ارشيف من : 2005-2008
السيد نصرالله : في تموز2006 وفي تموز 2007 أنا أستطيع ان أؤكد.. نملك القدرة بأن نطال أي هدف وأي نقطة في فلسطين المحتلة بعون الله تعالى والحمد لله (المقابلة كاملة)
طال غيابه عن المحبين واشتد الشوق، لكنه كما هو في كل مرة، لمن هو أشوق..
من الناس أتى واليهم ومعهم.. باح بالسر الذي حير عقول قادة العدو واستخباراته .. وعقول الأغبياء هنا، والتي حاولت رصده في الشوارع والطرقات والأزقة فما وجدته.. وأنا لها ذلك وله في كل قلب مكان.. يعود اليه في آخر النهار ليرتاح.. وليريح من حوله من قلقهم الدائم عليه.. إنهم بالملايين، انهم شعبه وناسه ، يبكي لفقد احدهم.. وكأنها ام حسن تلك التي استشهدت.. أو أحد اخوته.. او احد ابنائه..
خنقته العبرة مجدداً عند استعادة رسالة المجاهدين.. ورده عليها..لأنه قائد يعرف معنى القيادة، وجندي يعرف معنى الاخوة في السلاح.. والمؤمن الذي يعرف للمؤمن حرمته وانه اعز عند الله من الكعبة المشرفة..فكيف بمن فضله الله على "القاعدين اجرا عظيم"
تحتار الكلمات كيف تتراصف عند الحديث عنه، إنها مهمة صعبة.. تكفل هذه المرة الزميل غسان بن جدو بها.. وكانت البداية مع "لقاء خاص" عبر قناة الجزيرة:
أن تذكر الحرب الاسرائيلية على لبنان العام الماضي وتذكر بأنها كانت بشعة شرسة مدمرة، فهذا ذكر لتأريخ وتذكير بالتاريخ . لكن ان تذكر كيف صمد شعب لبنان وتذكر كيف قاتلت مقاومته فالذكر هو من اجل التاريخ والتذكير هو كي لا يضيع أو ينسى أو يهمل التاريخ.
أن تقول ان "اسرائيل" تملك أقوى جيش مسلح في المنطقة فهذا نقل معروف لكن ان تقول ان الجيش الاسرائيلي هذا فقد هيبته في لبنان وخسر ورقته، الصورة الرائجة بأنه جيش لا يقهر ، فهذا ما بات معروفا، ان تراجع ما أعلن اسرائيليا قبل عام من أهداف وكذا ما وعدت به الادارة الاميركية وقتذاك من اقامة الشرق الأوسط الجديد، فهذه مراجعة ضرورية تفاديا لتبسيط الأحداث وكي نقرأ ذلك الزلزال في اطاره الاقليمي الدولي وأبعاده الاستراتيجية ، لكن ان نراجع ما قام به "حزب الله" ذاته سياسيا وعسكريا برؤية تقويمية ونقدية ونقف على مشهد العام الماضي، أين بات بعد عام لبنانيا وسوريا وايرانيا وعربيا واسرائيليا واميركيا فهذا هو الضروري لتفادي التبسيط.
أن نتصفح أوراق ضرب البارجة الاسرائيلية واطلاق الصواريخ ومعارك مارون الراس وبنت جبيل وعيتا الشعب وغيرها من بلدات الجنوب، فهذا مفيد جميل، لكن ان نعرف كواليس المعارك والقيادة وقراراتها وقصة البارجة وغيرها من الخفايا فهذا أجمل وأكثر من مفيد.
أن نستحضر بالذاكرة كيف تحدث الامين العام لحزب الله في مثل هذا اليوم من العام الماضي وفي أتون الحرب، في مقابلته التلفزيونية المعروفة، وأحتل من خلالها شاشات العالم كلها وقتذاك، فهذا استحضار اعتزاز، لكن ان نستحضر بالواقع هذه الخفايا فهذا هو الاستحضار الاعتزاز.
نتحدث عن ومع وحول سماحة السيد حسن نصرالله ، مرحبا بكم سماحة السيد..
س ـ بعد عام نلتقيكم لكن المفارقة ان رئيس الوزراء الاسرائيلي اولمرت يقول: ان من علامات النصر الاسرائيلي هو انه يتحرك بكل حرية ويتحدث في الهواء الطلق ويحاور من يشاء، أما امين عام حزب الله فهو مختف ويجول بين الزواريب ماذا تقول؟
ج ـ "بسم الله الرحمن الرحيم، بالمباشر ومنذ عام 1992 عندما أقدمت قوات الاحتلال، سلاح الجو الاسرائيلي على قتل أميننا العام الشهيد السيد عباس الموسوي وزوجته وطفله وفي شكل علني وفي وضح النهار، منذ ذلك الحين أنا لا أتجوّل في شوارع بيروت. يبدو ان السيد اولمرت هو لا يعرف شيئاعن الماضي فأنا لا أتجوّل لا في شوارع بيروت ولا في غير بيروت وأنا والعديد من الأخوة في حالة حذر منذ ذلك الوقت عندما اخذ الاسرائيلي خيار الاغتيالات السياسية الواضحة ويقتل القادة مع نسائهم ومع اطفالهم لكن في كل الاحوال السيد اولمرت نسي كل الاهداف التي اعلنها للحرب وقال في الكنيست انه لن يوقف الحرب اذا تحققت ووجد انه لم يتحقق منها شيء وذهب الى امر هو تحصيل حاصل الى امر متحقق منذ سنة 1992 ليقدمه كانجاز كبير وهو اني لا اتجوّل في شوارع بيروت ".
اذا اليوم، أنا أقول للسيد اولمرت ليس مهما أين أتجوَل أنا، المهم ان مشروعكم المرتبط بـ"اسرائيل الكبرى" أسقطناه ، ومشروعكم المرتبط بـ"اسرائيل العظمى" حطمناه. لا أريد أن أبالغ وأقول أسقطناه، مازالت هناك تحديات كبيرة أمامنا، ولكن حطمنا جزءا كبيرا من مشروع اسرائيل العظمى. اضافة لما أنجزه اخواننا في الانتفاضة الفلسطينية سابقا، لأنني أعتبر ان الانسحاب الاسرائيلي من طرف واحد من قطاع غزة، يعني خروج من جزء من فلسطين التاريخية، وهذا يمس صورة اسرائيل العظمى بشكل أو بآخر ، هنا نحن نتحدث عن نتائج استراتيجية في الحرب".
س ـ سماحة السيد حدثنا الآن عن كواليس اليوم الاول، قمتم بعملية الأسر، بعدئذ ما الذي حصل ؟ نتحدث عن الكواليس وليس ذلك المؤتمر الصحافي وغيره وتهيئتم ربما لعدوان، لحرب الى كل هذه المسائل، ولكن أول يوم الذي هو بداية المعركة ماذا حصل معكم؟
ج ـ "نحن كنا قد قررنا القيام بعملية أسر منذ فترة ، والأخوة كانوا قد خططوا وكانوا حاضرين بشكل دائم في تلك المنطقة التي نُفذّت فيها العملية ، وأستطيع أن أقول لك ولا أدري هذا اذا سوف يصدر في اخفاقات الجيش الاسرائيلي أم لا، ان الأخوة بقوا متوجدين في تلك المنطقة لعدة أشهر ، لما لا يقل عن ثلاثة أشهر عدا بعض الاستراحات القليلة، يعني نحن متواجدون في منطقة وفي كمين ننتظر الدورية الاسرائيلية، والاسرائيليون لم يشعروا بنا طوال هذه المدة، وكانت تمر من ذاك المكان سيارات مدنية، لم تمر خلال فترة تواجد الكمين سيارات عسكرية أو أحيانا كانت تمر سيارات عسكرية ومعها سيارات مدنية، ونحن كنا نود ومنذ البداية ان لا نُلحق أي أذى بالمدنيين ولا ان نأسر مدنيين، نحن نريد أسر سيارة عسكرية وجنودا يلبسون الزي العسكري أثناء عملية الاسر، وبالتالي أنا والأخوة المعنيين كنا بصورة انه في أي لحظة يمكن أن تتم عملية الأسر، وكنا قد حضَرنا بعض المقدمات، وعندما بدأ اطلاق النار وأعطونا الاشارة بأن العملبة بدأت، طبعا الجهات المعنية انتقلت الى غرفة العمليات لنبقى على اتصال مع الأخوة وبدأنا باتخاذ الاجراءات المتفق عليها في وضع مشابه".
س ـ كنت شخصيا موجود وتتابع العملية؟
ج ـ "طبعا، وبدأ اخلاء المراكز القيادية والمراكز الرئيسية حتى المحيط السكني للناس الذين يتواجدون في ما يسمى بمنطقة الشورى ومحيط الأمانة العامة، لأننا كنا نتوقع، وهذا كان الحد الأدنى بنظرنا انهم سيقومون بقصف هذه المنطقة بالتحديد، لذلك قمنا باخلائها بسرعة، ولذلك تلاحظ انه لم يسقط شهداء طوال الحرب في منطقة ما يسمى بالمربع الأمني. وكنا نتواصل مع الأخوة ويفيدوننا بسير العملية . تمت عملية الأسر ونقل الجنديين الى الخلف وبسرعة كبيرة وخلال فترة وجيزة جداَ اصبحنا مطمئنين بان ايدي الاسرائيليين لن تصل وكان واضحا من خلال الإداء الميداني ان الاسرائيليين فوجئوا بالعملية بشكل كبير وخلال نصف ساعة لم يكن هناك أي تحرك اسرائيلي جدي سوى التحرك الموضعي يعني نقطة الموقع العسكري القريب وحاولوا ان يتدخلوا وضربت اول دبابه ثم جاءت الدبابة الثانية ايضا ضَربت اتذكر في ذلك الوقت ان الدبابة الاولى لم تضرب بصاروخ وانما بعبوة كبيرة جداَ كانت مزروعة على الطريق وتمزقت اشلاء والدبابة الثانية ايضا دًمرت والدبابة الثالثة اصيبت وبالتالي في الساعات الاولى للمواجهة كان هناك حصيلة من الدبابات والآليات والجنود بين قتيل وجريح وبعدها بمدة من الزمن بدأ رد الفعل الاسرائيلي القصف على نقاطنا الموجودة على امتداد الحدود القصف على مواقعنا والقصف على بيوت المسؤولين وبعض الاماكن التي كانوا يعتقدون انها مراكز لحزب الله والقصف في البداية لم يقف عند حدود وبدأت المواجهة".
س ـ في ما يتعلق بالاسيرين الآن بحسب ما فهمنا من وزير الخارجية الفرنسي انكم اعلمتم للجانب الفرنسي بانهما على قيد الحياة ؟
ج ـ "هذا غير صحيح وزير الخارجية الفرنسي دقيق وشاطر قال : انا فهمت انهما على قيد الحياة لكن الاخوة لا يجيبون على هذا النوع من الاسئلة هذا الامر متروك للتفاوض ولعل مبنانا وتوافقنا في قيادة الحزب ان الشخص الوحيد المخوّل اثناء التفاوض ان يقرر اعطاء أي معلومة حول حياة وخصوصيات هذين الجنديين هو انا شخصياَ، الأخوة لم يقدموا أي شيء" .
س ـ ممكن ان نعلم الآن هل هما على قيد الحياة ؟
ج ـ "كل معلومة، كل كلمة كل اشارة يمكن في مقابلها ان نحصل على نتيجة انسانية على أسرى ومعتقلين على أي شئ آخر، التجربة في السابق أكدت لنا هذا، فلماذا نقدّم معلومات بشكل مجاني ".
س ـ متى تأكدتم بأن هناك حربا مفتوحة قد بدأت وفي الاثناء ما الذي فعلتموه شخصيا على كل حال ؟
ج ـ نحن كنا نعتقد انه في يوم من الأيام سوف تحصل حرب، وسوف يشن الصهاينة حربا على لبنان بسبب هزيمتهم عام 2000، من اجل استرداد الهيبة ولكي نرى كما ان الاسرائيلي يحمل عقدة مما حصل عام 2000. انه في حرب تموز هناك شيء تفصيلي نُشر عن معركة بنت جبيل، حيث يتبين بأن كل خلفية القرار لدخول مدينة بنت جبيل الذي كان املاءا على قيادة المنطقة الشمالية التي لم تكن جاهزة لمواجهته، ولم تكن موافقة عليه، انما جاء أمر من فوق بأن احتلوا مدينة بنت جبيل، وكان لهذا علاقة بالبعد السياسي النفسي المعنوي، وهو انه بعد الانسحاب الاسرائيلي نُظم مهرجان في بنت جبيل وألقيت يومها خطابا وتكلمت عن "أوهن من بيت العنكبوت" فهم أرادوا أن يثبتوا لي وللبنانيين وللعرب وللمسلمين جميعا ان اسرائيل هي بيت الفولاذ وليست أوهن من بيت العنكبوت. وهنا نرى كم هو العقل الاسرائيلي مسكون بالنتائج النفسية والسياسية والمعنوية لهزيمة عام 2000.
اذا، نحن كنا نفترض ان الاسرائيلي يريد استعادة قوة الردع وهيبة الردع، ويجب ان يثأر من لبنان وشعب لبنان ومقاومة لبنان بسبب الهزيمة عام 2000، لذلك كنا نتحضر ونحن لم نكن جالسين، بل نحن من 25 أيار وكانت الناس تحتفل بالنصر، ونحن بدأنا مرحلة جديدة من الاستعداد لمواجهة حربا آتية، لكن لم نكن نعلم متى سوف تحصل هذه الحرب.
اذا، من جهة الجهوزية لم تكن محتاجة مثلا أن استنفر قبل شهر أو شهرين لأن هذه الجهوزية قائمة، وفرضية الحرب كانت قائمة على كل حال.
طبعا، كان لدينا خطة للمواجهة، خطة مفصَلة، وقد وضعنا فيها سيناريوهات الحرب الاسرائيلية المفترضة ومواجهة هذه السيناريوهات".
س ـ هذا الذي حصل كنتم جاهزون له؟
ج ـ "طبعا نظريا ونفسيا ومعنويا كان كل شيء جاهز، وماديا كنا على درجة عالية من الجهوزية، وبالتالي عندما حصلت المواجهة في اليوم الاول لأن لدينا مستوى من الجهوزية، لأننا كنا نفترض ان هنالك رد فعل على عملية الأسر بشكل طبيعي، لكن في الليل بعد قرار الحكومة أعلنا الاستنفار العام والحضور في كامل الساحة اللبنانية، وبالتالي كل القدرات والامكانات البشرية والمادية المتاحة لدى "حزب الله" وُضعت بتصرَف المعركة وبدء المواجهة".
س ـ من كان يقود هذه الحرب؟
ج ـ "للانصاف نحن لا نستطيع التحدث عن شخص واحد أو أشخاص محددين كانوا يقودون هذه الحرب، كان هناك عمل جماعي ضخم وواسع، طبعا لكل منا دور، يعني الامين العام لحزب الله له دور في مرحلة الحرب ، في ادارة الحرب، والأخوة الآخرين أيضا لهم أدوارهم، هناك البعد الجهادي الميداني، هناك البعد الاجتماعي الشعبي، هناك البعد الاعلامي، هناك البعد السياسي، فالأخوة كان الكل يتحمل المسؤولية في مجاله. هناك أيضا قيادة عسكرية، مجموعة من الأخوة الكفوءين واللائقين ، هم كانوا يديرون هذه الحرب، بعضهم كان متواجدا هنا في بيروت، وبعضهم اضافة الى القيادات التي كانت موجودة في الجنوب تم ارسالهم من بيروت الى الجنوب في نفس يوم بدء المواجهات، وبالتالي هناك منظومة قيادة ، اذا اردنا ان نتحدث هناك منظومة قيادة، طبعا يقف على رأس منظومة القيادة العسكرية والقيادة العامة للمواجهة التي كانت قائمة الأمين العام ، بكل حال لأنه تنظيميا واداريا يشكَل رأس الهرم".
س ـ من كان يتخذ القرارات الحاسمة على سبيل المثال، قضية الصواريخ التي تعتبر سلاحا استراتيجيا بالنسبة لكم، من كان يتخذ القرار باطلاق الصواريخ الكيفية، العدد، التوقيت، المكان، كل هذه المسائل؟
ج ـ " الخطوط العريضة كانت مقررة مسبقا، لأنني قلت لك انه كان هناك سيناريوهات للحرب، وخطط لمواجهة هذه السيناريوهات، الخطوط العريضة مقررة مسبقا من قيادة الحزب".
س ـ لم تنقطع الاتصالات أبدا، يعني منذ اليوم الأول لليوم الأخير لم تحصل لكم أي مفاجأة مضادة؟
ج ـ "لا الحمد لله ..بشكل عام، الاتصالات كانت متوفرة وضمن خيارات متعددة، وفي كل حال هنا يصبح النقاش فني، أنا أستطيع أن أقدم اشارة على هذا الموضوع، انه عندما تم الاتفاق بعد مجزرة قانا الثانية على وقف انساني للنار لمدة 48 ساعة بأن يوقفوا هم الغارات، ونحن نوقف قصف الصواريخ، فطبيعي انه من المفترض ان مجاهدي المقاومة كانوا منتشرين في الوديان والجبال والأماكن المختلفة ومجموعات متفرقة، نحن لم نقم بطريقة جيش كلاسيكي، والقوات التي تقصف أيضا الصواريخ على اختلافها أيضا لديهم انتشار واسع في الجنوب. فالملاحظ انه خلال 48 ساعة من اتفاق الهدنة المركزي الذي حصل في بيروت لم يُطلق أي صاروخ. بمجرد انتهاء الـ48 ساعة أطلق 400 صاروخ في خلال ظرف وجيز جدا وقبلها الاسرائيليون فسَروا لأنهم لم يستطيعوا ان يستوعبوا أو يتصوروا ان هناك مقاومة لديها هذا المستوى من الادارة والسيطرة بأنه هل من المعقول ان حزب الله استطاع أن يمسك كل المجموعات التابعة له في الجنوب وفي البقاع الغربي وفي المناطق المختلفة، خلال 48 ساعة ولم يقصف أي صاروخ ، هم فسروا ذلك انهم أبادوا البنية الصاروخية للمقاومة، وكانت المفاجأة انه بمجرد انتهاء الهدنة او الـ48 ساعة ان القوى الصاروخية أثبتت حضورها أفعل واقوى من الأيام التي سبقت. هذا مؤشر انه بشكل عام حركة الاتصالات العامة والتواصل مع القوات كان قائما بشكل جيد".
س ـ طبعا، هو اليوم الاول سماحة السيد حسبما قرأنا في الملفات الاسرائيلية ، يبدو بأن الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية كانت تراقب جيدا وهو ما حاصل منذ سنوات وقد وقفت على مخازن كبيرة للصواريخ فجر 3 وفجر 5 ، وعندما ضُربت منذ اليوم الاول بشكل كبير، رئيس الاركان السابق دان حالوتس اعتبر ان الحرب انتهت منذ الساعات الاولى، ولكن ربما فوجىء بأن الصواريخ أصبحت تسقط ، هل كان هذا تغيير منكم او كان خدعة أو كنتم تعلمون ان اسرائيل قد كشفت مكان السلاح وضللتموها على مدى سنوات ما الذي حصل؟
ج ـ "أنا أستطيع أن أؤكد لك وأجزم لك بأنه خصوصا في الأيام الاولى التي أدعى الاسرائيليون انهم ضربوا مخازن الصواريخ ، بالواقع هم ضربوا بيوت وأهداف مدنية وحتى أنا أذكر انه عندما قصفوا بعض البيوت التي استشهد فيها بعض اخواننا مع زوجاتهم وأطفالهم، قالوا اننا ضربنا مخازن الصواريخ وهي كانت مجرد بيوت".
س ـ حالوتس يقول بشكل صريح بأن هذه الأماكن التي كانوا يضربونها قد دمرت؟
ج ـ "هو أعلن النصر وكم مرة الاسرائيليون أعلنوا النصر، مرة حالوتس ومرة بيرتس".
س ـ هل هذا خطأ منهم أم ضللتموهم في هذه النقطة بالتحديد؟
ج ـ "أنا لا أعرف كيف يفكرون، ولكن ما أستطيع أن أكون قاطعا فيه، ان الأهداف التي ضربوها لم تكن مخازن صواريخ وان مخازن الصواريخ لم تُقصف".
س ـ قبل هذه الوقفة سألتكم ان كبرى المفاجآت كانت قضية البارجة، حدثنا بكل صراحة نحن عرفنا ما الذي حصل، ولكن في نهاية الأمر انتم اطلقتم صواريخ وضربت هذه البارجة، كواليس اطلاق هذه الصواريخ كيف قررتم، كيف اجتمعتم ، ما الذي حصل؟
ج ـ "في ذاك اليوم حصل التشاور المطلوب بين الاخوة واتخذنا قرارا انه في هذا اليوم نحن نستخدم هذا السلاح، وهذا كان من جملة الأسلحة المخفية التي بالتأكيد لم يكن الاسرائيلي يعلم بوجودها لدينا، بل أستطيع أن أجزم انه لم يكن يحتمل وجودها لدينا، لو كان يحتمل لكان يؤثر ذلك على حركة البوارج الحربية في البحر والزوارق الحربية، ولكن حركته في البحر كانت تًظهر بأنه مرتاح واننا لا نملك شيء من هذا النوع.
اذا الآن هو وقت الرد، خصوصا انه قد بدأنا في مرحلة قاسية من الحرب ، ونحن يجب أن نبرز عناصر القوة الموجودة لدينا، وأن نخرج من التقليد لأنه في الأيام الأولى كنا مازلنا نعمل على اطلاق الكاتيوشا أي مثل حرب نيسان وتموز ، في الايام الاولى لم نقدَم جديدا، أول الجديد على ما أذكر كان البارجة، فاتخذنا القرار والشباب كانوا جاهزين والسلاح جاهز والطاقم الذي يرمي وتوجهوا الى نقطة على خط الساحل قبالة البارجة العسكرية الاسرائيلية وأعطونا علما بأن البارجة موجودة وتحت مرمانا وطبعا اطلاق الصاروخ لم يكن مسألة بسيطة، بل عملية معقدة، يعني الصاروخ هو صاروخ ذكي واطلاقه عملية معقدة، ويحتاج الى مجموعة حسابات ترتبط بسرعة الريح، بسرعة البارجة، وبالأمواج وسطح الموج والحرارة الخ.. أمور كثيرة يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار المسافة ما بين الأطلاق والهدف".
س ـ كما قيل وتردد انكم وضعتم الصاروخ فوق سطح بناية؟
ج ـ "كان هناك آلية معينة للاطلاق ما بين أن نحدَد كيف هي الآلية من مكان ثابت ، من مكان متحرك هذه التفاصيل أفضَل أن تبقى سرا ".
س ـ الذين أطلقوا الصاروخ هل هم خبراء من المقاومة وهم خبراء مهندسون؟
ج ـ " هم شباب مهندسين من شباب المقاومة ويومها الاسرائيليون قالوا انهم ايرانيين أو صينيين أو كوريين، هم شباب لبنانيين من مئات السنين آباءهم وأجدادهم، وبالمناسبة على كل حال، ان شاء الله، اذا كان لدينا وقت لكي نتكلم عن بعض جوانب النصر، النصر الالهي، أنا أعتبر ان هذه واحدة من النصر، وهو انه عندما يأتي طاقم لبناني عنده خبرة، وبقدر ما كانت هذه الخبرة ، ولكن هذه هي المرة الاولى التي يرمي فيها في الميدان في الحرب وفي ظروف حربية، بارجة حربية اسرائيلية ويصيبها من الصاروخ الأول، هذا في كل المدارس العسكرية، وعند كل الخبراء العسكريين، أمر غير عادي، وهناك اتجاهين في تفسير واحد يفسَر انها صدفة وآخر يفسَر ان هناك رعاية ما "فلم تقتلوهم وانما الله قتلهم وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى " كما يقول الله تعالى في القرآن المجيد.
في كل الأحوال الأخوة اتصلوا بأنهم جاهزون ولكن الموضوع يلزمه بعض الوقت، ونحن كنا على اتصال ، أي غرفة العمليات مع طاقم اطلاق الصاروخ، واتفقنا أنا والأخوة أن نعمل قدر الامكان على خطاب متزامن كان المفترض أن أطلع وأوجه خطاب مباشر عبر التلفزيون، مع تلفزيون المنار، ونسق مع بقية وسائل الاعلام ، تلفزيون المنار واذاعة النور، وتم التنسيق مع بقية وسائل الاعلام ان تنقل هذه الرسالة، ولكن أنا لم أحدد وقت، بل طلبت أن يكونوا جاهزين وينتظروا، لكن بمعزل عن ضرب البارجة كان المطلوب مني أن أتكلم لأنه كان قد تم قصف المربع بشكل كبير ومركر الأمانة العامة دُمر والبيت دُمر. وقال الاسرائيليون أنهم قتلوا فلان، فحتى الخطاب من خلال تسجيل لم يكن مناسبا، كان لا بد من خطاب مباشر حي ليتأكد الصديق والعدو والمحب والمبغض ان فلانا مازال على قيد الحياة وانه لم يًقتل.
طبعا، هنا أيضا العناية الالهية والتوفيق الالهي، كان ان حديثي المباشر الذي نُسَق وتزامن مع اطلاق الصاروخ على البارجة ، وتدمير البارجة يؤكد ان هذا خطاب مباشر وليس هذا خطاب مسجل قبل ساعة أو قبل يوم أو يومين، وقد كانت كل وسائل الاعلام بالانتظار بأن هناك خطاب مباشر، كلام مباشر، وكنا على اتصال مع الاخوة الى أن حان الوقت المناسب للحديث الذي كان على الأقوى سيتزامن وحسب تقديرات الأخوة مع اطلاق الصواريخ، وانا بدأت الكلام، والأخوة كانوا في صدد الاطلاق، فتزامن هذان الأمران باطلاق الصواريخ وأثناء الكلام أُعطيت الاشارة بأن الأخوة أطلقوا الصواريخ ووفقوا والآن هي تحترق، ولذلك ، لأنني تأكدت مما قاله الأخوة لي، أنا قلت انه "الآن أنظروا هي تحترق" وأنا أعطيت خبر اطلاق الصاروخ وأعطيت خبر اصابة البارجة، لأن الأخوة أخبرونا بأنهم أصابوا هذه البارجة".
س ـ هذا كان كله على الهواء مباشرة؟
ج ـ "نعم، وكل هذا كان على الهاتف".
س ـ كيف أخبرتم بأنها ضربت وتحترق؟
ج ـ "في المكان الذي كنت أتكلم فيه كان هناك أخوة آخرين موجدودين وهم يتابعون الاتصالات وأحد الأخوة كتب لي ورقة وأخبرني انه ما كنا متفقين عليه حصل، الأخوة أطلقوا الصواريخ وأصابوا البارجة وهي الآن تحترق ، وأنا طبعا، أثق بنقل الأخوة، لأني أنا قلت ما قلت بناءا على ان الضابط في غرفة العمليات الذي هو على اتصال مع موقع اطلاق الصواريخ هو الذي أخبرني وأكد لي ذلك".
س ـ لكن الجانب الاسرائيلي قال بأن اطلاق أو ضرب البارجة جاء بعد نصف ساعة وأقل من نصف ساعة من قصف منزلكم الشخصي وكأنه فُهم وكأنه رد؟
ج ـ "هم يستطيعون أن يفهموا ذلك، ولكن ثق تماما انه في ثقافة حزب الله ان منزل الامين العام لحزب الله لا يزيد قيمة عن أي منزل آخر في لبنان، يمكن أن يقصف في أي مكان من الأمكنة وبالتالي نحن ما قمنا به هو في سياق حرب وليس رد موضعي على قصف بيتي رغم ان الاسرائيلي يحاول توظيف قصف منزلي باتجاهات معنوية او سياسية معينة".
س ـ سماحة السيد أنطلق من هذا الخطاب حتى أقول خلال تلك الحرب اعتمدت طريقة الخطاب عدا تلك المقابلة التلفزيونية، لكن اجمالا كنت دائما تتحدث ، هل هذا أيضا كان من الخطط العسكرية السابقة أو انكم قررتم خلال الحرب اعتماد هذا الاسلوب الذي تبين انه كان مؤثرا وناجعا؟
ج ـ "هذا قُرر أثناء الحرب، في نهاية المطاف هناك أمور عديدة لا تستطيع أن تحسمها أو تلزم بها قبل حصول حرب، لأن السلوك الاعلامي والسياسي وحتى جزء كبير من السلوك الميداني يصبح خاضعا للظروف المستجدة، وللتطورات التي تحصل ولا تستطيع ان تحسم مسار من هذا النوع مسبقا".
س ـ سماحة السيد عندما كنت تتحدث ، كنا دائما نلاحظ بأنك تتحدث بهدوء، هل كان هدوءا مقصودا عن عمد حتى تخفي حالة التوتر القائمة ، وفي نهاية الأمر هناك حرب وأنت في غرفة عمليات لسنا ندري في أي مكان كنت ، أم ان هذا جزء من أسلوب أردت اعتماده وقتذاك للتأثير وخوض حرب نفسية بطريقة أخرى؟
ج ـ "في هذا الموضوع أحيانا الصدق أو قول الحقيقة قد يُفهم ان فيه مبالغة، لا أنا كنت رايق وأنا عادة رايق، طبعا عندما أخطب أمام جمهور ، أخطب بحماسة مقصودة لأن هذا خطاب جماهيري ولا أريد أن ينام الناس لذلك يقول الناس بأنهم سمعوني وأنا أخطب حاميا ليس كما أكون في حوار.
الأمر طبيعي اني كنت رايق، ولكن أريد أن أقول شيء من جملة الملاحظات الملفتة في هذه الحرب، هي عنوان الطمأنينة ليس عندي فقط، بل كل القيادات السياسية والعسكرية والتنظيمية لحزب الله المجاهدين في حزب الله والناس التي كانت بيوتهم تُدمر وتُقتل أطفالهم والمهجرين الذين كانوا في الخيم أو الحدائق والمدارس، هناك صفة عامة كانت عامة، ولكن هناك صفةعامة اسمها الطمأنينة، كان هناك اطمئنان كبير عندي وعند اخواني وعند كل الناس الذين واكبوا والذين احتضنوا هذه المقاومة والذين راهنوا عليها، كان هناك اطمئنان كبير بالنصر ، واذا رجعت لتسجيلات الأيام الاولى وحتى ان الكثيرين يسألوني انه عندما أنت في الخطاب المباشر يوم البارجة قلت "كما كنت أعدكم بالنصر دائما، أعدكم بالنصر مجددا"، وقلت "النصر آت آت ان شاء الله" ألم تكن تضحَي بمصداقيتك، يعني اذا كنت عم تشتغل حرب نفسية ألم تكن تضحي بمصداقيتك، أنا لم أكن اشتغل حرب نفسية، انا كنت أقول ما أنا مقتنع به، أنا كنت مطمئن وعلى يقين اننا سننتصر واذا سألتني لماذا، أقول لك هذه طمأنينة نفسية، أنا أعتبر انه حتى من مصاديق النصر الالهي انزال الطمأنينة والسكينة في قلوب المؤمنين والمجاهدين والثابتين، وفي المقابل إلقاء حالة الرعب والخوف والهلع والتردد والارتباك في صف العدو، هذا هو المشهد الذي كان عند الاسرائيلي وللحقيقة لم أكن أنا فقط على هذه الحالة، بل كل الذين كانوا معي والذين كانوا حولي، حتى عندما كنا نتكلم مع اخواننا في الجنوب في غرف العمليات الاساسية كانوا جميعا هادئين ورايقين ومطمئنين وواثقين، رغم ان المواجهة كانت قاسية جدا. وأنا أقرأ هنا نص عن جريدة معاريف يقول "انه في هذه الحرب أطلق الجيش الاسرائيلي سواء في الغارات الجوية أو القذائف الذكية أو القذائف المدفعية أوالعنقودية الخ.. أكثر مما أطلقه في جميع حروب اسرائيل مجتمعة حتى الآن"، يعني رغم هذه النار التي سقطت علينا خلال 33 يوم كنا مطمئنين، أنا لم أكن اصطنع الهدوء".
س ـ لكن مع ذلك أعتمدتم ذلك الاسلوب فقط أردت ان تواجه الناس؟
ج ـ "أنا آنذاك كنت هادىء وكان أيضا من الطبيعي أن أبدو هادئا، يعني كان ممكن أن أفتعل خطابا حماسيا، خطابا انفعاليا".
س ـ سماحة السيد، مبدأ أن تعتمد هذه الخطابات وهذه الرسائل التلفزيونية، هل هو كان الاسلوب الذي اعتمدته خلال الحرب ولم يكن مبرمجا ، لماذا؟ هل كنت تريد ان تتصل بالناس فقط، أوتريد أن تخاطب العدو أم ماذا؟
ج ـ "أنا أريد أن أخاطب الناس بالدرجة الاولى ، نحن بعد الله سبحانه وتعالى نقطة قوتنا هي الناس ونقطة ضعفنا هي الناس.
الناس نقطة قوتنا لأننا نحن أبنائهم ، أولادهم، هم يحتضنوننا، هم يحمونا، هم يغطونا، هم يساعدونا، وهم يحيطون بنا من كل جانب، فالناس هم نقطة قوتنا وبالتعبير اللبناني، هم البحر، هم الماء التي سمكنا يسبح فيه. بدون الناس نحن سمك نموت، نقطة ضعفنا بمعنى ان ما يؤذي هؤلاء الناس ، ما يلحق بهؤلاء الناس يؤلمنا ويؤذينا. ممكن اننا في المواجهات أسود وفوارس وصناديد ولكن بالتأكيد هناك مشاهد المجازر والأطفال والنساء والسيارات والأشلاء المقطعة، نحن نجلس ونبكي على هذه المشاهد، لأن هؤلاء أهلنا وناسنا، فهذه هي نقطة ضعفنا التي كانت .
لذلك الاسرائيلي من أول يوم في الحرب بدأ يقتل الناس ويضرب الناس والاعتداء على النقطة التي يعرف انها نقطة ضعفنا، وأنا أفتخر انها نقطة ضعفنا، والآن هناك من يقول كيف نكشف نقطة ضعفنا للعدو، أنا أفتخر ان هذه نقطة ضعفنا، فكان لا بد من خطاب مع الناس، هؤلاء الناس عندما يعيشون صورة المعركة وأفق المواجهة والتطورات والتحديات وحتى النقاشات السياسية التي كانت تحصل والأوضاع الميدانية ويطمئنون على واقع المواجهة، ومستقبل المواجهة، بالتأكيد كان الناس بحاجة الى من يخاطبهم ومن يشاركهم ومن يضعهم في الجو، ومن يشد من عزمهم الذي كان عزما قويا ، فكان لا بد من هذا الاسلوب بالتواصل.
أيضا، كان لا بد من ايصال رسائل للعدو، رسائل للصديق لأنه في فترة الحرب كان هناك الكثير من الناس الذين لا أستطيع أن أتكلم معهم أو أتصل بهم، الاتصال يكون من خلال القنوات والوسطاء القائمين، لذلك كان من المفترض أن يسمعني الجميع، الصديق، العدو، الناس من المجاهدين المقاومين، لأننا نحن نتكلم مع القيادات في الجبهة، لكن أنا لا أستطيع أن أطلع وأتكلم مع كل واحد على التلفون أو على جهاز اللاسلكي، فكانت هذه الرسائل هي جزء من الحرب".
س ـ في هذه الرسائل أيضا سماحة السيد أكثر من مرة لاحظناك بأنك تتحدث للرأي العام العربي والاسلامي، وحتى انك قلت وقتذاك عليكم أن تدركوا بأن هذه ربما تكون فرصة تاريخية لخوض هذا الصراع مع "اسرائيل"، هل كنت تخطط أو ترغب أو فهمت بأنه يمكن ان تكون قائدا كبيرا في الأمة العربية وليس فقط في حزب الله في لبنان؟
ج ـ "أنا لا أفكر بهذا الطرح، لا قائدا عربيا ولا حتى قائدا لبنانيا، ولا قائدا شيعيا، ولا قائدا اسلاميا، ولا أفكر بهذه الطريقة نهائيا.
كل ما أفكر به بأنه في هذه فرصة الحياة المتاحة لي أن أقوم بواجبي، أنا من الأشخاص الذين يؤمنون بشدة بيوم القيامة، وبأننا سنقف بين يدي الله سبحانه وتعالى لنُسأل عن كل صغيرة وكبيرة، كل هاجسي وهمي عندما أقف بين يدي الله سبحانه وتعالى أن أقدَم الاجابات التي أحصل فيها على رضاه ورضوانه، وأدَعي استطيع أن أدَعي انه ليس لدي أي طموحات دنيوية لا على مستوى زعامة ولا قيادة ولا مناصب ولا ادارة ولا سلطة، ولا أي شيء من هذا القبيل، حتى عندما أوجه خطاب للعالم العربي، أنا أحاول أن أقدَم رسالة دماء الشهداء ودموع الأيتام وتضحيات الشعب اللبناني التي كان يقدَمها في تلك الايام، أقدَمها لمصلحة المعركة ولمصلحة الهدف والقضية المقدسة التي نضحي من أجلها جميعا".
س ـ ما هي قصة تلك الرسالة التي وجهتها للمقاومين وأنت قلت في البداية ان هناك تواصل مباشر مع هؤلاء، ولكنك آثرت بعدئذ أن توجه اليهم رسالة عبر الأثير المرئي بتلك الطريقة حتى فهمنا بأنه كانت غصة لديك، ما الذي حصل وما قصة تلك الرسالة بالتحديد؟
ج ـ "الأخوة طبعا هم أرسلوا رسالة وبثوها في وسائل الاعلام، عندما بُثت في وسائل الاعلام، أدبيا أنا يجب أن أجيب على هذه الرسالة، لأن هم اختاروا ان ينقلوا هذه الرسالة لي من خلال وسائل الاعلام".
س: لماذا؟
ج ـ "أعتقد انهم كانوا يريدون أن يسمع الشعب اللبناني وان يسمع العدو، وان يسمع العالم العربي والاسلامي وكل العالم كلمتهم، وان يعرف عزمهم وتصميمهم وارادتهم على المواجهة، لأن هذه الرسالة في الحقيقة كانت تجديد العهد والميثاق مع المقاومة وقيادة المقاومة وخط المقاومة وأهداف المقاومة، وهي بالمناسبة لا أدري اذا كان الأخوة المجاهدون يقصدون بذلك، ولكن ممكن انهم اشتغلوها بطبيعتهم وبفطرتهم وبصدقهم، لكن هذا من أجدى وأنفع أساليب الحرب النفسية في العالم التي تثبت الصديق وتخيف وتزلزل العدو.
اذا، كان لا بد من جواب، وكما كانت رسالتهم من القلب، كان جوابي من القلب، ولذلك في تلك الرسالة أنا تحدثت في البداية عن الوضع السياسي والوضع الميداني، ولكن عندما وصلت الى هذا المقطع، أنا كنت متأثرا جدا وأمسكت بأعصابي لأنني أنا كنت أخاطبهم أيضا من قلبي".
س ـ هل كنت تكتب رسائلك أم تكتب عناوين؟
ج ـ " في بعض الأوقات كنت أكتب رؤوس أقلام ، مثل يوم الخطاب المباشر، يوم البارجة، وأحيانا كنت أتوسع في بعض رؤوس الأقلام ، لكن في بعض المقاطع السياسية والحساسة كنت أكتب نص، ولكن عندما كنت أقرأ النص، كنت أُدخل عليه تعديلات، لذلك لم يكن هناك أسلوب واحد معتمد.
س ـ حتى ان الخطاب الاول الذي كان الأهم والأخطر والأول، كان هناك رؤوس اقلام؟
ج ـ "نعم كتبت فيه رؤوس اقلام".
س ـ ألم يكن في ذلك شيء من المغامرة؟
ج ـ "لا ، ليس هناك مشكلة".
س ـ لم نكن نستطيع ان نسألك في العام الماضي وقد ذكر الكثير أين كنت في التحديد، هل في السفارة الايرانية أو في بعلبك أو سورية، أين كنت؟
ج ـ "هذا فليبقى سرا ، طبعا لم أكن في سوريا ولم أكن في السفارة الايرانية، ولا في كثير من الأماكن، ولكن هم عندما حاولوا ان يقولوا في السفارة الايرانية او سوريا أنا كنت بين اخواني وبين أهلي وفي أرضي وفي المكان الذي كان يجب أن أكون فيه".
س ـ أريد أن أختم في هذا الجزء الأول طالما اننا نتحدث عن سورية سماحة السيد في هذا الجزء الأول وهذه مسألة أساسية وأنا أود من فضلك اجابة صريحة، في تلك الفترة تم الحديث عن أمكانية ان تدخل سورية في تلك الحرب، والحقيقة انه عندما بدأ الهجوم البري الاسرائيلي كُثر الذين تحدثوا عن ان هذه الحرب قد تتوسع اقليميا، ومن ثم قد تدخل سورية وهناك عدة معلومات وصلتنا لا أريد أن أذكرها ، ولكن على الأقل ألخصها في عنوانين أساسيين: عنوان كان يقول، بأن سورية كانت تريد أن تدخل الحرب فعلا ولكنكم أنتم في قيادة حزب الله نصحتم بعدمه في ذلك الوقت. وعنوان، بالعكس أنتم كنتم في حزب الله تريدون أن تتوسع الحرب حتى تحصنوا أنفسكم أكثر، لكن يبدو ان القيادة السورية لم تكن مهيأة ، أين الصحة في ذلك وما حكي عنه؟
ج ـ "في البداية أنا أستطيع أن أؤكد بشكل جازم بأنه لم تكن لدي قيادة حزب الله أي رغبة في توسع الحرب لكي تصبح حربا اقليمية لأسباب كثيرة، سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية وهذه الحسابات كانت حسابات صحيحة، فنحن لم نكن نرغب بذلك ولم نفعل ما يؤدي الى ذلك، ولم نطلب من سورية أو من أي صديق آخر مثلا ، البعض يتحدث عن ايران "انه تفضلوا وادخلوا الحرب الى جانبنا" على الاطلاق، لم يكن هذا في نيتنا ولا في رغبتنا ولم نكن نرى مصلحة في ذلك".
س ـ لماذا عدم المصلحة فيها؟
ج ـ لأننا كنا مطمئنين بأننا سننتصر في هذه الحرب وان لدينا القدرة على المواجهة وان توسعة الحرب الاقليمية قد تؤدي الى تطورات اقليمية كبيرة والى تطورات دولية كبيرة ولا نعرف أين ستصبح المنطقة كلها.
الحرب في لبنان عندما كنا نخوضها كنا نرى أمامنا أفقا واضحا انه في نهاية المطاف، هناك خسائر سوف تلحق بلبنان ولحقت بلبنان، ولكن يمكن ان نصل الى نقطة تقف فيها الحرب ، تنتهي فيها الحرب وننتصر ونمنع العدو من تحقيق أهدافه.
اذا، بقاء الحرب في الدائرة اللبنانية كان يعني بقاءها تحت السيطرة توسع الحرب اقليميا، كان يمكن أن تذهب الى حدود لا تعود بالتأكيد تحت السيطرة، ولا نعرف ماذا يمكن أن تكون النتائج، هذا من وجهة نظرنا ومن قناعاتنا.
أما القيادة السورية كانت تنوي أو كانت لا تنوي، أنا أعتقد ان قرارا بهذا المستوى لا تناقشه معنا القيادة السورية، وخصوصا ونحن في حالة حرب ومواجهة قاسية وحادة. ولكن ما أعرفه أنا وما أعلمه بالتأكيد ان سورية أبلغت من خلال وسطاء حكومة العدو بأن أي تقدَم بري في منطقة العرقوب باتجاه منطقة حاصبيا ـ راشيا بما يحاذي سلسلة الجبال الشرقية، يعني هذا الذي يُعتبر الحرم الأمني لدمشق فان سورية لن تقف متفرجة وانها ستدخل المعركة، وطبعا حيثياتها هي الدفاع وهذه حقها الطبيعي الدفاع عن أرضها وعن عاصمتها وعن مدينتها، وحتى ما أعلمه أنا ان التهديد كان يفترض دخول قوات سورية الى سلسلة الجبال الشرقية حتى ضمن الأراضي اللبنانية لملاقاة القوات الاسرائيلية التي سوف تدخل من تلك الزاوية، وما أعلمه ايضا ان الاسرائيليين أخذوا هذه الرسالة على نحو الجدية.. الجدية الكبيرة، ولذلك تلاحظ انه لم يحصل على ذاك المحور أي تقدم بري على الاطلاق، لم يتقدم أي جندي اسرائيلي على ذاك المحور، وكل التقدمات البرية حصلت على المحاور الأخرى التي كنا نواجهها نحن".
س ـ هذا الكلام أكيد سماحة السيد بأن سورية كانت تهدد بامكانية أن تدخل حرب وقت ذاك؟
ج ـ "نعم لو دخلت القوات الاسرائيلية من ذاك المحور باتجاه منطقة حاصبيا ـ راشيا، لأن هذا سيعني ان دمشق أصبحت تحت النار ومن حق سورية أن تتصرف ان هذا تهديد وتهدَد بالمقابل.. الى حد ما هذه معلوماتي".
س ـ أخيراً سماحة السيد أكثر شيء أزعجكم في تلك الحرب عسكريا؟
ج ـ "نحن أثناء الحرب كان عندنا خيارات جيدة في الجانب العسكري، في خلاصة.. يعني في البحر اطلاق الصواريخ على البارجة استطعنا ان نخرج القوة البحرية الاسرائيلية من المعادلة، وعندما حاولت البارجة أن تقترب في اتجاه شواطىء صور ايضا أطلقنا عليها، وأنا أجزم اننا أصبناها "الاسرائيلي ينكر لا ينكر هذا شأنه" ولكن الكل شاهد على شواطىء صور كيف أن هناك مجموعة من السفن الحربية الاسرائيلية جاءت الى نقطة اطلاق النار، لماذا هذا الاستنفار البحري، ومن ثم لاحقا قصف زورق بحري في مقابل شواطىء صور الذي شوهد على شاشات التلفزة.
اذا، نحن استطعنا ان نعطل القوة البحرية الاسرائيلية ، هذا واحد، ثانيا على مستوى الجو، المروحيات أسقطنا عدد من المروحيات وهذا كانت نتيجته ان المروحيات الاسرائيلية باتت لا تجرؤ على الطيران في سمائنا في النهار ، في الليل، نعم كان عندنا مشكلة الرؤية في الليل فظلت طائرات الهيليوكوبتر تعمل ليلا ولكن أخرجناها من المعادلة في النهار.
اخراج القوة البحرية من المعركة وتعطيل حركة الهيليوكوبتر نهارا هو الذي أجبر العدو الاسرائيلي أن يعتمد بشكل مكثف ولا سابقة له على سلاح الجو، على الطائرات الحربية لأنه لم يتوفر لدينا قدرة مواجهة سلاح الجو، ولذلك كان عدد الغارات، ومعاريف تتكلم عن 12 الف طلعة وأغلب هذه الطلعات كانت قتالية يعني كان الطيران يستطلع استطلاع قتالي.
ـ ميدانيا، قدرتنا على اصابة كل الأهداف في شمال فلسطين والضرب على حيفا وما بعد حيفا واستمرار هذه القدرة الى اليوم الذي توقفت فيه الحرب، هذا كان عامل قوة كبير جدا بالنسبة لنا وكل سلاح الجو الاسرائيلي الذي كان يراهن عليه عجز عن ان يمنع انطلاق هذه الصواريخ حتى آخر يوم، وطبعا حتى آخر يوم نحن كنا جاهزون لضرب تل أبيب في ما لو تعرضت بيروت للقصف وهذه الامكانية بقيت قائمة حتى آخر لحظة".
س ـ عندما هددتم بضرب تل أبيب كنتم جادين في هذا الأمر؟
ج ـ "طبعا، وبالتأكيد وما بعد تل أبيب، حتى في تموز وآب 2006 لم يكن هناك مكان في فلسطين المحتلة لا تطاله صواريخ المقاومة، تل أبيب وغير تل أبيب، أي زاوية ، أي نقطة في فلسطين المحتلة كان يمكن ان نطالها بكل تأكيد والآن يمكن ان نطالها بكل تأكيد .
ـ في المواجهة البرية كانت مفاجأة الصواريخ ضد الدروع وهذا التدمير الكبير للدبابات الذي حصل والذي هو غيّر موازين الحرب في الأيام الاخيرة من الحرب لأنهم راهنوا أخيرا على العملية البرية فأيقنوا ان أي عملية برية ستكون فاشلة، وسوف تلحق خسائر كبيرة جدا بدباباتهم وضباطهم وجنودهم.
لذلك عسكريا، أنا أستطيع أن أؤكد وطبعا هناك تضحيات وشهداء ومواجهة، ويمكنك ان تتصور..هناك مقاتلون يقاتلون، والنار من فوقهم ومن حولهم، ولكن المعنويات كانت ممتازة، الادارة ممتازة، والحضور الميداني ممتاز.
النقطة الوحيدة بالموضوع الذي كان يضغطنا هو الناس، حتى شهداء المقاومة، رغم انه يؤلمنا ولكن لم يكن يشكل عامل ضغط لأن هذه من عدة الحرب والشباب اصلاً هذا كان خيارهم ولكن عندما كانت تحصل المجازر وكان يقتل المدنيين وتدمر البيوت في النهاية حتى البيوت كنا نتأثر لتهديمها، لأنك اذا أردت ان ترجع وتعمر هذه عملية صعبة، ولكن أشد ما كنا نتأثر به هو الناس.
وللحقيقة، أنا عندما قلت يا أشرف الناس، ويا أكرم الناس، ويا أطهر الناس هذه قلتها في نفس رسالة المجاهدين، ولكن رسالة المجاهدين أخذت الجو الاعلامي، ولكن في نفس الرسالة أنا وجهت هذا الخطاب للناس، وقلت هذا من كل قلبي لأن هؤلاء الناس الذين كانت تدمر بيوتهم وتقتل رجالهم ونساءهم وأطفالهم وارزاقهم، وهناك مناطق بكاملها هُجرت .. ومع ذلك كان موقفهم الى جانب المقاومة كان موقفا شريفا وعظيما، وأنا أعلم ان هناك وسائل اعلام كثيرة كانت تجول على مراكز المهجرين والمدارس والحدائق ، وان هناك وفود من سفارات أجنبية كانت تجوب لتلتقط كلمة واحدة من مهجر او من مهجرة لتدين فيها المقاومة، أوتدين فيها المجاهدين او حزب الله ولكنهم لم يسمعوا الا كلاما قويا وعزيزا ومتينا من من.. من مشردين، من مهجرين تدمر بيوتهم ويقتل اعزاؤهم.
ان حجم الحب والعاطفة الذي نحمله للناس مثيله قليلا ، ولذلك صدق تماما بأني واخواني عندما تقتل امرأة أو بنت أو ابن أو طفل نشعر بأن والدتي هي التي استشهدت وان طفلي هو الذي استشهد ، هذه هي النقطة الوحيدة التي كانت تؤلمنا. أما بقية الأمور، الضغوط العسكرية، الضغوط السياسية كلها والحمدلله كنما نملك القدرة أو الجهوزية على الصمود أمامها".
س ـ هناك معلومة أود أن أعاود تأكيدها هل فهمي دقيق بأن لحزب الله الآن وليس حرب تموز العام الماضي ايضا، امكانات صاروخية بأن تطال أي زاوية داخل "اسرائيل" أو فلسطين؟
ج ـ "لقد قلت ذلك قبل قليل وأنا اؤكد الآن انه في تموز2006 وفي تموز 2007 أنا أستطيع ان أؤكد ، نعم نحن نملك القدرة بأن نطال أي هدف ، أي نقطة في فلسطين المحتلة بعون الله تعالى والحمد لله".
..
وهنا ختم الزميل غسان بن جدو الجزء الاول من برنامج "لقاء خاص" بـ..مشاهدي الكرام ، شكرا على حسن المتابعة، ونلقاكم في الجزء الثاني باذن الله وفي أمان الله..
س ـ مرحبا بكم سماحة السيد من جديد، في الجزء الأول تناولنا القضايا العسكرية وكواليسها، ولكن اسمح لي أن نبدأ في هذا الجزء من المصطلح الذي ذكرتموه بعد الحرب، وصف ما حصل بأنه نصر الهي، نحن نعلم بأنكم مؤمنون بأنكم مسلمون، بأنكم غيبيون، ولكن لماذا تصفون هذا النصر بأنه الهي وكأنه لا قدرات وكأن بشركم لم يكن يملك شيئا على الأرض، انما اعتمدتم فقط على الرعاية الالهية؟
ج ـ "وصف النصر الالهي لا يعني هذا على الاطلاق، نحن فهمنا يقول ما يلي: ان الله سبحانه وتعالى أمرنا أن نُعد العدة ، أيضا أمرنا أن نجاهد، من يعتدي على أرضنا ويحتل بلدنا، يهدد وجود هذا البلد. هذا واحد.
نحن نتحدث عن أمر المقاومة، كما انه عمل وطني ، لكن هو بالدرجة الأولى بالنسبة الينا هو تكليف الهي ديني شرعي ينسجم مع شرائع السماء كلها، فأولا نحن نستجيب لأمره.
ثانيا، هو أمرنا أن نُعد العدة "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"، وأمرنا بالقتال، وفي القتال ان نأخذ في الأسباب هذه العوامل المادية، كل الأسباب العسكرية السياسية، المادية، الاجتماعية ، المعنوية والاعلامية الخ.. الى جانب هذا، نحن نؤمن بأن الأمر هو بيد الله سبحانه وتعالى أولا وأخيرا و"ماتشاؤون الا أن يشاء الله".
الله سبحانه وتعالى قال لنا "توكلوا عليَ" عندما نطيعه ونلتزم أمره ونمشي في طريقه ونتوكل عليه ونؤمن بأنه يتدخل، وليس كما قالت اليهود ، الله تعالى يقول: "قالت اليهود يد الله مغلولة"، نحن نؤمن بأن كل ما يجري في هذا الكون هو في يد الله وفي مشيئة الله سبحانه وتعالى، اذا هو يتدخل وهو وعد بأن ينصر، وأن يمد، وأن يعين، وأن يدافع، وأن يقوي، وأن يرمي، وأن يثبت، وأن ينزل السكينة والطمأنينة وأن يغير المعادلات والموازين، كلنا نؤمن به.
نحن، لا يمنع اننا أطعنا أمر الهنا واشتغلنا تكليفنا وأخذنا بالاسباب . كل شيء نستطيع أن نقوم به على مستوى الأخذ بالأسباب أخذنا فيه، الآن تقول لي انكم لم تسقطوا "فانتوم" طيب أنا لم أستطع ان أحضر سلاح يسقط "فانتوم" ولكن كل شيء نستطيع فعله في مساحة القدرة والطاقة نحن فعلناه.
س ـ في خضم الاتصالات السياسية العام الماضي هل فوجئتم بموقف الجنرال عون منذ الأيام الاولى عندما وقف الى جانبكم، هل فوجئتم بهذا الأمر وهل وقف متأخرا بعد ان يتأكد بأنكم يمكن ان تكونوا صامدين أم ماذا؟
ج ـ " أنا بحسب معرفتي بالعماد عون حتى عندما عملنا التفاهم ، كنت أعتبر ان من جملة خصوصيات هذا الرجل ، الصدق والوفاء، ممكن أن تختلف معه في السياسة، ولكن الذي يقوله يقوله، والذي يلتزم به يلتزم به، هذه قناعتنا. عندما عملنا التفاهم بين "حزب الله" و"التيارالوطني الحر" نحن عملنا أساس وطني كبيرجدا ولمرحلة متقدمة، وأنا برأيي خصوصا بالموضوع المسيحي ـ الاسلامي في لبنان، اذا أردت أن تقول ما قبل وما بعد التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر تستطيع أن تعمل مفصل ما قبل التفاهم وما بعد التفاهم، وأنا في هذه النقطة بين هلالين، نتيجة النقاشات التي تحصل في لبنان، المرحلة السابقة ممكن كثيرا ان نتناقش فيها، لكن أنا أقول للمسيحيين حزب الله ملتزم تماما بالتفاهم وارجعوا واقرأوا التفاهم بشكل جيد لكل واحد يحاول يحكي عن مخاوف لها علاقة بحزب الله.
في كل الأحوال، تأسست هذه العلاقة من خلال التفاهم ومشيت في السياسة وفي غير السياسة، وجاء الموقف في زمن الحرب ليؤكد رؤيتنا وفهمنا ذلك لم يكن مفاجئا ، نعم كنا سعداء جدا بأنه ثبت ان رؤيتنا وفهمنا للرجل ولتياره انه صحيح".
س ـ كان هذا منذ الأيام الاولى أو بعد ذلك؟
ج ـ "منذ اللحظات الأولى ومنذ الأيام الاولى وأنا أعرف ذلك وطبعا الانسان عندما يحترم هذا الموقف أكثر، في ان واحد أخذ موقف معك، فهذا ينطبق طبعا على بقية القيادات السياسية المسيحية والاسلامية الوطنية الموجودة في لبنان، كل هذه القيادات عندما تقف معك، من أول يوم لأنه تبيَن ان هناك حرب عالمية عليك وبالتحديد، طلع واحد زائد واحد يساوي اثنين، انه مستحيل انك تربح، بل الصعب جدا انك تربح ويأخذ الموقف معنى ذلك، انه لا يأخذ الموقف لحسابات سياسية وحسابات مصالح انما يأخذ الموقف المبدئي الاخلاقي الوطني، سليم صحيح ويجب ان يؤخذ أيا تكن نتائج هذا الموقف.
أنا أعتقد ان الذين أخذوا الموقف الى جانب المقاومة في ذلك اليوم أخذوه على أساس اخلاقي انساني وطني، وليس على أساس مصالح شخصية، عندما ننظر الى الأيام الأولى وحجم الهجوم الكبير علينا غير العسكري، السياسي والاعلامي، وان هذه الحرب ستستمر وستطول وسيدمَر حزب الله ويسحق حزب الله، هناك ناس لم تكن مضطرة ان تأخذ مواقف وأنت تعرف ان هناك ثقافة عند بعض اللبنانيين، أنا أسميها ثقافة الوقوف على التل، عندما يكون هناك صراع تقف على التل وتتفرج لترى الى أين الكفة ستميل فيأخذ هذه الكفة.
كل الذين أخذوا المواقف منذ اليوم الأول لم يقفوا على التل، وما كان يعنيهم النتائج السياسية والعسكرية للمعركة، هم كانت خلفيتهم خلفية أخلاقية وطنية، ولذلك أنا قلت في المقابلة معك بعد الحرب، اننا نشعر بأن لهذه القيادات وهذه التيارات وهذه القوى دين في أعناقنا لا يمكن أن ننساه أو نتجاهله الى يوم القيامة، هذا التعبير يدل كم أثر فينا هذا الموقف عاطفيا ونفسيا".
س ـ هناك مـن وقف على التل وهناك من وقف معكم وهناك من لم يكن معكم؟
ج ـ "بدأنا بالمشاكل..، هناك قوى سياسية اتخذت موقف على ما أذكر الآن من معظم السياسيين، لم يقف أحد على التل، هناك ناس كانت واضحة وهناك ناس احتضنوا المقاومة سياسيا، حياتيا، اجتماعيا وعسكريا، وحقيقة اعتبرت ان مصيرها ومصيرنا واحد. وهناك ناس لم تقف على التل واتخذت الموقع الآخر ونحن بعد الحرب عندما طالبنا بحكومة وحدة وطنية كان الرد علينا بأن حكومة الوحدة الوطنية هي انتحار. وصدرت بيانات قاسية اللهجة حملتنا مسؤولية الحرب، تكلمت بنفس لغة العدو الاسرائيلي وان الحرب كانت من اجل سورية، ومن أجل ايران وليست حربا وطنية، وقتها حصلت سجالات وأخذ وعطاء في هذا الموضوع، لكن هناك قوى أنا لا أنكر ان قواعدها الشعبية، ممكن هي أعطت ايعاز أو مؤكدا أعطت ايعاز بالاهتمام الانساني والاجتماعي، وأنا شكرتهم وقت الحرب، ولكن على المستوى السياسي والاعلامي والموقف السياسي هم لم يكونوا معنا، وهناك قيادات سياسية لو سمعت خطابها في وقت الحرب ورأيت وسائل اعلامها في الحرب بالحد الأدنى لم يكونوا معنا".
س ـ للتاريخ سماحة السيد لماذا أتهمتم حكومة الرئيس السنيورة بأنها لم تكن معكم وحتى انكم استخدمتم عدة مرات مصطلح بأنكم طُعنتم في الظهر؟
ج ـ "هذا يدخلنا الى الحراك السياسي وقت الحرب كلها، يعني الطروحات السياسية والأهداف السياسية والمفاوضات، الأقدر على التحدث عن هذا الجانب هو دولة الرئيس نبيه بري لأنه هو كان في الحقيقة يقود عملية التفاوض، بل أستطيع القول كان يقود العملية السياسية، يعني منذ الأيام الأولى للحرب، بالنهاية كان هذا الموضوع بأنه ليس هو فقط رئيس مجلس نيابي، أكيد كونه رئيس مجلس نيابي يستقبل وفود تتكلم معه بحسب التركيبة اللبنانية، لكن في نهاية المطاف حزب الله وامل هما الموجودان بشكل مباشر على الأرض في الجنوب، وفي مواجهة المعركة ونحن اخلاصا لهذه المعركة ، نحن وهم كنا معنيان بتنسيق كل جهودنا، فمن البداية كنت أنا أتابع الشق العسكري بشكل مباشر، وطبعا دولة الرئيس يكون في كامل الصورة وهو يتابع الشق السياسي، وأنا أكون في الصورة ونبقى على تشاور دائم".
منذ الأيام الاولى للحرب، الاسرائيلي والأميركي وضعا هدف، وبعد ذلك نأتي للشرق الأوسط الجديد والهدف هو انهاء حزب الله، انهاؤه بمعنى الوجود العسكري والسياسي الخ.. واطلاق سراح الأسيرين بلا قيد وبلا شرط، وارسال قوات متعددة الجنسيات تحت الفصل السابع الى جنوب لبنان، يعني لا الاميركيين ولا الاسرائيليين ولا حتى بعض الأطراف الداخلية اللبنانية كانت في ذلك الوقت تتكلم عن ارسال الجيش الى الجنوب، لأنهم كانوا يتعاطون مع الجيش على انه جيش غير موثوق، قيادته، ضباطه، جنوده وعقيدته غير موثوقة وبالتالي لم يكن الطرح المعتمد في ذلك الحين، هو ارسال الجيش الى الجنوب لحل المشكلة، انما ارسال قوات متعددة الجنسيات تحت الفصل السابع.
الحكومة اللبنانية وقفت منذ اليوم الأول وقالت انه ليس لديها علم ولا دخل لها، ماشي الحال، نحن لم نعلَق على الموضوع، لكن لبنان الآن اصبح في حالة حرب صح أم خطأ، من اتخذ القرار، هو الآن في حالة حرب. وقالوا بعد ذلك نتحاسب، ولكن كيف تصرفوا كحكومة لبنانية معنية بحالة حرب، كوسيط أو كطرف أبعد من وسيط، منذ بداية الحرب قالوا يا شباب "اسرائيل" ستكمل المعركة، شهر ، اثنين، ثلاثة، أربعة ولن تقف هذه المعركة وستدمَرون وستسحقون ولا يوجد حل الا كيت وكيت وكيت، ويضغطوا علينا في هذا الاتجاه، طيب هنا انت بدك تحمل معي أو تضغط عليَ".
س ـ ما معنى كيت وكيت ومن الذي كان يضغط عليكم ، وأنا حسب ما فهمت من الرئيس السنيورة بأنه لم يكن يتبنى موقفا كان ينقل لكم؟
ج ـ "كان ينقل لنا الموقف ويقول لنا انكم ستدمَرون وتسحقون ان لم تقف هذه الحرب، ولكن بعد ذلك كان يتبنى. منذ البداية فريق السلطة حمل هدف واشتغل له.
33 يوم حرب نحن ماذا كنا نطرح؟ كنا نطرح وقف اطلاق نار غير مشروط، وبعد وقف النار نرى كيف نحل المسائل الثانية، وأنت تذكر انه كان هناك قيادات سياسية تطلع على وسائل الاعلام وتقول، نحن نرفض وقف اطلاق نار، كيف ما كان نحن نريد حلا شاملا للمشاكل القائمة مع "اسرائيل"، يعني ماذا كانوا يقولون، استمري يا "اسرائيل" بتهجير الناس وبتدمير بيوت الناس وأكملي القصف والقتل، نحن لا نريد وقف اطلاق نار الا في اطار حل شامل، يعني القصف كان ينزل على رأسنا والرئيس فؤاد السنيورة لا يريد وقف اطلاق نار الا ليحل موضوع مزارع شبعا والبنود التي تكلم عنها.
كل الذي قيل من أول يوم لآخر يوم، نريد حل شامل وبسط سلطة الدولة ولا سلاح الا سلاح الدولة، يعني هم يستغلون الحرب ودمائنا وأشلائنا وبيوتنا وناسنا والبلد كله.
هل تتصور ان هناك لبناني مسؤول عنده احساس انساني وطني في الحكومة أو في فريق السلطة، ويقول نحن لا نقبل وقف اطلاق النار الا في اطار حل شامل ، كيف ذلك؟.
لما أتينا الى المفاوضات، كل الكلام معنا كان سلَم الأسرى وسلَم السلاح طوعيا، ليس في جنوب الليطاني بل سلاح المقاومة كلها، وأقبلوا معنا بقوات متعددة الجنسيات، ولماذا أقبلوا معانا؟، لأنه عندما لم نقبل نحن بقوات متعددة الجنسيات ونعتبرها قوات احتلال، يعني هذه القوات أتت لتقاتل ويجب ان نقبل حتى تأتي هذه القوات ضامنة انه لم يقاتلهم اللبنانيون، وفي الحد الأدنى بعض اللبنانيين، لكن مع تطور الوضع الميداني الذي جعل السقف السياسي الاميركي ـ الاسرائيلي ـ الفرنسي ـ الاوروبي ـ العربي الداخلي ينزل وينزل وينزل، هو الوضع الميداني والفشل الاسرائيلي وصمود المقاومة وصمود الناس وصمود البلد.
هذه الحملة كانت البداية بتسليم سلاحك وتسلَم الاسيرين وتقبل بمتعددة الجنسيات وينتهي الموضوع. نحن في البداية قدمنا الحل التالي، لانه قيل لنا انه لا يمكن العودة الى الوضع الذي كان قبل 12 تموز ، كلام صحيح ومنطقي ولا نحن نريد ان نعود الى ما كنا عليه قبل 12 تموز، لأنه بعد حرب بهذا المستوى، اذا جلسنا نحن على الحدود فأي مشكل صغير يمكن أن يشعل حربا، في الوقت الذي من 2000 الى 2006 سياسة العدو الاسرائيلي كانت سياسة الاحتواء. طيب ، انا اذا أتوا وقالوا لي، ارجع واجلس على الحدود، أقول اذا كان هناك من يجلس على الحدود غيري، يكون أحسن . ولذلك نحن من البداية ودولة الرئيس بري طرحنا فكرة ارسال الجيش لاستلام الحدود، وهناك يونيفل ، نحن مع تعزيز اليونيفل، يعني في الأصل طرح ارسال الجيش اللبناني الى الحدود وتعزيز اليونيفل كان طرحنا نحن. أما طرح الفريق الآخر متعددة الجنسيات تحت الفصل السابع.
الجيش اللبناني موجود في شمال الليطاني، قوات المتعددة الجنسيات تدرب الجيش اللبناني في شمال الليطاني وتعيد بناء المؤسسة، يعني مؤسسة غير موثوقة.
لما صمدنا، بدأ ينزل السقف وبدأ الكلام بأنه لا داعي لتدمير حزب الله وننهيه ، ولا نقول لحزب الله بأن يسلَم سلاحه في كل لبنان، نريد اقامة منطقة عازلة الى جنوب الليطاني. الجيش اللبناني باستطاعته الذهاب الى الجنوب ولكن الى جانب الجيش اللبناني قوات متعددة الجنسيات تحت الفصل السابع.
الآن هم سيقولون هذا غير صحيح، وأنا قرأت في بعض الصحف مقالات ترويجية في جزء منها افتراء وكذب، وأنا آسف لاستخدام هذه اللغة. أنا أحب أن اؤكد انه حتى اليوم الثلاثين من الحرب، كان الكلام الذي يقال لنا: قوات متعددة جنسيات تحت الفصل السابع".
س ـ الكلام معكم من قبل من؟
ج ـ " من قبل مسؤولين في الحكومة اللبنانية، ومن ورائهم، ودعنا لا ندخل في الأسماء ، ولكن أقول فريق السلطة كانوا مهتمين لهذا الطرح ويعملون لهذا الطرح ".
س ـ لكن الرئيس بري وصفها بحكومة المقاومة؟
ج ـ "هذا له اعتبارات ما بعد الحرب، ولكن الذي كان يُحكى معنا هو التبني ، واذا لم تقبلوا البلد سيتخرب ، يعني انت عندما تقول لي اذا لم تقبل البلد سيتدمر وسيتخرب وأنت تتحمل المسؤولية، هذا يعني انك تضغط عليَ وأنت تتبنى هذا الطرح.
أما موضوع الأسرى ، فمن أول يوم أخرجناه من النقاش، في موضوع الأسرى، قلنا هناك تفاوض غير مباشر وتبادل ونقطة على أول السطر، والحقيقة هم لم يعودوا يسألون عن الأسرى، يعني موضوع المفاوضات أو التبادل أو موضوع الجنديين الاسرائيليين موضوع هامشي جدا.
الجيش على الحدود، نحن نقبل أن يطلع الجيش على الحدود وهذا طرحنا، لكن قوات متعددة الجنسيات لا نقبل ، انما نقبل تعزيز اليونيفل تحت أمرة الأمم المتحدة، وليس قوات دولية تحت أمرة اميركا او فرنسا اوبريطانيا او المانيا، بمعزل عن موقفنا من هذه الحكومات أو هذه الدول هذا مرفوض. منطقة عازلة نحن لا نقبل، حتى اني أتذكر ان دولة الرئيس بري قال لهم نحن نقبل بمنطقة عازلة على طرفي الحدود، أي نضع قوات هنا وقوات هناك منطقة عازلة من هنا ومن هناك، ولكن أن يكون الاسرائيلي بمدافعه ودباباته وجنوده على الحدود، على بعد عشرة أمتار أو مئة متر من عيتا الشعب ومارون الراس وأي بلدة جنوبية ، وأنا بدي أعمل لهم منطقة عازلة في جنوب الليطاني، هذا غير وارد. هذا الطرح كان فؤاد السنيورة يقبله ، وكان يقاتل عليه حتى آخر روح، ومحاضر مجلس الوزراء موثقة ، موجودة، نحن رفضنا قوات متعددة الجنسيات، ومع الوقت بدأ يظهر ان الاسرائيلي في مأزق ولا يستطيع أن يكمل. وأنا وأنت أكيد قرأت تصريحات بعض المسؤولين الاسرائيليين حتى في تقرير فينوغراد ورد ذلك، بأنهم بدأوا الحرب لمدة أربعة أيام أو خمسة أيام وانه بعد ذلك يبدأ العالم يضغط عليهم، فنوقف الحرب تحت الضغط ولكن تبين ان العالم كان يضغط علينا لاكمال الحرب، الاسرائيلي يقول ان العالم كان يضغط عليهم لاكمال الحرب.
عندما فشل الاسرائيلي ولم يعد يستطيع الاستمرار، وبتوازن قواه تبين مواطن الضعف والخلل، ولم يستطع تدمير قوانا، ولم يستطع القيام باجتياح بري، وقصفنا حيفا وما بعد حيفا، وهددنا بتل أبيب ، بدأت اللغة السياسية تنزل ، وقبلوا بقوات اليونيفل معززة، نحن حتى هذا الطرح ما أصرينا عليه تريدون تعزيز اليونيفل فلنعززها ما عندنا مشكلة بالعديد.
مهام قوات اليونيفل أيضا ناقشناها لآخر لحظة حتى تم الاتفاق، وهذا ما ورد في ال1701 وهو ان الجيش يطلع الى الحدود ونحن نترك الحدود ويستلمها الجيش اللبناني وتأتي قوات اليونفيل وتتواجد في منطقة جنوب الليطاني وفق ما هو متفق عليه مع الحكومة اللبنانية. اما موضوع منطقة منزوعة السلاح ، هذا بالنسبة لنا مرفوض نهائيا، ونحن من اليوم الأول قلنا نحن نلتزم وهذا ما بقينا عليه حتى آخر يوم. نلتزم ان لا تكون هناك مظاهر مسلحة في جنوب الليطاني ، وأصلا حتى قبل 12 تموز ما كان يوجد مظاهر مسلحة.
س ـ اضافة الى ما قاله الرئيس بري انها حكومة المقاومة السياسية، أنتم ايضا قبلتم بالنقاط السبع التي طرحها الرئيس فؤاد السنيورة وقتذاك؟
ج ـ "عندما طرحت النقاط السبع وهذا الأمر حصل حوله سجال منذ فترة في البلد. يتكلمون عن دولة المؤسسات عندما ذهب السنيورة الى روما وألقى كلمته وتكلم عن النقاط السبع هل أتخذ قراره في مجلس الوزراء؟ كلا، لم يأخذ القرار في مجلس الوزراء ، هل هذه هي دولة المؤسسات والقانون التي يريدون بنائها؟ هم يتصرفون كزعماء وليس كدولة مؤسسات وقانون.
أيضا بعدما تكلم في روما كذلك نحن لم نعلَق على هذا الكلام ، لأننا كنا خلال 33 يوما اتخذنا القرار، بأننا لا نريد ان نثير مشكلة سياسية مع أحد، رغم كل التجني علينا والاساءة الينا كنا نقول وحدة وطنية وتضامن وطني.
بعد ذلك حصل نقاش في مجلس الوزراء ونحن قلنا للرئيس السنيورة انك تصرفت بشكل غير مؤسساتي أولا، وثانيا هناك نقاط من البنود السبعة لا نوافق عليها. على سبيل المثال وضع مزارع شبعا تحت سلطة الأمم المتحدة، نحن نوافق ان تخرج "اسرائيل" من مزارع شبعا وهذا جانب ايجابي، لكن على طاولة الحوار الوطني أجمعنا ان المزارع لبنانية، ويجب ان تعود الى السيادة اللبنانية، أنت يا دولة الرئيس السنيورة وحيدا ذهبت وطلبت وضع المزارع تحت سيادة الأمم المتحدة. أنت أين اتخذت هذا القرار؟.
أما النقطة الثانية التي هي لا سلاح الا سلاح الدولة واتفاقية الهدنة، قلنا له هاتان النقطتان موجودتان على طاولة الحوار ويتم معالجتهما ضمن استراتيجية دفاعية وطنية ، وأنت لا تستطيع أن تحسم هذا الأمر مستفيدا من ظروف الحرب. اذا هناك نقطتان نرفضهما ونقطة نتحفظ عليها بالحد الأدنى.
ويومها وخلال جلسة مجلس الوزراء قال الرئيس لحود وبعض الوزراء : "يا اخوان لا يجوز أن نخرج منقسمين وهذا ما يضعفنا أمام المجتمع الدولي، ونحن نخوض معركة سياسية كبيرة"، وهم قالوا انه يصار الى كلام عام حول عناوين النقاط السبع، وان هذا الموضوع عندما يصبح جديا يُناقش نقطة نقطة وبالتفصيل على طاولة مجلس الوزراء. بعد ذلك قيل اننا أجمعنا وتراجعنا عن الاجماع ووافقنا وتراجعنا عن الموافقة، نحن لسنا كذلك ولا نتصَرف بهذه الطريقة ، وأنا أتحداهم وأقول لهم هناك محضر مجلس وزراء مكتوب بالحد الأدنى أنا أحتكم ، أنا الأمين العام لحزب الله أحتكم لمحضر مجلس الوزراء. ما قاله الوزير محمد فنيش في مجلس الوزراء يُلزمني الى آخر ساعة.
وفي آخر مقابلة تلفزيونية للرئيس السنيورة سُئل عن هذا الأمر فقال: "ان السيد تكلَم وهم كانوا آخذين جزء من خطابي"، صحيح أنا تكلمت ضمن هذا الاتفاق وقلنا اننا نريد توافق وطني واجماع حول العناوين وحول النقاط ، لكن هناك اتفاقنا الضمني. فاذا كنت انسان وطني ولا أريد فتح مشكلة في الحكومة وأحرص على الوحدة الوطنية وأحكي لغة وحدة وطنية فتأتي أنت وتقطع خطابي بالنصف وتقول اننا اتفقنا في مجلس الوزراء لتتهمني بالتناقض في الكلام. بكل شيء ممكن تتهمني الا بإخلاف الوعد وبالكذب ، نحن ليس كذلك والأعداء يعرفون اننا لسنا كذلك .
ولذلك موضوع النقاط السبع لم يحصل حوله اجماع وهذه هي قصته. ومع ذلك انا لا أريد أن أفتح سجالا جديدا، أنا أطالب الفريق الحاكم أن يُخرج الى اللبنانيين محضر جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت بعد عودة الرئيس السنيورة من روما لنعرف من يقول الصدق ومن لا يقول الصدق. أنما ما يلزمني ما قاله أخونا محمد فنيش في مجلس الوزراء".
س ـ سماحة السيد في الجزء الثاني من هذه الحلقة، سوف نناقش عناوين أساسية موقع حزب الله لبنانيا وعربيا بعد عام على ما حصل العام الماضي، والسؤال المركزي بطبيعة الحال لبنان الى أين، سماحة السيد نحن نريد أن نستكمل المفاوضات السياسية التي كانت حصلت العام الماضي، وأنتم قلتم انه كان لكم بعض التحفظات على النقاط السبع، أولا سؤال يخص حزب الله عندما أوكلتم مهمة المفاوضات السياسية للرئيس نبيه بري، هل يعني هذا بأنكم كنت تسلمون بكل شيء وبالتالي أنتم كقيادة حزب الله فقط كنتم معنيين بالجيش بالعسكر وبالمقاومة أم ماذا؟
ج ـ "كان الرئيس بري هو الذي يفاوض وهو الذي يتصدى للقاءات والمفاوضات وللنقاش ولمحاولة كما يقال تدوير الزوايا ، لكن في المسائل الأساسية كنا نتوافق. وما كان يقوم به الرئيس بري ، كان يقوم به باسم حركة امل وحزب الله وبصفته كرئيس لمجلس النواب ، وهناك العديد من المسائل كنا ندرسها سويا ونتشاور حولها، وحتى أنا كنت في بعض المسائل أضطر أن أعود الى قيادة حزب الله رغم ظروف الحرب والقتال وأجمع الأخوة في القيادة ، وبرغم الظروف الصعبة التي كانت في تلك الأيام، ونتناقش ونعطي الأجوبة لدولة الرئيس. ورغم الخطورة بين الحين والآخر خلال 33 يوم أجتمعنا خصوصا عندما وصلت المفاوضات الى نقاط سياسية حساسة جدا.
فما كان يقوم به الرئيس بري كان يتم التوافق عليه، طبعا هو كان له أسلوبه وادارته التي يتميز بها في التفاوض والنقاش وحتى في تقديم الأفكار".
س ـ في ما يتعلق بالمفاوضات مسألة نزع سلاح حزب الله هل كان أمرا مطروحا بشكل جدي أم فهمتم بأنه كان تهويلا؟
ج ـ " كان مطروحا بقوة ، أنا لا أريد أن أدخل في الأسماء حتى لا يبدو ان هناك استهداف لشخص معيَن، أنا أستطيع أن أقول لك ومحاضر مجلس الوزراء التي حصلت في فترة الحرب موجودة وأنا أحتكم اليها ايضا ، كان هناك اصرار حتى الأيام الاخيرة رغم ان الاسرائيليين فشلوا وبدأوا بالتنازل ، لكن كان هناك في مجلس الوزراء فريق السلطة ولن أدخل في الأسماء، يطالبنا بجنوب ليطاني منزوع السلاح، وكان بين الكلمة والكلمة السلاح الشرعي الوحيد وسلطة الدولة وما الى ذلك. أنا لست ضد بسط سلطة الدولة، أصلا في العام 2000 بعد التحرير أنا قلت في بنت جبيل نحن لسنا دولة ولا سلطة دولة، وبالتالي لم نمارس سلطة ولا في لحظة من اللحظات. في الجنوب وفي الشريط الحدودي لم نمارس سلطة في يوم من الأيام، نعم نحن موجودون كمقاومة وأنا قلت لهم نحن موجودون اليوم في جنوب الليطاني وفي شمال الليطاني وفي بيروت وفي مناطق مختلفة، والجيش اللبناني موجود والدولة تمارس سلطتها، وليكن جنوب الليطاني هكذا ، ولكن فريق السلطة كان يصر على جنوب ليطاني منزوع السلاح، وأقول أكثر من هذا بالحد الأدنى بعض مسؤولي الأمم المتحدة وبعض الحكومات الاوروبية قبلت بما طرحناه. منطقة ليس فيها سلاح ظاهر وينتشر فيها الجيش واليونفيل، وفريق السلطة استمر مصرا على جنوب ليطاني منزوع السلاح، الى آخر اليوم عندما كنا نناقش ارسال الجيش الى الجنوب عطَلوا هذا القرار لأنه عندما لم يأخذوا منا التزام بسحب السلاح جنوب الليطاني أرادوا ان يضعوا مهمة للجيش بأنه ينتشر في منطقة منزوعة السلاح ويحق له أن يداهم في أي بيت وفي أي مكان يعتقد وجود سلاح فيه، والأخ المفاوض في ذلك الوقت وهذا حصل حتى في المفاوضات مع بعض المسؤولين في فريق السلطة قال لهم "يا اخونا طوَل بالك علينا، نحن لم يعد عندنا منازل وبيوتنا مهدمة وأي بيت تريد مداهمته"، واستمروا بالاصرار على هذه النقطة، وفي النهاية حصلت تسوية ، يعني عندما صدر قرار مجلس الوزراء بارسال الجيش الى الجنوب حصل نقاش كبير. وهنا كان لدولة الرئيس بري دورا أساسيا في هذا النقاش، وأيضا قائد الجيش وحصلت نقاشات طويلة عريضة في مجلس الوزراء، وكاد الوضع الداخلي ينهار حول هذه النقطة، ونحن كنا سنغادر مجلس الوزراء، وزراءنا ووزراء حركة امل كنا سنقاطع الحكومة، كنا سنستقيل من الحكومة في الأيام الاخيرة للحرب بسبب ان فريق السلطة كان يصر على أن يكتب في مهام الجيش اللبناني الذي يرسله الى جنوب الليطاني ان له حق مداهمة البيوت والأماكن التي يُحتمل وجود سلاح فيها للمقاومة، هكذا كان الجو وهذا غير معروف كثيرا ومعلن، ولكن مع ذلك أنا أقول هناك محاضر للحكومة وهناك أشخاص كانوا في هذه المفاوضات.
وفي نهاية المطاف عندما وصلنا الى 14 آب، أقول لك أكثر من ذلك، نحن تبلغنا في 13 آب بأن هذا وقف عمليات وليس وقف اطلاق نار والمهجرين ممنوع عليهم ان يعودوا، هذا ما أبلغتنا به جهات رسمية بالدولة".
س ـ عفوا من أبلغكم؟
ج ـ "أنا لا أحب أن أدخل في الأسماء".
س ـ هل هو شخص رسمي من الحكومة أو خارج الحكومة؟
ج ـ "كانوا أشخاص مكلفين من الحكومة اللبنانية أبلغونا بشكل رسمي بأن المهجرين لا يستطيعون ان يعودوا لأن الاسرائيليين يمكن أن يقدموا على أي عمل ، وما هو حاصل الآن هو وقف عمليات ، وليس وقف اطلاق نار، وقالوا لنا بصراحة بأن المهجرين سيبقون خارج مناطق التهجير الى حين تسوية هذه النقاط العالقة المرتبطة بجنوب الليطاني وبسلاح المقاومة، ولكن "طبعا كان رد الناس يوم 14 آب الناس كانوا عظماء جدا وأخذوا القرار بالرجوع".
س ـ ألا تعتبر ان ذلك كان خوفا على الناس وليس شيئا آخر؟
ج ـ "ليس الخوف على الناس أبدا، كانوا يبلغونا ليضغطوا علينا بأنه في 14 آب وقف عمليات ولا عودة للمهجرين".
الآن هناك بعض الناس يعتبوا علينا بأنه طوَلنا بالنا كثير أثناء الحرب ، وبعد الحرب ، ولكن حقيقة اذا أنا قلت كل شيء حصل معنا، وفي يوم من الأيام استطعنا احضار هذه المحاضر او المسجلة بالصوت حتى يعرف الناس طبيعة المناقشات والمفاوضات التي كانت تحصل، والضغوط التي كانت تمارس علينا وكيف تصرَف فريق السلطة في هذا الموضوع سيعتبر الناس ان لدينا صبر أيوب".
س ـ انطلاقا من هذا سماحة السيد لبنان الى أين، هناك أزمة بعد عام ، البلد الآن منقسم بين سلطة ومعارضة ربما المجتمع متشرذم سياسيا بشكل واضح أصبح هناك احتقان مذهبي في البلد، لبنان الى أين وأنتم جزء مسؤول؟
ج ـ " نحن بعد الحرب وأنا في أول مقابلة تلفزيونية قلت أننا نطالب بحكومة وحدة وطنية. انظر الى الجريمة التي ارتكبتها بعد الحرب، لم أهاجم أحدا ولم أتهم أحدا ولم أخوَن أحدا خلافا لما يقولونه ، على كل حال كل شيء مسجَل فليحضروا النصوص كاملة. جئنا وقلنا وفاق وطني ، وقلنا بلدنا خارج من الحرب نريد اعماره، ونريد احضار مساعدات ونريد حمايته وتحسينه وتطويره الى الأحسن ونريد توظيف نتائج هذه الحرب للمصلحة الوطنية. طبعا هم تكلموا عن اهداء النصر وأنا أكثر من الف مرة قلت هذا النصر للبنان ولشعب لبنان ولبنان كله صنع هذا النصر ، يا أخي أدخلت من كان ليس له علاقة بالنصر وقلت شارك بالنصر. أنا لم أقل لهم أريد زيادة وزرائنا، ولم أقل لهم حاسبوني وأنا أريد محاسبتكم، ولا طالبت بفتح تحقيق ولم أطالب بتغيير أمور طائفية أو مذهبية كما حاولوا أن يقولوا ان حزب الله يريد استغلال الوضع لتحسين موقعية الشيعة في السلطة، هذا غير صحيح كل ما قلناه حكومة وحدة وطنية. وحتى أنا قلت هناك كتلة نيابية في المجلس النيابي اسمها تكتل الاصلاح والتغيير التابعة للتيار الوطني الحر، تفضلوا وأشركوهم في الحكومة ولنؤلف حكومة وحدة وطنية. ويومها قلت أنا أمون على بقية المعارضة ان لا تتمثل بالحكومة وبالفعل بعض المعارضة عتبوا عليَ يومها.
هذا كل ما قلته ولم أتكلم بتغيير موازين طائفية أو مذهبية، بل قلت ان هناك تيار مسيحي كبير وأنا أعتبر ان المسيحيين غير ممثلين بشكل صحيح في الحكومة التي كنا فيها، تفضلوا مثَلوهم ودعونا نؤلف حكومة وحدة وطنية، ولا زلت أذكر اني قلت لنضع كتف على كتف ويد بيد ونحمي البلد معا ونبني البلد معا، ويومها قلت لهم أنتم تجلبون المال من أصدقائكم ونحن نرى أصدقائنا ونعمل سويا ونخلَص هالبلد من وضعه.
ماذا كان الرد علينا؟ لا ، ان طرح حكومة الوحدة الوطنية هو عنوان انتحار، حكومة الوحدة الوطنية يعني موت أو حياة، ماذا تفهم من هذا الكلام؟ تفهم منه ان الموضوع ليس موضوعا لبنانيا محليا بل موضوع حساباته في مكان آخر. أنا مقتنع بأن هناك ارادة لبنانية للحل وقبل فترة كنا نكاد ان نتفق على حكومة وحدة وطنية، وأحد القادة السياسيين في الطرف الآخر تكلم أمام ضيوفه بأنه موافق، حتى انه قال بأنهم مضطرين للتضحية بفلان وفلان وفلان. بعد ذلك يقوم السفير الاميركي بالجولة المطلوبة فيتغير الموقف كله.
أنا مقتنع بأن أغلب القيادات في فريق السلطة لديهم رغبة بمعالجة الوضع الداخلي، وكل قيادات المعارضة لديها نفس الرغبة، الذي يمنع هو الاميركي، الاميركي، الاميركي من يربط المنطقة ببعضها الأميركي وليس نحن.
اليوم عندما نأتي ونقول حكومة وحدة وطنية، نحن نعالج وضع لبناني، وضع وطني، الاميركي ماذا يعتقد؟ بأنه اذا اعطى حكومة وحدة وطنية فهو بحسب توصيفه، وهذا خطأ، يعطي سورية وايران شيء في لبنان ، في الوقت الذي هو لم يأخذ شيء في العراق ولا في فلسطين، فالذي يتعاطى على ان قضايا المنطقة ملف واحد ومشروع واحد هو الاميركي وليس نحن. اليوم نحن لا نرهن مصير لبنان بمصير غزة، ولا نرهن الوضع الداخلي في لبنان بمصير الوضع الداخلي في فلسطين، ولا نرهن مصير لبنان بمصير العراق، نحن نقول تفضلوا أيها اللبنانيون لنجلس مع بعضنا البعض ونؤلف حكومة وحدة وطنية، ولكن عندما نجلس يجب أن تكون الأمور محسومة لكي لا نضيَع الوقت ونضحك على بعضنا. الذي يمنع من ذلك هو الاميركي، لان الأميركي يعتبر ان تشكيل حكومة وحدة وطنية في لبنان هو مكسب لايران وسورية، في الوقت الذي يعيش مأزقا ومشكلة كبيرة في العراق، وفي الوقت الذي فيه الوضع في فلسطين ايضا على ما هو عليه ، ونذكر تماما انه عندما حصلت احداث غزة فورا اتهموا ايران وسورية وزادوا عليهم قطر في المدة الاخيرة.
دائما يربطون الأحداث بصراع المحاور القائمة أيا تكن الأحداث التي تجري في فلسطين والعراق، نحن نتكلم لبنانيا ووطنيا، من مصلحة لبنان قيام حكومة وحدة وطنية لا المعارضة تستطيع ان تحكم منفردة ولا الموالاة كذلك، من الذي يعرقل حكومة الوحدة الوطنية حتى الآن، أنا حسب فهمي ومعلوماتي وبمتابعتي، السفير الاميركي بقرار من ادارته".
س ـ الآن هناك انقسام الى أين وأنت تتهم الاميركي بأنه يعرقل الحل، الى اين؟ هل يبقى هذا الانقسام وتبقى الاعتصامات الموجودة في وسط البلد؟
ج ـ الاعتصام تفصيل ، وحتى أنا قرأت في هذه الأيام ان بعض الناس يقول بأننا نحاصر بيروت وقاعدين بموقف سيارات، كما قيل هذا حصار لبيروت ولكن كل بيروت شغالة ومفتوحة، هناك مكان الاعتصام متأثر بوجود الاعتصام، فالاعتصام تفصيل، المناخ السياسي هو المشكلة في البلد والمناخ الذي صنع بعد الحرب هو المشكلة، المناخ الذي صنع بعد الحرب هو استكمال ، هناك صورة معكوسة على الخارج بسبب ان اعلام الطرف الآخر أقوى وكأنه عندما انتهت الحرب، نحن حوَلنا هجومنا على الداخل أبدا، نحن لم نأت بعد الحرب نطالب باسقاط الحكومة أو تغيير الحكومة أو محاسبة الحكومة، انما قلنا هذه الحكومة وهذا رئيس الحكومة وهؤلاء هم الوزراء دعونا نوسَع الحكومة لكي تصبح حكومة وحدة وطنية، ولكن هم أكملوا الهجوم علينا وما زال الهجوم مستمرا.
أنا أقول ان ما فشلوا بتحقيقه عسكريا هناك حملة منظمة ومدارة في الخارج وفي الداخل، وهناك غرفة عمليات اعلامية هي التي توزع على بعض وسائل الاعلام وعلى بعض الصحف وعلى بعض كتَاب المقالات من وقت انتهت الحرب الى اليوم، وبمعزل عن حركة المعارضة في لبنان هدفها تشويه حزب الل" وتشويه المقاومة، تصوَر ان واحدة من وسائل الاعلام لا نرى منها في ذكرى تموز الا تقديم تقرير عن الضاحية الجنوبية، تقرير بشع من يراه يقول ان فيه استهداف، وهذا التقرير يذاع في وقت ان الضاحية الجنوبية في حرب تموز وآب العام الماضي قُدَمت الى العالم كرمز للصمود والمقاومة والثبات والتضحية، حتى انه في التقرير هناك صورة منقوصة، ليست هذه الضاحية الجنوبية التي قدَموها في التقرير.
أنا برأيي هذا ليس صدفة بل هذا جزء من غرفة عمليات اعلامية سياسية كبيرة موجودة في لبنان وفي العالم العربي وفي الغرب ايضا لتشويه صورة هذه المقاومة، وهذا الحزب الذي حقق لنفسه مكانة راقية جدا بين العرب والمسلمين وشعوب العالم، مطلوب تحطيمه. الحاصل في لبنان هو جزء من هذا الموضوع والا كيف يتم الرد على واحد يقول "أنا أريد كتفي مع كتفكم ويدي مع يدكم وتعالوا نؤلف حكومة وحدة وطنية"، هذا حقيقة سياق الأمر.
الآن تسألني أين المخرج؟ أنا أقول المخرج هو ان يتفضلوا ويؤلفوا حكومة وحدة وطنية، وأكثر من ذلك، أنا أقول نحن لا نريد ان نكون في الحكومة، انا حزب الله لا أريد أن أسمي أحدا، ويأتي الرد أنت تريد السيطرة على الحكومة، أنت تريد اقامة دولة "ولاية الفقيه" في لبنان وتريد مصادرة القرار السياسي. أنا أقول ألفوا حكومة وحدة وطنية وأنا لا أريد شيئا ولا أريد ان أسمَي أي وزير ولا أريد أن أدخل بالتسميات المعارضة والموالاة، شكلوا حكومة وحدة وطنية وأنا أعطيها الثقة وأدافع عنها، ولكن بيطلع معهم بأني أنا أريد السيطرة على الحكومة. الحل هو بتشكيل حكومة وحدة وطنية وهو في يد الفريق الآخر".
س ـ اذا لم يحصل ذلك هل نتجه الى حكومتين ، الى حكومة انتقالية ، الى ماذا؟
ج ـ "كل شيء وارد وكل الأمور يتم مناقشتها حاليا".
س ـ بعد عام أصبح لديكم أسرى لبنانيين وأحد اخوانكم الأسرى اخيرا اعتذر كيف انه اصبح أسيرا وزاد عبئا عليكم، ماذا تقول؟
ج ـ "أنا استمعت إليه وأقول له لا داعي لأن يعتذر هو لم يرتكب أي خطأ، هذه كانت الحــرب عندما نؤسـر في الخطوط الأمامية يعني اننا نقاتل في الخطوط الأمامية يعني لم ندفن سلاحنا ولم نهرب الى الخطوط الخلفية او الى خارج البلاد.
هؤلاء الاخوة الذين هم الآن أسرى في السجون الاسرائيلية قاتلوا بشرف وصمدوا وصبروا وقاتلوا حتى آخر لحظة وأسروا. عندما نتحدث عن حرب ، نتحدث عن شهداء، عن جرحى ، عن أسرى ، عن مقاتلين ، فمن الطبيعي ان يكون هناك أسرى. وهنا أود أيضا ان اؤكد لهؤلاء الأخوة ان يكونوا مطمئنين، وهم قطعا مطمئنين ، ولكن هذا من قبيل رد الجواب ، ونحن لا يمكن ان نتركهم في السجون واقدامنا على عملية الأسر في 12 تموز أؤكد اننا من هذه النوعية، عندما نقول نحن قوم لا نترك أسرانا في السجون، فهؤلاء الأخوة قطعا سيعودون الى أبائهم وأمهاتهم وأهاليهم باعتزاز وبافتخار وبرؤوس مرفوعة، وهذا لا شك فيه وهناك مفاوضات قائمة ونحن لسنا خاليي الوفاض، نحن نفاوض وسيأتي يوم ان شاء الله نستعيد فيه اخواننا وبالطريقة العزيزة والكريمة ودون منَة من أحد".
س ـ هل هناك الآن مفاوضات؟
ج ـ "نعم المفاوضات قائمة".
س ـ هل هناك تقدَم فيها؟
ج ـ "نحن قررنا من أول يوم بالمفاوضات ان لا نتحدث عنها حتى لا نخربها وأنت تعرف اليوم انه في كيان العـدو هناك مجالات أوسع للمزايـدة وللمناكفة ، وهذا قد يؤدي الى تعطيل العملية أو تخريبها. أنا ألتـزم بما اتفقنـا عليه لكن اؤكد لك ان المفاوضات مستمـرة وقائمة وهناك جلسات مستمرة مع الوسيط الدولي".
س ـ هذا الاستهداف المتكرر لليونيفل هل يخيفكم؟
ج ـ "في موضوع اليونيفل عندما حصل موضوع الاسبان والآن القصة الاخيرة في القاسمية سُئلنا من تتهمون ، أنا أترك للتحقيق أن يبيَن. ولكن بعض الناس حاولوا أن يرموها على حزب الله فهذا غير منطقي لا بالتحليل ولا بالمعطيات هي صحيحة. وقالوا انها القاعدة، السلفيين وما شابه ممكن لماذا لا. لكن طالما اننا نتكلم عن فرضيات ، فالاسرائيلي اذا كان لا يريد أن يقوم بحرب من مصلحته زيادة عديد القوات الدولية في الجنوب وتحويلها الى الفصل السابع، وضعها الأمني في خطر، فعندما تكون مستهدفة ستضطر الى تغيير قواعد الاشتباك مجرد الاعتداء على الوحدة الاسبانية، بدأ الحديث عن تغيير قواعد الاشتباك وذُكر بأنها ستقيم حواجز وتداهم، وطائرات استطلاع وللحقيقة هذا ليس هدفه حماية القوات الدولية ، هذا هدفه بسط سلطة أمنية جدية على منطقة جنوب الليطاني. فالاسرائيلي اذا كان لا يريد القيام بحرب فمن مصلحته تحويل قوات الطوارىء الى الفصل السابع وزيادة عديدها، واذا أراد القيام بحرب له مصلحة "بتطفيشهم" لانه سيكون محرجا جدا لهم وخصوصا اذا فكروا في الحرب المقبلة ان يقوموا بعملية برية واسعة سيكون محرجا لهم وجود قوات يونيفل. اذا استهداف قوات اليونيفل بالوضع الذي هم فيه يُبقي الجنوب مطروح أمام احتمالات حرب ولذلك الاحتمال الاسرائيلي وارد، نعم هناك احتمالات أخرى لا أستطيع ان أنفيها، ولذلك العبرة هي في التحقيقات الأمنية التي يمكن ان تؤدي الى نتيجة. بخلاصة ما يجري من استهداف لقوات اليونفيل ، نعم يقلقنا".
س ـ اسرائيل شكَلت لجنة تحقيق ، أنتم في حزب الله هل أجريتم تقويما داخليا استخلصتم العبرالنواقص والايجابيات؟
ج ـ "نحن أنهينا قبل الاسرائيليين لكن نحن لم نعلن لأننا لسنا دولة ، ونحن لا جيش ولا دولة ولا مؤسسات دولة، نحن حركة مقاومة وبالتالي العبر التي نستخلصها هي لأنفسنا، ولا نستطيع ان نقدَمها للاسرائيلي. حتى الاسرائيلي ما نشره من تقرير فينوغراد هي أمور معروفة، وكانت متداولة في الصحافة الاسرائيلية هو يتحدث عن اخفاقات القيادات أكثر، ولكن الجزء التقني الذي يكشف نقاط الضعف في الجيش الاسرائيلي، والجزء المهم الخطير لم يتحدث عنه التقرير.
ونحن لسنا في وارد نشر تقويمنا على الاطلاق لكن نحن أجرينا التقييم، نقاط القوة ، نقاط الضعف، المواقف ، العيوب أين يمكن ان نحسَن نقاط القوة عندنا، كيف نعالج نقاط الضعف، كل هذا قمنا به ونحن نعمل على أساس هذا التقييم الآن. نحن قوتنا في اننا مقاومة سرية ومخفية ومجهولة للعدو".
وختم الزميل غسان بن جدو الجزء الاخير من المقابلة :
شكرا لكم سماحة السيد على هذا اللقاء، شكرا لأننا اتفقنا على هذا اللقاء منذ اكثر من شهر، شكرا لكم مشاهدي الكرام على حسن المتابعة، مع تقديري لكم في أمان الله.