ارشيف من : 2005-2008
بقلم الرصاص: أسوأ من بوش؟
كتب نصري الصايغ
الولايات المتحدة الأميركية ستنجب رئيساً جديداً، قد يكون أسوأ من جورج دبليو بوش، أو، في أحسن الأحوال، يشبه سلالة الرؤساء الاميركيين، الذين تولّوا قيادة الحروب الاميركية المستدامة في القارات "السبع".
لم تنتخب الولايات المتحدة رئيساً بعد، لم يوقع على إعلان حرب أو على أكثر من حرب، لم تخترع رئيساً لم يشارك في قمع ثورة أو في حصار بلدان، أو في تسليح دول، وتحديداً، لم يظفر العرب برئيس اميركي لا يكون الأم المرضعة لدولة اسرائيل، والعصا الغليظة لأنظمة عربية، كيفما كانت اتجاهاتها، متطرفة، مستسلمة، معتدلة، أو..
ما هذه الدولة؟ من يعقلن سياستها الخارجية؟ من يحرضها على الهدوء؟
لا أحد.
نظام سياسي اميركي، مؤسس على منطق القوة، لزعامة العالم، وضمان هذه الزعامة التي توفر لمؤسسات الربح الأميركية، قدرة التوسع والاستعمار والانفاق والتحصيل والسيطرة والالحاق، (..) ونزع العائق، بدون عوائق.
نظام سياسي اميركي، سوبر رأسمالي، ما فوق التوحش الليبرالي، ما دون الحضيض الأخلاقي، في أسفل قائمة القيم، يتيح للولايات المتحدة الاميركية، أن تكون شركات انتاج الأسلحة واستعمال قوتها النارية مجرد متعهدين لدى شركات الانتاج الملياري لإغراق الأسواق بالسلع اللامتناهية.
تأمين السيطرة التامة على الأسواق، لتحريرها من القيود الوطنية والانتاج الوطني.
وللعرب في هذا النظام الرأسمالي المتوحش، حصة الحروب، ولقد أفلحت اميركا في ممارستها، بكلفة عربية دامية، وحصة النفط المباح لشركات خمس، ضاعفت من أرباحها في فترة سنة، فقط، ثلاث مرات، وحصة السياسة المقيدة بمصالح "الشرق الأوسط العتيد".
قد يكون من المبالغ فيه، وضع اميركا على حافة الهاوية، فالأزمة العالمية ليست مالية ولا اقتصادية، بل هي بنيوية، انما ليست بحجم الكارثة، لأن لدى واشنطن وحلفائها، القدرة على إلزام المال العربي بأن يضخ ملياراته الكثيرة، في شرايين المصارف والمؤسسات الاميركية المهددة بالإفلاس، كما سيكون على المال العربي، أن يوظف في دعم حكومات خائفة من ثورة الخبز وثورات "الأرُز" (وليس ثورة الأرز اللبنانية) في دول فقيرة لتعطيهم فتات الطعام، وإهراءات القمح، منعاً لتفشي عدوى المجاعات العلنية.
ترشح المؤسسات الدولية، تخريج عشرات ملايين الجائعين إلى الشوارع لإحراق المخازن والسطو عليها وتدمير المدن ومؤسساتها انتقاماً من ثراء مفترس، وغضباً من جوع مستشر.
ومع ذلك فإن بوش وتشيني يفكران بحرب أخرى، تكون أكثر دماراً من حرب فيتنام، وحرب كوسوفو وحربي العراق وأفغانستان، ورداً على ذلك فإن عرب الاعتدال أسرعوا إلى الاصطفاف في المعسكر الاميركي لتحويل هذه الحرب بالدولار والنفط والدم... إنه السخاء العربي المهين.
الانتقاد/ العدد1265ـ 2 ايار/مايو2008