ارشيف من : 2005-2008
نقطة حبر: أنوار محمد
فذاك الذي غيّر وجه التاريخ، ونفض عن وجه البشرية غبار الظلم والظلام، للمتنسك في غار حراء يتفكر في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار، فيثمل بخمرة الآيات من قبل أن يجيء الوحي حاملاً رسالة رب العالمين، للمتأمل سكران مغمضة عينه من الطفح بكأس الخلق والأمر فيتمتم: "سبحانك ما أعظم شأنك".
لمحمد صبياً يتيماً لعبد الله بن عبد المطلب الهاشمي يمشي بأكناف الكعبة ويقرأ في وجوه الناس ما لا يقرأه الناس المنشغلون بأعمالهم واهتماماتهم الجليلة والحقيرة.
لمحمد يقطّع بذكر الله أيام حياته، ويقذف أيامه كالنرد على عجلٍ مستعجلاً لقاء الله.
لمحمد يخوض الحروب فيغير وجه الصحراء، له يصلي في المسجد، يمسح على رأس يتيم، يبتسم في وجه مقهور، ينتصر لمظلوم.
لمحمد يُسرى به في أطباق السماوات وأرجاء الفضاء فيرى ما لم يُر ويسمع ما لم يُسمع، فيدنو ويدنو حتى يصبح قاب قوسين أو أدنى، لمحمد الحبيب عرش الحب، وأين منه عروش الملوك التي خرّت ساجدة عند قدميه فأجابها قائلاً: والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته أو أهلك دونه"، وفرّ إلى الله فرار الحبيب إلى حبيبه.
لمحمد أنوار فأضيئي يا أنوار محمد.
حسن نعيم
الانتقاد/ العدد1259 ـ 21 آذار/مارس 2008