ارشيف من : 2005-2008
مقاطعة اسرائيل أكاديمياً في مؤتمر القاهرة السادس الدولي
القاهرة ـ خاص "الانتقاد"
في ظروف خاصة تتعلق بالوضع في المنطقة العربية ومصر انعقدت الدورة السادسة لمنتدى القاهرة الدولي تحت عنوان "ضد الاحتلال الاميركي والصهيوني" بحضور سياسي مصري مكثف وعربي أقل تنوعاً واوروبي اكثر تميزاً خصوصاً مع حضور وفود من بريطانيا مناهضة للحرب الاميركية ومن كندا والولايات المتحدة الاميركية تضم يهوداً معادين للصهيونية.
واذا كان الافتتاح متميزاً بالحضور السياسي المتنوع قارياً وعربياً ممثلاً كل الاتجاهات اليسارية والاسلامية والقومية العربية وكذلك الاوروبية والاميركية والاسيوية المناهضة للاميركيين فإن الجلسات التخصصية (ورشات عمل) كانت غنية بالمناقشات العلمية التي تناولت مختلف القضايا المبحوثة.
الموضوع الفلسطيني اخذ حيزاً واسعاً في النقاش داخل الحلقات التخصصية تميز منها مداخلتا الدكتور محمد سيف الدولة حول اتفاقية كامب ديفيد وآثارها الاستراتيجية والسياسية والقانونية ومداخلة عبد القادر ياسين حول المفاوضات مع الكيان الاسرائيلي وسلوك المفاوض الفلسطيني منذ الستينات والاستراتيجيات التفاوضية العاثرة والوقائع حتى بالمقاييس البرغماتية، اما الجديد فكان حلقة المقاطعة الاكاديمية لاسرائيل، وهو موضوع استحق بحثاً معمقاً ونتج عنه آلية متابعة ولجنة تنسيق وبرنامج عمل مستقلان. وهي الفكرة التي طرحت في جلسة بعنوان "من أجل تأسيس شبكة عالمية لمقاطعة إسرائيل أكاديميا".
اكتسبت الجلسة ثراء بسبب نوعية الجمهور الحاضر والمتحدثين. فالجمهور لم يكن من النوعية التي تحتاج إلى شرح وإقناع بأهمية المقاطعة، كما بدا المتحدثون على دراية تامة بالموضوع، بالإضافة إلى خبرة العمل في هذا المجال. شارك في الجلسة مصريون وعرب وأجانب، فتحدث الدكتور هاني الحسيني (علوم القاهرة)، والدكتور إيمان يحيى (طب قناة السويس)، الدكتور شريف الموسى (علوم سياسية بالجامعة الأميركية)، الدكتور حسين رحال (قسم اجتماع بالجامعة اللبنانية)، الدكتورة غادة الكرمي (جامعة اكستر بانجلترا)، الدكتور جون روز صاحب كتاب "أساطير الصهيونية".
وشارك الحضور بفاعلية وكثافة ما أضاف أفكارا جدية، خاصة عندما طرحت الرؤية المصرية العربية للمقاطعة (حيث الأرض ممهدة تماما لمقاطعة تامة وحاسمة) بموازاة الرؤى الدولية على غرار ما طرحه جون روز من عمل اتحاد الأكاديميين والمحاضرين بانجلترا، وهو ما جعل المشاركين يوجهون التحية للجهود البريطانية في المقاطعة، والحملة الدولية للتضامن الاسكتلندي الفلسطيني، والتحالف الكندي ضد الفصل العنصري التي قامت على ثلاثة أسس: المقاطعة، نزع الاستثمار وفرض العقوبات.
وقد أكدت هذه التجارب الدولية أن المقاطعة الأكاديمية تعد سلاحا فعالا من حيث إن نقطة الضعف لدى إسرائيل هي سمعتها الأكاديمية في الغرب، التي تسمح لها بالحصول على منح دراسية وتمويلية هائلة.
اتفق الحضور علي وجود علاقة وثيقة بين المؤسسة الأكاديمية الإسرائيلية والمؤسسة العسكرية، فهناك على سبيل المثال، تصنيع وتطوير الأسلحة وكيفية توظيف المعامل العلمية وتعلم تقنيات الضغط النفسي علي المعتقلين. لكل هذه الأمثلة وغيرها تصبح المقاطعة الأكاديمية ضرورة ملحة. في هذا السياق ينبغي التنبه للمحاولات الإسرائيلية لكسر المقاطعة الأكاديمية، على غرار دعوة أكاديميين إسرائيليين للمشاركة في المؤتمرات العلمية.
ومن هنا تظهر إمكانية تفعيل المقاطعة الأكاديمية من خلال الجمعيات المهنية والعلمية، مع التنبه لاشتراط بعض الجهات التمويلية قبول مشاركة إسرائيل في الأنشطة الممولة، وهو ما يستدعي الإعلان بحسم عن رفض المشاركة الإسرائيلية، كما فعلت الجمعية العلمية المصرية لعلماء الرياضيات.
وافق الحاضرون والمتحدثون علي أهمية تأسيس وتفعيل شبكة عربية للمقاطعة الأكاديمية وأهمية تفعيل لجانها داخل الجامعات المصرية لتقوم بنشر ثقافة علمية بين الطلاب الذين لا يحملون لفلسطين سوى تأييد عاطفي في أغلب الأحوال.
وصدر بيان عن تلك الجلسة يؤكد علي التزام المشاركين والحضور بمقاطعة المؤسسات الثقافية والأكاديمية لإسرائيل.
يعتبر هذا البيان بمثابة نواة لتكوين شبكة تتواصل مع جميع الشبكات واللجان الأخرى المعنية بالمقاطعة علي المستوى الفلسطيني والعربي والمجتمع الدولي، وقد جاء في البيان: "نتوجه إلى كل الأكاديميين والعاملين في الحقل الثقافي في مصر وبقية الدول العربية بألا يستجيبوا للضغوط والإغراءات والطرق الملتوية مثل أنشطة التعاون البحر ـ متوسطية والتي تشترط مشاركة إسرائيل في الأنشطة التي تدعمها، وعدم السماح بمشاركة إسرائيل في المؤتمرات العلمية الدولية التي تنظم في البلدان العربية، وهنا ننادي الجغرافيين العرب أن يقاطعوا المؤتمر الجغرافي الدولي الذي سيعقد في تونس وسيشارك فيه باحثون إسرائيليون".
وأكد البيان أيضا ضرورة مد جسور التعاون مع الجامعات الفلسطينية.
الموضوعات الساخنة الاخرى كالقضية العراقية والتهديدات العسكرية الاميركية والاسرائيلية لكل من سوريا وايران ولبنان والسودان وكيفية مواجهتها والوقوف الى جانب كل من يطاله العدوان اخذت قسطاً وافراً من النقاش خصوصاً تجربة المقاومة الاسلامية في لبنان.
بالاضافة الى ذلك كان هنالك حلقات نقاش تتعلق بالشأن الاجتماعي مثل قضايا الفلاحين والعمال والضمانات الاجتماعية والاستبداد والديكتاتورية في الوطن العربي.
وقد حضت التوصيات على ضرورة دعم المقاومة في لبنان وفلسطين والتضامن مع سوريا وايران في وجه التهديدات الاميركية والاسرائيلية، وتأييد حق ايران بامتلاك القدرة النووية السلمية والاستراتيجية.
واشاد المؤتمرون في ختام اعمالهم بدور حزب الله البطولي في مواجهة الاحتلال والعدوان.
لقد ساهم مناهضو الحرب في اوروبا واميركا الشمالية وآسيا بقوة في اعمال مؤتمر شعبي يمثل قوى مناهضة الامبريالية والصهيونية من مختلف بلدان العالم، واعطوا المؤتمر صبغة المنتدى الشعبي غير المدعوم من دول، فالحاضرون الذين تكفل كل منهم بنفقات سفره واقامته كانوا اكثر حماسة للقيام بتحركات اخرى مناهضة للتوسع الامبريالي الاميركي وتأسيس مؤتمر للشعوب في مقابل منظمات الدول والقيام بتحركات اوسع في الذكرى السنوية الستين لتأسيس الكيان الصهيوني والقيام بتحركات اكثر كثافة لفك الحصار عن فلسطينيي غزة.
الانتقاد/ العدد1262ـ 11 نيسان/ أبريل 2008