ارشيف من : 2005-2008

وزير العمل طراد حمادة لـ"الانتقاد": قطار تصحيح الأجور وضع على السكة ولن أسمح بالمزايدة

وزير العمل طراد حمادة لـ"الانتقاد": قطار تصحيح الأجور وضع على السكة ولن أسمح بالمزايدة

نجح وزير العمل طراد حمادة في "كبح جماح" قطار الفريق الحاكم القابض على رقاب البلاد والعباد بالتدخل في الوقت المناسب لمنع المزايدة على أمر هو من صلب مهامه كوزير وصاية، أي الإشراف على الحوار القائم اليوم بين الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية بغية الوصول الى اتفاق حقيقي وسليم في مسألة تخص السواد الأعظم من اللبنانيين أي  تصحيح الأجور، وهي مسألة حاول الفريق الحاكم ان يعرقل مسارها عبر التدخل لمنع أي زيادة، غير أن حمادة استلم "دفة" القطار ووضعه على سكة الحل، وهو اليوم بانتظار ان تتوصل المفاوضات بين طرفي الإنتاج الى النهاية السعيدة وفق مبادئ سبق أن وضعها في اجتماع لجنة مؤشر الغلاء.
الوزير حمادة تحدث لـ"الانتقاد" عمّا آلت إليه اجتماعات لجنة المؤشر، وما هو المطلوب من أطراف الإنتاج للوصول الى ما ينتظره اللبنانيون من تصحيح للأجور.
 

كوزير للعمل ما هي الخطوات المزمع القيام بها لتقريب وجهات النظر بين الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية بعد فشل لجنة مؤشر غلاء المعيشة حيث لم تتوصل الى نتائج مرضية؟
في الواقع لم تفشل لجنة المؤشر لكونها استطاعت أن تتوصل إلى النتائج التالية:
أولاً: الاتفاق على تصحيح الأجور، ثانياً: الاتفاق على دفع بدل غلاء معيشة، ثالثاً: الاتفاق على احتساب الزيادات التي دفعت في السنوات الثلاث الأخيرة إن جرى دفعها كبدل غلاء.. هذه النقاط الثلاث جرى الاتفاق عليها في لجنة المؤشر، وهو ما لم يكن قد حصل قبل ذلك. غير أنني أوقفت اجتماع لجنة المؤشر لأنني لا أريد أن أكون متدخلاً بشكل دائم، وفي عقد الاجتماعات على الطريقة اللبنانية، وتركت الاتحاد العمالي والهيئات الاقتصادية ليقوما بالحوار المباشر للتوافق على تحديد الأرقام في المسائل الثلاث.. وكل الحوارات التي حصلت فيما بعد والتي تحصل الآن إنما ترتكز إلى هذه المبادئ الثلاثة، إلى جانب أمر رابع وهو الاتفاق على قواعد النهوض بالاقتصاد الوطني.

ما هي حقيقة أن عودتك الى وزارة العمل عطلت إمكانية التوصل الى نتائج مرضية للجنة المؤشر؟
عودتي الى وزارة العمل ربما عطلت استئثار الآخرين بالسلطة، ولكنها فعّلت النقاش حول الكثير من القضايا المتعلقة بوظائف وزارة العمل، فالذين تحدثوا عن ذلك إنما يعبّرون عن موقف سياسي، والواقع أن أي مشاركة لي هي بمثابة تعطيل استئثارهم في السلطة.. في واقع الأمر انه وفق الدستور والقوانين المرعية الإجراء فإن وزارة العمل هي المعنية مباشرة بموضوع مؤشر الغلاء وتصحيح الأجور، والمرسوم الاشتراعي بيّن ان المشرع اللبناني أعطى وزارة العمل المسؤولية والصلاحية الكاملة في هذا المجال بحيث ان لجنة المؤشر يرأسها وزير العمل، والمدير العام للوزارة هو نائب الرئيس، فيما مقرراها موظفان من الوزارة أيضا. نحن عندما عدنا إلى الوزارة إنما قمنا بوظيفة أساسية من وظائف هذه الوزارة ولم نتعدّ على صلاحياتنا، فيما الآخرون وضعوا يدهم على هذه الصلاحيات من خلال نقل اجتماعات لجنة المؤشر من وزارة العمل إلى السرايا الحكومي، وذلك من خلال تحويل اللجنة إلى ما يشبه المجلس الوزاري، وهذا الأمر مقصود به "برظان سياسي" ومحاولة ممارسة الضغط على الطرفين المحاورين: الاتحاد العمالي والهيئات الاقتصادية، على اعتبار ان الاجتماع الوزاري الذي حضره وزيرا المالية والاقتصاد وهما ليسا عضوين في لجنة المؤشر، ومستشارو رئيس الحكومة غير الشرعية، والفريق الاقتصادي الحاكم، أرادوا أن يمارسوا السيطرة على وزارة العمل، وهم قد تدخلوا لإعاقة الحوار في ثلاثة مواضع:
الموضع الأول: ما يسمى "التعليم بالقدوة" حيث ان وزير المالية تحدث بشكل صريح برفضه أي زيادة في القطاع العام، وهذا يعني أنه يحرض القطاع الخاص للاقتداء به. الموضع الثاني: هو ان رئيس الحكومة غير الشرعية طلب من مندوب المركز الوطني للإحصاء عدم حضور اجتماع لجنة المؤشر، وكذلك فعل وزير المالية، مطالبين بتوقيع مشترك مع وزير العمل في تعيين عضوين جديدين مقابل العضوين اللذين شاركا في اجتماع السرايا! إذاً هذه لعبة سياسية من اجل عرقلة عمل لجنة المؤشر، ونحن قد أجبنا على ذلك بالقول ان هذا يشكل عرقلة على اعتبار انه بإمكان المندوبين الذين شاركوا في السراي أن يحضرا اجتماع لجنة المؤشر ولا ضرورة لتغييرهما، حتى انه كان بإمكاننا ان نبدل مندوب وزارة المالية بآخر، ولكن امتنعنا حتى لا يقال إننا نقوم بكيدية سياسية، وفيما خص الموضع الثالث: التدخل لدى أرباب العمل من خلال الطلب بإعلان رقم مثير للسخرية (زيادة 75 ألف ليرة!) وهو ما أثار حفيظة الاتحاد العمالي، عدا عن تدخل السنيورة من خلال طلب الاجتماع بالهيئات النقابية (غير المنضوية في الاتحاد العمالي العام) بهدف ممارسة مزيد من الضغط على الاتحاد.

هناك لغط حول ما يجب ان تكون عليه نسبة الغلاء، انتم في وزارة العمل برأيكم ما هي النسب المفترض اعتمادها لتصحيح الأجور؟
نحن تركنا الحوار حراً بين الطرفين للوصول إلى التوافق المرتجى، فوزارة العمل لا تتدخل إلا في حدود تقريب وجهات النظر، غير أننا دعوناهم لأن يأخذوا بعين الاعتبار الدراسات الاقتصادية الموضوعة من قبل الهيئات الاقتصادية المستقلة، والمؤثرات الاقتصادية للأرقام، والفترة الزمنية التي تعطى لتصحيح الأجور، على ان تكون عادلة ومتناسبة مع الوضع الحالي.

هل تتلمس رغبة من الهيئات الاقتصادية بعدم رفع الحد الأدنى للأجور بحجة الركود الاقتصادي؟
ـ تريد جواباً صريحا الهيئات الاقتصادية تريد تصحيح الأجور، فيما لو ترك الطرفان لحوار حر دون تدخل من الفريق الاقتصادي الحاكم الذي يعرقل عملية الحوار ويتلطى وراء الهيئات الاقتصادية مرة ويضغط على الاتحاد العمالي مرة أخرى من اجل ان يصل الى تقديم زيادة الأجور كعطية او مساعدة، وبحدود ضيقة، ولكن "ببرظان" إعلامي كبير، كأن نقول تمخض الجبل فولد فأراً..

ما هو تأثير التجاذبات السياسية على إمكانية التوصل إلى توافق لأي حوار مجد بين أطراف الإنتاج؟
في واقع الأمر نحن من وضعنا القطار على سكة الحل فجاء من يقول كيف يحق لطراد حمادة الاستيلاء عليه!.. فأنا قبطان هذا القطار، وأنا الذي وضعه على السكة  بعدما كان مخطوفا إلى أماكن أخرى. التدخل السياسي كان الهدف منه ان يمنن الناس من خلال هذه الزيادة دونما ان يحصل ذلك عن طريق الحوار بين أطراف الإنتاج، غير أننا استدركنا الأمر ووضعنا القطار على سكة الحل.
 
برأيكم ما معنى ان نجري تصحيحاً للاجور فيما أسعار السلع في ارتفاع مطرد؟

أولاً تصحيح الأجور يجب أن يتم سنويا وفق معدل نمو الإنتاج، وبالتالي موضوع ارتفاع الأسعار يجب ان يعالج وفق مسائل لها علاقة بسعر السلعة، التضخم، والنمو الاقتصادي، إذ ليس بالضرورة امام أي ارتفاع للأجور ان يقابله ارتفاع في الأسعار التي يعود ضبطها إلى اعتماد سياسات اقتصادية معروفة.

رئيس الاتحاد العمالي العام ابدى استعداده للبحث في تصحيح الاجور انطلاقاً من مؤشر 30% ما رأيكم؟
آمل ان يصلوا إلى نتيجة، وآخر اتصال معهم تأكد لي أن كل الحوارات تنطلق من النتائج التي توصلنا لها في لجنة المؤشر، أي من النقاط الاربع التي ذكرتها سلفاً.

من موقعك هل بإمكانك ان تطمئن اللبنانيين بأن تصحيح الأجور بات واقعاً لا محالة؟
نحن نريد تصحيحا حقيقيا وواقعيا للأجور، والاعلام اللبناني والرأي العام بات يدرك ما يحاك من زوبعة إعلامية كبرى حول تصحيح غير واقعي للأجور، وبالتالي لم تعد تنطلي عليه هذه الألاعيب والخدع. 
حاوره: حسين عواد
الانتقاد/ العدد1263 ـ 18 نيسان/ أبريل 2008

2008-04-18