):
(د) ـ الامتناع الكبير عن الخيار البري التقليدي تلقى دفعا كبيرا انطلاقا من الفرضية التي تعززت خلال سنوات انه من الممكن الوصول إلى انجازات بارزة في الساحة اللبنانية عبر تفعيل جوي للنيران المضادة.
(هـ) نحن لا نولي مسألة ان الموازنة تقيد قدرات الجيش في اعداد نفسه لكل او أغلب السيناريوهات والظروف، وزنا حاسما (في فشل الحرب).
الفصل التاسع: الأذرع والعمليات الخاصة
فقرة (18): حجم تفعيل سلاح الجو كان لا سابق له وبدون أي تناسب مع حروب إسرائيل في الماضي. وبشكل عام كان هناك عدد اكبر من الغارات الهجومية ونفذت ساعات تحليق اكثر مما نفذ في حرب يوم الغفران (حيث كانت ساحة العمليات تشمل الساحتين السورية والمصرية، وكان لدى الدولتين سلاحا جو قويان).
فقرة (20): النجاح الأبرز لسلاح الجو كان في المراحل الاولى للحرب عبر ضرب منظومة الصواريخ ارض ـ ارض للمدى المتوسط والبعيد.
فقرة (22): برغم حداثته وحجمه لم يثبت سلاح الجو نفسه سلاحا حاسما في ظل الظروف الخاصة للساحة اللبنانية وللقتال ضد حزب الله، على عكس آمال وتوقعات جزء من قيادات الجيش.
الفصل الحادي عشر: خلاصة مزايا أداء الجيش
فقرة (8): حتى لو أخذنا بالحسبان كل النجاحات والانجازات الدراماتيكية، وبشكل اساسي الاستخبارات وسلاح الجو، ينبغي ان نعترف بأن الجيش فشل في جهوده في تحقيق الانجاز العسكري المطلوب والممكن، في ضوء ظروف الحرب وموازين القوى. والامر نفسه سواء تجاه الانجاز العسكري المطلوب في مقابل حزب الله او في ما يتعلق بالمكانة الاقليمية والعالمية لإسرائيل او تجاه قدرتها في الدفاع عن الجبهة الداخلية الإسرائيلية من استمرار اطلاق الصواريخ. من هذه الناحية يمكن ان نقدر ان نتائج الحرب كانت "تفويت خطير" (للفرصة).
فقرة (19): خيار إسرائيل كان محددا بين الرد على الخطف "بما دون التصعيد" او البدء بعملية يمكن ان تتدهور الى حرب. واختارت إسرائيل المبادرة بالخروج الى عملية هدفها ضرب حزب الله بشكل نوعي وتغيير قواعد اللعبة على الجبهة اللبنانية. وطلبت إسرائيل وقتا لضرب حزب الله بشدة. في نهاية 34 يوما من القتال لم يكن هناك حسم لمصلحة الجيش ولا حتى "بالنقاط". استمرار اطلاق صواريخ حزب الله الى الجبهة الداخلية توقف فقط بسبب وقف النار. إسرائيل لم تنتصر بوضوح في هذه الحرب. أعداؤها في الخارج وجزء من منتقديها في الداخل وصفوا الحرب بأنها هزيمة إسرائيلية.
نحن لسنا شركاء في وصف الحرب ونتائجها على انها هزيمة، فقد كان لإسرائيل في الحرب انجازات عسكرية مثيرة للانطباع واستثنائية، لم تُستنفذ فقط في العملية الدراماتيكية في بداية الحرب، تشاركت فيها استخبارات نوعية وعمليات مهنية ودقيقة لسلاح الجو. ولكن مع ذلك عندما يخرج الجيش الاقوى في الشرق الاوسط لقتال حزب الله ولا ينتصر بوضوح، فإن لذلك آثارا بعيدة المدى على مكانة إسرائيل. وكان ينبغي على إسرائيل ان تمتنع عن نتيجة كهذه، اما بالامتناع عن الخروج لحرب متواصلة (بما فيها امكانية رد شديد او قصير)، او عن طريق الاستعداد للعمل بطريقة تؤدي الى النصر برغم أثمانها (حتى لو كان هناك حاجة لملاءمة مفهوم النصر والحسم مع نوع المواجهة).
"الجيش فشل فشلا ذريعا في لبنان"
قال اللواء احتياط أودي شيني رئيس اللجنة العسكرية الخاصة التي شكلها رئيس الأركان السابق دان حالوتس للتحقيق في أسباب فشل الحرب الإسرائيلية على لبنان، إنه لم يفاجأ قط بنتائج وتوصيات لجنة فينوغراد، وإنه يستطيع تأكيد أن ضباط هيئة الأركان والقيادة العسكرية بشكل عام لم يفاجأوا أيضاً، لأنهم يعرفون الحقائق التي حصلت في الميدان أكثر من غيرهم. وأضاف شيني في مقابلة مع القناة العاشرة: "أستطيع القول بشكل واضح لا يحتمل التأويل ان الجيش فشل فشلاً ذريعاً في الحرب ضد لبنان". مشيراً إلى ما قاله رئيس الأركان غابي أشكنازي من أن الجيش فوَّت فرصة كبيرة.
ولفت الى أن الادعاء بأن علامات الفشل بدأت تتضح خلال الستين ساعة الأخيرة من الحرب هو قول غير صحيح، كاشفاً أن قيادة الأركان اجتمعت صباح يوم 27 تموز وبحثت في التطورات الميدانية، وتوصلت إلى الاستنتاج بأن الحرب فشلت ولا فائدة ترجى من استمرارها. ولذلك بدأ التفكير في تغيير خطة الحرب وتكتيكاتها، وتقرر بدء التحضير لحرب برية واسعة النطاق، إلا أن التحضيرات لم تكن كافية.
القناة العاشرة/ التلفزيون الإسرائيلي 02/02/2008
"الجيش أكمل تدريباته للدخول في حرب ضد لبنان قبل شهر من نشوبها"
أوضح نائب قائد المنطقة الشمالية خلال حرب تموز الجنرال احتياط ايال بن رؤوبين: أما وأن كل شيء بات واضحاً، فلا بد من إيقاف كل محاولات التذاكي وتسمية الأسماء بمسمياتها الحقيقية. وهنا لا بد من الإشارة إلى ما سبَّب لغطا وهرجا ومرجا في مختلف الأوساط، بأن الجيش الإسرائيلي قد أعد خطة حربية، وأنه كان ينتظر الفرصة المواتية، وأنه أجرى تدريبات مختلفة ومطولة على حرب محتملة ضد لبنان.. "إذاً أنا أؤكد الآن أنه كانت هناك خطط معدة للحرب منذ فترة طويلة نسبياً قبل الحرب، وإحدى تلك الخطط سُميت باسم مياه الاعالي، التي بدورها كانت خطة معدلة عن الخطة التي وضعتها بنفسي. وهكذا نشبت الحرب، وكنا في مرحلة مراجعة الخطة المعدلة تلك، ما تسبب في عدم استكمال المراجعة.. وكذلك عدم المصادقة عليها من قبل الجهات العليا ذات العلاقة، ومن ضمن هؤلاء رئيس الأركان نفسه.
وقال الجنرال بن رؤوبين: لا بد من الاستنتاج أن الخروج إلى الحرب وفق خطة محددة قد يستوجب أحياناً إجراء بعض التغييرات، بما يتفق مع معطيات جديدة لم تكن بالحسبان، ولذلك فإنه إذا ما اضطر الجيش للخروج إلى حرب جديدة فعليه الأخذ بعين الاعتبار ما قد يطرأ في اللحظات الأخيرة قبل الحرب، وكذلك بعد نشوبها مباشرة، ولذلك أعتقد أن ما جاء في تقرير فينوغراد بهذا الشأن كان دقيقا، وشخَّص الحالة الحقيقية للتلعثم الذي طرأ على مستوى اتخاذ القرارات سياسيا وعسكريا.
.. وختم بن رؤوبين قائلا: لا بد من الاعتراف بأن الجيش الإسرائيلي خلال السنوات الخمس التي سبقت حرب تموز، لم يستطع بناء استراتيجية تشكل رداً ناجحا وناجعا ضد مختلف أنواع وتطورات الحروب، برغم انه تمكن من خوض معارك ناجحة جدا ضد الإرهاب. وأضاف: ان عصر الجيش التقليدي والمهام التقليدية التي تقول للجيش: اذهب، دمر، اقتل، احرق واحتل الأراضٍي قد انتهى.
القناة العاشرة/ التلفزيون الإسرائيلي 02/02/2008
كلمة واحدة كانت كافية: لقد هزمنا
بعد عام ونصف العام من الجهود التي بذلها خمسة رجال أذكياء (اعضاء لجنة فينوغراد) من ذوي التأثير، لا يزال الجمهور الإسرائيلي ينتظر النتيجة بأنفاس محبوسة. مئات الصفحات من التقرير قد تُقرأ، تُدرس ولا شك في أنها ستثير حولها الكثير من الجدل في السنوات المقبلة. ومع ذلك كلمة واحدة كانت تكفي: "لقد هُزمنا".. هذه هي كل القصة. كل كلمة إضافية غير ضرورية، فإسرائيل صاحبة الجيش الأقوى في الشرق الأوسط ـ برغم العيوب التي ظهرت أثناء الحرب ـ هُزمت على يد الآلاف من المقاتلين من حزب الله في حرب استغرقت 34 يوما.
هذه الحقيقة كانت معروفة لدى غالبية الجمهور الإسرائيلي حتى قبل عام ونصف العام، قبل بدء عمل لجنة فينوغراد، إلا أنها حصلت على مصادقة اللجنة مع نشرها للتقرير الأولي.. منذ نشر التقرير الأولي الذي أثار أكداسا مكدسة من الافتراضات والتوقعات قُبيل التقرير النهائي، مضى عام نجح فقط في التعتيم على الحقيقة الحزينة: قادة إسرائيل قادوها للمرة الأولى منذ قيامها إلى هزيمة عسكرية في الحرب.
.. كيف جرى أن سيطرت طريقة التفكير هذه (عدم الدخول برا الى لبنان) على الاستراتيجية الإسرائيلية خلال حرب لبنان الثانية؟ هل السبب هو تصميم أولمرت على عدم الغرق مجدداً في المستنقع اللبناني؟ أو ربّما تقدير رئيس هيئة الأركان المفرط لقدرة سلاح الجو؟ فبحسب كلامه ليس هناك ضرورة للسير نحو القيام بعملية برية، وقد طاب هذا الكلام لرئيس الحكومة. فهذا بالضبط ما كان يريد أولمرت سماعه.
هآرتس/ موشيه أرنس 3/2/2008
القاضي فينوغراد: لن نتراجع عن الكلام القاسي الذي ورد في التقرير المرحلي
للمرة الاولى علق رئيس اللجنة القاضي إلياهو فينوغراد على التقرير الذي أصدرته اللجنة بالقول: "يجب قراءة التقرير من بدايته حتى نهايته حتى يمكن التعليق عليه". وأضاف: "كما قلنا وكتبنا، فالتقرير المرحلي هو جزء لا يتجزأ من التقرير النهائي، واللجنة لن تتراجع عن الكلام القاسي الذي قالته هناك".
مصدر مقرب من لجنة فينوغراد قال: اضطرت اللجنة نتيجة القيود التي فرضتها محكمة العدل العليا عليها إلى الالتزام بعدم نشر التوصيات الشخصيّة، وإلاّ كان عمل اللجنة سيستمر عاما آخر.
يديعوت أحرونوت 3/2/2008
حتى لو نجحت العملية البرية الأخيرة ما كانت لتغير وجه المعركة
التركيز على الساعات الأخيرة من الحرب واتهام أولمرت بنوايا مبيتة أنه أرسل الجنود إلى المعركة لأغراض سياسية (داخلية)، كان في نهاية المطاف ضد منتقدي أولمرت. وأدى تركيز الاحتجاج على هذه المواضيع إلى أنه عندما قررت لجنة فينوغراد عدم نية مبيتة كهذه، تلقى أولمرت في الظاهر تبريراً لأعماله.
.. كان هناك انشغال مبالغ فيه قبل نشر تقرير فينوغراد بمسائل اقل أهمية، مثل قضية إن كان ينبغي استدعاء الاحتياط قبل أسبوع، أو إن كان ينبغي أن تبدأ العملية البرية قبل بضعة أيام من ذلك.. هذه مسائل نتائجها هامشية. وحتى لو نجحت العملية الأخيرة في الحرب (الستين ساعة)، ما كان لذلك أن يغير وجه المعركة.
يديعوت أحرونوت جلعاد آرييل شارون 3/2/2008
الانتقاد/ العدد1253 ـ 8 شباط/ فبراير 2008