ارشيف من : 2005-2008

وجدانية شهيد

وجدانية شهيد

أنا الشهيد
من مواجيع الوضع باكياً أولجتني أمي دار الفناء، احتوشتني أيدٍ واقتنصتني عيون، وتناهت لمسمعي كلمات لا كالكلمات، شنفت أذني بترانيم قدس ونور وصلوات..
(الله أكبر الله أكبر) هنا تشافع سحر المسمع ومواجيد القلب فتشاكلا في مهد كان سجفه زغباً من أجنحة الملائكة ووثاره آيات وصلاة.
أنا الشهيد
هَتوفة لي الدنيا.. من مراتع الطفولة لريف الشباب وريعان الصبا
اتخذت زينتها ولبست غوايتها، وراق للناظرين زبرجها.
كفتاة الحي تتهادى لعشاقها، بهي طالعها، خفر محياها، حيي ناظرها.. صعب منالها، وعر مداها خائب من رام مناها.
ضحوك لمن تهواه .. عبوس لمن تقلاه.. الكل فيها سواء.. كساع نحو سراب
حالي وحالك صنوان.. هي فتاة الحي.. هي الدنيا..
أنا الشهيد
في يمّها اللجّي أزجيت أشرعتي بين عبابه.. يحدوني بارق الأمل ليمن ساحله..
ويعصف بي فَرَقٌ لغياهب لججه. وألواح تختضم بين ريح صرصر وموج غضوب، تلفيها رامية طرفها ناحية صبا حدوب وموج لعوب، تسرع في شخوصه سافيات ذاريات بذورهن في عليل النسيم، فهدأة الحياة لا تشي بالسكون، فلا يغريّنك إقبال الأيام بسرور محتوم، وليست البسمة من تنبي عن رحيل الدموع، فإن حضرت مواكب النور عند الفجر فلا تنس عسعسة الليل قبل الطلوع. هي الحياة مداولة بين دمعة تولد من رحم البسمة وكدح من رحم الراحة وظلمة من رحم النور، كذا، طبعت على كل ممجوج للطبع مكروه، وطوت كشحاً عن كل مطلوب للنفس مألوف.. هي الدنيا.. فلا تنس.
أنا الشهيد
نجدان هما سادر من بغى لهما ثالثاً.. نجد الله ونجد الطاغوت، لسان الجبلة خير من ينبيك، فمن كشح أكنة الغفلة عن قبله تراء الله في مرآة نفسه.. فالقلب دار والله دياره، ومن عمه النفس وطغيانها أن تسكن الدار من ليس أهلها..
هذه سنة التكوين ومشيئة المبدع، فشرط التناغم الوجودي تماهي الكينونة مع فطرتها حيث يكمن التصالح بين البراني واللدني في انسجام مع سنة تكوينية لا تبديل فيها ولا تحويل، فهيهات من تنكب عنها ورام غيرها، كصياد رام سراباً، ومكتوف غاص في لجة وراع أمّ مسبعة، فإن أمعنت النظر بلا عمه ولا وسن فلن ترى في صفحة الوجود  غير الله هو في كل شيء وغير كل شيء ومع كل شيء، قبل كل شيء وبعد كل شيء، هو ليس كمثله شيء، وغيره أشباح وظلال يحسبها الجاهل حقيقة وما هي الا غرور. أخي، تعال نقرأ الحياة في سفرها الأصيل، ونرتشف من معينها الأثيل حيث لا كدر ولا تأثيم، ولنرتل معاً أنشودة الحق  العذب، وليؤوِّب الكون كله:
عشقتك ربي وعشق الوالهين نار
لظاها لا يقيله صبر ولا اصطبار
نظرت اليك وفي نظر المحبين عثار
ذبول وذهول ودهشة وانكسار
دنوت منك ودنو المقربين دعاء
تسبيح وتمجيد وإعظام وإكبار
ويح قلبي كم عانق هواك روحه
فارتد حسيراً في بديعك حائر
يرنو لكاس أزرى شاربه
فلا الكاس كاس ولا الشراب خامر
ألقاك.. أين ألقاك.. في هدأة الليل
أم في بسمة الصبح.. أم في الدمع وهو مدرار
أم مضرجاً أسكر الأرض نجيعه
فنادته أن أقدم أيها المغوار
مرغ رأسك في حضني وانشر
عطر أريج الدم وهو فوّار
ثم انثن على الزهر تُذك فوحه
فالدم الزاكي عطاء وأنوار
السيد علي محمد جواد فضل الله
الانتقاد/ العدد1260 ـ 28 آذار/ مارس 2008

2008-03-28