ارشيف من : 2005-2008

الصادق الأمين رسول الله محمّد (ص): أعظم البشر ومنقذ الإنسانية

الصادق الأمين رسول الله محمّد (ص): أعظم البشر ومنقذ الإنسانية

يقول الفيلسوف الإنجليزي برنارد شو: "ان محمداً (ص) يجب ان يدعى منقذ الإنسانية. إنني أعتقد انه لو تولى رجل مثله زعامة العالم الحديث لنجح في حل مشكلاته بطريقة تجلب الى العالم السلام والسعادة. ان محمداً هو أكمل البشر في الغابرين والحاضرين، ولا يُتصور وجود مثله في الآتين".
من الصعب جدا أن نصل إلى الحقيقة الكاملة لشخصية محمد (ص).. لكن قد يستطيع المرء الحصول على لمحة سريعة منها.
فهناك محمد النبي، ومحمد القائد، ومحمد المقاتل، ومحمد التاجر، ومحمد الواعظ أو البشير، ومحمد الحكيم، ومحمد رجل الدولة، ومحمد الخطيب، ومحمد المصلح والمجدد، ومحمد ملاذ اليتامى، ومحمد حامي العبيد (الرقيق) والمدافع عنهم، ومحمد محرر النساء، ومحمد القاضي والحكم، ومحمد القديس.
ولقد كان النبي محمد (ص) عظيماً في كل هذه المهام الجليلة وفي جميع مجالات النشاط الإنساني على حد سواء.
إن حال اليتيم هو منتهى الضعف وانعدام الحيلة، وقد بدأ محمد حياته يتيما. والقيادة هي ذروة السلطة المادية، وقد انتهت إليها حياته.
وقد تقلب من صبي يتيم إلى لاجئ مضطهَد ثم إلى سيد، بالمفهوم الديني والدنيوي أيضا، لأمة بأكملها، مقررا مصيرها بكل ما فيه من تجارب وإغراءات ومخاطر، وبكل ما فيه من تقلبات وتغيرات، ومن ضياء وظلام، ومن ارتقاء وانحدار، ومن فظاعة وعَظَمة.
لقد قاوم محن الدنيا وخرج منها سالما ليكون مثالا يُحتذى في كل مرحلة من مراحل الحياة. ولم تقتصر إنجازاته على جانب واحد من جوانب الحياة، ولكنها شملت أيضا جميع أوضاع البشرية الاجتماعية.
لو أن العظمة تكمن في تنقية وتطهير أمة مشربة بالهمجية والتخلف ومنغمسة في ظلام أخلاقي مطلق، فإن الشخص الذي استطاع أن يحوِّل ويهذب وينهض بأمة بأكملها غارقة في الحضيض، كما كانت حال العرب، ويجعلهم حملة مشاعل الحضارة والمدنية والتعليم، له كل الحق في هذه العظمة.
ولو أن العظمة تكمن في توحيد العناصر المتنافرة والمتضاربة والمتشاكسة والمختلفة في المجتمع برابطة الأخوة والإحسان، فإن للنبي محمد (ص) كل الحق لهذا الامتياز.
ولو أن العظمة تكمن في إصلاح هؤلاء الغارقين في أوهام ومعتقدات خرافية منحطة ومخزية، وممارسات خبيثة مهلكة متعددة الأنواع، فإن نبي الإسلام قد بدد الأوهام والمعتقدات الخرافية والمخاوف المنافية للعقل والمنطق من قلوب الملايين.
ولو أن العظمة تكمن في نشر الأخلاق السامية، فإن الأعداء والأصحاب شهدوا لمحمد (ص) بأنه الصادق الأمين.
ولو أن الفاتح المنتصر رجل عظيم، فها هو إنسان قد بلغ مرتبة مساوية للأكاسرة والقياصرة بعد أن كان مخلوقا بسيطا يتيما لا حول له ولا قوة، وأسس حضارة عظيمة ظلت كذلك على مدى هذه القرون الأربعة عشر.
ولو أن الحب الشديد الذي يناله القائد هو المقياس للعَظَمة، فإن مجرد ذكر اسم هذا النبي (ص) له تأثير الرُقْية الفاتنة، حتى في يومنا هذا، على ملايين الأنفس المنتشرة في جميع أنحاء العالم.
لم يدرس محمد الفلسفة أو الحكمة في مدارس أثينا أو روما أو فارس أو الهند أو الصين، ومع ذلك فقد استطاع أن يكشف للبشرية أسمى وأعلى الحقائق الخالدة القيمة.
كما أنه لم يدرس في أي أكاديمية عسكرية، ومع ذلك فقد كان يستطيع تنظيم قواته في مواجهة ظروف مروّعة، وانتصر بواسطة القوات العسكرية ذات الخلق والدين التي كان ينظم ويرتب صفوفها بنفسه.
إنه نادرا ما يكون واضع النظريات قائدا عظيما، فالقيادة تعني القدرة على تحريك جموع البشر. والقدرة على تقديم الأفكار لا علاقة لها بالقدرة على القيادة.
 إن اجتماع صفات وضع النظريات والتنظيم والقيادة في شخص واحد هي ظاهرة من النادر جدا حدوثها في هذا العالم.. وهنالك تكمن العظمة. وقد شاهد العالم هذه الظاهرة النادرة تتجسد في شخص عاش على الأرض، هو نبي الإسلام.
يقول القس "بوزوورث سميث" (Bosworth Smith): "لقد كان محمد (ص) رئيساً للدولة ولجماعة تدين بنفس العقيدة.. لقد كان يجمع سلطة ومقام قيصر والبابا معا، ولكنه بابا من دون خيلاء البابا وغروره، وقيصر بلا فيلق أو حشود، وبلا جيش عامل ولا حارس شخصي ولا قوة من الشرطة ولا دخل ثابت. لو أن ثمة رجلا كان له الحق في أن يدعي أنه يحكم بالحق الإلهي فقد كان هذا الرجل هو محمدا (ص). فقد كانت معه جميع السلطات من غير أن يكون معه ما يدعمها أو يحافظ عليها من أدوات السلطة المادية. وقد كانت بساطة حياته الخاصة متطابقة ومنسجمة مع حياته العامة".
إن سيد جزيرة العرب التي كانت مساحتها تقدر بمليون ميل مربع، كان يصلح نعله ويرتق ملابسه الصوفية الخشنة ويحلب الشياه ويكنس البيت ويوقد النار ويقوم بالأعمال المنزلية الأخرى التي يعهد بها إلى الخدم عادة. وفي الأيام الأخيرة من حياته كانت المدينة حيث كان يقيم قد صارت أكثر أغنى، وكان الذهب والفضة متوافرين في كل مكان، وبرغم الرخاء الاقتصادي الذي كانت تشهده المدينة في تلك الأيام، فإن أسابيع كثيرة كانت تمضي من غير أن توقد النار في بيته.
وكان طعامه يقتصر على "الأسودين"، أي التمر والماء. وكان أهل بيته يبيتون جوعى ليالي عديدة متعاقبة لأنه ليس ثمة طعام يأكلونه.
ولم يكن محمد ينام على فراش وثير، وإنما كان فراشه حصيرا مصنوعا من ألياف النخل.
وكان كل ما يملكه يوم وفاته هو بضعة دراهم، قسم منها قضى به دينا عليه، وأعطى الباقي لبعض الفقراء الذين جاؤوا إلى بيته يطلبون إحسانا. والثوب الذي كان يلبسه حينما فاضت روحه إلى بارئها كان به رقع عديدة.
أما البيت الذي طالما انتشر منه النور إلى العالم فكان معتما، لأنه لم يكن في المصباح زيت.
يقول المؤرخ الفرنسي لامارتين في كتابه "تاريخ تركيا":
"لو أن عِظَم الغاية وصِغَر الوسائل وقلة الموارد والنتائج المدهشة هي ثلاثة معايير لعبقرية الإنسان، فمن يجرؤ على مقارنة أي رجل عظيم في التاريخ بمحمد (ص)"؟!
اسماعيل زلغوط
الانتقاد/ العدد1260 ـ 28 آذار/ مارس 2008


2008-03-28