ارشيف من : 2005-2008
عون الوطن وأشرف الناس
بالأمس كان السادس من شباط/ فبراير.. وهو تاريخ لحدثين في مكان واحد مع فارق الزمان.
الاول في العام 1984، وكانت انتفاضة ضد نظام السرقة والتسلط والاستئثار والوصول على ظهر الدبابات الاسرائيلية، نظام صفقات "البومة" المزورة، وبنك "إنترا" وسرقات اموال الشعب في لعبة استثمار رخيصة.. لتجارة الدولار صعوداً وهبوطاً أفلست بنوكاً وشردت عائلات ودمرت مصالح ومؤسسات لطبقة كانت تعرف بـ"الوسطى"، فتحول البلد الى "تحت وفوق".. يومها خرج السلاح ليقوّم اعوججاً استفحل..
الثاني في العام 2006.. وكانت ورقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله، ويمكن القول انها كانت تتمة للانتفاضة الاولى، فقد جاءت لترسخ مفهوم دولة العدالة والمشاركة والمحاسبة للسارقين والناهبين، وتشكيل الدولة التي يحلم بها كل اللبنانيين، وطن حر سيد مستقل .. وسلسلة من البنود تصلح برنامجاً وزارياً لدولة عصرية متحضرة تحترم شعبها، وتحفظ حقوقه.
اما أهم ما فيها أنها جاءت بعد يوم واحد من استعادة الطغمة الحاكمة لمشاهد ما قبل 6 شباط/ فبراير 1984.. أي تحديداً في "غزوة الاشرفية" التي أظهرت لكل من له عين بصيرة يرى بها، الفرق بين الدولة والمزرعة.. بين من يريد الحياة في وطن الحياة وبين من يأتي من خلفية لا تزال تعيش في ذاكرة الحرب .. بين من يحترم الآخر وبين من يستبيحه دماً ومالاً وعرضاً..
جاءت الورقة لتحمل السلام من طرفين يؤمنان بالسلام.. وبرب السلام.
هي ورقة كتبت بشرف وتضحية ووفاء ومهرت بسيادة مزنرة بالدم والنار ليبقى لبنان.. عوناً للوطن.
بالامس عاد القناصون ومن دفعهم وخطط لهم ليجتاحوا المكان برصاصهم ليعيدوا مشهد الاشرفية.. وليقولوا هاكم الدليل.. الورقة لم تحمكم ولم تشكل لكم أمناً ولا أماناً..
لكن المفاجأة أن الشياح وعين الرمانة أثبتتا أن هذه المنطقة خرجت من الزنار الأسود الذي يريد طمس العيون كي لا ترى.. والربط على العقول كي لا تحلّل وتفهم..
لكن العين الحارسة كانت بالمرصاد..
مار مخايل قاد الملائكة واستل حربته وغرزها في صدر الفتنة وشياطينها.. وكاظم الغيظ حتى ولو قُتل ولده.. صبر على الجرح والدم الذي سفك غدراً برصاص موجه وقاتل..
هي عباءة الشرف منذ اليوم الاول والطلقات الاولى في خلدة.. الى نصر تموز/ يوليو.
يوماً بعد يوم يثبت الشرفاء في هذا الوطن انهم كبار.. كبار، ومهما حاول الصغار التعملق فسيبقون صغاراً..
هي نعمة حلت على الوطن، وعباءة الشرف تظلله من أقصاه الى أقصاه.. ولو جاء الكون كله فلن يقتلعها أحد لأن جذورها باقية.. باقية.. باقية..
ومن جمعهم الله لا يفرقهم.. "شيطان"..
اليوم بات لدينا أربع عيون، اثنتان في الوجه واثنتان تحميان الظهر.. هكذا يُحمى الوطن وأهله يا..صغار العملاء.
مصطفى خازم
الانتقاد/ العدد1253 ـ 8 شباط/ فبراير 2008