"أرضي" هو العنوان الذي اختارته مؤسسة جهاد البناء لـ"معرض المونة والإنتاج الزراعي والحرفي السنوي الأول" الذي تقيمه في الأول من شهر تشرين الثاني في مجمع سيد الشهداء في منطقة الرويس من الضاحية الجنوبية. وهي بذلك تكون قد دخلت عالم الإبداع من بابه الواسع، بعيداً عن التجارة والربح او العرض فقط، وإنما هدفت "جهاد البناء" من خلاله أن يكون معرضا اقتصاديا، تنمويا وتسويقيا، تقدم من خلاله الدعم والتشجيع للمزارعين والحرفيين، لا سيما أولئك الذين يعيشون في مناطق الريف، ولم تبذل الدولة أي جهد لدعمهم وتشجيعهم.
الفكرة وان كانت جديدة لكنها جديرة بالاهتمام، إذ أنها تعتبر باباً من أبواب الإبداعات التي تعمل جهاد البناء على تطويرها لتصبح مع الزمن رافدا من روافد الدعم للمزارعين والحرفيين. لأنه من خلال هذا المعرض يمكن تقديم مساعدة قيّمة لهم عبر تسويق منتجاتهم، ما يوفر عليهم الكثير من التعب والمشقة التي يبذلونها في سبيل تحصيل لقمة عيشهم.
ولأن مؤسسة جهاد البناء تعتبر مؤسسة إنمائية وتعمل في مجال التنمية المستدامة، فقد ابتكرت فكرة المعرض، وفي هذا المجال يقول المشرف على المعرض المهندس حسن المقداد لـ"للانتقاد": "ان مؤسسة جهاد البناء ومن خلال مسيرتها مع المزارعين والحرفيين، كان لا بد لها ان تقف الى جانبهم في حل مشاكل تصريف الزراعات والمصنوعات الحرفية وتسويقها، لأننا نؤمن ان بقاء المزارع والحرفي في أرضه ومهنته جزء من صمودنا ومشروعنا في حماية أرضنا وحرفنا، لأن المزارع يشكل عبر تضحياته عنوان هذا الصمود".
وهناك جملة من الأهداف التي حرصت مؤسسة جهاد البناء على تحصيلها من وراء هذا المعرض، أهمها تسويق الزراعات والصناعات الغذائية والحرفية، لان مشكلة المزارع هي كساد الموسم نتيجة عدم التصريف. ولذلك عمدت المؤسسة ومن خلال مسيرتها الى إطلاق مئات الورش والدورات التدريبية في مجالات التصنيع والحرفيات وتأهيل المزارعين في وسائل التوضيب والتسويق. ويرى المهندس المقداد "ان المؤسسة تعمل على تحقيق هدف أساسي، وهو رسم وتأسيس ثقافة الإنتاج المنزلي (التموين) وفقا للحديث الشريف (لا أخاف على أمتي من الفقر، بل أخاف عليهم من سوء التدبير) لأنه من خلال هذا التدبير يمكن للأسرة ان تحصّن نفسها لناحية الاكتفاء المنزلي، عدا عن الجانب الصحي الذي تؤمنه المنتجات الغذائية الخالية من المواد الحافظة".
ومن الأهداف الأخرى لإقامة معرض المونة هو إحياء مهن وحرف لا تقل شأنا عن أي مهنة أخرى في تأمين عائد مالي ومداخيل مالية تكفي مصاريف ونفقات الأسرة. ومن جملة ما تهدف إليه المؤسسة أيضا هو الحفاظ على الطابع الديمغرافي للمناطق الريفية، بحيث تعمل على بقاء المزارع في أرضه ومنطقته، وعدم نزوحه الى المدينة.
ويهدف المعرض أيضا وفق ما يقول المهندس المقداد الى "تشجيع ثقافة التموين حتى للأسر غير الموجودة في الريف، لأنه من المفيد ان "يأكل الإنسان مما يزرع او يلبس مما يحيك". إضافة الى ذلك يعمل مصممو المعرض على خلق علاقة مباشرة بين المنتج والمستهلك، بحيث يكون المعرض محطة أساسية لاستمرار هذه العلاقة، ومعبرا للتواصل بينهما من خلال آليات العرض التي اعتمدها القيمون على المعرض، وهي اعتماد أسلوب اسم المنتج على العبوة او السلعة، مع رقم الهاتف لتعزيز هذه العلاقة دون المرور بالوسطاء التجاريين، بحيث يستطيع المستهلك رسم سياسات إنتاج للمزارع او الحرفي خاصة به، وكما يحلو له وبالحجم والكمية واللون المطلوب.
الى ذلك يمكن ان يستفيد من المعرض عموم المستهلكين والتعاونيات والمنتجين والحرفيين، بالإضافة الى طلاب المدارس، من خلال ما سيعرض من أنشطة حرفية مباشرة لصناعات قديمة لم تعد رائجة في وقتنا هذا، او لمهن نادرة. وما سيعرض من أنشطة ومقتنيات بيئية قروية غابت عن أذهان جيل اليوم. فيجري العمل على إعادة إحيائها عدا عن التذكير بأمور لم تعد موجودة في عالمنا الحاضر.
لماذا أقيم المعرض في مجمع سيد الشهداء؟
وفي هذا الجانب يرى المقداد ان "اختيار مكان المعرض يرتبط بفكرة واضحة، انه في المكان الذي يكرّم فيه سيد المقاومة الشهداء وعوائل الشهداء، يكرم فيه المزارعون والحرفيون وعوائلهم، لان المزارع الصامد في أرضه او الحرفي، يمثل حلقة من حلقات الصمود والمقاومة".
لماذا عنوان أرضي؟
يسعى المرء الى إطلاق أجمل الأسماء وأعز الاسماء لديه على مولوده، وفي هذا يقول المهندس المقداد "المزارع اعز ما لديه هو الأرض، ولذلك اعتبرنا انه بالاسم يكون المزارع قد أتى بأرضه الى المعرض، وانه ليس غريبا أن يأتي من أرضه الى أرضه، ولسان حال المزارع".
مصعب قشمر
المعرض
يتضمن المعرض أشكالا كثيرة ومختلفة اغلبها قديم بحيث أن أجيال اليوم لا تعرف عنها شيئا، وتبقى في ذاكرة من عايشها وعمل بها في يوم من الأيام، واهم هذه الأشكال هي:
عدة حراثة (الفدان الذي يستعمل في فلاحة الأرض ويجره الثور أو الحصان)، مناجل حصيدة (الأدوات التي كانوا يحصدون فيها مواسم القمح)، ميزان تجاري قديم، أوان مطبخية، جهاز العروس القديم، مطاحن بن يدوية قديمة، مكواة قديمة، اجران كبة، جواريش برغل، أوان منزلية فخارية، فانوس قديم، مناجل ومصابيح وقناديل خشبية، مكنة خياطة، أباريق نحاس، مدفأة، بئر مياه قديمة مع مضخة مياه، عجلات طنبر (العربة)، أسلحة منزلية قديمة، سيوف، عدة نحت صخرية، جهاز راديو قديم من الحجم الكبير، عربات خضار، شبابيك منزلية قديمة، خوابي زيت كان يحفظ بها زيت الزيتون، عدة زراعية مختلفة، محامص بن، بوابير كاز، سلل، قاشوش ذو أصابع حديدية (الذي يجمع العشب والحشائش) صناديق عدة، خبز مباشر على التنور والصاج، منفخ حداد عربي، بُسط غنم (او ما يعرف بالطرّاحة التي تصنع من صوف الغنم) مضافة عربية، احواض سمك حي، دورات لصناعة الصابون، وتراكتور زراعي (جرار).