ارشيف من : 2005-2008

الأطلسيون ينتصرون في فرنسا

الأطلسيون ينتصرون في فرنسا

باريس ـ نضال حمادة
في خطابه أمام قمة حلف شمال الأطلسي التي عقدت في بوخارست مؤخرا تعهد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بعودة فرنسا  للعمل ضمن الجسم العسكري لحلف الناتو بعدما رفضت الانضمام إليه  في عهد الرئيس السابق شارل ديغول، كلام ساركوزي هذا لم يبق دون ردود فعل قوية داخل فرنسا، وإن حافظت على سقف غير تصعيدي على اعتبار أن الأمر لم يزل مجرد قرار سوف يتم تطبيقه لاحقا في أواخر العام الجاري. المعارضة اليسارية قدمت مشروع حجب للثقة عن الحكومة أمام مجلس النواب احتجاجا على انفراد ساركوزي في هذا القرار الخطير وعدم سماحه بخوض نقاشات حقيقية ومعمقة في هذا الشأن، كما قدم العضوان الإشتراكيان في لجنة الكتاب الأبيض استقالتهما من هذه اللجنة التي تعنى بتقويم السياسة العسكرية لفرنسا كل عشر سنوات. ومن المقرر أن تقوم هذه اللجنة بتقديم تقريرها الى الرئيس الفرنسي في شهر حزيران/ يونيو المقبل.
مصادر فرنسية مطلعة قالت لـ "الانتقاد" إن القيادات العسكرية الفرنسية أعربت عن معارضتها لقرار ساركوزي كما اعترضت على قرار إرسال جنود فرنسيين إضافيين إلى أفغانستان، مضيفة أن رئيس أركان القوات المسلحة الجنرال دولان تمكن من منع إرسال دبابات ليكليرك إلى أفغانستان، إضافة إلى ذلك ساهم في تخفيض عدد الجنود المفروض إرسالهم إلى سبعمئة جندي بعدما كان قرار الرئيس ساركوزي يقضي بإرسال ألف جندي.
في السياق نفسه فإن مسألة إرسال هؤلاء الجنود خضعت لشرط وحيد من القيادة العسكرية وهو أن لا يتم إرسالهم إلى جنوب أفغانستان حيث المواجهات مع مقاتلي حركة طالبان، والاكتفاء بوضعهم في الشرق حيث الأوضاع الأمنية أكثر استقرارا.
النائب الإشتراكي جيرار بابت قال في اتصال أجرته معه الانتقاد إن ساركوزي رجل إيديولوجي ويتعاطى السياسة من هذا المنطلق، مضيفا أن من يحكم في فرنسا الآن أناس يحملون نفس أفكار المحافظين الجدد في أميركا، محذرا من خطر هؤلاء على فرنسا. وقدم بابت نظرة غير متفائلة عن مستقبل السياسة الفرنسية اتجاه العالم العربي، معتبرا أن على الطرف العربي أخذ الأمور بجدية أكثر مما هو حاصل حاليا.
تحت أمرة من سوف تكون القوة النووية الفرنسية بعد دخول فرنسا إلى الجسم العسكري في حلف شمال الأطلسي؟ سؤال تتداوله الأوساط الصحفية والسياسية والشعبية في فرنسا هذه الأيام، فضلا عن مستقبل العلاقات مع روسيا، خصوصا إذا ما تم قبول انضمام أوكرانيا وجورجيا إلى حلف الناتو، وهذا ما عارضته فرنسا وألمانيا في قمة بوخارست، إضافة إلى ذلك يعتبر البعض أن فرنسا ساركوزي بقرارها دخول الجسم العسكري لحلف شمال الأطلسي تكون  قد دفنت فكرة الدفاع الأوروبي المشترك لمصلحة وصاية حلف الناتو ومن ورائه أميركا على منظومة الأمن في أوروبا، وهذا ما يزعج الطرف الألماني ويعقّد العلاقات الفرنسية الألمانية التي حظيت باهتمام جميع الرؤساء الفرنسيين السابقين، بخلاف ساركوزي الذي يرجح سياسة التقارب الفرنسي البريطاني في أوروبا على سياسة الثنائي الفرنسي الألماني الذي يعتبر المحرك الأساس لأوروبا بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
في الشق العربي فإن هذه السياسة الأطلسية لساركوزي سوف تنعكس سلبا على المقاربة الفرنسية التقليدية التي سعت منذ خمسة عقود لأن تكون موضوعية في تعاطيها مع قضايا المنطقة خصوصا القضية الفلسطينية، وهذا الأمر ينطبق على لبنان الذي يعتبر منطقة مصالح فرنسية ويوجد على أرضه قوات فرنسية في عداد اليونيفل العاملة بموجب القرار الدولي رقم 1701، وهنا يحق للبنانيين طرح سؤالين كبيرين هما كيف ستتصرف فرنسا في حال قرر حلف شمال الأطلسي التدخل عسكريا في لبنان؟ من سيصدر الأوامر للقوة الفرنسية، فرنسا، الحلف الأطلسي أم الأمم المتحدة؟
الانتقاد/ العدد1263 ـ 18 نيسان/ أبريل 2008

2008-04-18