ارشيف من : 2005-2008
نقطة حبر: عن الوقت المهدور
في حركاتها وسكناتها وخطراتها، والتعامل معها كشريك أثبتت التجارب والأيام أنه أخلّ بشروط الشراكة من حيث البعد عن الهوى واتّباع أوامره وأصول الأمل وما إلى ذلك من الشروط التي ضيعها، لذلك يشكل الركون إلى هذا الشريك (النفس) خسراناً هائلاً لا سيما للعمر والوقت الذي هو رأس مال الإنسان الحقيقي، يقول أحد العرفاء: "ينبغي للعبد إذا فرغ من فريضة الصبح أن يفرغ قلبه ساعة لمشارطة النفس، كما أن التاجر عند تسليم البضاعة إلى الشريك العامل يفرغ المجلس لمشارطته فيقول للنفس: مالي بضاعة إلا العمر، وعندما يفنى فقد فني رأس المال ووقع اليأس في التجارة وطلب الربح، وهذا اليوم الجديد قد أمهلني الله عزّ وجل فيه وأنساني أجلي وأنعم به عليّ، ولو توفاني لكنت أتمنى أن يرجعني إلى الدنيا يوماً واحداً حتى أعمل فيه صالحاً فاحسبي أنك توفيت ثم رددت فإياك أن تضيعي هذا اليوم"، فإذا كان الله سبحانه وتعالى مطلعاً على الضمائر عالماً بالسرائر لا تخفى عليه خافية، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فكم حريّ بنا مراعاة جانب الرقيب وصرف الهمة اليه، وكم حريّ بنا في الزمن المعطى فرصةً سانحة أن نستغرق في جلال الرقيب وجماله وعظمته فلا يبقى متسع من الوقت للالتفات إلى الغير كحال من يدخل عليه ملك من الملوك أو كبير من الكبار فيستغرقه التعظيم فيترك ما هو عليه من الشغل شغلاً به وإجلالاً له وحياءً منه. يا حياءنا منك يا رب الأرباب، ويا ملك الملوك، ويا نور النور، ويا من هو على كل شيء قدير وعلى كل شيء وكيل.
حسن نعيم
الانتقاد/ العدد1262ـ 11 نيسان/ أبريل 2008