ارشيف من : 2005-2008
بقلم الرصاص: إلى سمير القنطار سلام علينا عندك ومعك
كتب نصري الصايغ
1 - رجاء
رجاء، اضعف قليلاً، تواطأ مع سجنك قليلاً، قل: "أنا مشتاق وعندي لوعة".
رجاء، دُلّنا عليك أسيراً، أظهر لنا عذاباتك، عُدّ سنواتك الثلاثين، بح بجراحك، قل: "إذا الليل أضواني، ذللت دمعاً من خلائقه الكبر".
رجاءً كن مثلنا، كن انساناً مثلنا، في مرتبة الانكسار العاطفي، في منعطفات التوسل، في انتظارات الأهل، قل: "أحنّ إلى خبز أمي و(دمعة) أمي".
رجاءً تنازل عن ثلاثينك، لا تكن قوياً جداً، تكاد تتهم بأنك آسر سجانك، معتقل جلادك.. اضعف أكثر، تكاد بصبرك وشدة عباراتك تبدو وكأنك تتلاعب بأسوارك وتتسلى بقيودك.
رجاءً.. ارأف بنا، لقد فضحت ما فيه الكفاية، ولا طاقة لنا على احتمال المعجزة.
قوتك، وصبرك وحريتك، معجزة، فكيف نصدّقك؟
إنما نقول: آمنّا.
فيا سمير، الايمان بك، يكلّفنا حروباً، واعتداء، وتشويهاً، أعفنا منك، العرب اكتفوا بدين النفط، وعقيدة التسوّل، ومواهب الزحف على الجباه.
كفاك تعذيباً لعرب يطربون للفضيحة، وأنت لست كذلك..
2 ـ اتهام
أنت متهم بالتواطؤ ضدك..
ولكن ما العمل، وأنت ضد النسيان، وضد تبييض الذاكرة، ولا يشوبك ندم، أو ابتكار تبرير.
ما زلت مؤمناً بطفلتك الأولى، ولذلك، تدس في قلبك حسرة الاحتلال وتدرك، أن أسرك أقل لوعة وقسوة من الاحتلال.
ما زلت تحتفظ بقبضتك بتراب الجنوب، والشوق إلى فلسطين والحب لإنسان كلما تدرج في الزمن، صعّد جلجلته معه، ما زلت تسجل في يومياتنا: "وللحرية الحمراء باب"، ولقد دققت بابها تضرّج في أمة ومقاومة.
ما زلت تحتفل بالذكريات المؤلمة، "وعد بلفور" وتلعنه، "التقسيم" وترفضه، "النكبة" وتنقضها، "النكسة" وتلعنها، "كامب ديفيد" وتسفهها، والجيوش المتروكة في صحراء العجز وتشفق عليها.
ما زلت كما أنت، كما كنت "اسرائيل" احتلال واستيطان وعدوان، ما زلت كما أنت كما كنت، المقاومة "دين" المؤمنين بالحق والحرية والسيادة والاستقلال والحب والبناء، وكل ما عدا ذلك يعني الاستسلام، بلا ثمن.. أجل، بلا ثمن.
لأجل ذلك أيها الأسير أنت ما زلت قائداً.
ألا تعرف أننا في الخارج البعيد أشد التصاقاً بك، ممن هم حولنا من خفافيش الكلام، وعبقريات اليسار، والزاحفين على بطونهم في تجارة الرقيق الوطني.
قدم لنا هناك وهنا.
3 - ولا يسألونك..
لا تقم وزناً لما يقال عن عدوان تموز، صدّق، لقد كنت السبب، ولا ندم، لقد كنت القربان، ومن أجل حريتك كان القدّاس الدامي.
لا تقم وزناً لترهاتهم السياسية، إنهم صيارفة الهيكل، وباعة المقدسات.
لا تقم وزناً لعقلهم، فقلبهم يشبه محفظة النقود، وضرباته الروتينية عدّاد الثروة، والمال والثورة ضدان، والمال والوطن ضدان، والمال والحب ضدان، والمال والحرية ضدان.
وأموالنا من سلالة القراصنة.
لا تقم وزناً لثقافتهم: لقد كانوا ضدك، يوم كانوا معك، واليوم لأنك أقوى منهم، ولأننا بك أقوى منهم، فهم ضدك، وليسوا مع أنفسهم.
هل تعرف طواحين الهواء؟ هم كذلك..
أخيراً يا سمير، متى ستعود الينا؟
عفواً: الجواب عندنا.. ومن وفى صدق.. والمقاومة من أهل الوفاء والصدق.
الانتقاد/ العدد1264 ـ 25نيسان/ أبريل 2008