ارشيف من : 2005-2008
مجرد كلمة: قمة بلا أميركا
نجح فؤاد السنيورة مرة جديدة في أن يثبت أنه رجل خارق للزمان وعابر فوق الجغرافيا..
دون أدنى شك فإن قائد المجموعة الحاكمة في لبنان يحمل من المواصفات التي أذهلت حتى من رشحه لموقعه ومن رعى وصوله.. فهو سيادي من حيث قدرته على حماية السراي الحكومي والتحصن به في وجه اكثر من نصف اللبنانيين الذين كانوا يصرخون لإسقاطه.. وما زالوا معتصمين على بعد امتار من كرسيه يطالبون بتنحيه وتحقيق الشراكة.
هو سيادي ايضاً.. حيث استطاع بحنكته وعناده كف كل انواع الوصايات السياسية القريبة والبعيدة.. وجعل سلطة القرار الحكومي منوطة به وحده. وكفه يد الوصاية لا يشمل الادارة الاميركية التي ارتقت فوق مستوى الوصاية الى موقع الملهم لادارة المجموعة الحاكمة في اتخاذ القرارات الصغيرة منها والكبيرة وحتى المراسيم.
والسيادية لا تتنافى مع العروبة، فالسنيورة عروبي كما ينشد مريدوه.. من النوع الذي ينتمي الى "العروبة الحديثة" التي وضعت محدداتها كونداليسا رايس فأدرجته بعد ملاءمته للشروط تحت مسمى "الاعتدال العربي".. ليغدو واحداً من أولئك "الزعماء" الذين يعومون فوق شعوبهم بقدرة الهواء الاميركي، والمحظيين ليل نهار بمباركة جورج بوش.
هكذا يكون السنيورة رجلا خارقا.. ضَمِن خلال عامين ونصف من حكمه الشرعي وغير الشرعي أن يكون حاكماً من الصنف الذي تبقيه الارادة الاميركية للأبد.. وبه كنموذج يمكنها أن تعطل ارادة كل المعارضين لحكمها وتسلطها من لبنان وامتداداً حتى آخر "امارات الاعتدال"..
وليس بعيداً عن ذكائه الخارق في الحفاظ على موقعه في دائرة المحظيين بالعاطفة والحنان الاميركي، يتخذ السنيورة قرار مقاطعة القمة العربية في دمشق ليثبت انه جدير بموقعه في قائمة الملوك والرؤساء المعتدلين.. الذين ما غابوا عن دمشق، الا لأنهم ما اعتادوا التنفس من رئة الكرامة والصمود والموقف الشجاع.
مع غياب ومقاطعة عرب اميركا، فإن مجرد انعقاد قمة دمشق ستتلقفه واشنطن كضربة أخرى لمشروعها الاستعماري في المنطقة.
أمير قانصوه
الانتقاد/ العدد1260 ـ 28 آذار/ مارس 2008