ارشيف من : 2005-2008

جنبلاط قلق على زعامته ويخشى الأرسلانية والوئامية.. والمشايخ

جنبلاط قلق على زعامته ويخشى الأرسلانية والوئامية.. والمشايخ

تعيش قيادات الحزب التقدمي الاشتراكي الملتصقة برئيس الحزب حالة من القلق على المصير تتفاقم يومياً بسبب انتقال وليد جنبلاط من اليسار الى اليمين لاعتبارات شخصية، ومن النضال لأجل العروبة الى القتال ضدها دفاعاً عن المشروع الامبريالي الأميركي الصهيوني.
وهذا الانقلاب الجنبلاطي على نفسه وحزبه وتياره لم يجد آذانا صاغية في القاعدة الشعبية الدرزية المتمسكة بهويتها العربية ودورها في العيش المشترك. وقد شكلت تصريحات جنبلاط الأخيرة التي وصف فيها عملية القدس بأنها اعتداء صدمة كبيرة بين الدروز، وبلغ استياء الشارع مسامع جنبلاط الذي سخر في بداية الأمر من رأي الناس في الجبل، إلا ان تدخل الشخصيات الملتصقة به وتحذيره من نتائج هذا التصريح ليس فقط بين الدروز، انما بين السنة في لبنان والمنطقة العربية عموماً، دفعته الى التراجع عن هذا التصريح.
كان جنبلاط يعني ما يقول عندما وصف عملية القدس ضد مدرسة التلمود الصهيونية بأنها اعتداء، وهو موقف ينسجم مع خريطة الطريق التي سلكها الحزب التقدمي الاشتراكي بناء على طلب أميركي، يريد من الدروز في لبنان والمنطقة سلوكها مقابل وعود غربية بإنشاء وطن قومي للدروز تمتد حدوده من صيدا على شاطئ البحر المتوسط الى السويداء في سوريا الى جانب الجولان.
لم يُقنع جنبلاط غالبية كوادر الحزب التقدمي الاشتراكي بهذه الاستراتيجية التي بدأت بشراء الأراضي التي ستشملها حدود الوطن القومي الدرزي، الأمر الذي نتج عنه تململا داخل صفوف الحزب تطور الى حد اعلان احد قيادات الحزب رائد الصايغ حركة تصحيحية تنتقد الإدارة الداخلية لجميع الملفات، وتحارب الفساد. وبعد سنة على عمر هذه الحركة التي يتجاهلها جنبلاط اعلامياً وتلاحقها أمنياً خلايا التقدمي الناشطة في أعمال التدريب والتجهيز والحراسة لمنافذ الجبل، فإنها تحظى بمقبولية لدى دروز الجبل المستائين من الشخصانية الجنبلاطية، خصوصاً ان الفساد في الحزب التقدمي وصل الى رواتب عوائل شهداء الحزب التقدمي.
يدرك جنبلاط ان المشهد السياسي داخل جسم الدروز في لبنان لم يعد ملكاً للحزب التقدمي الاشتراكي، وأن هالة "البيك" المتوارثة منذ الإقطاعية لم تعد محترمة شعبياً بسبب كوابيس الزعيم وليد جنبلاط التي تتجاوز العقل الدرزي.
كما يدرك جنبلاط ان ما يجري على الساحة الدرزية يتجاوز التوزيع التقليدي للقوى السياسية بين اليزبكية (الوزير طلال أرسلان حالياً)، والجنبلاطية وحركة النضال العربي التي يترأسها فيصل الداوود.
وبعد صعود تيار التوحيد بزعامة الوزير السابق وئام وهاب بات الانقسام الشعبي بين الدروز حقيقة تخيف جنبلاط وتقلق الجماعات المنتفعة منه على مصيرها الشخصي، بعدما تمكن هذا التيار في وقت قياسي من استقطاب قطاعات شعبية واسعة تؤمن بالهوية العربية للدروز، وتريد ان يبقى لبنان وطنها النهائي، وترفض الهرولة غير المجدية وراء جنبلاط. ولعل اجتماع نحو (300) شيخ درزي في بلدة الجاهلية في الشوف بدعوة من هيئة العمل التوحيدي، خير دليل على اتجاهات المزاج الدرزي العام المؤيد للمقاومة وسلاحها في مواجهة العدو الإسرائيلي.
وتتهم شخصيات درزية النائب وليد جنبلاط بالعمل على إضعاف موقع الدروز في لبنان وتغليب الانقسام الداخلي منذ اليوم الذي سعى فيه الى شق مشيخة عقل الطائفة بقانون تنظيم الأوقاف، وألغى التوافق العام على تناوب المنصب بين شيخ جنبلاطي وآخر يزبكي بناءً على تفاهم قديم مع رجل الاستقلال مجيد أرسلان.
ويبدو ان جنبلاط قرر منذ شق المشيخة وضع يده على المؤسسات الدرزية وعلى الدروز عموماً، فاستأثر بوظائف الدولة لمحازبيه، ويهدد من يعارض او يعترض  من الدروز بعزله من وظيفته ولو كان أستاذاً في مدرسة ابتدائية. كما أعاد الحزب التقدمي تنشيط المجموعات الميلشياوية في الجبل وتسليحها وتكليفها بأعمال الحراسة والمراقبة ورفع مستوى الجهوزية لمنع تيار التوحيد من التوسع في الجبل وللحدّ من نفوذ الأرسلانية، وهي سياسة أدت الى حصول تحرشات واعتداءات طالت وهاب شخصياً، فضلاً عن أنصاره، كما طالت الأمير طلال أرسلان من خلال الاعتداء على مقرات وأعضاء الحزب الديمقراطي.
المقربون من جنبلاط يقولون انه يعيش تحت تأثير حالة من الخوف الشديد على زعامته، بعدما تجرأ الشارع الدرزي على انتقاد "البيك"، وتحولت الأرسلانية والوئامية الى تيار يجرف الجبل اليهما ويحافظ على الموقع الطبيعي والتاريخي للدروز عموماً في المنطقة.
قاسم متيرك
الانتقاد/ العدد1259 ـ 21 آذار/مارس 2008

2008-03-21