ارشيف من : 2005-2008
القصة الكاملة للموقوف الإسرائيلي دانئيل شارون «الذي يتعبه اسمه»!
يحمل أيضاً الجنسية الإسرائيلية حتى تراكض الخبر في المواقع الإخبارية الإسرائيلية. وبخلاف العادة، عندما يكون للمسألة بعد أمني مميز، مثل أن يكون صاحب موقع عسكري أو أن تكون المسألة مع إحدى منظمات المقاومة، لم تلتزم الصحافة الإسرائيلية الصمت. وقد احتلت المسألة عناوين الصحف فور انتهاء عطلة يوم الغفران، وأشارت الخارجية الإسرائيلية إلى أنها تتابع الأمر باهتمام مع الخارجية الألمانية.
ورغم كثرة المواد الإخبارية عن التوتر مع سوريا وعن «العينات النووية» التي قالت «ساندي تايمز» إن وحدة النخبة الإسرائيلية جلبتها من سوريا، فإن اعتقال دانئيل شارون في بيروت احتل العناوين، فكتبت «يديعوت» تقريرها تحت عنوان «الرحلة من نهاريا الى حزب الله»، فيما اختارت «معاريف» عنواناً لها «هكذا وصل دانئيل الى السجن في بيروت».
وانشغلت وسائل الإعلام الإسرائيلية المرئية والمسموعة بأمر دانئيل خاصة وقد تصادف مع نشر خبر اعتقاله وقوع حريق في دار للعجزة هو أحد مالكيها الكبار ومقتل أحد قاطنيها. ومن خلال الصورة التي عرضتها هذه الوسائل يتبين أن دانئيل يميل إلى العرب منذ وقت طويل لأسباب مختلفة، بينها أن رفقة طفولته كانت مع العرب.
وقد أشار المحامي مرام حمود من دير حنا في مناطق ,48 وهو صديق له منذ الصغر، إلى أن دانئيل كان يقضي أوقاته في القرية أكثر مما لدى أهله في نهاريا. فقد كانت مربيته وهو طفل عربية من قرية دير حنا. وأضاف مرام، الذي تحدث إلى التلفزيون الإسرائيلي، أنه علم من دانئيل عن زياراته المتكررة للعاصمة اللبنانية التي قال إنه يحبها، وكثيراً ما جلب معه حلوى منها لأصدقائه. وقال إنه فقط كان يخاف من الذهاب للعاصمة السورية خشية اكتشاف أنه يحمل أيضاً الجنسية الإسرائيلية.
وأضاف مرام أن دانئيل لم تكن تنقصه الأموال لأن لديه شركة يملك أكثر أسهمها تدير دار العجزة في نهاريا فضلاً عن أنه يملك عقارات وله شركة في دبي. وقال إن دانئيل يقيم أغلب الوقت في دبي.
ولد دانئيل في ميونيخ في ألمانيا عام 1975 وفي سن العامين تطلق والداه فتنقل مع أمه وشقيقه الأصغر بين نهاريا، تل أبيب، ألمانيا وأستراليا. وبعد قضايا في المحاكم نال والده حق الرعاية عندما كان في الحادية عشرة من عمره، فقضى سنوات صباه في «شفي تسيون» قرب نهاريا، ولكنه بعد ذلك عاد للتنقل وسافر للدراسة الثانوية في لندن.
وعاد دانئيل إلى إسرائيل وهو في الثامنة عشرة من عمره ليؤدي خدمته العسكرية. ورغم قبوله في وحدة مقاتلة هي وحدة «حوما» للهندسة الحربية، إلا أنه رفض تأدية أي مهام قتالية فيها وتهرب من الخدمة. وبعد أقل من عام جرى تسريحه من الجيش على قاعدة «عدم الملاءمة». وحول ذلك قال دانئيل، إن «آرائي السياسية تبلورت في سن مبكرة وكان واضحاً لي أني لا أريد الخدمة في الجيش الإسرائيلي، لكني لم أرغب بإغضاب والدي ووضعوني في وحدة هندسة قتالية. وبعد شهرين ونصف الشهر أبلغوني بأن وحدتي ستذهب لتنفيذ عملية عسكرية في الخليل (في الضفة الغربية) وقلت في نفسي حتى هنا»، وبدأت أهرب من الجيش وسجنت جراء ذلك شهراً، وبعد تكرار ذلك تم تحريري من الجيش وكتبوا في ملفي أن السبب هو عدم ملاءمتي للجيش».
وقال والد دانئيل، موسى شارون لموقع «يديعوت» الألكتروني إنه على قناعة بأن ليس لابنه أي ضلع بالعمل الاستخباري وأن سوء فهم ما قد وقع. وأشار إلى أن الأمر «يتعلق بوقوع ابني، حسب تقديري، في وضع إشكالي نتيجة حمله الجنسيتين الألمانية والإسرائيلية. ومن الواضح أنه سيظهر خلال وقت قصير أن ابني لم يشتغل لا في الاستخبارات ولا في أي عمل إجرامي من أي نوع كان». وأضاف «إنه لا يدخن السجائر، ولا يتعاطى الكحول ويتجنب العنف».
وشدد والد دانئيل على أنه لا يملك أي معلومات سوى ما نشر في وسائل الإعلام، وأنه «فور أن فهمنا أن الأمر يتعلق بابننا دانئيل توجهنا إلى غرفة الأوضاع في الخارجية، المسؤولة عن متابعة هذه الأمور، كما أنني من هناك اتصلت بوالدة دانئيل التي تقيم في استراليا، وهي خاطبت السفارة الألمانية في سيدني وأطلعتهم على الأمر». وقال أن كل ما طلبته منه الخارجية الإسرائيلية هو تقليل الكلام حول الأمر لأن من الأفضل معالجة الأمور بهدوء. واعتبر والد دانئيل أن الحريق الذي وقع في دار العجزة الذي يملكه دانئيل في نهاريا كان محض مصادفة بائسة.
وحاولت صحيفة «يديعوت» تحري أمر دانئيل فأشارت إلى أنه اعتنق الإسلام قبل أحد عشر عاماً عندما كان في العشرين من عمره وأنه عاش وتعلم في العاصمة الأردنية عمان. بل أن صحيفة «يديعوت» ذاتها نشرت له في ذلك الحين مقابلة روى فيها عن إسلامه. وفي تلك المقابلة قال دانئيل إن جواز السفر الألماني الذي «أحمله، بسبب أنني ولدت في ألمانيا، يسمح لي بالعيش أينما وكيفما أشاء».
أسلم شارون بعد أن تعرف، حسب قوله، بعمق على اليهودية. وقال إنه اشترى القرآن لأول مرة عام 1992 وشرع بقراءته. «بدا لي بسيطاً ومفهوماً ويتحدث بلغة الناس. والمنطلق في الإسلام أن الناس متساوون، وهذا ما راق لي. كل ما فيه بدا لي منطقياً وصحيحاً. أخذت شاهدين من الرجال وأديت الشهادتين: أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله».
وتحدث دانئيل في المقابلة عن صديقته الأردنية من أصل فلسطيني التي أوضح لها تخليه عن صلاته مع اليهودية وأنه بات مسلماً. وقال إنه وصل إلى بيروت من عمان بالطائرة عام 1996 قبل يومين من عملية «عناقيد الغضب». وقال إن رجل الأمن اللبناني قرأ اسمه على جواز السفر وشحب وجهه ثم سأله هل أنت ابن أرييل شارون. وقال «أجبت بالنفي فوضع ختماً على جواز سفري وسمح لي بدخول لبنان». وأشار إلى أن الاسم يتعبه ولكنه لا ينوي تغييره إلى محمد أو أحمد.
وفي تلك المقابلة قال دانئيل عن لبنان إنه «البلد الأجمل في المنطقة. وهم الشعب المذهل أكثر في الشرق الأوسط. إنني أعتبرهم شعباً مميزاً. لديهم جمال وأناقة لا نظير لها لدى أي شعب عربي آخر». وأشار إلى أنه «لا يوجد هناك أشخاص يتجولون مع كرش وبصندل كما في إسرائيل، وبيروت هي عاصمة الملاهي وفيها حياة ليل رائعة ونواد ليلية ومطاعم فاخرة وشواطئ رائعة الجمال».
وقال انه «تمشى على كورنيش بيروت حين حلقت مروحيات كوبرا إسرائيلية. انطلق صاروخ لبناني من أحد البيوت باتجاه المروحية، وأنا مع الجميع نظرت بخيبة أمل: لقد أخطأ الصاروخ هدفه. لم أكن حينها أهتم ببيت والدي في نهاريا، لأنني كنت أعلم أننا لم نتضرر أبدا. لم أرو لعائلتي أنني زرت لبنان لأنني كنت أعلم أن جنوناً سيصيبهم قلقاً».
عموماً ولد دانئيل لأبوين يهوديين، الأم ألمانية الجنسية والأب إسرائيلي. وكان دانئيل قد قال عن عيشه في الأردن إنه اكتشف هناك «حجم الكذبة التي ترعرعت فيها». وأشار إلى أنه تربى على الاستخفاف بالعرب ولكنه اكتشف أنهم «مثلنا» وأنه في الأردن «شعرت أنني في بيتي». وأشار إلى أن عائلته أرادته أن يعيش كالآخرين «لكنني لم أكن أشعر بالراحة في العيش في إسرائيل».
وقد تعلم شارون في الأردن الأدب العربي في الجامعة، وقال «إنني أحب الثقافة العربية، أحب جداً العرب، ولذلك ما المانع أن أعيش بين ظهرانيهم».
كتبت «معاريف» عنه أنه منذ كان صغيراً كان أصدقاؤه في نهاريا يعرفون أنه «طير غريب»، ولكنهم لم يصدقوا أنه في لبنان وأنه تحول إلى مسلم.
المصدر : صحيفة السفير اللبنانية