ارشيف من : 2005-2008

نور الولاية: مالكية الحق تعالى

نور الولاية: مالكية الحق تعالى

اعلم أن مالكية الحق تعالى ليست كمالكية العباد مملوكاتهم ولا كمالكية السلاطين ممالكهم، لأنها إضافات اعتبارية وليست إضافة الحق إلى الخلق من هذا القبيل، وإن كان هذا النحو من المالكية ثابتاً للحق تعالى طولاً عند علماء الفقه، وهو لا ينافي ما هو ملحوظ ومذكور في هذا النظر.
وليست من قبيل مالكية الإنسان أعضاءه وجوارحه، وليست أيضاً من قبيل مالكيته قواه الظاهرية والباطنية، وإن كانت هذه المالكية أقرب إلى مالكيته تعالى من سائر أنواع المالكية المذكورة سابقاً. وليست من قبيل مالكية النفس لأفعالها الذاتية التي هي من شؤون النفس، كإيجاد الصور الذهنية التي يكون قبضها وبسطها إلى حدّ تحت إرادة النفس أيضاً. وليست أيضاً من قبيل مالكية العوالم العقلية ما دونها، وإن كانت تلك العوالم متصرفة في هذه العوالم بالإيجاد والإعدام، لأن جميع دار التحقق الإمكانية الثابت في ناصيتها ذل الفقر محدودة بحدود ومقدّرة بقدر ولو بالحد الماهوي، وكل ما كان محدوداً بحد يكون بينه وبين فعله بينونة عزلية على قدر محدوديته وليس له احاطة قيومية حقانية، فجميع الأشياء متباينة مع منفعلاتها ومتقابلة معها بحسب مرتبة ذاتها، ولهذه الجهة ليست لها احاطة ذاتية قيومية، وأما مالكية الحق تعالى التي هي بالإضافة الاشراقية والاحاطة القيومية مالكية ذاتية حقيقية حقة، بحيث ليست شائبة البينونة العزلية بوجه من الوجوه في ذاته وصفاته لموجود من الموجودات، وان مالكية الذات المقدسة لجميع العوالم على السواء من دون ان يتفاوت بوجه لموجود من الموجودات أو أن تكون احاطته بعوالم الغيب والمجردات أكثر أو أقرب من العوالم الأخر، لأنه يستلزم المحدودية والبينونة العزلية، ويلازم الافتقار والامكان تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، كما أنه يمكن أن تكون الاشارة إلى هذا المعنى قوله تعالى: "ونحن أقرب اليه منكم"، و"نحن أقرب اليه من حبل الوريد"، و"الله نور السماوات والأرض"، و"هو الذي في السماء إله وفي الأرض إله"، و"له ملك السماوات الأرض". وقول رسول الله على ما نقل "لو دليتم بحبل إلى الأرضين السفلى لهبطتم على الله". وقول الصادق عليه السلام في رواية الكافي "لا يخلو منه مكان ولا يشتغل به مكان ولا يكون إلى مكان أقرب منه إلى مكان".. وقول الإمام علي النقي عليه السلام "واعلم انه إذا كان في السماء الدنيا فهو كما هو على العرش، والأشياء كلها له سواء علماً وقدرة وملكاً وإحاطة". ومع أن مالكية الذات المقدسة لجميع الأشياء ولجميع العوالم على السواء، مع ذلك يقول في الآية الشريفة مالك يوم الدين. وهذا الاختصاص يمكن أن يكون إما لأجل أن يوم الدين هو يوم الجمع، فلهذه الجهة مالك يوم الدين الذي هو يوم الجمع مالك سائر الأيام المتفرقات، والمتفرقات في النشأة الملكية هي مجتمعات في النشأة الملكوتية، وإما لأن ظهور مالكية الحق وقاهريته تعالى مجده هو في يوم الجمع الذي هو يوم رجوع الممكنات إلى باب الله وصعود الموجودات إلى فناء الله.
(*) من كتاب الآداب المعنوية للصلاة للإمام الخميني (قده)
الانتقاد/ العدد1261ـ 4نيسان/ أبريل 2008

2008-04-04