ارشيف من : 2005-2008
فلسطيم المحتلة: نورا الهشلمون وحكاية بطولة وتجذر في الأرض لامرأة تعادل عشرات.. الرجال
الكون أحزانا أريد أمي ..أريد أمي..أعلم بأني لا أستطيع أنا افعل شيء سوي كلمات منظومة لعلها تصل لأصحابها أمام عظمة وبراءة الصغار إنها دموع تسيل بلا إذن وكلمات تحرك مشاعر، تتكسر وتنحت في الجبال قهرا وظلماً، إنها سرايا الهشلمون طفلة من نوع أخر ليس ككل الأطفال، لكنها اليوم لم تستطع أن تبوح لنا سوي بكلمات قاسية "أمي لن تعود أين هي" ثم دموع وصمت طويل ثم كلمة "أريد أن أذهب عند أمي".. عندها توقف الحديث وبدأنا من جديد مع اكبر إخوانها قالت:
لم نستطع النوم تلك الليلة بهذه العبارة بدأت فداء ابنة 16عاماً ابنة الأسيرة نورا الهشلمون واكبر إخوانها سناً تتحدث" لقد سهرنا الليل لم تستطع النوم تلك الليلة بعد أن سمعنا أن المحكمة قامت بتمديد فترة الحكم الإداري من جديد لأمي رغم تعهد الاحتلال بعدم التمديد مرة أخري لها في المرة السابقة ، كان وقع الخبر علينا كالصاعقة مدويا، فانا لا أزال واقعة تحت الصدمة ولذلك ظللت صامته، إنه تجديد من جديد لأمي ، "إذاً لن تعود أمي" لا زال وجودها بين الحياة والموت يتجدد، فالحياة بلا أم سجن طويل، إن حلم عمري يضيع يوما بعد يوم ، لا أجد من يرشد دربي الطويل الذي يزداد صعوبة يوما بعد يوم أنها لحظات الحرمان تتجدد في كل تجديد حاقد لأطهر الأصدقاء والرفقاء والأحباء والمخلصين أنها أمي ،لا أجد مفر من الألم إلا الألم لم أعد أحتمل أن ابقي هكذا أعيدوا لي أمي لا أجد للحياة طعم ولا لون ، أنام والدموع تملئ عيوني أسهر الليل أحدث نفسي أقف علي شرفت غرفتي أنظر من بعيد لغرفة أبي وأمي انتظر أن تخرج أمي ولكن للأسف انتظر كثير لم تخرج فأعود للنوم ،لا تغيب عن عيني في البيت لحظة دائما تأتي لتريني نور الأيام أحبها كثيرا ، لقد حرمنا الاحتلال أبي وأمي ماذا فعلت لهم كي يدخلوها السجن إنهم جبناء ، أتمني لها الفرج العاجل والصحة والعافية وان تعود لنا وأن يسمعنا العالم الغارق في بحر الذل والهوان .
التحدي.. رغم الحرمان
تحرير 14 عشر عاما قالت : لقد حزنا لهذا الخبر الذي جاء من هناك من السجون الظالمة ، لقد بكي أخواني جميعهم كنا نحضر وننتظر لكي نستقبل أمي وما هي إلا أيام قبيل الإفراج عنها وإذا بخبر التمديد اللعين يعود من جديد ويبدأ البكاء والحزن ،هبت جدتي مسرعة عندما ارتفعت أصواتنا بالبكاء ضمتنا إلى صدرها ، "بكت جدتي ". إلي متي سيبقي هذا الحال أبي وأمي في السجون أرحمونا أنا لا زلت انتظر أمي التي كنت أتمني أن أقدم لها هديه عيدها الذي ذهب دون أن اقبلها كما كل صديقاتي الذين قدموا الهدايا لأمهاتهم والقبلات ،لماذا أنا حرمت من ذلك المشهد الذي غاب عني طويلا وانا لا أري أمي بجانبي, هل أمي ستبقي أم ستعود لكي تعيد لنا الفرحة من جديد ..آه يا لها .. من أيام عصيبة وقاسية نحلم أن نعيش حياة كريمة ...ولكن رغم هذا الظلم فإني أعلم بأن أمي ستبقى مرفوعة الرأس ... لن تعيش ذليلة لذلك هي صامدة في سجنها هي وأبي إنهم عظماء العصر ... سلاما لكي يا امي ويا أبي مزيداً من الصبر فالفرج قريب بإذن الله ".
لم تنتهي أحداث هذه القصة بعد بل هي البداية فقط..
يا جدار السجن سجل أنَ أمً أطاحت بقدركَ
الأسيرة المجاهدة نورا محمد شكري الهشلمون تبلغ من العمر 36عاما من مدينة الخليل أعتقلت فجر يوم الأحد 17-9-2006، عندما داهمت منزلها أعداد كبيرة من الجيبات المصفحة والجنود بكافة العتاد والأسلحة وقتادوها لأحد المعسكرات الصهيونية، كما وتعتبر الأسيرة نورا شقيقة الأسير نور محمد شكري جابر 28 عاماً من الخليل قائد سرايا القدس والمحكوم بالسجن المؤبد سبعة عشرة مرة ، وهي زوجة الأسير محمد سامي الهشلمون والمعتقل منذ عامين تحت ما يسمي بالاعتقال الإداري بتهمة الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي والذي قام بالإضراب المفتوح عن الطعام تضامناً مع زوجته ، وهما والدين لستة أطفال أكبرهم فداء 16عاماً وتحرير 14عاما ،وحنين 12 عاما, ومحمد 9 أعوام،وجهاد 6 أعوام و سرايا 3 أعوام ، ليحرموا هؤلاء الأبناء بذلك من والديهم الاثنين معاً ولا معيل لهم سوى جدة عجوز.
الأسيرة نورا الهشلمون تعاني من فشل كلوي وتضخم غير عادي في الكلى والآلام شديدة ، نتيجة تعرضها للاعتقال في ظروف صعبة "يرجع ذلك لمنع تقديم العلاج المناسب لها من قبل إدارة السجن وخوضها إضرابا مفتوحا عن الطعام لاأكثر من تسعة وعشرين يوما علي التوالي بتاريخ 18/12/2007م وذلك للمطالبة بإطلاق سراحها حيث تم نقلها إلى العزل الانفرادي عقابا لها على إضرابها. ولكن الصمود السطوري للأسيرة دفع إدارة السجن انذاك لطلب منها بفك إضرابها عن الطعام والذي وأفقت عليه شريطة عودتها لابنائها وعدم تكرار التجديد لها مرة أخري ، وما هي إلا عدة اشهر من قرار الأفراج عنها فؤجت الأسيرة الهشلمون بأن المحكة العسكرة للسجن قامت بالتجديد الأداري لها مرة أخري وذلك لما يسما بالدواعي الأمنية الأمر الذي جعلها تخوض إضرابا جديدا عن الطعام والمستمر منذ 12-3-2008م .
حيث منعت مصلحة السجون كافة المستلزمات الخاصة بالأسيرة وخاصة الملح الذي من خلاله تصبر علي الجوع ما أدي إلي سوء وضعها الصحي ما أدي لحدوث انتفاخ بقدميها وفقدها السيطرة والوقوف وانخفاض في وزنها بشكل ملحوظ.
بدوره وصف جميل الخطيب محامي الأسيرة نورا الهشلمون تمديد السجن الإداري بحق الأسيرة الهشلمون لمدة ثلاثة أشهر أخرى بالتعسفي, مشيراً إلى أن المحكمة الصهيونية ادعت أن قرار التمديد جاء بدعوى الخطورة الأمنية وتوجيه اتهامات واهية من قبل المحكمة الصهيونية بان لديها ملف سري يدينها بالإضافة لعملها في جمعية خيرية تتبع لحركة الجهاد الإسلامي في مدينة الخليل.
مشيراً بأنه سيقوم بزيارة لسجن الجلمة حيث تقبع الأسيرة في عزلها للاطمئنان على وضعها الصحي المتدهور، وتقديم إلتماس لما تسمى بمحكمة العدل العليا الصهيونية لوقف الاعتقال الإداري بحق الأسيرة موكلته.
من جهتها وجهت اللجنة العليا لحركة الجهاد الإسلامي بسجن النقب, نداءاً عاجلاً للمؤسسات الحقوقية والإنسانية للتدخل لإنقاذ حياة الأسيرة المجاهدة نورا الهشلمون الذي يحتجزها الإحتلال خلف القضبان منذ 20 شهرا ويجدد اعتقالها اداريا بشكل دوري، وحملت الحركة الاحتلال الصهيوني كامل المسؤولية عن حياتها وأي تدهور في الوضع الصحي للأسيرة، كما دعت إلى ضرورة تحرك الجهات المعنية بحقوق الإنسان ومنظمة الصليب الأحمر لتوفير العناية و الوضع الإنساني و الصحي للأسرى.
وفي إطار التضامن و التواصل مع الأسيرة نورا الهشلمون أوفدت مؤسسة الأسرى " مهجة القدس " محاميها للإطلاع على الوضع الصحي والإنساني لها حيث أفادت الأسيرة الهشلمون لمحامي المؤسسة بأنها حضرت يوم الأحد لجلسة الاستئناف المقدم من قبل محاميها ضد قرار تمديد اعتقالها الإداري بمحكمة عوفر ولم يصدر أي قرار بحقها.
وأضافت بعد المحكمة أرادوا أن تبقى بسجن الرملة و أدخلوها للزنزانة بدون حرامات حيث كان الطقس بارد ورفضوا إعطائها حرامات إلا بشرط فك الإضراب، وقالت بدأت أطرق على الباب بشدة حتى قاموا بإعطائي حرام وبعدها قاموا بإرجاعها لعزل الجلمة ولذلك أخذت قرارالإضراب عن الطعام ضد حكم جائر، وفي تعقيبها على قرار تمديد اعتقالها الإداري اعتبرت مؤسسة مهجة القدس قرار التمديد بحق الأسيرة نورا الهشلمون انتهاكاً فاضحاً وأن القرار الإداري هو إجراء تعسفي وينافي للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان و القانون الدولي الإنساني.
من جهته أكد رأفت حمدونة مدير مركز الأسرى للدراسات, أن إدارة مصلحة السجون وخاصة في سجن النقب قلقة من توسيع دائرة الإضراب المفتوح عن الطعام في السجون تضامناً مع الأسيرة نورا الهشلمون، وعلى هذه الخلفية تم نقل تسعة من أسرى النقب إلى سجون أخرى منعاً لذلك. وأضاف حمدونة أن هذه الخطوات جاءت للتضامن مع الهشلمون والتي دخلت في الإضراب المفتوح عن الطعام منذ يوم 12-3-2008، رداً على تمديد اعتقالها الإداري للمرة السابعة على التوالي دون توجيه أي اتهام لها.
تراجيديا إنسانية لا تتوقف عنوانها "نورا الهشلمون" .. وحكاية بطولة وتجذر في الأرض لا تنقطع طالما هذه الأمة قادرة على استيلاد الحياة من عقم الليل وأقبية الموت أمل في النور.
التاريخ: 7/4/2008