ارشيف من : 2005-2008

اضراب المعلمين: تصحيح الأجور عنوان يختزل المطالب المزمنة

اضراب المعلمين: تصحيح الأجور عنوان يختزل المطالب المزمنة

قد يكون مشهد الاضراب التربوي لأساتذة مرحلة تعليمية معينة او لقطاع تربوي دون آخر أمراً متكرّراً في لبنان، ويعكس بطبيعة الحال غياب الموقف السياسي الرسمي الداعم للقطاع التربوي الذي يعتبر قطاعاً منتجاً وتنموياً، الا أنّ ما ميّز إضراب يوم أمس الخميس (3 نيسان 2008) هو أنّه شمل أساتذة ومعلمي كلّ المراحل من الاساسي حتى الجامعي في كلا القطاعين العام والخاص. كما انّه نجح في خرق الاصطفافات السياسية والنقابية التي يعاني منها لبنان.
اذاً التزم عشرات الآلاف من المعلمين والاساتذة من مراحل التعليم الأساسي (الابتدائي والمتوسط) والثانوي والمهني في القطاعين العام والخاص، وأساتذة الجامعة اللبنانية ومعهد الادارة، بالاضراب أمس، كما لازم مليون ونصف مليون طالب منازلهم.
عنوان الاضراب: تصحيح الاجور ورفع الحدّ الأدنى بسبب غلاء المعيشة وتآكل الرواتب المجمّدة عند حدودها منذ عشر سنوات، ما أفقد القوة الشرائية للرواتب جزءاً من قوتها.
مع الإشارة الى أنّ سلسلة رواتب الموظّفين الحاملين للإجازة الجامعية تبدأ براتب 640 ألف ليرة لبنانية.
من المؤكّد أن شعار تصحيح الأجور يختزل سلسلة مطالب مزمنة للأساتذة والمعلمين في لبنان ومنها على سبيل المثال لا الحصر المطالبة بدفع مستحقّات بأثرٍ رجعي بعد تعديل سلسلة الرتب والرواتب كما هي حال أساتذة الجامعة، او المطالبة بالأمن الوظيفي بسبب التهديد الدائم بالتوقّف عن العمل كما هي حال أساتذة التعليم الأساسي، ولا ننسى قضية إدخال عدد من أفراد الهيئة التعليمية الى الملاك والموافقة على تفرّغ عدد من أساتذة الجامعة اللبنانية.
كما أن هذا الاضراب انما هو وجهٌ من وجوه الأزمة البنيوية للقطاع التربوي في لبنان والتي رسمت ورقة مطروحة من رابطة الاساتذة الثانويين معالمها الاساسية عندما اكدّت على اربعة عناوين:
1- تطبيق إلزامية التعليم ومجانيته في التعليم الرسمي حتى سنّ الخامسة عشرة.
2- تطبيق خطة النهوض التربوي في مجالاتها كافّة بما فيها توفير المستلزمات المالية والتربوية لحسن تطبيق المناهج التربوية الجديدة.
3- تحسين نوعية التعليم الرسمي والأساسي منه خصوصاً من خلال إقرار الخريطة المدرسية.
4- تعزيز أوضاع الأساتذة والمعلمين تربوياً ومعنوياً ومادياً من خلال إقرار مرسوم إجراء المباراة المفتوحة وإقرار حقهم في المشاركة في صياغة القرار التربوي.
الا أن هذه المطالب قد يكون من المستحيل تحقيقها في لبنان في ظلّ نسبة إنفاق عام على التعليم لا تتجاوز 3.5% من إجمالي الناتج المحلي، مع أنّ الالتحاق بالمدارس الرسمية يشكّل 37% من مجموع الالتحاق العام. كما أن غياب الحدّ الأدنى من التنظيم يظهر جلياً في حقيقةٍ مفادها أن 10% من المدارس الرسمية تضمّ أقلّ من 51 تلميذاً، كما تبلغ نسبة المدارس التي يتراوح عدد تلاميذها بين 51 و100 تلميذ 14%.
على كلّ فإن إضراب أمس هو خطوة تحذيرية من قبل نحو 87908 معلّم وأستاذ يعملون في قطاع التعليم الرسمي والخاص (تبلغ نسبة أفراد الهيئة التعليمية الحائزين إجازة أكاديمية أو تعليمية 43% في الملاك و36% متعاقدين).
إضافةً الى أربعة آلاف أستاذ جامعي كان يفترض أن يشكّلوا النواة الأساسية لما يسمّى الطبقة الوسطى في لبنان، الا أنّ السياسات الاقتصادية المتعاقبة ومن ثمارها تآكل الرواتب بفعل التضخّم  وتناقص التقديمات الاجتماعية جعلتهم رأس حربة لرفع الصوت لتحقيق مطلب شكّل معجزة تخطّت الانقسامات السياسية والنقابية الحادة التي يعاني منها اللبنانيون، وهو تصحيح الأجور، والى موعدٍ جديد مع الاضراب في 7 أيار.
بثينة علّيق      
الانتقاد/ العدد1261 ـ 4 نيسان/أبريل 2008

2008-04-04