ارشيف من : 2005-2008
المعارضة نحو العمل الجبهوي وفريق السلطة يتهرّب من قانون الانتخاب
استحوذت القمة العربية في دمشق التي تنعقد غداً وما بعد غد على مجمل حركة المتابعة الاقليمية والمحلية، حيث كان البارز في هذا السياق السعي الأميركي الحثيث لإفشال هذه القمة ومنعها من اتخاذ موقف حازم يدين المجازر التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين، وإعادة النظر في المبادرة العربية بعد تجاهلها من قبل العدو، وخصوصاً أن القيادة السورية وضعت هذه القمة عنوان "قمة فلسطين". هذا اضافة إلى ممارسة الابتزاز ضد سوريا في ما خصّ الأزمة الحاصلة في لبنان. وفي هذا السياق نجحت ادارة المحافظين الجدد في واشنطن في دفع الدول العربية الدائرة في فلك مشروعها للمنطقة، الى خفض تمثيلها في هذه القمة، وهو ما قامت به كل من السعودية ومصر، حيث تمثلت الأولى بمندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، والثانية بوزير الدولة للشؤون البرلمانية. هذا فيما اتخذت الحكومة غير الشرعية برئاسة فؤاد السنيورة في لبنان قراراً بالمقاطعة الكاملة للقمة في سياق الاستجابة للإملاءات الاميركية.
وعليه باتت الأنظار تتجه إلى مرحلة ما بعد القمة، وفي هذا السياق كان توجه المعارضة الوطنية لاتخاذ أكثر من مبادرة على أكثر من صعيد:
أولاً: إطلاق ورشة واسعة من التشاور والتنسيق داخل صفوف المعارضة تهدف إلى تأطير عملها ضمن جبهة واسعة، والاتفاق على رزمة من العناوين الوطنية والسياسية، وتنظيم صفوفها لمواجهة تطورات المرحلة المقبلة. وفي هذا الاطار يعمل اللقاء الوطني برئاسة الرئيس عمر كرامي على إعداد وثيقة سياسية متكاملة لبحثها وإقرارها في مرحلة لاحقة. وقد أعطى موقف الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله خلال ذكرى أربعين الشهيد القائد الحاج عماد مغنية الذي أكد فيها تأييد الحزب لأي اطار جبهوي يُتفق عليه ضمن المعارضة، زخماً قوياً لهذا التوجه الذي سيبرز إلى العلن خلال أسابيع قليلة.
ثانياً: اطلاق مزيد من المبادرات السياسية الهادفة لتحقيق الحل حرصاً على مستقبل البلد. وفي هذا السياق جاءت المبادرة التي طرحها رئيس مجلس النواب نبيه بري، والمتعلقة بإعادة اطلاق طاولة الحوار من خلال الأطراف التي شاركت فيها سابقاً بهدف البحث في عنواني تشكيل حكومة وحدة وطنية والتوافق على قانون الانتخاب، وهما العنوانان اللذان كانا مطروحين على طاولة التشاور في تشرين عام ألفين وستة.
على أن الرئيس بري سيمهد لهذه المبادرة بجولة من الاتصالات مع عدد من الدول العربية وغير العربية لجس النبض حول الحلول المرجوة.. وعليه فإن المعارضة التي تجد نفسها دائماً في موقع الحريص على حل الأزمة السياسية وتسهيل الحلول ووضع المبادرات للحل، ترى أن مرحلة ما بعد القمة هي ذاتها كما قبل القمة، لجهة ضرورة استمرار الجهود الهادفة لحل الأزمة، وأن المبادرة العربية تبقى صالحة للمتابعة.
بالمقابل فإن فريق السلطة استمر في سياسته الهادفة إلى فرض مزيد من التوتير خلال مرحلة ما بعد القمة العربية في سياق الاستجابة للإملاءات الاميركية، وتحقق ذلك أولاً في قرار مقاطعة القمة العربية في دمشق من قبل الحكومة غير الشرعية برئاسة فؤاد السنيورة، وفي الوقت نفسه ممارسة مزيد من التصعيد ضد سوريا انطلاقاً من بيروت. وجاء في هذا السياق الاجتماع الذي عقد بين مسؤولين من الحزب التقدمي الاشتراكي ومعارضين سوريين في فندق البريستول للتحريض ضد النظام السوري.
ثانياً: من خلال رفض الاستجابة لمبادرة الرئيس نبيه بري إعادة اطلاق طاولة الحوار والعمل على شن حملة سياسية مبرمجة عليه بزعم اغلاقه أبواب مجلس النواب.. مع العلم أن العديد من أطراف فريق السلطة كانوا هم من يطلقون التصريحات الداعية إلى عقد طاولة الحوار خلال الأشهر الماضية، فما الذي تبدل وتغير؟! مصادر المعارضة ترى أن هذا الفريق الذي وجد نفسه أمام استحقاق قانون الانتخاب أراد الهروب إلى الأمام من خلال السعي إلى تطيير الانتخابات النيابية المقررة العام المقبل، لأنه بغياب الحلف الرباعي لن يكون قادراً على تأمين أكثرية، وهو يسعى لتكريس الأمر الواقع الحالي من خلال رفض الاستجابة لمبادرة الرئيس بري، وهذا مرده إلى أن أطراف فريق السلطة ليسوا متفقين في ما بينهم على شكل قانون الانتخاب الذي يؤمن لكل طرف مصلحته الانتخابية. هذا ولفت المراقبين تراجع الحديث لدى فريق السلطة عن اعادة ترميم الحكومة غير الشرعية بعد أن كان جرى الحديث بقوة عن هذا الأمر خلال الأسبوع الماضي. وترى مصادر متابعة أن فريق السلطة فشل في تمرير هذا الأمر، لأنه لم يتمكن من أخذ الضوء الأخضر من بكركي وقائد الجيش العماد ميشال سليمان. حيث تتلخص وجهة نظر بكركي بأن ترميم الحكومة يهدف لإطالة أمد عمرها وصرف النظر عن ملف استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية، وهو أمر لا تستطيع تغطيته برغم اتهامها بالانحياز إلى هذا الفريق في العديد من الملفات والاستحقاقات.
هلال السلمان
الانتقاد/ العدد1260 ـ 28 آذار/ مارس 2008