ارشيف من : 2005-2008

الانشقاق داخل جبهة العمل الاسلامي.. فيلم سلطوي قصير

الانشقاق داخل جبهة العمل الاسلامي.. فيلم سلطوي قصير

على وقع المال السياسي الذي دُفع ببذخ عشية الرابع عشر من شباط الماضي، سلط فريق السلطة في لبنان منظاره شمالاً، لعل من يغره المال يأتي صاغراً اليه، تدفعه الضغوط للسقوط في ساحته الخاوية.
جبهة العمل الإسلامي.. تيارات وقوى تختلف في الشكل وتلتقي على مواقف ومبادئ ورؤية وطنية، عنوانها "واعتصموا"، أو "في الاتحاد قوة".. كلما توسعت هذه الجبهة في حضورها وتحولت الى نقطة جذب للشباب كانت نار الأكثرية تفتح عليها أكثر، لعلها تستطيع أن تضرب قوتها، بعدما عجزت طوال الاعوام الماضية عن النيل من قياداتها عبر وسائل عديدة استخدمتها، ومنها الاستهداف الشخصي.
لا ينكر الجبهويون أن الكثير العناصر الجديدة المنضوية داخل الجبهة عبر بعض أطرها تعتمد التعبئة الجماهيرية أو العشوائية، فلا تؤطر بشكل جيد يعكس توجهات الجبهة، ما يسمح بحصول تسربات بين وقت وآخر.
هذه الصورة تتكفل بتوضيح حقيقة ما حدث في باب الرمل في طرابلس، فهو لم يكن انشقاقا كبيرا، وإنما فيلم سلطوي قصير أريد إنتاجه بتمويل أكثري بهدف التوظيف الاعلامي للضغط على مواقف رئيس الجبهة الداعية فتحي يكن.. لكن سرعان ما انكشفت حقيقة الفيلم، وأنه ليس أكثر من دعاية واهية.
وبحسب مصادر في الجبهة فإن الذين "سموا أنفسهم هيئة الطوارئ في جبهة العمل، "المنشقين" أصلا، لم يكونوا يوما من تلاميذ الشيخ فتحي، بل لم يتتلمذوا على يد الحركة الإسلامية أصلا. فالحسامي الذي صار شيخا وشريفا بلحظة من اللحظات على وسائل إعلام الأكثرية لم يتجاوز في تعليمه الحلقة الأولى من التعليم الأساسي، وهو موظف في شركة "لافاجيت" التي تُعنى بجمع النفايات في طرابلس".
يضيف المصدر: "الشغل مش عيب، لكن رجلاً في هذا المستوى الثقافي والعلمي ليس من المنطق أن يقول إنني أختلف مع الدكتور فتحي يكن هنا أو هناك، وإن كان هناك من تعليق على مواقف الدكتور يكن وهذا ممكن، فلكبار العلماء أن يناقشوه".
ويتهمك المصدر على الحال التي وصل اليها فريق السلطة في لبنان، فهو "لم تستطع أن يصل إلا إلى أكثر من "عامل تنظيفات" ليشكل منه حالة جماهيرية موهومة تدعي الانشقاق، وهي لم تستطع أن تصور حتى وجوه (5) ممن كانوا يقفون خلفه في عمليته الضخمة جدا في الانشقاق لسبب واحد، هو أن وجوه أولئك لو ظهرت على الإعلام لعلم أهل طرابلس حقيقة تلك الكوادر التاريخية التي انشقت مع الشيخ سيف الدين الحسامي".
وتتوقف المصادر عند عمليات الفبركة التي يقوم بها فريق السلطة، ومنها ما يقوم به الإعلامي أحمد الأيوبي للبرهنة على ضعف خصومها. فبركاتها لم تتجلَّ فقط في عملية استنبات سيف الدين الحسامي، وإنما في استنساخ تنظيمات على طريقة النعجة "دوللي"، فهناك (4) أو (5) تنظيمات إسلامية جديدة لا يعرف عنها أهلنا في الشمال شيئا، ولا تضم إلا رئيسها وكاتب التقارير والبيانات والجابي الذي يتلقى المساعدات لهذا التنظيم نهاية الشهر من "المال الحلال"، والهدف دائما إيجاد أصوات متعددة من هنا وهناك تثني على المواقف التاريخية للتيار السلطوي عند كل مفصل من المفاصل".
شعبان
وللوقوف على حقيقة ما حدث داخل الجبهة، التقت "الانتقاد" الأمين العام لحركة التوحيد الاسلامي الشيخ بلال سعيد شعبان الذي علق على ما يحدث من فبركات وتلفيقات، وبأن انشقاقات كبيرة حصلت داخل صفوف الجبهة، فقال:
"من لا يكون مقتنعا بفكرة التوحيد فليعمل على الشرذمة والتفريق, وكل فرد يرى أن فكرة جبهة العمل الإسلامي لا تناسبه ولم يقتنع بها فليعمل في جبهة العمل العلماني، وليتأكد أننا لن نلومه إن كان قد تحرك على خلفية قناعاته السياسية والفكرية.. بل أكثر من ذلك فليقنعنا بما اقتنع به، فربما نلتحق به".
يضيف: "أما إن كانت القضية تدخل في إطار "الحرتقات" السياسية والإغراءات المالية، وهذا غالبا ما يحدث، فذلك لا يعنينا لا من قريب ولا من بعيد, لأن غايتنا ليست جمع المال، ولو أردنا جمعه نعرف الطريق إلى كل القوارين.. ولو أردنا الموقع السياسي نعرف كل الطرق التي توصل إلى فراعنة السياسة.. وعموما ندرك أن الطريق الذي نسلكه محفوف بالمكاره والأشواك، وخاصة في عصر الحرب على الإسلام تحت مسمى الحرب على الإرهاب. ولكن أما قال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: "حُفت الجنة بالمكاره وحُفت النار بالشهوات".
ويعتبر شعبان أن "البطولة ليست أن تشق تنظيما أو أن تحتل مستوصفا برغم عجزهم عن ذلك, ولكن البطولة أن تنافس بالخير لمصلحة الناس، فتبني مستوصفا بدل أن يكون فيه (15) طبيبا يكون فيه (50) طبيبا، وبدل أن تكون كلفة المعاينة فيه (5000) ليرة تكون (2.500) ليرة، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.. والرسول الأكرم (ص) قال: "خير الناس أنفعهم للناس".
ويؤكد أن "الداعية فتحي يكن سواء اختلف معه من اختلف أو اتفق معه من اتفق، فلا يختلف اثنان أنه أفنى عمره في توجيه الحركة الإسلامية عالميا، وله من المؤلفات ما تُرجم إلى كل اللغات، وهو تجاوز السبعين من عمره وما زال في ميدان الدعوة والدعاة بروح الشباب".
وفي معلومات حصلت عليها "الانتقاد" من مصادر خاصة، فإن سيف الدين الحسامي "تلقى مبلغا ماليا قدره (16) ألف دولار أميركي من أجل تنفيذ المهمة التي أوكلت إليه، وهي قراءة بيان أعده وكتبه أحد الإعلاميين المقربين من الموالاة". وشككت المصادر في "ان يكون الحسامي هو من أعد وكتب ذاك البيان الذي قرأه على شاشة تلفزيون الأكثرية".
فادي منصور
الانتقاد/ العدد1259 ـ 21 آذار/مارس 2008

2008-03-21