ارشيف من : 2005-2008
مدير مكتب شؤون الجولان في رئاسة الوزراء السورية "مدحت صالح" لـ"الانتقاد": " الجولان تحت الأسر.... وإسرائيل تعيش الهزيمة"
الأستاذ مدحت صالح، مدير مكتب شؤون الجولان في رئاسة الوزراء، قبل أن نتعرف الى قضية أسرى الجولان نتوقف لنتعرف الى الجولان المحتل؟
الجولان احتله العدو الإسرائيلي في العام 1967، وعند احتلاله قام بتهجير ما يزيد عن 137 الف مواطن من قراهم وأرضهم، ودمّر 244 مزرعة وقرية، وقام بتأسيس مستوطنات له(40 مستوطنة) على أنقاض قرانا ومزارعنا، وجلب المستوطنين من مختلف دول العالم، لكننا لم نصمت بل دافعنا وقاتلنا من أجل أرضنا، واليوم لا يوجد في الجولان سوى 20 الف مواطن في خمس قرى، وهذه القرى تعرضت للقمع وقدمت الشهداء والضحايا من الأطفال والنساء الذين قضوا نتيجة الألغام، ولا ننسى مصادرة المياه في الجولان، وهي من أبرز معاناة أهل الجولان، وبرغم كل أساليب القمع والضغط على المواطنين لم نتخل عن أرضنا لأن الإصرار سيد الموقف، وتبقى أرض الجولان روح كل مواطن.
هذا الاحتلال وهذا القمع والضغط ماذا ولّد في نفوس المواطنين من أهل الجولان؟
طبعاً مع بداية احتلال الجولان ولدت المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي، المقاومة الأولى كانت من الرعيل الأول من اهل المنطقة الذين أخذوا على عاتقهم حماية الوطن والدفاع عنه وتوعية الناس للتصدي لهذا الاحتلال الغاصب، ثم كان دورنا بمتابعة هذه القضية في رفض الهوية الإسرائيلية والتأكيد على حق العودة الى بلادنا وعودة الفلسطينيين الى ديارهم أيضاً.
كيف تجلّت المقاومة في الجولان؟
مارسنا عملنا المقاوم بالدفاع المسلّح، حاربناهم بأسلحتهم، كانوا يزرعون أرضنا وحقولنا بالألغام وكنا نزيلها بأيدينا من أمام منازلنا. فإذا عدنا الى العام 1988 وتذكرنا الإضراب الكبير الذي قام به أهالي الجولان والذي استمر 6 أشهر لبدا واضحاً اي نوع من المقاومة عندنا، كانت التظاهرات خبزنا اليومي، هذا الإضراب أذهل العالم بقوته ومدته الزمنية، كانت مقاومة شعبية جماهيرية، مقاومة وطن بكامله، أما نتائجها فكانت مهمة وواضحة جداً، يكفي أن أهل الجولان يؤكدون انتماءهم العربي الإسلامي السياسي وهذا هو الأهم، برغم كل محاولات اسرائيل لتهويد الجولان تبقى هوية الجولان هوية عربية.
كيف كان وقع هذا النوع من المقاومة على العدو الإسرائيلي؟
طبعاً هذه المقاومة أخافت الجيش الإسرائيلي حتى اضطر الى تكثيف عملياته ودورياته في المنطقة، نحن لا نتكلم عن المرحلة الراهنة، المقاومة في الجولان لها تاريخها وما زالت، أذكر واحدة من اهم العمليات التي قمنا بها نحن كمناضلين كانت تفجير معسكر مليء بالمتفجرات والعتاد والأسلحة وتدميره كلياً، وكان هذا السبب الرئيسي لاعتقالي في السجون الإسرائيلية 12 سنة.
كنت أسيراً في السجون الإسرائيلية مدة اثني عشر عاماً، وهناك التقيت بعميد الأسرى سمير القنطار، كيف تتذكر هذه المرحلة من حياتك وكيف عايشت سمير القنطار؟
لقائي مع سمير القنطار كان له معنى خاص، التقينا في سجن عسقلان في العام 1987، وأنت تعرفين أساليب التعذيب في السجون الإسرائيلية يشهد لقساوتها من الضرب الى الزنازين الضيقة الى الماء البارد والساخن وغيرها، سمير كان الحامي والحاضن لنا، ساعدنا في الكثير من الأمور، أهمها الروح النضالية التي زرعها فينا، أجبرنا على التحدي وتعلمنا منه معنى الصمود والكفاح، كان الأسير السوري والفلسطيني واللبناني في زنزانة واحدة، علمنا سمير كيف أن الهم العربي واحد والقضية واحدة والاهتمام يجب أن يكون واحداً، لأن قلب المجتمع العربي واحد، مع سمير كنا نتقاسم المعنويات كما نتقاسم الطعام من أجل رفع صوت الأسرى الى الضمير العالمي.
هل ما زال في السجون الاسرائيلية أسرى من الجولان؟
طبعاً لا يزال في الجولان 17 أسيراً ومنهم أربعة أسرى مضى على اعتقالهم 26 سنة، اعتقلوا في العام 1985، أما وضعهم الصحي فسيئ جداً، برغم المناشدات الدولية لإنقاذ حياتهم نتيجة وضعهم الحرج.
كيف تتابعون قضية أسرى الجولان اليوم؟
كمدير مكتب شؤون الجولان لمتابعة قضية الأسرى هناك متابعة يومية للأسرى، وهناك تقارير تصدر دائماً عن اللجنة ومن أهالي الأسرى، هذه التقارير يتم رفعها بشكل دوري الى سفارات الدول الكبرى من أجل التحرك لهذه القضية.
والصمود دستور الأسير العربي، الأسير السوري واللبناني والفلسطيني، سنوات طويلة يقضيها الأسير داخل المعتقل وتبقى الإرادة الصلبة والمعنويات العالية تاج الأسرى، وهذا ما نلحظه من خلال رسائل سمير القنطار ورسائل أسرى الجولان التي تؤكد على إرادتهم الصلبة برغم أن الحرية غالية على الجميع، وهي مطلب كل أسير سوري ولبناني وفلسطيني، والحرية كلمة كبيرة نعمل من أجلها، وهي ملقاة على المقاومة بكافة أشكالها وأنواعها، ونحن نطالب بها الدول العربية التي لا تحرك ساكناً والتي من واجبها هي أن تدعم قضية أسرانا.
برغم اعتقاله واحتجازه بين القضبان تبقى مجموعة من الحقوق واجب توفيرها للاسير، اين تطبيق وتوفير حقوق الأسرى في سجون العدو الاسرائيلي؟
الحديث عن حقوق الأسرى واجب وضروري، لأن للأسير حقا، وتوفيرها وتأمينها واجب وضروري، لكن اسرائيل تضرب كل القوانين والحقوق الإنسانية بعرض الحائط، ولا تطبق المعاهدات الدولية لا بل لا تعترف بالقوانين الدولية، احب أن أضيف أن اسرائيل أضعف من بيت العنكبوت، وهذا ما بدا واضحاً في هزيمتها في حربها الأخيرة على لبنان، والتي ما زالت تعاني من هذه الهزيمة حتى هذه اللحظات، وهذا كله بفضل ثبات وقوة المقاومة التي تصدّت للمشروع الصهيوني بكافة عناصرها وإمكانياتها.
أمل شبيب
الانتقاد/ العدد1264 ـ 25 نيسان/أبريل 2008