ارشيف من : 2005-2008

على طريق المسيرة التاريخية لعلماء الجزائر عام 48.. ونصرة لقضيتها: "قافلة القدس" من الجزائر إلى اسطنبول تحط في "أكناف المسجد الأقصى"

على طريق المسيرة التاريخية لعلماء الجزائر عام 48.. ونصرة لقضيتها: "قافلة القدس" من الجزائر إلى اسطنبول تحط في "أكناف المسجد الأقصى"

الفكرة لم تكن وليدة ساعتها بل تلبية لنداء أطلقته مؤسسة القدس الدولية في المهرجان العربي الإفريقي للشباب الذي نُظمت فعالياته في العاصمة السودانية الخرطوم في شهر آذار من العام 2004  لنصرة القدس: الأرض والشعب والمدينة، وبالتالي كان لا بد من الترجمة الفعلية لهذا النداء من خلال البحث عن آلية فعّالة ومجدية، فوقع الاختيار على تشكيل حملة عُرفت بـ"القافلة الإعلامية من أجل القدس"، وانطلقت من جنوب الجزائر، وتحديداً من مدينة "غرداية"  في 31 تشرين الأول ووصلت إلى لبنان يوم السبت المنصرم، وهي تضم ناشطين من جنسيات مختلفة من المجتمع المدني والأهلي العربي: جزائريين، تونسيين، خليجيين، فلسطينيين، لبنانيين، سوريين، وليبيين، للمشاركة في ملتقى القدس الدولي في إسطنبول الذي ينعقد بين 15 و17 من الشهر الجاري، وذلك بهدف ترسيخ القدس في معانيها الروحية والمدنية في وجدان الشباب العربي والمسلم.
القافلة هي من تنظيم جمعية ابو الهدى للثقافة والاعلام (الجزائر)، جمعية القدس الثقافية الاجتماعية(لبنان)، المنظمة البحرانية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني، ومشاركة الشبكة العالمية للجمعيات العاملة من أجل القدس.. وقد كان للقافلة أكثر من محطة خلال رحلتها إلى لبنان حيث أقيم لها في أكثر من "ولاية" جزائرية حفلة استقبال ووداع (ومناسبة للاعلان عن انطلاقة الرحلة التي تزامنت مع الذكرى السنوية للثورة التحريرية الجزائرية) قبل أن تصل إلى لبنان لتنطلق مجدداً إلى تركيا.. بيد أن هذه الحفاوة التي غمرتها نغصتها بعض المعوّقات الإدارية الناجمة عن التأخير في إعطاء التأشيرات التركية إلى المنضوين في القافلة، الأمر الذي فرض عليهم التأخر بضعة أيام في العاصمة الجزائرية ليحرمهم لاحقاً من المرور في الأراضي التونسية والليبية كما كان مقرراً.
والواضح إن للخطوة دلالات رمزية مهمة، أولاً لكونها الأولى من نوعها على الصعيد العربي والإسلامي، وثانياً أنها تأتي في مناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وثالثاً أنها تأتي في إطار إحياء للمسيرة التاريخية التي قام بها علماء الجزائر في عام النكبة (48) عندما ناشدوا كل الغيارى من مسلمين وعرب لتجنيد أنفسهم للدفاع عن فلسطين ومحاربة المحتل وجمع التبرعات للاجئين الفلسطينيين الذين هجروا من أراضيهم.
واللافت أن المنضوين في القافلة الإعلامية هم من الفنانين (منشدين) ومعظمهم لأول مرة يزور لبنان، وربما لهذا السبب فضلوا سلوك طريق البر للوصول إلى مقصدهم (تركيا)، وذلك  بهدف الإطلاع عن قرب على المسار الجغرافي للعالم العربي والإسلامي، وتالياً لكي يتسنى لهم تبليغ الرسالة التي من أجلها جاؤوا، وهي نصرة القضية الفلسطينية.
 "الانتقاد" التقت بعض المنضوين في "القافلة" وجلهم من الجزائريين، واستمعت إلى مدير مؤسسة ابو الهدى للثقافة والإعلام الجزائري بشير ابن عمر، فتحدث عن أهداف الرحلة، ومنها حث الشباب الجزائري على التمسك بالقدس وبفلسطين المحتلة لان "الثورة التحريرية الجزائرية ناضلت من اجل أن يتحرر الشعب الجزائري من الاستعمار الفرنسي، وكذا الحال لا نريد لفلسطين أن تكون بيد المحتل اليهودي"، لافتاً إلى "وجود حملة إعلامية أخرى في المستقبل من اجل حث الشعب الجزائري خاصة والشعب العربي والإسلامي عامة على الاهتمام بالقضية الفلسطينية، لأنه من المعيب أن يختلط على الشباب الجزائري المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة".
والى الجنوب اللبناني الذي هو الاقرب الى القدس من حيث الجغرافيا والمقاومة والتضحيات نظمت "جمعية القدس" جولة للناشطين الجزائريين على القرى الأمامية مع فلسطين المحتلة لا سيما في بنت جبيل ومارون الراس وعيتا حيث التقوا عددا من مجاهدي المقاومة الإسلامية الذين استعرضوا المواجهات البطولية التي خاضتها المقاومة أثناء عدوان تموز، وقد ابدى هؤلاء اعجابهم الكبير ببطولات المقاومة، وخصوصاً أن عددا منهم لأول مرة يرى فلسطين المحتلة بأم العين، وعلى بعد أمتار قليلة من الحدود اللبنانية ما دفعه إلى حمل بعض الأتربة وحجارة أحد المساجد الذي كان دمره العدو اثناء العدوان بهدف وضعها في المتحف كما ردد أمامنا ابن عمر.
رئيس جمعية القدس الدكتور حيدر دقماق، وفي حديث لـ"الانتقاد" أكد أن "من الأهداف الرمزية لـ"القافلة": إحياء للقوافل التي أتت في العام 36 و48 من عموم أفريقيا لنجدة أهلنا في فلسطين، ولإحياء دور المجتمع الأهلي والمدني العربي والإسلامي لكي يأتي إلى أقرب نقطة للقدس لدعم أهلنا في فلسطين مادياً ومعنوياً وسياسياً، وهذا العام اخترنا لبنان لأنه شرّف الامة العربية والإسلامية بانتصار تموز، كما أن القافلة تبرز أن الشعوب العربية والإسلامية لم تنسَ القدس، فضلاً عن أن يكون هناك نوع من التوأمة والمؤازرة بين هيئات المجتمع المدني العربي والإسلامي والمجتمع المقدسي من اجل دعم المؤسسات المقدسية في مواجهة الاستيطان، والتهويد، وجدار الفصل العنصري، والتدمير، وطمس الهوية، وقلع الأشجار واحتلال البيوت"، لافتاً الى أن "هذه القافلة ستكون حجاً سنوياً الى اقرب نقطة الى القدس بدأت هذه السنة في لبنان على أن تكون في السنة القادمة في الأردن إذا ما سمحت لنا السلطات الأردنية العبور في أراضيها لكونها منعتنا هذا العام، على أن تكون في السنوات القادمة في الجولان ورفح.. حتى نصل إلى القدس".
قافلة القدس مستمرة في المسير الى أولى القبلتين.. على أمل ان تكبر وتكبر لتجمع في صفها كل عشاق فلسطين وناصري قضيتها.
حسين عواد
الانتقاد/ العدد1241 ـ 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2007

2007-11-16