ارشيف من : 2005-2008

باختصار: نجاح في الشكل والمضمون

باختصار: نجاح في الشكل والمضمون

اختلف الناس على تقويمهم لقمة دمشق بين قائل بفشلها وقائل بنجاحها، وساق كل طرف ما اعتبره دلائل وعلامات تدعم وجهة نظره.
لكن لو نظرنا إلى ما حصل في دمشق من موقع حيادي لتبينت لنا مسائل عدة يمكن لها أن توضح الصورة حول مصير هذه القمة:
نبدأ بالشكل، بادئ ذي بدء حولت الولايات المتحدة الأميركية هذه المناسبة العادية السنوية والروتينية إلى معركة بينها وبين سوريا، بدأتها بجولة قاطعوا القمة في دمشق، مستخدمة كل أنواع الترهيب والضغوطات، إلا أنها خسرت في نهاية هذه الجولة، بعدها انتقلت إلى جبهة أخرى وهي الطلب بتغيير مكان انعقاد القمة أو تأجيل زمانها، وهنا نجح أيضا الإصرار والصمود السوري في إلحاق الهزيمة مرة أخرى بواشنطن، فعقدت القمة في مكانها وفي موعدها المقررين.
الجبهة الثالثة فتحت تحت عنوان تخفيض مستوى التمثيل العربي، وقام المسؤولون الأميركيون بجولات في المنطقة، لكن مصير هذه الجبهة لم يكن بأحسن من سابقتيها، فعقدت القمة بمستوى رسمي عربي مشابه لأغلب القمم العربية، بل إن اجتماع وزراء الخارجية العرب المعتاد قبل انعقاد القمة كل سنة كان مميزا لجهة عدد الوزراء الذين حضروا، والذي لم تبلغه اجتماعات أخرى مماثلة.
ولعل أبرز ما ميز هذه القمة هو غياب الولايات المتحدة الأميركية عن حضورها.
أما في المضمون فقد تمكن الرئيس السوري بشار الأسد من افتتاح جولات هذه المعركة بانتصار تاريخي حين خيب آمال إدارة البيت الأبيض ومن يدور في فلكها، وألقى خطابا تصالحيا هادئا فيه حزم ولين فوّت على الكثيرين إمكانية استثماره لشن هجوم مضاد على دمشق وقمتها، ثم إن قرارات القمة عادت إلى لغة المقاومة والتضامن والعدو والاحتلال بعدما كانت غابت عنها طويلا.
وأبرز دليل على نجاح القمة في المضمون هو ما صرح به مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد وولش الذي اعتبر أن القمة فشلت في مقاربة مواضيع مهمة جدا في العالم العربي، وعندما يقول عدوك إنك فشلت في تحقيق ما كان يأمله منك فهو اعتراف صريح بأنك نجحت نجاحا باهرا.
محمد يونس
الانتقاد/ العدد1261 ـ 4 نيسان/أبريل 2008

2008-04-04