ارشيف من : 2005-2008

حجاج فلسطين: إغلاق المعابر لم يمنع الرحلة من الاكتمال

حجاج فلسطين: إغلاق المعابر لم يمنع الرحلة من الاكتمال

غزة ـ منى حرب
كغيرها من حجاج القطاع كانت الحاجة سهيلا أبو سويرح (57 عاما) قلقة من أن رداءها الأبيض الذي أعدته بعد أن حصلت على فرصة العمر في لقاء الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وحلمها بأن تلمس الحجر الأسود يمكن أن تتبدد على  الجدار الفاصل بين الأراضي المصرية والفلسطينية في ظل الحصار المفروض على قطاع غزة منذ الرابع عشر من حزيران/ يونيو الماضي.
الحاجة سهيلا التي لم تتمالك نفسها من شدة البكاء فرحا على هذه الفرصة الذهبية تحدثت عن تجربتها قائلة "لطالما حلمت بأن اذهب إلى الأراضي الحجازية لأتمم فريضة الحج، لكن ما لاقيناه من مشقة وتعب في السفر يجعلنا مترددين في الإقدام على هذه الخطوة، لكن حب النبي صلى الله عليه وسلم وشوقنا إلى زيارة قبره وزيارة الكعبة أنستنا كل الهموم برغم أننا بتنا لا نعرف كيف سنعود وهل سيسمحون لنا بالعودة عبر معبر رفح أم سنصبح محاصرين في مدينة العريش". وأضافت "نحن منذ الساعة الرابعة فجرا انتظرنا على بوابات المعبر بعد أن أقلتنا الحافلات إلى هناك ولم يسمح لنا بالدخول إلا عند الساعة 12 ظهرا، ولكن كل هذا سهل أمام المعاناة التي يمكن أن نواجهها لو تم السفر عبر معبر بيت حانون".
الحاجة سهيلا واحدة من 2200 حاج وحاجة حضروا منذ إعلان وزارة الأوقاف والشؤون الدينية عن خروج الحجاج المقيمين في قطاع غزة عبر معبر العودة الحدودي مع مصر بعد الجدل الواسع الذي أثير في الأوساط السياسية بين حكومتي رام الله وغزة وبعد امتناع الجانب المصري عن الكشف عن نواياه تجاه المعبر وفتحه إلا في الساعات الأخيرة.
وبعد أيام من الانتظار أمام معبر رفح الحدودي الرابط بين مصر وقطاع غزة، اندفع مئات الحجاج الفلسطينيين الراغبين في الوصول إلى الأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج نحو البوابة الرئيسية للمعبر عابرين الى لجانب المصري الذي لم يفتح أبوابه بشكل كامل منذ سيطرة حماس على القطاع.
 أحمد  مقداد (44 عاما) واحد من الحجاج الذين شاركوا في العبور بالفعل قال: "لم نتمالك أنفسنا وقد انتظرنا كثيرا، وحتى لا تفوتنا فرصة الحج التي نترقبها منذ سنوات، اندفعنا لتخطي الحاجز الرئيسي بيننا وبين الوصول إلى الأراضي المقدسة، وكانت مفاجأة لنا من العيار الثقيل أن عبرنا".
وأضاف: "لم يكن أمامنا مفر من العبور، خاصة بعد أن تجاوزت أعداد المنتظرين المئات، ونحن نحرص أن نعبر بعيدا عن منافذ الإسرائيليين، حيث يخشى الكثيرون من الوقوع في قبضتهم".
لكن أهم ما لفت نظره هو: "الطريقة الإيجابية التي تعامل بها الأمن المصري مع العابرين، حيث استقبلهم وقام بفحص أوراقهم تمهيدا لنقلهم بحافلات لميناء نويبع ومنه إلى السعودية".
وقامت الحكومة المصرية بإعفاء الحجاج الفلسطينيين من رسوم الدخول والمغادرة لمصر، إضافة إلى أنها لم تقم بوضع تأشيرة الدخول أو الخروج إلى أراضيها فيما قام وفد من أطباء مصريين بتوزيع زجاجات مياه على الحجاج في الجانب المصري من المعبر.
واضطر الحجاج الفلسطينيون إلى قطع مسافات واسعة برا من معبر رفح الحدودي حتى ميناء سفاجة الذي يبعد مسافة تزيد عن سبع ساعات بالسيارة ومن هذا الميناء إلى ميناء نويبع السعودي ثم إكمال الطريق برا حتى مكة المكرمة، وهو أمر يستغرق ثلاثة أيام وهي الطريقة الوحيدة لسفر حجاج القطاع في ظل عدم وجود مطار فلسطيني أو حتى حجوزات من مطار العريش لاعتبارات سياسية.
وتغلق إسرائيل معبر رفح المنفذ الوحيد لقطاع غزة على العالم الخارجي منذ منتصف حزيران/ يونيو الماضي بعد سيطرة حركة حماس على القطاع.
وكان كثيرون من حجاج قطاع غزة  قد عبروا عن خشيتهم من السفر عن طريق معبر بيت حانون "إيريز" الخاضع للسيطرة الإسرائيلية خشيـة تعرضهم للاعتقال وعدم استطاعتهم تحمل عناء ومشقة المرور من هناك حيث التفتيش الدقيق والمشي لساعات طـويلة والانتظار، بعد أن أعلنت حكومة الدكتور سلام فياض في  رام الله أن الخامس من كانون الأول/ ديسمبر الجاري سيشهد خروج أول دفعة من حجاج غـزة عن طريق معبر بيت حانون.
ويأتي هذا الاقتحام بعد مناشدات توجه بها المواطنون الفلسطينيون للحكومة المصرية، لكي تسمح لهم بالعبور من خلال معبر رفح قبل فوات الأوان، وضياع موسم الحج لكنها لم تلق ردا رسميا.
وعلى مدى أيام ثلاثة سبقت موسم الحج كان مئات الحجاج قد تظاهروا قبالة معبر رفح على الحدود الفلسطينية المصرية، مطالبين بفتح المعبر وتمكينهم من أداء فريضة الحج.
وطالَب الحجاجُ الذين تظاهروا وهم يرتدون ملابس الإحرام مصرَ بالتدخل العاجل لفتح معبر رفح وتمكينهم من السفر وعدم حرمانهم من أبسط حقوقهم بأداء الشعائر المقدسة.
اتفاق سياسي
من جانبه أكد زهير شاهين مدير عام الإدارة العامة للمعابر في الحكومة التابعة لرئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية أن ما حدث من دخول "2240" حاجا خلال 48 ساعة لم يكن منسقا بشكل رسمي مع الجانب المصري، ولكن تدافع الحجاج أمام بوابات المعبر حرك المشاعر الإنسانية في الحكومة المصرية ما دفعهم إلى القبول بالأمر الواقع والسماح للحجاج بالدخول، مؤكدا أن الجانب الفلسطيني تلقى وعودا من الجانب المصري بالسماح خلال الأيام القليلة القادمة لعشرات المرضى وذوي الاقامات والطلبة من مغادرة القطاع، معربا عن أمله في أن تحمل الفترة القادمة الخير لسكان قطاع غزة إذا ما وفت مصر بوعودها.
وأشار شاهين إلى أنه منذ اللحظة الأولى التي تلقى فيها الجانب الفلسطيني الموافقة للحجاج بمغادرة القطاع لأداء فريضة الحاج تم التعميم على مختلف مكاتب الحج والعمرة في قطاع غزة ليتم تبليغ الحجاج بمواعيد سفرهم. 
وقال شاهين "حاولنا بطريقة ما أن نوصل للجانب المصري وتحديدا الحكومة المصرية رسالة بضرورة أن تكون القضايا ذات البعد الإنساني بمنأى عن التجاذبات السياسية، مؤكدين لهم تفهمنا للسياسة المصرية كحكومة لها حدودها ولها قوانينها ولها كذلك التزامها مع الدول الأخرى كدولة ذات سيادة"، معربا عن أمله في أن يتعاطى الجانب المصري مع  قضايا المرضى وحملة الاقامات والطلبة بشكل جدي وايجابي بما يسمح لهم بالمغادرة ويخفف من وطأة الحصار. 
الانتقاد/ العدد1246 ـ 21 كانون الاول/ ديسمبر 2007

2007-12-19